كم طال انتظار رفع القيود عن نظام الولي. إلا أن ما هو مطلوب أكثر بكثير، والفضل في هذه الإصلاحات يعود إلى النساء اللواتي ناضلن من أجلها وليس إلى الرياض.
كانت فرحة النساء في المملكة العربية السعودية حقيقية – ومتفهمة أيضاً. فقد أعلنت المملكة يوم الجمعة الماضي أنها ستسمح للنساء بالتقدم للحصول على جوازات سفر، وبالسفر دون إذن، وبأن يصبحن أكثر تحكماً بشؤونهن العائلية – كأن يمارسن حق تسجيل الزواج أو الطلاق أو الولادة، والحصول على وثائق عائلية رسمية. كان يتوقع لهذه التغييرات في نظام الولي أن تكون بحق نقطة تحول هامة، إلا أن الفرحة لا تكتمل طالما ظلت حقوق النساء مقيدة بشدة وطالما ظلت الناشطات اللواتي ناضلن في سبيل هذه الإصلاحات يدفعن أثماناً باهظة مقابلها. مازالت المرأة بحاجة إلى إذن ولي أمرها لتتزوج أو تتطلق أو لتخرج من السجن أو لكي تغادر ملاجئ ضحايا العنف المنزلي. هذا النظام ليس بحاجة إلى إصلاح بل بحاجة إلى إلغاء تام. مازالت القوانين الأخرى تحجر على المرأة وتحول دون انطلاقها. وكما حذرت الآنسة صفاء، الفنانة والناشطة السعودية التي تقيم في أستراليا: “حتى عندما تصبح النساء مساويات للرجال، فسوف تبقى المملكة العربية السعودية نظاماً دكتاتورياً سلطوياً ينتهك ما لا يحصى من حقوق الإنسان”.
الأهم من ذلك هو بالتأكيد رغبة الرياض في تغيير محتوى الحوار وإقناع بقية العالم (وخاصة المستثمرين المحتملين) بأن ثمة قيادة ديناميكية تقدمية عليهم أن يروها
تشكل هذه التغييرات في نظام الولي، مثلها مثل رفع الحظر الذي كان مفروضاً على قيادة النساء للسيارات في العام الماضي، جزءاً من وعد ولي العهد بتحديث المملكة. فقد طالب محمد بن سلمان ضمن خطته المعروفة باسم “رؤية 2030” برفع نسبة مشاركة النساء في أماكن العمل من 22 بالمائة إلى 30 بالمائة. إضافة إلى ذلك، تمنع القوانين الجديدة التمييز في أماكن العمل.
إلا أن الأهم من ذلك هو بالتأكيد رغبة الرياض في تغيير محتوى الحوار وإقناع بقية العالم (وخاصة المستثمرين المحتملين) بأن ثمة قيادة ديناميكية تقدمية عليهم أن يروها – بدلاً من رؤية نظام استبدادي قاد حرباً مريعة وغير مجدية في اليمن، نظام يتحمل المسؤولية عن جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، ومازال يحتجز العشرات من الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة، ومنهن لجين الهذلول وسمر بدوي ونسيمة السادة، ناهيك عن الناشطات اللواتي منعن من السفر أو اللواتي انتهى بهن المطاف في المنافي. ومما لاشك فيه أن هذه القيادة حريصة جداً على وضع حد للإحراج الذي يسببه لها طلب النساء السعوديات حق اللجوء بعد هروبهن إلى الخارج وإفادتهن بأنهن لم يجدن وسيلة أخرى للنجاة من المعاملة المسيئة التي تعرضن لها.
لم يكن مصادفة أن تتعرض النساء الناشطات للاعتقال قبل وقت قصير من رفع الحظر الذي كان مفروضاً على قيادتهن للسيارات، فاحتجازهن – والتعذيب الذي يعتقد بأن بعضهن قد تعرضن له داخل السجن – وجه رسالة واضحة إلى النساء السعوديات وكذلك إلى الرجال السعوديين مفاده أن الحريات لا يجوز أن يطالب بها كما لو كانت حقوقاً، وإنما يتم الحصول عليها بكل الامتنان عندما يقرر أولياء الأمر منحها.
لا يستحق ولي العهد أي شكر على هذه التغييرات، فالفضل في ذلك إنما يعود إلى النساء السعوديات اللواتي مازلن يعانين بسبب المعركة التي يخضنها
يذكر في هذا السياق أن كندا، والتي كانت واحدة من بلدان قليلة ضغطت باتجاه إطلاق سراح المعتقلات، لم تتلق كثيراً من المساندة عندما اتخذت المملكة إجراءات انتقامية ضدها. إن هذا الصمت معيب، وكذلك هو تواطؤ بريطانيا وغيرها من الدول فيما يتعلق بأمور أخرى: ومنها مطالبة المقرر الخاص للأمم المتحدة مؤخراً بوقف بيع أجهزة الرقابة والتنصت التي تستخدم في استهداف المعارضين والنشطاء.
لا يستحق ولي العهد أي شكر على هذه التغييرات، فالفضل في ذلك إنما يعود إلى النساء السعوديات اللواتي مازلن يعانين بسبب المعركة التي يخضنها. ولذلك، لا ينبغي ادخار جهد في سبيل ضمان إطلاق سراحهن وتحريرهن من الأسر.
المصدر: الغارديان
ترجمة وتحرير: عربي21