على مدار 14 عامًا، لم يُخفِ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عدائه لثورة 25 يناير منذ إطلاق شرارتها الأولى، عندما كان أحد أعضاء المجلس العسكري بصفته مديرًا المخابرات الحربية، ومنذ ذلك الحين، لم يترك مناسبة دون كيل الاتهامات للثورة التي كانت سبيله الوحيد للوصول إلى السلطة، فاستخدمها للتقرب من الثوار حينًا، وتخويف الشعب من الخروج عليه أحيانًا.
وتتزامن ذكرى الثورة هذا العام مع بعض المتغيرات التي طرأت في الجوار، والتي تفرض على نظام السيسي إعادة حساباته للتعامل مع مستجدات الثورة السورية والحرب على غزة، وهو ما استدعى التعامل معها بطريقة لم تختلف كثيرًا عن تعامله معها طوال السنوات الماضية، لكنها لم تخف هذه المرة رعبه من اندلاع موجة ثورية جديدة ضده.
عُقدة يناير
كما جرت العادة، استبق السيسي ذكرى ثورة يناير بتجييش أجهزته لمواجهة مظاهرات محتملة، فقبل أيام، رفعت وزارة الداخلية حالة التأهب القصوى بحجة احتفالات رأس السنة، في حين يرى خبراء أن السيسي يفعل هذه الإجراءات لمواجهة احتجاجات محتملة مع ذكرى الثورة.
كما استعان السيسي بأذرعه الإعلامية لتحذير الشعب من اندلاع الثورة ضده، وتخويفهم من مصير مظلم ينتظرهم في حال خروجهم ضده، فقد أعادت وسائل الإعلام نشر مقطتفات من خطاب قديم للسيسي يتحدث فيه عن نظرية المؤامرة التي تُحاك لإسقاط الدولة، مؤكدًا أن الهدف الرئيسي هو ضرب الاقتصاد المصري.
وتضمن الفيديو الذي نشرته وسائل الإعلام التابعة للشركة المتحدة المملوكة لجهاز المخابرات، حديث السيسي عن سوريا، الذي ادَّعى أن مهمة أهل الشر انتهت في الأراضي السورية، ما اعتبره نشطاء نابعًا من خوف السيسي مواجهة مصير الأسد.
ولم تخل كلمة السيسي من استهداف أطراف لم يذكرها للأمن القومي، في وقت تراجع فيه دور مصر الريادي على جميع المستويات، وتحدث عن ردع أعداء الدولة وجاهزية الجيش للرد على أي استهداف خارجي لأراضي البلاد، في وقت يسيطر فيه الاحتلال الإسرائيلي على محور فيلادلفيا.
وفي ظل حالة الإحباط التي يعيشها المصريون، وتزامنًا مع انتشار شكاوى المواطنين على منصات التواصل بسبب الوضع الاقتصادي الكارثي الذي تسبب فيه نظام السيسي، نفذت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة في القرى والمراكز في محاولة لقمع المعارضين، وبث الرعب في نفوسهم.
كان أبرز مثال على ذلك اعتقال مدون الفيديو محمد علام الشهير بـ”ريفالدو” بعد نشره مقاطع مصورة حققت ملايين المشاهدات، ينتقد فيها نظام السيسي، وتحدث عن الأزمات المعيشية التي يعاني منها المصريون، واستنكر القبضة الأمنية وقمع حرية الرأي، ما دفع السيسي إلى تجييش أجهزته للنيل منه.
وتعكس هذه الإجراءات القمعية خوف النظام من ثورة جديدة يترافق مجرد لفظها مع كره واضح لثورة سابقة، ومحاربة صريحة لكل رموزها ومكتسباتها، فالرجل لم يستطع كظم غيظه في كل موضع ذكرت فيها ثورة يناير إلا تراه يخوف الشعب من مصير أكثر قسوة إذا ما انتفض مرة أخرى كما فعل وقتها.
بعد 14 عامًا على الثورة، وفر نظام السيسي المقومات اللازمة للثورة ضده، والتي لم يكن بعضها موجودًا في عهد سلفه المخلوع حسنى مبارك، فقد امتلأت السجون بالمعتقلين السياسيين، وأصبح التظاهر جريمة، وأُغلقت مئات المواقع الإخبارية والصحف والمحطات التلفزيونية، وأصبح الكلام ممنوعًا إلا لتمجيد النظام وقراراته.
ومع مرور الوقت، باتت حرية الرأي والتعبير التي ازدهرت خلال سنوات الثورة القصيرة شيئًا من الماضي، ومورست أشكال عدة من التخوين بحق كل من يبدي رأيًا مخالفًا للسلطة، حتى تمكن الخوف من نفوس المصريين، وظهرت أجيال جديدة لا تعرف كثيرًا عن ثورة يناير، ليبدأ السيسي التلاعب بالتاريخ القريب.
التحايل على غضب المصريين
على عكس هذه القوة المفرطة والترويج بأن هناك الأسوأ إذا ما قامت الثورة، لم يخلُ الأمر قبل كل ذكرى لثورة يناير من إظهار بعض “القوة الناعمة للرئيس الإنسان”، فقبل أيام قليلة، أصدر السيسي عفوًا عن 4466 سجيًنا من المحكوم عليهم في جرائم مختلفة.
لكن المثير أن قوائم العفو التي يصدرها السيسي في السنوات الأخيرة ليست سوى انفراجة وهمية، فقرارات العفو تقتصر على المتهمين الجنائيين وليس المعارضين السياسيين الذين يعانون من انتهاكات متعددة داخل السجون، رغم إجراء حوار وطني يطالب بإجراء تعديلات قانونية على قوانين الحبس الاحتياطي.
ويبدو أن ذلك ليس سوى مسكنات لتهدئة المعارضة وامتصاص غضب المواطنين وإعطاء أمل في إمكانية تحسن الأوضاع قبل ذكرى ثورة يناير، وتحسين صورة السجل الحقوقي السيئ للحكومة المصرية أمام المجتمع الدولي، فقد جاء العفو الرئاسي السابق عن 605 من الجنائيين كبار السن والمرضى، في أغسطس/آب الماضي، بالتزامن مع استعداد مصر لتقديم تقريرها عن حقوق الإنسان للامم المتحدة.
كما أثار العفو الجماعي الذي أصدره السيسي عن 54 من أبناء شمال سيناء المعتقلين على خلفية مظاهرات “حق العودة”، في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أيام قليلة من حادث استشهاد شاب مصري في غارة إسرائيلية، تساؤلات عن أسبابه وتوقيته، حيث لم يشر القرار إلى الاتهامات التي وجهت للمعفو عنهم، ولم يذكر كذلك التوصل إلى أي اتفاق أو صفقة تخص إنهاء الأزمة، مكتفيًا بالإشارة إلى تقدير دور أهالي سيناء في مواجهة الإرهاب.
مراقبون اتهموا السيسي باستخدام العفو كوسيلة لتهدئة أهالي سيناء وامتصاص غضبهم بعد الحادثة التي أودت بحياة أحد ابنائهم، فضلًا عن استغلاله للتشويش عن صمت النظام أمام تلك الجريمة وانتهاك الاحتلال السيادة المصرية تكرارًا ومرارًا خلال العامين الماضيين.
والواقع أن السلطات لا تريد إحداث انفراجة سياسية حقيقة في مصر، نتيجة عدم تنفيذها لأي من مخرجات الحوار الوطني خاصة فيما يتعلق بالحريات السياسية، وتوقف صدور قرارات العفو الرئاسي عن المعتقلين السياسيين منذ أغسطس/آب 2023، كما يعطي تراجع نشاط لجنة العفو الرئاسي، باستثناء الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية الماضية، انطباعًا بأن الأمر كان بهدف إعطاء غطاء سياسي لحملة ترشح السيسي لولاية ثالثة.
رغم خروج المئات من المعتقلين على ذمة قضايا بموجب قرارات عفو رئاسية فإن العديد منهم يواجهون مصاعب وعراقيل لممارسة حياتهم الطبيعية أو العودة إلى أعمالهم السابقة، يُضاف إلى ذلك تلاعب السلطة بورقة المفرج عنهم، ففي حين وثقت مؤسسة “كوميتي فور جستس” إخلاء سبيل 754 شخصُا من المحبوسين في قضايا الرأي عقب إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، حققت النيابة مع 4 أضعاف المفرج عنهم.
بالتوازي مع هذا النهج القمعي، يسعى الجنرال القابض على السلطة كذلك لإبعاد مراكز الحكم عن الشعب حتى لا يصبح الوصول إليها سهلًا في حال تكرار سيناريو الثورة، كما أنه ينفق مليارات الجنيهات على مراقبة المصريين وتتبع آثارهم حتى لا يفاجئونه بثورة جديدة مثل ما حدث قبل 14 عامًا.
ويبدو من ذلك جليًا أن ثورة يناير أو أي ثورة في المحيط الإقليمي تمثل الهاجس الأكبر للسيسي، حيث يبني مشروعه على تجنب تكرارها، ويبذل في سبيل ذلك كل ما يستطيع من إجراءات قمعية، فالقبضة البوليسية لديه هي أداة فعالة، إذ يرى أن هامش الحرية الذي منحه مبارك لمعارضيه كان السبب وراء اندلاع الثورة، لذا يخطط السيسي لإدامة هذه الحالة من القمع مع تجريم العمل السياسي ومنعه نهائيًا.
هواجس مصير الأسد
تأتي حملات السيسي الأخيرة بعد نجاح الثورة السورية في إسقاط بشار الأسد، ما تسبب في هلع السيسي، ودفعه للترويج للأكاذيب هروبًا من مصير مشابه لنظام بشار الأسد، الذي تشابه إلى حد كبير مع نظامه في القمع والتنكيل، بل ربما تعداه بتمكنه من تأسيس جمهورية الخوف بقوة السلاح.
كما وضعت الإدارة السورية الجديدة السيسي أمام خيارات صعبة جعلت موقفه منها ضبابيًا ومجهولًا، إذ لم يرق سقوط النظام السوري للرئيس المصري الذي عادى الثورة، واستخدم سردية “حتى لا نصبح مثل سوريا” لتبرير قبضته القمعية، فضلًا عن مخاوفه من تأثير نجاح الثوار في إسقاط الأسد على توسيع دائرة الغضب لدى المصريين تجاه سياساته التعسفية.
ولم يخف السيسي هذه المخاوف، ففي أول حديثه له في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أيام قليلة من سقوط نظام الأسد، استعاد فزاعة الإرهاب، وادعى وجود خلايا نائمة في مصر، لتخويف المصريين من أي تحركات أو انتفاضات تطالب بسقوطه.
ورغم ادعاءاته السابقة بالقضاء على الإرهاب، استبق السيسي الأحداث، ووصم أي تحركات شعبية مستقبلية بهذه التهمة المعتادة، وحملت رسائله المرتعشة نفس نبرة أذرعه الإعلامية الموجهة، والتي تضمنت ضرورة الوقوف مع الجيش، وهي المؤسسة التي تحتكر السلطة في مصر منذ عشرات السنين، ولا يعرف قادتها شيئًا عن الديمقراطية وحكم الشعب لنفسه وسيادة القانون.
ورغم المجازر الموثقة التي اُرتكبت بقرار منه وتحت قيادته بحق خصومه ومعارضيه السياسيين، وراح ضحيتها مئات المصريين في ميداني رابعة العدوية والنهضة، فضلًا عن عشرات آخرين تمت مصادرة أموالهم بغير وجه حق، وتنفيذه أحكام بالإعدام بحق عشرات المعتقلين، تحدث السيسي بنفسية المتهم – خلال زيارته للاكاديمية العسكرية ولقائه بأذرعه الإعلامية – عن نظافة يده من دماء وأموال المصريين، فيما بدا أنها محاولة لتهدئة الأوضاع خوفًا من مصير الأسد والثورة عليه.
السيسي بعد سقوط بشار في تصريح لا يصدق:
“حاجتين أنا معملتهمش.. إيدي لا اتغاصت بدم حد ولا خدت مال حد”
يتشابه الطغاة في كل شيء، حتى في الكذب المكشوف pic.twitter.com/DUt86kE7bQ
— د. ابراهيم حمامي (@DrHamami) December 16, 2024
ودفع هاجس الثورة السيسي إلى تكرار نفس التصريحات خلال أقل من شهر، والتي لم تخل من التلميح إلى الأحدث الجارية في سوريا، وادعى فيها عدم تورطه في قتل أو سرقة أموال المصريين، على الرغم من استعانته بشقيقه أحمد السيسي في رئاسة وحدة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي استخدمها لمصادرة أموال المعارضين.
وفي مشهد يعبر عن رعبه من سوء النهاية والمصير، أشار السيسي خلال زيارته لكاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة، إلى أمانته كالعادة مطالبًا المصريين بالاطمئنان نظرًا لكونه شريفًا لم يمارس الخيانة من قبل، وحاول مغازلة الشعب المصري بعد سقوط بشار الأسد، زاعمًا أن ردود فعل الشعب وتعليقاته على منصات التواصل الاجتماعي كانت داعمة لنظامه ومؤيدة للجيش والشرطة.
ودفعت تصريحات السيسي المتكررة عن عدم تورطه في دماء الشعب المصري النشطاء لإطلاق وسم “السيسي المتعاص” للسخرية من تصريحاته التي تعكس مخاوفه المتزايدة من اندلاع ثورة ضده، والتذكير بالجرائم التي ارتكبها بحق المصريين.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن خشية السيسي من صعود الإسلاميين إلى السلطة في سوريا، كونه بنى شرعيته على محاربة أفكارهم ومواجهة جماعة الإخوان المسلمين التي تتمتع بشعبية صامتة في مصر، وبحسب الصحيفة، فإن احتمال حصول هيئة تحرير الشام على موطئ قدم في سوريا يمثل تهديدًا إيديولوجيًا ووجوديًا للسيسي.
كما تكشف تصريحات مثيرة للجدل للعقيد الأمريكي المتقاعد دوجلاس ماكجريجور عن قلق واشنطن من احتمالية رحيل السيسي، وتفضح دور الغرب في دعم انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي، وتكشف أيضًا أن جرائم الاحتلال في غزة تثير استياء المصريين بسبب تواطؤ السيسي، لكن الأخطر كان حديثه عن خطط تعدها “إسرائيل” للسيطرة على قناة السويس في حال سقوط السيسي بثورة شعبية دون معرفة الرئيس القادم.
هل يأتي الدور على السيسي؟
رغم ادعاء السيسي أنه لا يخشى مصير المخلوع بشار الأسد، هز وسم “جاك الدور يا دكتاتور” المستوحى من شعار قديم أُطلق في بداية الثورة السورية، أركان نظامه، بعدما أطلقه أحمد المنصور أحد المشاركين مع الثوار السوريين في إسقاط نظام الأسد في عملية ردع العدوان في سوريا، محذرًا من خلاله السيسي من اقتراب نهاية حكمه أسوة ببشار الأسد، وهو ما لقي تفاعلًا كبيرًا من المعارضين والمؤيدين على حد سواء.
وسيطرت حالة من الفزع على إعلام السيسي عقب إعلان المنصور تشكيل حركة أطلق عليها “ثوار 25 يناير”، وشن إعلاميون هجومًا حادًا على المنصور، ووصفوه بـ”الإرهابي”، واتهموا النظام السوري الجديد بتوفير الحاضنة للهجوم على مصر.
حالة الفزع التي انتابت نظام السيسي من تدشين تلك الحركة عبَّر عنها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في مقابلة تليفزيونية، حيث طالب الحكومة الجديدة في سوريا ألا تكون مركزًا لما وصفها بـ”التهديدات التي تطال دول الجوار”، لتنتهي حملة الهجوم باعتقال أفراد أسرته واعتقاله رفقه آخرين من قبل جهاز الأمن التابع للإدارة السورية في العاصمة دمشق.
واستمرارًا لهالة الهلع التي تسببت بها الثورة السورية لنظام السيسي، أثارت صورة المعارض المصري محمود فتحي، الذي يتهمه النظام المصري بالتورط في اغتيال النائب العام هشام بركات، مع قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، جنون أذرع السيسي الإعلامية التي استغلت الزيارة في الهجوم على الثورة السورية، واتهامها بالتآمر على نظام السيسي، ليصل الأمر إلى تهديد قائد الشرع بوالديه المقيمين في مصر.
ابراهيم عيسي المثقف المتعلم بيهدد الجولاني
بأبوه وامه المقيمين في مصر !!!
لما اعلامي يخرج علي القنوات ويهدد شخص
بوالديه يبقي بلطجي كبير ويبقي النظام مرعوب
لاقصي حد من تمدد ماحدث بسوريا الي مصر pic.twitter.com/a8QAQBbyVH— غادة نجيب – Ghada Nagib (@Ghadanajeb) December 18, 2024
ودفع انتصار الثورة السورية وسقوط نظام بشار الأسد ومشاهد تحرير المعتقلين، السياسيين والحقوقيين في مصر إلى مطالبة السيسي بإنهاء الظلم والقمع ووقف الإجراءات التعسفية بحق المعارضين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإجراء إصلاحات سياسية قبل فوات الأوان وفتح المجال السياسي المسدود منذ أكثر من 11 عامًا، وتحذيره من مصير بشار الأسد في القريب العاجل.
ويتشابه نظام السيسي مع نظام الأسد الذي دافع عنه رغم جرائمه بحق السوريين في القمع والتنكيل بالمعارضين والسجون التي تملأها المآسي، ويقارن البعض بين سجن صيدنايا في سوريا وسجن العقرب والعازولي في مصر، فضلًا عن السجون الحربية التي تتشابه في ظروف الاعتقال وأساليب التعذيب الوحشية، وتضم بين جنباتها أكثر من 60 ألف معتقل بتهم مسيسة، بينما يجلس شباب آخرون لا يمت أغلبهم للثورة بصلة على مقاعد فاخرة بجوار السيسي فيما يسمى بـ”مؤتمرات الشباب” او تحت قبة البرلمان.
بسقوط سجون الأسد تصبح مصر بلا منافس اكبر معتقل في المنطقة بأكبر عدد من المعتقلين يتجاوز حتى عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل
ارفعوا الظلم وافتحوا البوابات طوعا قبل أن تنفتح على مصراعيها قسرا في وجوهكم— hossam bahgat حسام بهجت (@hossambahgat) December 10, 2024
ومن المقاربات التي تثير قلق النظام المصري امتلاك سجون السيسي سمعة سيئة لا تقل في إجرامها عن سجون بشار، وهو ما توثقه شهادات المعتقلين السابقين والمنظمات الحقوقية، حيث يمارس سجانو السيسي أبشع أنواع التعذيب بحق المعتقلين، بدءًا بالتعذيب الممنهج وصولًا للاغتصاب وقتل وتصفية المعارضين عبر الإهمال الطبي، وهو ما يتشابه مع عشرات الجثث التي عثر عليها ثوار سوريا داخل أحد مستشفيات السجن.
وكانت المشاهد التي صدمت العالم في سجون الأسد من ظهور مختفين قسريًا واعتقال الأطفال والأمهات، هي ذاتها نفس الممارسات والنهج الذي يتبعه السيسي، إذ يوجد نحو 500 حالة اختفاء قسري تم توثيقها في عهد السيسي، كما أن عددًا من النساء سجلن شهادتهن، والتي تضمنت عمليات ولادة تمت في ظروف قاسية داخل السجون.
بخلاف هذا التقارب بين الطريقة التي يحكم بها السيسي وبشار، تتشابك الشعوب العربية وثوراتها بشكل كبير، كما حدث في موجة الربيع العربي الأولى التي انتشرت من تونس إلى مصر واليمن وليبيا، وأخيرًا سوريا، التي يتوقع ألا يكون انتصار ثورتها آخر محطات التغيير في الوطن العربي، وإن كان ثمة موجة ثورية جديدة قريبة، فإن أكثر من يخشاها هو نظام السيسي، فهل ينجح في تجنبها حتى حلول ذكرى أخرى أم يفاجئه المصريون مرة ثانية؟