ترجمة وتحرير: نون بوست
يمتلك مرض السرطان شهية لالتهام العناصر الغذائية التي تحتوي على السكر، وهو ما يستغله العلماء فيحاولون العمل على تحويل خلايا السرطان إلى دهون وكشف أسرارها الجينية، فهم ببساطة يتعلمون المزيد من الأمور حوله يوما بعد يوم.
ـ يعتبر السرطان ثاني أكبر سبب وفيات في صفوف الأمريكيين بعد أمراض القلب.
ـ يعمل الباحثون بشكل مستمر لكشف الأسرار الجينية لهذا المرض والبحث عن علاجات محتملة.
ـ أدت هذه المجهودات إلى خفض معدل الوفيات الناجمة عن السرطان بين الرجال والنساء والأطفال سنة تلو الأخرى ما بين 1996 و2016.
لقد شكل السرطان قوام القرن الحادي والعشرين بامتياز، وهو لا يزال يفعل ذلك. وعلى الرغم من أن أمراض القلب تمثل السبب الأول لوفاة المواطنين الأمريكيين، إلا أن معدلات الإصابة بالسرطان تتزايد باستمرار وتعمل على تذليل الفارق وقد تضطلع بالمركز الأول بسرعة. ويزعم أطباء الأورام أن إيجاد علاج لهذا المرض العضال لن يستغرق أكثر من خمس أو عشر سنوات، أو 20 سنة على أقصى تقدير، في حين لا يكون الآخرون على القدر ذاته من التفاؤل انطلاقا من اعتقادهم بأن السرطان ثمن ندفعه مقابل نجاحنا التطوري.
سواء كان ذلك سيستغرق خمس سنوات أو إلى الأبد، لن نتخلص من السرطان في المستقبل القريب. ومع ذلك، كلما اكتشف الأطباء أمورا جديدة حول السرطان، تزيد فرصنا في تعلم كيفية التعايش معه
في هذا الصدد، يقول عالم الأورام سيدارثا موخرجي، الذي وصف السرطان بأنه “امبراطور جميع الأمراض” في كتابه الذي يحمل الاسم ذاته والذي خوله الفوز بجائزة بوليتزر، أنه:” ليس من المصادفة أن الجينات ذاتها التي تمكن جسدنا من النمو وتسمح لأذرعنا وأقدامنا بالنوم ستتسبب في إطلاق المرض الذي سيفتك بحياتنا إذا ما قمنا بتحويرها في سياق غير مناسب”.
سواء كان ذلك سيستغرق خمس سنوات أو إلى الأبد، لن نتخلص من السرطان في المستقبل القريب. ومع ذلك، كلما اكتشف الأطباء أمورا جديدة حول السرطان، تزيد فرصنا في تعلم كيفية التعايش معه.
علاقة الحب والكراهية: السرطان ومضادات الأكسدة
صورة تظهر ورما سرطانيا على مستوى الرئة.
خلافًا لما يعتقده الكثيرون، يستمع الورم السرطاني بتلقي المغذيات من نظام غذائي بالقدر ذاته الذي يستمتع فيه بأخذ مكان خلية أخرى لأنها تساعده على النمو، وتشمل قائمة طعامه مضادات الأكسدة أيضا. وفي دراسة نُشِرت في مجلة “سال” العلمية، توصل فريق من الباحثين الأمريكيين والسويديين إلى أن سرطان الرئة يستخدم مضادات الأكسدة لتنشيط بروتين يسمى “بي آي سي إتش1” الذي يحفز الخلايا السرطانية لتكسير الجولكوز في إطار عملية الأيض ويسرع بذلك نمو الورم الخبيث. وحتى إذا لم يتمكن الورم من إيجاد مخزون جاهز من مضادات الأكسدة الغذائية المتاحة، سينتِج مضاداته الخاصة به.
من جهته، قال الأستاذ السويدي الذي قاد هذه الدراسة، مارتن بيرغو، إنه يأمل بأن تساعد الأبحاث في تطوير علاجات جديدة. وصرح الباحث السويدي في بيان أنه: “لدينا الآن معلومات جديدة مهمة عن تفشي سرطان الرئة، وهو ما يجعل التوصل إلى علاج أمرا ممكنا، مثل تلك التي تقوم على تثبيط بروتين بي آي سي إتش1”.
يمكنك الحصول على مضادات الأكسدة من الفواكه والخضروات والفاصوليا، حيث أثبتت الأبحاث أن هذه المواد المضادة للأكسدة تعمل جنبا إلى جنب مع جزيئات إضافية يمكن إيجادها في جميع الأطعمة
في المقابل، لا يعني ذلك أنه علينا الامتناع عن تناول مضادات الأكسدة، حيث أنها تعمل على تحييد الجذور الكيميائية الحرة التي تسلط الإجهاد التأكسدي على الخلايا، مما يعني أن منع حدوث ضرر لهذه الخلايا يمكن أن يساعد في الوقاية من السرطان.
من الأفضل تجنب تناول مكملات مضادات الأكسدة ما لم يطلب منا الطبيب ذلك. وانطلاقا من إفادة المعهد الوطني للسرطان وبناء على تسع تجارب سريرية، لم يحصل الباحثون على أي دليل على أن هذه المكملات تقلل من مخاطر الاصابة بالسرطان. ووجد بعضهم أن مكملات بيتا كاروتين تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة بشدة لدرجة أنه كان لا بد من إنهاء التجارب قبل الأوان.
عوضا عن ذلك، يمكنك الحصول على مضادات الأكسدة من الفواكه والخضروات والفاصوليا، حيث أثبتت الأبحاث أن هذه المواد المضادة للأكسدة تعمل جنبا إلى جنب مع جزيئات إضافية يمكن إيجادها في جميع الأطعمة. والجدير بالذكر أن تأثير التتابع يمنح مضادات الأكسدة قدراتها المدمرة والمشينة.
تكاليف علاج السرطان باهظة (بأكثر من طريقة)
لا يختلف اثنان حول حقيقة كون علاج السرطان مكلف، ناهيك عن الإجهاد البدني الذي يعانيه المريض ووجود احتمال لخسارته حياة ما، سواء كانت حياة الواحد منا أو أحد المقربين منه. وحتى في حال نجاة الفرد من هذا المرض، فإن هناك تكلفة عاطفية لهذه المحنة.
يمكن القول إن حصيلة السرطان تتجاوز الجانبين الجسدي والنفسي فقط، حيث وجدت دراسة نُشِرت السنة الماضية أن 42 بالمئة من المرضى ستنزفون مدخرات حياتهم خلال السنتين الأوليتين من العلاج. ومن بين 9.5 مليون شخص شخصت إصابتهم بالسرطان حديثا، وجدت الدراسة أن معدل إنفاق كل واحد منهم هو 92.098 دولار. وعموما، أطلق الباحثون على هذا التأثير اسم “السُّمية المالية”، وخلصوا إلى أن: “هناك أعباء مالية كبيرة تؤثر سلبا على لرعاية وإمكانية التوصل إلى علاج، فإن التطوير الفعال للمناهج الرامية لتخفيف حدة هذه الآثار بين الجماعات التي تعاني في الأساس يكتسي أهمية كبرى”.
السرطان يحبذ المواد المغذية التي تحتوي على السكر
وجدت دراسة حديثة أن هناك علاقة وطيدة بين استهلاك مشروب سكري يوميا وخطر الإصابة بالسرطان.
توجه الباحثون بأسئلتهم لحوالي 100 آلاف شخص لاستكمال دراستهم الاقصائية التي تنظر في استهلاكهم المعتاد لحوالي 3300 طعام وشراب. ونتيجة لذلك، توصلوا إلى وجود علاقة إيجابية بين الاستهلاك اليومي للمشروبات السكرية وزيادة خطر الإصابة بالسرطان. وتجدر الإشارة إلى أن قائمة المشروبات السكرية لا تتضمن المشروبات الغازية وحسب، بل تشمل عصير الفواكه المصنع من الفواكه بنسبة 100 بالمئة والمشروبات المحلاة اصطناعياً.
في الحقيقة، ورد في بيان الباحثين أن “هذه البيانات تدعم أهمية التوصيات الغذائية الموجودة حاليا للحد من استهلاك المشروبات السكرية، بما في ذلك عصير الفواكه المصنع من الفواكه بنسبة 100 بالمئة. وتدعم أيضا الإجراءَات السياسية مثل فرض قيود الضرائب والتسويق التي تستهدف المشروبات السكرية، وهو ما قد يسهم في الحد من حالات الإصابة بالسرطان”.
لا يمكننا الاستناد إلى هذا النتائج وتجنب شرب العصير، فهذه الدراسة قائمة على الملاحظات ولم تتمكن من إنشاء علاقة سببية بين الأمرين، كما أن الباحثين قالوا إن هذه النتائج أولية. علاوة على ذلك، تتوقف النتائج وتتحدد بناء على ما يستحضره المشاركون. ومن المؤكد أن هذه الدراسة تساعد على تأكيد ملاحظات المعهد الوطني لأبحاث السرطان للحد من تناول المشروبات السكرية. وبناء على ذلك، يمكنك إزالة المشروبات الغازية من نظامك الغذائي، وشرب العصير دون سكر مضاف واحرص على اتباع نمط حياة صحي ونشط.
السرطان مصاحب لشوي اللحم
الهيدروكربونات والأمينات التي تتكون في عملية الشواء في درجات حرارة عالية تعرف بالمركبات المرتبطة بالسرطان.
للصيف العديد من التقاليد، ومنها إلقاء بعض اللحم على المشواة والاستمتاع بمشروب بارد، لكن هذه اللحوم المشوية تخفي بين طياتها بعض المواد المسرطنة مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والأمينات العطرية غير متجانسة الحلقة. والجدير بالذكر أن هذه الهيدروكربونات تحمل مع الدخان الصادر عن احتراق الدهون، في حين تتشكل الأمينات غير المتجانسة عند تفاعل السكريات مع الأحماض الأمينية والكرياتين في ظل ارتفاع درجات الحرارة. وعلى الرغم من عدم وجود دليل يثبت تسببهما في السرطان، إلا أنهما تعرفان بالتسبب في حدوث طفرات جينية يمكنها إلحاق الضرر بالحمض النووي فور تحويلها.
توجد لدى المعهد الأمريكي العديد من الاقتراحات حول عمليات الشواء الآمنة للحم في الصيف، مثل الحد من اللحوم الحمراء والشواء على نيران قليلة الاستعار وتضمين المزيد من الخضروات.
من جهتها، قالت مديرة برامج التغذية المعهد الأمريكي لأبحاث السرطان، أليس بيندر، أن:” الأبحاث تظهر أن الأنظمة الغذائية الغنية باللحوم الحمراء والمصنعة تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون، كما أن شواء اللحم الأحمر والأبيض في درجات حرارة مرتفعة يؤدي إلى تشكل مواد مسببة للسرطان”. وكما هو الحال مع المشروبات السكرية، يجب عليك ألا ترمي مأزرك الخاص بالشواء وتعلقه إلى الأبد. وتوجد لدى المعهد الأمريكي العديد من الاقتراحات حول عمليات الشواء الآمنة للحم في الصيف، مثل الحد من اللحوم الحمراء والشواء على نيران قليلة الاستعار وتضمين المزيد من الخضروات.
نظرية موحدة حول اللوكيميا
تصيب لوكيميا الأرومة اللمفاوية الحادة واحدا من كل 2000 طفل في العالم، ويعتقد الباحث ميل غريفز من معهد أبحاث السرطان في لندن أنه قد وجد السبب المؤدي لذلك. وبعد فحص بيانات ووثائق طبية على مدار 30 سنة حول سرطان الدم لدى الأطفال، وجد غريفز أن العدوى المتأخرة هي السبب الرئيسي للإصابة بهذا المرض.
بالاستناد إلى هذه النظرية، يطور الأطفال طفرة تسبق الإصابة باللوكيميا خلال فترة تواجدهم داخل الرحم، فتبقى خاملة حتى وقت لاحق في حياة الطفل وإصابته بعدوى شائعة. وتؤدي الميكروبات إلى حدوث تغييرات جينية ثانوية تؤدي إلى الإصابة بسرطان الدم. وانطلاقا لن ذلك، يجب علينا عكس المعتقد السائد بأن الأطفال يجب أن يوضعوا في بيئة شديدة النظافة لتجنب المرض، بل إن غريفز يرى بأن تعريضهم لجراثيم في السنة الأولى من حياتهم يعتبر إجراء استباقي للوقاية من هذه الأمراض. ويمكن لذلك أن يدرب الجهاز المناعي للطفل على التعامل مع مسببات الأمراض ويمنع حدوث الطفرات الوراثية.
في هذا السياق، قال غريفز إن “لوكيميا الأرومة اللمفاوية الحادة تعتبر نتيجة تناقض التقدم في المجتمعات الحديثة، حيث كبحت التغيرات السلوكية تعرض الأطفال للميكروبات بشكل مبكر. والجدير بالذكر أن ذلك يولد عدم تطابق تطوري بين التعديلات التاريخية للجهاز المناعي وأساليب الحياة المعاصرة، فقد تكون لوكيميا الأرومة اللمفاوية الحادة لدى الأطفال سرطانا يمكن الوقاية منه”.
هل سيكون لقاح السرطان هو العلاج المستقبلي؟
طيّار بصدد تلقي لقاح. هل يُمكن لمُستقبل علاج السرطان أن يكون سهلا كحقنة؟
بدلا من استخدام العلاج الكيميائي للقضاء على السرطان بشكل نهائي، تهدف العلاجات المناعية إلى الكشف عن الخلايا السرطانية، حتى يتمكن جهاز المناعة في الجسم من الهجوم عليها. ومن بين الأمثلة المُتّبعة في نهج العلاج المناعي نجد ما يسمى “لقاح السرطان”. وخلال التجارب السريرية، حُقن 11 مريضا بالسرطان بمُركب الستيرويد لتعزيز مكان الخلايا المتغصنة، وهي خلايا جهاز المناعة المتخصصة في معالجة المُستضدات.
قالت الدكتورة سيلفيا فورمينتي: “إنه أمر واعد حقا، وحقيقة أنك لا تحصل على استجابات في المناطق المعالجة فقط وإنما في المناطق الواقعة خارج مجال العلاج [بالإشعاع] يُعد أمرا مهمّا للغاية”
بعد حقن جُرعة خفيفة من المُنبه والعلاج الإشعاعي في الجسم، قامت الخلايا المتغصّنة في جسم المرضى بتوجيه الخلايا التائية لمهاجمة الخلايا السرطانية. وبمُجرّد تعرُّف الخلايا التائية على الورم، تُصبح قادرة على تحديد موقع الخلايا السرطانية في جميع أنحاء الجسم. ومن بين 11 مريضا خضعوا للعلاج، إما تراجعت حدة السرطان لدى ثلاثة منهم أو تعافوا منه تمام. وفي حين توقفت الخلايا السرطانية عن التطور لدى ستة منهم لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
في شأن ذي صلة، قالت الدكتورة سيلفيا فورمينتي، رئيسة قسم علاج الأورام بالإشعاع في كلية طب وايل كورنيل ومستشفى نيويورك-بريسبيتيريان لقناة سي إن بي سي: “إنه أمر واعد حقا، وحقيقة أنك لا تحصل على استجابات في المناطق المعالجة فقط وإنما في المناطق الواقعة خارج مجال العلاج [بالإشعاع] يُعد أمرا مهمّا للغاية”. وتجدر الإشارة إلى أن الدكتورة فورمينتي لم تُشارك في الدراسة.
تحويل الأورام إلى دهون
الخلايا السرطانية تنتشر في أجزاء أخرى من الجسم عن طريق الجهاز الدوري.
في الحقيقة، تعدّ مرُونة الخلايا هي الأداة الفتاكة التي تمتلكها الخلايا السرطانية، والتي تتمثل في قدرة الخلية على تغيير خصائصها الفسيولوجية. وتُعتبر من بين أحد الأسباب التي تجعل السرطان ينتشر في جميع أنحاء الجسم، وتُساعده على مقاومة العلاجات. وقد استخدم الباحثون في جامعة بازل السويسرية هذه القدرة لمكافحة السرطان. وباستخدام العلاج الدوائي الذي يجمع بين الأدوية المضادة لمرض السكري ومثبطات ميثيل إيثيل الكيتون، هاجم الباحثون الخلايا السرطانية وحولوها إلى خلايا شحمية، والتي تُعرف أيضا بالخلايا الدهنية. وحتى في حال لم تتمكن هذه الطريقة من إزالة الورم، ستقوم بإيقاف عملية الانقسام المتساوي للخلايا، مما يعني أنها لن تعود قادرة على الانقسام، وهو ما يمنع قدرة السرطان على الانتشار.
في هذا السياق، قال مؤلف الدراسة البارز جيرهارد كريستوفوري لموقع ميديكال نيوز توداي إنه “من المُمكن استخدام هذا النهج العلاجي المُبتكر مع العلاج الكيميائي التقليدي في المستقبل لإيقاف نمو الورم وتشكيل انبثاث فتاك”.
البكتيريا التي تقضي على السرطان
صورة لبكتيريا الإشريكية القولونية. فهل ستُصبح هذه البكتيريا الخطوة التالية في علاجات السرطان؟
في الواقع، يُعتبر علم الأحياء التركيبي التقدم الجديد الذي شهده مجال علاج السرطان، وهو مجال يستخدم فيه العلماء مبادئ الهندسة لإعادة تصميم النظم البيولوجية. وفي إحدى الأمثلة، قام الباحثون ببرمجة سلالة بكتيريا الإشريكية القولونية غير المسببة للأمراض وراثيا لمهاجمة الأورام لدى فئران المختبرات.
بمجرد حقنها داخل جسم الفئران، توجهت البكتيريا المُعدّلة إلى الورم، حيث دمرت نفسها بنفسها. وقد قامت هذه البكتيريا الميتة التي تسربت من الورم، بفضل الأجسام المضادة النانوية المشفرة، بلفت انتباه الخلايا التائية التي التهمت بدورها البكتيريا والورم على حد سواء. وبالطبع، لا يُمكن للفحوصات المخبرية التي أجريت على الفئران أن تنجح على البشر، إلا أنها تظل وسيلة واعدة للعلاج. وفي هذا الصدد، قال مايكل دوغان، أخصائي علم المناعة في مستشفى ماساتشوستس العام، لصحيفة نيويورك تايمز: “في مرحلة ما في المستقبل، سنستخدم البكتيريا القابلة للبرمجة لعلاج هذا المرض، وأعتقد أن هذه الطريقة تمتلك إمكانات كبيرة”.
موقف جديد تجاه السرطان
كان الأطباء ينظرون إلى السرطان باعتباره مرضا يجب تدميره، وقد كان العلاج أقوى من المرض لأنه تمكن من القضاء عليه. ولكن مثلما أخبرنا ديفيد أجوس، أستاذ الطب والهندسة في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، هناك طرق أفضل للتعامل مع السرطان: “حسنا، بالنسبة لي، يعتبر السرطان بمثابة فعل وليس اسما نظرا لأن الجسم هو من يصنع السرطان ولا يتلقاه. لذلك، تحتاج الفلسفة إلى طريقة مُختلفة تماما للتعامل مع المرض، وهذا ما يعني تغيير النظام بالإضافة إلى محاولة استهداف السرطان”.
تتمثل الطريقة الوحيدة لمحاربة السرطان في اتباع علاج شامل. وتطرق أغوس إلى الحديث عن تجربة، جرى خلالها إعطاء النساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث المصابات بسرطان الثدي دواء لبناء العظام. ولم يستهدف الدواء السرطان، لكنه قلل من تكرار الإصابة به بنسبة 40 بالمئة لأن سرطان الثدي ينتشر في العظام. ويعتبر علم الأورام النفسية الطريقة الأخرى لمعالجة السرطان. ويتمثل هدف الأشخاص الناشطة في هذا المجال الجديد نسبيا في تحسين نوعية حياة مرضى السرطان من خلال رعاية صحتهم العقلية كجزء من الرعاية البدنية.
التعايش مع السرطان
معدلات الوفيات بالسرطان في الولايات المتحدة حسب نوع السرطان، الخبيث والحميد، حسب العمر.
في الحقيقة، يمتلك العلماء الكثير من المعلومات حول السرطان، لكن لا يزال هناك الكثير الذي نجهله حول هذا المرض. لكن ذلك لا يجعلنا نيأس من إمكانية تطور حلول للقضاء على مرض السرطان في المستقبل؟ بل على العكس تماما، فبفضل المعرفة التي جمعها العلماء، لدينا الكثير مما نأمله.
في الحقيقة، لا يمكن إنكار صحة الأخبار التي تُقر بأن العدد الإجمالي للحالات الجديدة المُصابة بالسرطان والوفيات مُستمر في الارتفاع. ومع ذلك، تتراجع معدلات تشخيص السرطان والموت سنة بعد سنة، وذلك لأن الأرقام المطلقة لا تأخذ بعين الاعتبار مقاييس مثل النمو السكاني وزيادة متوسط العمر المتوقع. وفي الواقع، كشف “التقرير السنوي المقدم إلى الأمة حول حالة السرطان” أن مُعدّل الوفيات بالسرطان بين الرجال والنساء والأطفال فضلا عن مُعدلات الإصابة بالسرطان سجلت انخفاضا بشكل سنوي خلال الفترة الممتدة بين سنة 1999 و2016.
في شأن ذي صلة، قالت موكرجي إن “الموت عند الكبر أمر لا مفر منه. وتتمثل مهمة العلم في منع الوفيات غير المتوقعة في أوقات غير متوقعة، واعتقد أن هذا الهدف معقول تماما. فإذا كنت تخبرني بأننا سنجد تسوية أكثر عمقا وقربا مع السرطان خلال العقود القليلة القادمة، أعتقد أن اجابتي ستكون نعم”. ومن المرجح ألا نكون قادرين على القضاء على السرطان كما فعلنا مع أمراض مثل الجدري وفيروس شلل الأطفال، لكننا بصدد تعلم كيفية التعايش معه أكثر وأكثر كل يوم.
المصدر: بيغ ثينك