بعد تنازل الملك الإسباني عن الحكم لابنه ولي العهد “فيليب”، تبرز أمام هذا الملك الجديد الشاب العديد من القضايا العالقة في وجه حكام اسبانيا، على رأسها الأزمات المالية المتتالية، واقليم “كتالونيا” ذو الحكم الذاتي الساعي للانفصال.
ويتولى الأمير فيليب عهداً ملكياً، حافلاً بالأزمات الإقتصادية التي تعصف بأسبانيا، والبطالة المتزايدة، ومكافحة الفقر، وفي الوقت الذي تعاني البلاد من فقدان ثرواتها، وتراجع الهيبة الملكية، بالإضافة إلى جزء كبير من الكتالونيين، الذين يمثلون 16% من سكان أسبانيا، يطالبون بإجراء تعديل دستوري من أجل تقرير مصيرهم.
وتبرز قضية انفصال إقليم “كتالونيا”، ذو الحكم الذاتي، الواقع في شمال شرق البلاد، كأحد أهم التحديات التي تنتظر “فيليب”، بعد جلوسه على العرش الذي تنازل عنه أبيه لصالحه، بعد جلوس دام 39 عاماً.
وفي ذلك قال عضو هيئة التدريس بجامعة الملك كارلوس في مدريد، “جوزيه أنطونيو غوميز يانيز”، أن الأمير فيليب حاول حتى اللحظة فعل ما ينبغي من كلمات الوحدة، بيد أن رسالته لم تحظ بمقابل.
في الوقت الذي يصر رئيس منطقة كتالونيا للحكم الذاتي “آرثر ماس” على تنفيذ قرار إجراء الاستفتاء حول الاستقلال، في 9 نوفمبر المقبل، وذلك وفقاً للقرار الذي اتخذه البرلمان الكتالوني المحلي.
وبالرغم من رفض الجمعية العمومية للبرلمان الأسباني منح الإستفتاء موافقة قانونية، وبالرغم من تصريحات رئيس الوزراء الأسباني “ماريانو راجوي”، بأنه لن يتم إجراء استفتاء ينتهك الدستور الأسباني، بحسب وصفه، إلا أن آرثر ماس صرّح أمس، عقب تنازل الملك خوان كارلوس عن العرش، “إن الملك قد يتغيّر، بيد أن العملية الديمقراطية الكاتالونية لا تتغير، فغالبية المجتمع الكاتالوني يعيشون بشعور من القطيعة وعدم الرضا من الدولة الأسبانية”، بحسب قوله.
خبير القانون الدستوري العامل في جامعة برشلونة، “إنريكويتا إكسبوسيتو”، رأى أن المهمة التي تنتظر الأمير فيليب ليست سهلة، مبيناً أن دور الأمير فيليب قد يقتصر على التوصيات، وأنه بمقدوره التدخل بصفة “وسيط” فقط في الأزمة.
وتسعى منطقة كاتالونيا للحكم الذاتي، التي تضم كلا من مقاطعات “برشلونة”، و”غرندة”، و”لاردة”، و”تراغونة”، إلى تنظيم استفتاء حول الاستقلال عن أسبانيا في نوفمبر المقبل، كما تعتبر كاتالونيا من المناطق الاقتصادية الأسبانية الأكثر ديناميكية.
وكانت كتالونيا أحالت قرار الاستفتاء الذي اتخذه برلمانها، إلى البرلمان الأسباني، بيد أن القرار قوبل بالرفض كما كان متوقعاً له، بسبب عدم حصوله على موافقة الأغلبية.
من جانب آخر قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، “أليجاندرو أولورزون”، في تعليقه على المسألة: “إن أي جزء ينفصل عن دولة عضو في الإتحاد الأوروبي، فإن هذا الجزء يكون تلقائياً خارج الاتفاقات الأوروبية”.
من جهة أخرى، كان قد مثلت الأميرة كريتينا،الابنة الصغرى لملك إسبانيا خوان كارلوس، أمام القضاء في قضية فساد. ولأول مرة يحال فيها أحد أفراد العائلة المالكة في هذا البلد إلى محكمة. وتتهم الأميرة بالتهرب الضريبي وغسيل الأموال.
تمثل الأميرة كريستينا، الابنة الصغرى لملك إسبانيا خوان كارلوس، أمام المحكمة في وقت سابق لاستجوابها بشأن قضية فساد. حيث تواجه الأميرة اتهامات مبدئية بالتهرب الضريبي وغسيل الأموال.
وعدت تلك القضية واحدة من عدد من قضايا الفساد في المستويات العليا في إسبانيا، أضرت بثقة الإسبان في المؤسسات العامة، في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية شديدة اضطرت الحكومة إلى خفض الإنفاق العام.
ويأتى الفساد فى مقدمة الأسباب الرئيسية للأزمة المالية التى تعانى منها إسبانيا من بين دول أوروبية أخرى مثل اليونان وإيطاليا، حيث تتصدر بلدان جنوب أوروبا قائمة البلدان الأكثر فساداً فى القارة، وذلك وفقاً لتقرير منظمة الشفافية الدولية عام 2013.
وعانت إسبانيا من أزمة فى المجال العقارى مازالت تواجه تبعاتها للنهوض باقتصادها. وقالت صحيفة غارديان البريطانية إن التراجع الاقتصادى فى إسبانيا خلال السنوات الماضية، والذى أجبر البلاد على تبنى قوانين التقشف، كشف عما أدت إليه العلاقة القوية بين السياسيين ومستثمرى العقارات، وغذى فقاعة الإسكان “الكارثية”.
ونقلت الصحيفة عن مدير منظمة الشفافية لأوروبا وآسيا الوسطى، آن كوخ، قوله: “ما فعلته الأزمة الاقتصادية هو السماح لمزيد من النقاش العام حول الفساد”، مشيراً إلى تورط كل القطاعات فى إسبانيا فى الفساد سواء فى السياسة أو الأسرة الحاكمة أو الشركات.
وتدنت شعبية الأسرة المالكة بشكل خاص إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. وأظهر استطلاع أجرته سيجما دوس، ونشرت نتائجه في الخامس من يناير الماضي أن أكثر من 83 ٪ من الإسبان يعتقدون أن الأسرة المالكة أساءت التصرف في قضية أوردانجارين، بينما قال 62 ٪ وهي نسبة غير مسبوقة، أن ملك إسبانيا الذي كان يتمتع بشعبية عليه أن يتنازل عن العرش، الأمر الذي حدث بعد 5 أشهر من نتائج الاستفتاء.