ترجمة حفصة جودة
سرّب أحد رجال الإيغور رسائل من داخل معسكرات الاعتقال الصينية في شينجيانغ وفقًا لشهادة النشطاء وأقاربه. كان عبد الرحمن ميمت – 30 عامًا، مرشدًا سياحيًا في مدينة توربان الصينية – قد تلقى العام الماضي رسائل من والديه وأخيه مكتوبة من داخل أحد معكسرات الاعتقال في غرب الصين، حيث يُحتجز أكثر من 1.5 مليون مسلم في معسكرات “إعادة تثقيف” سياسي وغيرها.
في يوليو الماضي تم ترجمة تلك الرسائل ونشرت في قاعدة بيانات لضحايا شينجيانغ “Xinjiang Victims Database” وهو موقع إلكتروني عام للمراقبة والتدوين، انتشرت الوثائق النادرة التي تعد الأولى من نوعها من داخل المعكسر على الإنترنت بسرعة كبيرة وفي أقل من أسبوع اختفى ميمت.
قال محرم محمد علي ابن أخ ميمت الذي يعيش خارج البلاد إن عمه أرسل له تلك الرسائل كدليل على احتجاز العديد من أفراد العائلة، وقد احتفظ بها لمدة عام حتى قرر إرسالها للنشطاء لنشرها الشهر الماضي على قاعدة البيانات، يقول محمد: “كان يعتقد أن تلك الرسائل هي الدليل، فهناك 10 أفراد من عائلتنا محتجزون هناك”.
يضيف محمد: “كنت أود نشر تجربة عائلتي لإيقاظ ضمائر الناس ليقولوا لا للنظام وينقذوا شعب الإيغور وينقذوا الثقافة، لست وحدي من يعاني من هذا المصير، هناك الملايين الذين دُمرت وتفككت أسرهم واضطروا لمغادرة منازلهم”.
خلال يومين من نشر الوثائق على الإنترنت قال ميمت لمحمد إنه تلقى مكالمة من الشرطة تسأله مع من تشارك تلك الرسائل، وبنهاية الشهر علم محمد من خلال اتصالاته أن عمه معتقل في توربان.
رسالة والدة عبد الرحمن من داخل معسكر الاحتجاز
يبدو أن الرسائل الموجهة لميمت وزوجة أخيه كان هدفها تهدئة أفراد الأسرة ودعم رؤية الحكومة عن المعكسرات التي تقول عنها الصين إنها “مراكز تدريب مهني”، فقد أثنى الثلاثة في رسائلهم على كرم الحزب وتعهدوا بالولاء له.
لكن رسائلهم ما زالت تحتوي على تفاصيل مثيرة للقلق، فهي تحاكي النقد الذاتي والاعترافات التي كانت سمة من سمات معكسرات إعادة التثقيف في أثناء الثورة الثقافية، فقد كتبت والدة ميمت – 60 عامًا – أن غرف النوم بحالة جيدة ومزودة بالماء الساخن ودورات المياه ومكيفات الهواء وأنهم يحصلون على الطعام والمأوى والملابس والمواد التعليمية المجانية.
وأضافت: “لقد خذلت الحزب والحكومة وخذلت المجتمع، أنا ممتنة للحزب وللحكومة لأنهم منحوني الفرصة للتغيير، وسوف أتبع الحزب دائمًا واستمع له وسأكون ممتنة له دائمًا”، تشير الرسائل إلى أن أقارب ميمت محتجزون بسبب أفعال مثل الذهاب للحج أو الصلاة التي تعد غير قانونية في القانون الصيني، رغم ذلك فإن الدستور الصيني ينص على حرية الاعتقاد الديني للمواطنين. ويرد المسؤولون على انتقاد سياسات بكين في شينجيانغ بأن جميع المواطنين يملكون حرية ممارسة الأنشطة الدينية وفقًا للدستور.
في رسالة أطول كتب شقيق ميمت لزوجته أنه بكى فرحًا لأنهم لن يرسلوه للسجن بسب جريمة تعلم الصلاة على يد والده في عمر الـ15 عامًا 1987، وبدلًا من ذلك سوف يتلقى تدريبًا من معلمين ذوي معرفة ومن الشرطة الشجاعة التي تجلس ليل نهار مع المحتجزين وتمنحهم دروسًا في اللغة الوطنية والقانون. قال معتقلون سابقون من الإيغور إنهم أجبروهم على تعلم لغة الماندرين والتعهد بولائهم للحزب الشيوعي الصيني.
رسالة والد عبد الرحمن
أما والد ميمت فقد كتب: “بسبب قلة وعيي بالقانون فقد ذهبت إلى مكة للحج، لكن بعد انضمامي لتلك المحاضرات ومشاهدة الأفلام والتعليمات التي يقدمها لنا المعلمون فقد تمكنت من فهم أخطائي، وأنا ممتن للحزب لأنه سامحني”.
يقول النشطاء إن اعتقال ميمت يؤكد جهود الحكومة للتحكم في المعلومات الخارجة من شينجيانغ، حتى عندما يقول المسؤولون إن الزوار مرحب بهم وسياسات الحكومة تتماشى مع القانون الصيني والدولي.
تقول جين بونين مؤسسة موقع “Xinjiang Victims Database” الذي يضم أكثر من 5 آلاف حساب لمعتقلين في شينجيانغ وغيرهم ممن يخضعون لمراقبة الحكومة: “اعتقال ميمت على مشاركته تلك الرسائل الوطنية دليل على أن دعايا الحزب ضعيفة للغاية حتى إنه يضطر لتنقيح الرسائل ونشرها فقط من خلال قنوات النشر الرسمية الخاضعة للحكومة، من الضروري أن نتخذ موقفًا عنيدًا وقويًا ونظهر للسلطات أنه ليس بإمكانهم تخويف الناس ودفعهم للصمت”.
تواجه بكين غضبًا دوليًا متزايدًا مع موجة مستمرة من تقارير وسائل الإعلام الحكومية التي تعرض بالتفصيل فوائد مراكز التدريب وجولات إعلامية داخل المعسكرات وتنتقد التغطية الحكومية لما يحدث في شينجيانغ وتعتبره تضخيمًا للأمر.
لكن الرسائل تخالف الرواية الحكومية، فوالدة ميمت محتجزة منذ يناير 2018 لكنها كتبت في الخطاب أنها في المدرسة المهنية منذ شهر مارس مما يشير إلى أنها كانت محتجزة في مكان آخر وظروف أخرى لعدة أشهر.
وفي يوليو قال المسؤولون في شينجيانغ إن معظم الأشخاص الذين كانوا في المعكسرات عادوا إلى المجتمع وحصلوا على وظائف، لكن وفقًا لشهادة محمد علي فمن بين 10 أفراد محتجزين في العائلة تم إطلاق سراح 7، لكنهم ما زالوا تحت المراقبة الشديدة من السلطات، وكان والدا ميمت وشقيقه قد أطلق سراحهم في بداية هذا العام لكنهم ممنوعون من مغادرة منزلهم أو قريتهم لفترة طويلة من الزمن.
ومنذ اختفاء ميمت لم يعد محمد يعلم إذا كان أفراد عائلته قد أعيد اعتقالهم مرة أخرى، حيث يقول: “لا أستطيع التواصل مع أي منهم”.
المصدر: الغادريان