ترجمة وتحرير: نون بوست
قدمت “إسرائيل” ما يسمى بالدبابة الذكية، وهي نموذج من عربة مدرعة ستستخدم في المستقبل القريب. ومن بين مميزات هذه الدبابة أنها مزودة بخوذة خاصة للطاقم، تشبه تلك التي يرتديها الطيارون عند قيادة طائرات اف 35. فما هي أبرز التوجهات والابتكارات في مجال العربات المدرعة في المستقبل، وما الذي تقوم به روسيا في هذا المجال؟
تشهد المعدات العسكرية تطورا سريعا، حيث أن عربات المهام القتالية يتم تحسينها، كما تم إيلاء اهتمام خاص للأجهزة التي يمكنها أن تقوم بدورها بدون موافقة البشر، أو تقوم بمساعدة الإنسان بشكل فعلي. والأمر لم يعد يقتصر فقط على الطائرات المسيرة، بل أيضا الغواصات وحتى الدبابات. حيث أن التجهيزات التي يتم التحكم فيها عن بعد لا تتراجع في وقت الهجوم، ولا تشعر بالخوف تحت وابل الرصاص والقذائف.
وقد تم إبتكار الدبابات خصيصا من أجل حماية الطاقم الموجود داخلها، ولكن هذا الأمر نجح لفترة فقط، ثم تم تطوير أسلحة مضادة للدروع قادرة على تدمير الدبابات. وبحسب الأرقام الرسمية، فإنه خلال الحرب العالمية الثانية، خسر الاتحاد السوفياتي في معركته ضد ألمانيا النازية وحلفائها 96.5 ألف دبابة، فيما خسر الألمان أكثر من 30 ألف دبابة. وقد بات من الواضح أن هذه العربات ليست كاملة الأوصاف، ويمكن تطوير قذائف مضادة لها، وهو ما يوقع خسائر فادحة.
شهدت صناعة الدبابات تطورات سريعة خلال العقود الأخيرة، ولكن لا توجد حدود للكمال، وهنالك العديد من الجيوش التي تنتظر الحصول على عربات مدرعة من مستوى جديد من التطور
وقد كانت خسائر الأمريكيين خلال حرب الفيتنام أكثر من خسائرهم خلال الحرب العالمية الثانية، التي شهدت تدمير ألفين فقط من دباباتهم. كما أن خسائر الاتحاد السوفياتي في أفغانستان كانت أقل بكثير، حيث أن أغلبها تعرض لأعطاب تقنية، ولكنها كانت تتميز بالصلابة عند تعرضها لضربات قذائف الـ آر بي جي، وقد كان المجاهدون الأفغان لا يمتلكون سلاحا حقيقيا قادرا على تدميرها. بعد ذلك أصبحت هذه الدبابات تقوم بمهمة مرافقة الأرتال، وأيضا في مداهمة القرى، وإسقاط الجدران، ولكنها في أغلب الأحيان كانت تستخدم كواقيات ونقطة ارتكاز لإطلاق النار.
وقد شهدت صناعة الدبابات تطورات سريعة خلال العقود الأخيرة، ولكن لا توجد حدود للكمال، وهنالك العديد من الجيوش التي تنتظر الحصول على عربات مدرعة من مستوى جديد من التطور، وخاصة تلك التي يتم التحكم فيها عن بعد في ساحات القتال.
وعلى سبيل المثال، فإن “إسرائيل” قدمت الآن تصاميم مثيرة للانتباه من الدبابات الذكية، حيث عرضت 3 نماذج لعربة القتال المستقبلية كارمل، تبدو في شكلها ودرجة تسليحها مثل عربة قتال للمشاة. أما طاقمها فهو يتكون من شخصين فقط، وهما مزودان بالعشرات من الكاميرات والرادارات والمجسات. ومن المتوقع أن هذه الدبابات يتم التحكم فيها من داخلها ومن بعيد في نفس الوقت، حيث سيكون كل طرف قادرا على تحريكها والقيام بعمليات التعرف والمراقبة واستخدام الأسلحة وبقية التجهيزات الموجودة فيها.
وقد ساهمت في ابتكار هذه الدبابات الذكية ثلاث شركات، وهي مؤسسة الصناعة الجوية الإسرائيلية، ومؤسسة رافاييل وإلبيت معرهوت. وهذا التصميم الذي قدمته هذه الشركات يتضمن أحدث التكنولوجيات، التي ستقدم عديد الأشياء، من بينها صورة فريدة من نوعها بدرجة 360 درجة، يتم تكوينها بناء على عدد كبير من المجسات. أما طاقم هذه القتالية، الذي قدمته شركة إلبيت، فهو سيكون مزودا بخوذات من طراز أيرون فيجين، التي ستسمح بعرض البيانات في مقدمة الخوذة، وهي نفس التقنية الموجودة لدى طياري الجيل الخامس من مقاتلات اف 35. أما شركة رافاييل فهي استخدمت تقنية الكابينة الزجاجية التي تسمح للطاقم بالحصول على المعلومات المتواجدة في أنحاء منطقة القتال. أما مهندسو شركة مؤسسة الصناعة الجوية الإسرائيلية فقد قدموا نظاما سينتج البيانات في الشاشات الشخصية للمستخدم وفي شاشات أخرى بانورامية. ويمكن اعتبار أن هذه الابتكارات هي الأكثر تطورا من نوعها في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
بحسب مدير الإدارة الرئيسية للبحث العلمي والدعم التكنولوجي في وزارة الدفاع الروسية، فياتشيسلاف بروسنيكين، فإن هنالك اهتماما خاصا تم إيلائه لتطوير ودعم قدرات القوات العسكرية وذلك من خلال الأسلحة الحديثة
ويفترض أن هذه التطورات التكنولوجية سوف يتم إدماجها أيضا في الدبابات الموجودة حاليا إلى جانب تلك التي ستنتج في المستقبل، سواء منها المأهولة أو المسيرة. ويتم أيضا التخطيط لإتمام برنامج الدبابات الذكية في غضون 7 سنوات، من أجل إدخالها للخدمة. ومن المنتظر أن يتم إدماج هذه التكنولوجيات التي تم عرضها من قبل الشركات الثلاث، في عملية تصميم النسخة الجديدة من دبابة الميركافا 4 باراك الإسرائيلية، التي ينتظر أن تدخل خط الإنتاج في الثلاث سنوات القادمة.
ما الذي يحصل في هذا المجال في روسيا؟
بحسب مدير الإدارة الرئيسية للبحث العلمي والدعم التكنولوجي في وزارة الدفاع الروسية، فياتشيسلاف بروسنيكين، فإن هنالك اهتماما خاصا تم إيلائه لتطوير ودعم قدرات القوات العسكرية وذلك من خلال الأسلحة الحديثة، ومن بينها الأنظمة الروبوتية. وهنالك لجنة خاصة بتطوير الروبوتات، يترأسها وزير الدفاع الروسي.
ويقول فياتشيسلاف بروسنيكين: “إن تنظيم عملية تطوير الأنظمة الروبوتية للجيش هي واحدة من الأنشطة التي نشرف عليها. وقد تم إحداث مركز البحوث والاختبارات الروبوتية في وزارة الدفاع، وهو مؤهل للقيام بمختلف المهام المتعلقة بالدعم العلمي العسكري وتطوير أنظمة الروبوتات العسكرية. إن جيش المستقبل هو جيش الابتكار والتجديد، وهذا الأمر ينطبق على الجميع من علم النانو وحتى أنظمة روبوتات الفضاء. وفي الواقع، فإن العربات المدرعة الروسية مجهزة منذ الآن بأنظمة ذكاء اصطناعي. ومن أبرز هذه الأنظمة هنالك نظام HDBMS، الذي يتأقلم مع دبابات T80UM1، وهو نظام يقوم بالتحكم في الدبابة وعملية إطلاق القذائف ويستطيع تنسيق تحركاته مع باقي التجهيزات وذلك من خلال شبكات الكمبيوتر، كما يمكنه تلقي الأوامر عن بعد.”
كما أن دبابة T14 الروسية الحديثة، تم فيها تطبيق فكرة حرب الشبكات المركزية. بعبارات أخرى، فإن هذه العربة القتالية يتم استخدامها للتعرف على الوجوه وتحديد الأهداف وتعديل اتجاه إطلاق النار. وفي هذا الغرض تم تزويد دبابات T14 برادار متطور، وكاميرات مراقبة بالأشعة فوق البنفسجية وبدرجة استدارة تبلغ 360، وهي قادرة على التعرف على المحركات القديمة في دبابات العدو. وهذه الدبابة قادرة أيضا على إطلاق عربة تعرف عن بعد مزودة برادار مراقبة ورؤية بالأشعة تحت الحمراء.
يعمل مركز البحوث والإنتاج في جامعة كورسك الروسية منذ 2014 على تطوير نظام للتحرك الآلي للعربة، وهو ما يعد نوعا من الذكاء الاصطناعي
إضافة إلى ذلك فإن واحدا من أبرز التطورات في هذا المجال، والذي سيتم الكشف عنه ضمن ترسانة الجيش الروسي، هو النظام الروبوتي متعدد المهام والذي يتم التحكم فيه عن بعد (يودار). وهو مكون من روبوت لإطلاق النار عن بعد، وعربة مسيرة لعمليات التعرف والمراقبة، ومحطة للتحكم عن بعد. هذه العربة المعقدة قادرة على التحكم عن بعد وعبر الانترنت.
إضافة إلى ذلك فإن العلماء الروس يعملون منذ سنوات على إطلاق نظام ذكي للتحكم في حركة العربات المدرعة. ويعمل مركز البحوث والإنتاج في جامعة كورسك الروسية منذ 2014 على تطوير نظام للتحرك الآلي للعربة، وهو ما يعد نوعا من الذكاء الاصطناعي. وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لديها قدرات فائقة، تم إثباتها من خلال استخدام نموذج أصغر حجما من دبابات T 34، التي تستخدم المجسات والرؤية التقنية، من أجل التحرك في المكان وملاحظة وجود بعض العوائق دون أي تدخل بشري. حيث تقوم الدبابة بشكل مستقل بمراقبة هدفها.
كما أن الطريق الذي يتبعه الروبوت مكون من جزئين، أولا يتم تحديد نقطة النهاية في شاشة تعمل باللمس، تتحرك الدبابة نحوها بشكل مستقل، متجاوزة الأشجار وباقي العوائق. أما الخيار الثاني فهو أن يتم رسم الطريق بالكامل على الشاشة. ومساعدة الروبوت ليست فقط ضرورية في الأجزاء المعقدة من الطريق، بل أيضا في التحكم في مولدات الكهرباء ومحركات الديزل.
وفي ظل وجود هذا التطور الكبير في التجهيزات العسكرية في الدول المتقدمة، وتزويد الوحوش المدرعة بالذكاء الاصطناعي، يمكن افتراض أنه قريبا ستصبح الدبابات قادرة على التصرف بشكل فردي دون الحاجة لطاقم يوجد داخلها. يبدو أن الروبوتات سوف تخوض المعارك في ساحات الحرب بنفس الشكل.
المصدر: فزغليا الروسية