ترجمة وتحرير: نون بوست
ابتكر علماء “كلية لندن الإمبراطورية” خلايا اصطناعية تحاكي الخلايا البيولوجية من خلال الاستجابة لتغيّر كيميائي ما في محيطها. وفي الواقع، يمكن استخدام الخلايا الاصطناعية لاستشعار التغيرات في الجسم والاستجابة لها عبر إطلاق جزيئات الدواء، أو لاستشعار وإزالة المعادن الضارة في بيئتها. وتجدر الإشارة إلى أن الاستجابة للتغيرات الكيميائية تعد الوظيفة الحاسمة للخلايا البيولوجية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تستجيب الخلايا للمواد الكيميائية عن طريق إفراز بروتينات معينة، أو زيادة إنتاج الطاقة، أو التدمير الذاتي. فضلا عن ذلك، تستخدم الخلايا المواد الكيميائية للتواصل مع بعضها البعض وتنسيق الاستجابة أو إرسال إشارة، من قبيل باعث للألم.
مع ذلك، يمكن أن تكون هذه الاستجابات الكيميائية في الخلايا الطبيعية معقدة للغاية، وتتضمن خطوات متعددة، وهو ما يجعل هندستها صعبة، كأن يرغب الباحثون في جعل الخلايا الطبيعية تنتج شيئا مفيدا، من قبيل جزيء الدواء. وبدلا من ذلك، يصنع باحثو “كلية لندن الإمبراطورية” خلايا اصطناعية تحاكي هذه الاستجابات الكيميائية بطريقة أبسط بكثير، ما من شأنه أن يفسح المجال لتكون هندستها سهلة.
قال المؤلف الأول للدراسة، جيمس هيندلي، من قسم الكيمياء في “كلية لندن الإمبراطورية” إنه “يمكن تطوير هذه الأنظمة لاستخدامها في مجال التكنولوجيا الحيوية”
في الوقت الراهن، ابتكر الفريق أولى الخلايا الاصطناعية التي يمكنها استشعار إشارة كيميائية خارجية والاستجابة لها عبر تنشيط مسار الإشارة الاصطناعية. وقد ابتكر العلماء خلايا تستشعر أيونات الكالسيوم وتستجيب من خلال ظاهرة الفلورية (التوهج). والجدير بالذكر أن النتائج التي تم التوصل إليها نُشرت في 29 تموز/ يوليو في الدورية العلمية “فعاليات الأكاديمية الوطنية للعلوم”.
في هذا الصدد، قال المؤلف الأول للدراسة، جيمس هيندلي، من قسم الكيمياء في “كلية لندن الإمبراطورية” إنه “يمكن تطوير هذه الأنظمة لاستخدامها في مجال التكنولوجيا الحيوية. وعلى سبيل المثال، يمكننا أن نتصور ابتكار خلايا اصطناعية قادرة على استشعار علامات السرطان وتوليف دواء داخل الجسم، أو الخلايا الاصطناعية التي يمكنها استشعار المعادن الثقيلة الخطرة في محيطها وإطلاق إسفنجات انتقائية لتنظيفها”. وقد ابتكر الفريق خلية اصطناعية تضمّ خلايا أصغر (حويصلات) بداخلها. وتتشكل حافة الخلية من غشاء يحتوي على مسام، مما يسمح بدخول أيونات الكالسيوم. وفي داخل الخلية، تنشّط أيونات الكالسيوم الإنزيمات التي تتسبب في إطلاق الحويصلات للجزيئات المتوهّجة.
في هذا الإطار، أضاف هيندلي قائلا: “لقد تطورت البيولوجيا لتصبح متينة عن طريق استخدام شبكات التمثيل الغذائي والتنظيمية المعقدة. كنتيجة لذلك، من الممكن أن يجعل تحرير الخلايا أمرا صعبا، نظرا لأن العديد من مسارات الاستجابة الكيميائية الحالية معقدة للغاية كي يتم نسخها أو هندستها. وعوضا عن ذلك، أنشأنا نسخة مقطوعة من مسار موجود في الطبيعة، وذلك باستخدام خلايا اصطناعية وعناصر من أنظمة طبيعية مختلفة لصنع مسار أقصر وأكثر كفاءة تتمخّض عنه النتائج ذاتها”.
يقول الباحثون إن هذه هي قوة استخدام الخلايا الاصطناعية لإنشاء استجابات كيميائية، إذ يمكنهم بسهولة خلط العناصر الموجودة في الطبيعة بدلا من إضافة عنصر خارجي إلى نظام بيولوجي قائم
يعتبر نظام الباحثين أبسط لأنه لا يحتاج إلى حساب العديد من الأمور التي تحتاجها الخلايا للتجول في النظم الطبيعية، على غرار المنتجات الثانوية التي تعد سامة بالنسبة للخلية. وداخل النظام، تكون مسام الغشاء والإنزيمات التي ينشطها الكالسيوم متأتيّة من النظم البيولوجية الموجودة بالفعل، حيث يؤخذ الإنزيم من سم النحل على سبيل المثال، لكن لن يُعثر عليه في البيئة ذاتها في الطبيعة.
من جانبهم، يقول الباحثون إن هذه هي قوة استخدام الخلايا الاصطناعية لإنشاء استجابات كيميائية، إذ يمكنهم بسهولة خلط العناصر الموجودة في الطبيعة بدلا من إضافة عنصر خارجي إلى نظام بيولوجي قائم. كما يمكن أيضا دمج التقدّم الذي تم إحرازه في الكيمياء وتكنولوجيا النانو، مما يخلق أنظمة ومسارات تصعب هندستها في علم الأحياء.
من جانبه، قال المؤلف المشارك للدراسة من قسم الكيمياء في “كلية لندن الإمبراطورية”، البروفيسور أوسكار سيز، إن “جانب التوصيل والتشغيل في نظامنا يعني أن الباحثين يمكنهم أخذ عناصر من مختلف أنحاء الطبيعة لإنشاء مسارات كيميائية جديدة مصممة مع أهداف محددة في الحسبان. بالإضافة إلى ذلك، يعدّ من السهل إعداد نظام القوالب الخاص بنا حيث يمكن استخدامه من أجل اختبار سريع لأي مجموعة جديدة من العناصر التي توصل إليها الباحثون”.
المصدر: ساينس ديلي