مع حلول عيد الأضحى الذي يقبل فيه الكثير من العراقيين على شراء المواشي لأجل الأضاحي التي تعد إحدى شعائر المسلمين في عيد الأضحى، يعاني سوق الماشية في العراق من ركود اقتصادي بسبب ارتفاع الاسعار وضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
ارتفاع كبير في الأسعار
شهدت الأشهر الماضية ارتفاعا كبيرا في أسعار اللحوم العراقية، إذ وبحسب احد تجار الأغنام في منطقة الكوكجلي (شرقي الموصل) ويدعى “سالم الحديدي” فإن سوق الماشية في العراق معقدة وفيها الكثير من الخبايا التي لا يعلم عنها المستهلك الا القليل.
وأوضح الحديدي لـ “نون بوست” أن السنوات الماضية شهدت تراجعا في معدلات اناج الماشية العراقية المحلية، مقابل توسع الاستيراد الاجنبي من تركيا واستراليا للعجول والأغنام، لافتا إلى أنه وبعد أن كانت الماشية العراقية تهرب إلى دول الجوار والخليح العربي، باتت أسواق العراق الان تعج بالماشية المهربة من سوريا.
عزا الحديدي أسباب تراجع الماشية في مناطق شمال العراق إلى أن الكثير من مربي الماشية هجروا مناطقهم إبان سيطرة تنظيم الدولة (داعش) على مساحات واسعة من البلاد.
وعن أسعار الماشية في العراق، يوضح الحديدي أن سعر رأس الغنم يبدأ من 300 الف دينار عراقي (250 دولار) وصولا إلى 500 ألف دينار (400 دولار)، في الوقت الذي يبدأ فيه سعر الأبقار من ألف دولار وصولا إلى 1800 دولار.
وعزا الحديدي أسباب تراجع الماشية في مناطق شمال العراق إلى أن الكثير من مربي الماشية هجروا مناطقهم إبان سيطرة تنظيم الدولة (داعش) على مساحات واسعة من البلاد.
وفي ختام حديثه لـ “نون بوست” أوضح الحديدي أن الأغنام والأبقار المستوردة وعلى الرغم من كثرتها إلا أن كثيرا من العراقيين لا يزالون يفضلون اللحوم المحلية التي يختلف طعمها جذريا عن المستورد.
أسباب الارتفاع صادمة
أسباب كثيرة هي التي ادت إلى ارتفاع اسعار اللحوم في العراق ومن قبلها الماشية، إذ وعلى الرغم من أن وزارة الزراعة لم تدرج الماشية على لوائح المنع التي تضم 15 صنفا زراعيا و3 أصناف حيوانية (بيض المائدة والاسماك والدجاج)، إلا أن اسعار اللحوم لا زالت مرتفعة.
وبحسب تقرير بثته قناة الرشيد الفضائية في الـ 25 من يوليو/ تموز الماضي، التقت القناة أحد تجار الأغنام في العامصة بغداد، ليكشف عن الاسباب الحقيقية التي أدت الى ارتفاع أسعار المواشي في البلاد.
يشير عدد من الجزارين إلى أن عدم حماية الدولة للمنتج المحلي سبب عكوف بعض المربين عن تنمية أعمالهم
وأكد أحد تجار الماشية ويدعى “أبو علي” أنه ومنذ قاربة الشهرين طالبت المفارز الأمنية بأوراق صحية للماشية الداخلة الى العاصمة من بينها اوراق من دائرة الصحة (البيطرة)، وعند توفير هذه الاوراق كانت هناك مطالب اخرى، ولا يعلم أحد الجهة التي تصدر هذه التعليمات والنطالب، بحسبه.
وكشف أبو علي عن أن جميع المفارز الأمنية المحيطة بالعاصمة بغداد لا تسمح بمرور شاحنات نقل الاغنام ما لم يدفع التاجر مبالغ طائلة لهم، واستتثنى من ذلك سيطرة التاجي.
وأكد أن تكلفة النقل للشحنة الواحدة والتي كانت تقدر بنحو ألف دولار، باتت تكلف 6 الاف دولار، إذ ان جميع مفارز الدوز وآمرلي والحسينية لا تسمح بمرور أي شاحنات دون إتاوات، بحسب أبو علي.
من جانب آخر، يشير عدد من الجزارين إلى أن عدم حماية الدولة للمنتج المحلي سبب عكوف بعض المربين عن تنمية أعمالهم، إذ يوضح أحد أصحاب قاعات ربط الأغنام والذي يعمل جزارا في الوقت ذاته ويدعى “طارق علي” في حديثه لـ “نون بوست” إن الاستيراد المفرط للثروة الحيوانية الأجنبية تسبب في عزوف الكثير من المربين عن الاستمرار في أعمالهم على الرغم من الأرباح الجيدة التي كانوا يحققونها.
وأوضح علي أن الحكومة منعت في بعض المواسم استيراد المواشي الاجنبية، إلا انها لم تنقطع من الأسواق، إذ أن اقليم كردستان يستمر في استيرادها، مشيرا إلى أن الأزمة السورية أثرت بشكل كبير على سوق الاغنام في العراق، إذ يعمد المهربون إلى جلب المواشي السورية وبيعها في العراق بأسعار المحلية، لافتا إلى أن اسعار المواشي في سوريا باتت متدنية جدا بسبب الظروف الأمنية في البادية السورية.
وكشف علي عن أن كثيرا من العراقيين وعند شراءهم للمواشي أو لحومها، فإنهم يطلبون الماشية العراقية لطيب مذاقها ونكهتها الخاصة، لافتا إلى ان العراقيين يفرقون جيدا بين اللحوم المحلية عن غيرها من العربية والأجنبية المستوردة.
لجأ العديد من العراقيين وبعد ارتفاع أسعار الماشية الى الشراكة في الأضاحي
وكان حرس الحدود العراقي في محافظة الأنبار قد كشف عن إحباط محاولة لتهريب نحو 500 رأس غنم من الأراضي السورية إلى العراق.
وأشار قائد حرس الحدود اللواء “عمار الكبيسي”، إن الحدود السورية العراقية تشهد تهريب المواشي بين الأراضي السورية ومناطق كردستان العراق والمحافظات العراقية، وإن قوات حرس الحدود عادة ما تضبط مثل هكذا عمليات تهريب.
ولجأ العديد من العراقيين وبعد ارتفاع أسعار الماشية الى الشراكة في الأضاحي، إذ يقول “محمد نواف” إنه اشترك هذا العام في أضحية في أحد مساجد الموصل بقيمة 275 ألف دينار (235 دولارا)، إذ ان هذا المبلغ لا يكفي لأضحية لوحده، وبالتالي فإن شراكته مع غيره في عجل يسمح له بتقاسم الاضحية مع 6 أشخاص آخرين.
ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عن عدد المواشي في العراق، إذ وبالاطلاع على الموقع الرسمي لوزارة الزراعة، يتبين أنه لا تتوفر أي إحصائية عن أعداد الثروة الحيوانية في البلاد.