ليس هناك مقياس واحد يحددّ جمال المدينة أو بشاعتها، إذ تختلف الآراء دومًا حول المدن الأنسب والأكثر رفاهية أو حتى نسبة الإزدحام إلا أن هناك بعض الأشياء التي من شأنها أن تجعل المدينة مرغوبة في الزيارة لقدرتها على إراحة السائح أو المقيم بالراحة والهدوء وحتى السلام اللذان توفرهما هذه الأماكن أكثر من المدن ذات الرفاهية الباذخة وشواطئ الرمال الذهبية.
وبالفعل برز في السنوات القليلة الماضية في فضاء التواص الاجتماعي وخاصة انستغرام صور تعبر عن شكل جديد للسياحة المتمثلة بزيارة أماكن ومدن مميزة تحمل طابعًا شعبيًا بدرجة متفاوتة، وغالبًا ما يكون قديم. إذ يجدها الكثير من الراغبين بالسفر والترحال وبميزانيات منخفضة، وهم في الغالب من فئة الشباب فرصة ممتازة لتحقيق المتعة والفائدة. وقد ساعد وجود الكثير من المواقع والتطبيقات التي توفر خدمات التنقل والإقامة البسيطة هذه على تزايد الإقبال عليها وتفضيلها عن غيرها. إليكم أبرز هذه المدن..
مدينة شفشاون المغربية “الزرقاء”
تقع مدينة شفشاون المميزة بتدرجات لونها الأزرق والسماوي في شمال المغرب العربي، ويعود اسمها الأصلي إلى “أشاون” أيّ القرون بالامازيغية التي تعتبر لغة متداولة هناك. إذ بنيت المدينة في سنة 1471 م لأيواء مسلمي الأندلس بعد أن طردهم الإسبان حيث كانت حينها بمثابة قلعة للمجاهدين ضد الاستعمار. يسكن شفشاون الآن ما يقارب الـ 50 ألف سنة بمساحة تصل إلى 10.4 كلم2. تتلون المدينة بلون أزرق يغطي شوارعها وأزقتها الضيقة وأدراجها الملتوية، وحتى جدران المنازل والأبواب والنوافذ حتى سميت بـ “المدينة الزرقاء”. وتعدّ الآن من أكثر المناطق جذبًا للسياح من كافة أنحاء العالم حتى احتلت المركز السادس ضمن أكثر مدن العالم جمالًا.
أحد المنازل القديمة في شفشاون المغربية
ضاحية سيدي بو سعيد
منازل بيضاء ونوافذ تختلف درجات ألوانها بين الأزراق الغامق والفاتح والسماوي أبرز ما يميز ضاحية “سيدي بوسعيد” الواقعة في شمال شرق تونس العاصمة وهي أول موقع محمي في العالم. والتي كانت في ما مضى توفر الأمن والدفاع عن قرطاج الفينيقية في القرن السابع قبل الميلاد، بينما يرجع اسمها إلى لولي صالح اسمه أبو سعيد الباجي الذي كان صوفيًا يأتيه الناس على سفر لأخذ العلم والمعرفة حتى سميت باسمه بعد وفاته. تطل الضاحية على قرطاج وخليج تونس نظرًا لموقعها المميز القائم على منحدر صخري عالي يقطنه حوالي 5000 شخص وهو ما يجلها مدينة هادئة بعيدة عن الزحان والضجيج.
يوجد الكثير من الأماكن السياحية المميزة في المدينة والتي تستحق الزيارة وقضاء الوقت فيها من بينها زياة الأبواب المختلفة للضاحية وقبر بو سعيد والهضبة العالية والقهوة المطلة على البحر.
بناء أبيض على الطراز الأندلسي في بو سعيد
إطلالة ساحرة على البحر من إحدى التلال
مدينة بورانو الإيطالية
تبعد مدينة بورانو الإيطالية عن مدينة البندقية المائية ما يقارب الـ 4 أميال بواسطة القارب المائي. يعود اسم المدينة إلى قصتين يختلف الناس حول الأصح بينهم إذ تقول الرواية الأولى بأنها بنيت من قبل عائلة تدعى “بوريانا” وهم أوّل من سكن فيها، أما الرواية الأخرى فتقول أن مستوطنين أوائل جاءوا من جزيرة بورانيوا القريبة من على بعد 8 كيلومترات واعطوها اسمها الحالي.
تشتهر بورانو بمنازلها الصغيرة ذات الألوان الزاهية، والتي تحظى بشعبية لدى الفنانين في إجراء حفلاتهم وللعامة من السياح. إذ تتميز المدينة باختلاف الألوان التي تغطي جدرانها وبيوتها فقد بدأت عادة طلاء السكان لبيوتهم في العصر الذهبي عن طريق تقديم طلب للحكومة والتي سترد عليهم باللون الذي بإمكانهم طلاؤه حتى تبقى المدينة متوازنة الألوان وجميلة.
تضم هذه المدينة الصغيرة العديد من الأماكن الأثرية التي تشهدّ الزائر للتعرف عليها عن قرب مثل كنيسة سان مارتينو، مع جرس صغير ولوحة ومتحف يضم آثاءًا قديمة بالإضافة إلى معامل ومصانع بسيطة لصنع قماش الدانتيل وصباغته.
أحد شوارع المدينة تظهر فيها القوارب المائية المستخدمة في التنقل
جزيرة سانتوريني اليونانية
جزيرة سانتوريني إحدى أروع وأجمل الجزر القابعة على البحر الأبيض المتوسط، حتى أطلق عليها الناس لقب (تراتيل يونانيّة من أرض العالم المفقود)، لشدّة جمالها والهدوء الذي تتمتع فيه. تقع هذه الجزيرة الرائعة إلى جنوب بحر إيجة في جنوب شرق اليونان، وتحديداً في أرخبيل كيكلاديس، إذ تقوم على سلسلةٍ من الصخور العالية التي تحميها من أمواج البحر القوية. وتعتبر الجزيرة القبلة الأولى للسيّاح الباحثين عن عطلة صيفيّة للاستكشاف والمتعة فهي مزيجٌ من المياه الزرقاء والمنحدرات الشاهقة والقرى البيضاء.
تمتلئ الجزيرة بالسياح القادمين من كل أنحاء العالم لذا ينصح بزيارتها في بداية الربيع حين تتفتح الأزهار على التلال وتبدء الحرارة في مياهها بالارتفاع، أو قد يفضل البعض أحيانًا زيارتها في فصل الخريف.
غروب الشمس في جزيرة سانتوريني اليونانية
مدينة سان خوان القديمة
“نيوفندلاند”، مقاطعة تقع على الساحل الأطلسي لكندا في شمال شرق أمريكا الشمالية. وتضم هذه المقاطعة الكندية الشرقية قسمين رئيسين هما: جزيرة نيوفندلاندالواقعة قبالة الساحل الشرقي، ولابرادور الواقعة شمال غرب الجزيرة على البر الرئيسي للبلاد. يقدر عدد سكان المقاطعة بـ 510900 نسمة يتحدثون بلهجة خاصة بهم وبعدة لغات كالإنجليزية والفرنسية والإيرلندية. فيما يزورها سنويًا ما يقارب 500000 سائح غير مقيم. تختلف الجزيرة عن سابقاتها ببيوتها الواسعة والمترامية على سفوح الجبال والتلال المرتفعة عن سطح البحر وهو ما يكسبها إطلالة فريدة من نوعها.