حالة من التنافس الشديد بين كبار نجوم السينما المصرية مع انطلاق ماراثون أفلام عيد الأضحى المبارك، فالكل يصارع على كعكة الموسم الذي ينتظره الجميع، مخرجون وفنانون وجماهير، وسط حالة من الترقب التي تسود الوسط السينمائي في ظل الظروف المحيطة بهذا الموسم الذي يعتبره خبراء الفن والإنتاج موسمًا استثنائيًا في كل شيء.
وبين الأكشن والإثارة والكوميديا والعزف على أوتار التشويق بأنواعه المختلفة، يداعب المخرجون عشاق الفن السابع، في الوقت الذي يلاحظ فيه غياب جرعة السياسة على عكس المعمول به في المواسم السابقة، سواء في الأعمال السينمائية أم الدرامية، وهي الملاحظة التي أرجعها نقاد إلى أسباب عدة.
وعلى نفس منوال دراما رمضان التي شهدت تراجعًا واضحًا في عدد الأعمال الفنية هذا العام (25 مسلسلاً) مقارنة بالمواسم السابقة (40 في المتوسط)، فإن العدوى ذاتها انتقلت إلى السينما، إذ تتنافس 6 أفلام على أقصى تقدير، وهو ذات الرقم في العيدين، الفطر والأضحى.
مزيج بين السحر والأكشن
أكثر الأعمال التي خاضت السباق مبكرًا فيلم “الفيل الأزرق 2” الذي قررت الشركة المنتجة طرحه قبل عيد الأضحى بأسبوعين كاملين، حيث تم عرض الفيلم لأول مرة يوم 25 من يوليو الحاليّ، مما جعله يغرد منفردًا، بعدما نجح في تحقيق إيرادات بلغت 15 مليون جنيه بعد 4 أيام عرض فقط.
الفيلم هو الجزء الثاني من “الفيل الأزرق” الذي أنتج قبل خمس سنوات، بطولة كريم عبد العزيز ونيللي كريم، إلى جانب إياد نصار وهند صبري، وتأليف أحمد مراد وإخراج مروان حامد، وتعد أحداثه تكملة للجزء الأول، حيث يتزوج الدكتور يحيى الذي يقوم بدوره كريم عبد العزيز من لبنى التي تمثل دورها نيللي كريم، ويتم استدعاؤه لقسم الحالات الخطرة “8 غرب حريم” وفيه تدور أحداث الفيلم، حيث يتم التلاعب بحياته وتهديدات لأسرته، وبعد فترة يستعين الدكتور يحيى بحبوب الفيل الأزرق حتى يتمكن من استعادة تركيزه والسيطرة على الأمور والتمكن من حل الألغاز التي تواجهه.
بعد غياب 3 سنوات يعود نجم الكوميديا المصري أحمد حلمي، للسينما مرة أخرى، وذلك عبر فيلم يحمل اسم “خيال مآتة”
العمل يعتمد على عنصري الإثارة والتشويق عبر الدخول في عالم السحر والشعوذة، وقد عللت الشركة المنتجة للفيلم طرحه مبكرًا، بأنها تريد حجز مكانه مبكرًا لدى الجمهور حتى تستطيع تحقيق أرباح أكثر مع بداية الموسم، كما نظمت حملة ترويجية مبكرة للفيلم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكحال “الفيل الأرزق 2” يأتي فيلم “ولاد رزق 2″ وهو الجزء الثاني لـ”ولاد رزق” الذي أنتج قبل 3 سنوات، بطولة أحمد عز، رفقة عمرو يوسف وأحمد الفيشاوي وأحمد داوود وكريم قاسم، الذين يؤدون هذه المرة الجزء الثاني تحت عنوان “عودة أسود الأرض”، من إنتاج وإخراج طارق العريان.
قصة الفيلم تدور حول 4 أشقاء أشقياء، يحاول الأخوة الأربعة بشتى الطرق الحفاظ على العهد الذي قطعوه على أنفسهم بالابتعاد عن حياة السرقة والجريمة، لكن حدثًا واحدًا يطرأ على حياتهم يغير كل ذلك، ويدخلهم في عوالم جديدة عليهم، ويضعهم في مواجهات شديدة الخطورة مع عدد من المجرمين المحترفين.
ويتوقع أن يحقق العمل إيرادات كبيرة بعد نجاح الجزء الأول منه، في ظل الكوكبة الكبيرة من الفنانيين المشاركين فيه، وقد حقق الإعلان التشويقي للفيلم نسب مشاهدة مرتفعة من الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع النقاد لتوقع زيادة معدلات الدخول ومن ثم الإيرادات.
هذا بجانب فيلم “الكنز 2” الذي تتواصل أحداث جزئه الثاني عن حكايات “حتشسبوت” في العصر الفرعوني، و”علي الزيبق” خلال العصر العثماني، وبشر الكتاتني رئيس القلم السياسي الذي يواجه تحديات جديدة في العمل والحب، ويحاول أن يدل ابنه حسن على الطريق إلى كنز يخبره بشأنه من خلال وصيته المسجلة.
الفيلم من بطولة النجوم محمد سعد ومحمد رمضان وهند صبري وأمينة خليل وروبي وأحمد رزق، وإخراج شريف عرفة، وتأليف عبد الرحيم كمال، وإن كانت التوقعات تقلل من إمكانية تحقيق العمل لإيرادات كبيرة رغم وجود الكثير من النجوم.
حلمي ينفرد بالكوميديا
بعد غياب 3 سنوات يعود نجم الكوميديا المصري أحمد حلمي، للسينما مرة أخرى، وذلك عبر بوابة فيلم يحمل اسم “خيال مآتة” الذي تدور أحداثه حول حياة مهندس ديكور يدعى “رؤوف” يشك في كل ما حوله.
ويشارك حلمي البطولة في العمل منة شلبي وخالد الصاوي وبيومي فؤاد وحسن حسني ولطفي لبيب وعبد الرحمن أبو زهرة، كما أنه يدور في إطار كوميدي اجتماعي، ومن تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج خالد مرعي.
النقاد يتوقعون نجاحًا كبيرًا لهذا العمل لا سيما بعد النجاحات المتعددة التي حققها حلمي في أعماله السابقة التي استطاع من خلالها أن يحفر اسمه في سجلات نجوم الكوميديا في مصر، منها فيلم “عسل أسود” و”كده رضا” و”1000 مبروك” و”زكي شان” وآخرهم قبل 3 سنوات فيلم “لف ودوران” مع الفنانة دنيا سمير غانم.
غياب الأعمال السياسية هذا الموسم أرجعه البعض إلى انتفاء الغاية منها، فلم يعد هناك حاجة للعزف على هذا الوتر مجددًا، خاصة بعد الجرعات المكثفة التي تعرض لها الجمهور على مدار الأعوام السابقة
الجرعة الكوميدية لم تتوقف عند “خيال مآتة” وفقط، بل يشهد هذا السابق عملاً كوميديًا آخر، لعدد من النجوم الصاعدة تحت عنوان “الطيب والشرس واللعوب” وتدور أحداثه حول 3 فنانين معتزلين يخططون لتقديم عمل فني مع الكائنات الفضائية، بعد أن قرروا العودة للتمثيل من جديد.
الفيلم بطولة بيومي فؤاد ومي كساب ومحمد سلام وأحمد فتحي وطارق الإبياري، ومن تأليف رأفت رضا ومن إخراج رامي رزق الله، ومن إنتاج إيهاب السرجاني وأحمد حلمي.
وفي الإطار ذاته يعود الفنان تامر حسني للمنافسة وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققه من خلال فيلم “البدلة”، حيث يشارك في هذا الموسم بفيلم “الجوكر”، وتشاركه البطولة الفنانة زينة وخالد الصاوي ومحمد سلام وعائشة بن أحمد ونانسي صلاح واللبناني كميل سلامة، وعدد من الفنانين يظهرون كضيوف شرف منهم أحمد السقا ومي عز الدين وعلي ربيع وويزو.
أحمد حلمي في فيلم “خيال مآتة”
تراجع الجرعة السياسية
اللافت في الموسم هذا العام خلوه تمامًا من الأعمال السياسية، وهو عكس الموجة التي انتشرت خلال السنوات الماضية، لعل آخرها عيد الفطر الماضي، حيث دفعت الأجهزة السيادية بفيلم “الممر” الذي يجسد نجاحات الجيش المصري خلال حرب الاستنزاف مع الكيان الصهيوني.
غياب الأعمال السياسية هذا الموسم أرجعه البعض إلى انتفاء الغاية منها، فلم يعد هناك حاجة للعزف على هذا الوتر مجددًا، خاصة بعد الجرعات المكثفة التي تعرض لها الجمهور على مدار الأعوام السابقة، سواء كان في الدراما أم السينما، وهو ما قد يأتي بنتائج عكسية.
وعلى النقيض يأتي فيلم “الفيل الأزرق 2” ليكرس مفهوم السحر الأسود والشعوذة وتأثيرهم في المجتمع، البعض برر ذلك بأن تقديم معالجة تبعد عن الواقع وتحلق في فضاءات الخيال هدفها هنا أن تقدم نوعًا سينمائيًا غائبًا عن السينما المصرية وهو الرعب والتشويق.
مروان حامد، مخرج العمل، معروف عنه تأثره الشديد بالمخرج ألفريد هيتشكوك، الذي يسعى لتقليده في أفلام الإثارة والتشويق، وكيف أنه استطاع خلق مفردات جديدة في هذا النوع السينمائي بتوظيف أحجام اللقطات والمونتاج الحاد وتوظيف الصمت لخلق حالة من التشويق، وغيرها من مفردات سينمائية
وفي المجمل.. يبدو أن دور العرض السينمائية ستعود إلى ما كانت عليه قبل 10 سنوات تقريبًا، من حيث الإكثار من الكثافة الكوميدية والإثارة والتشويق والابتعاد رويدًا رويدًا عن السياسة والقضايا التي تهم المواطن، داخليًا كانت أو خارجيًا، وسواء كان هذا النهج مقصود أم غير مقصود فإن النتيجة واحدة.