ترجمة وتحرير: نون بوست
طائرتين نفاثين خاصتين، وشركة خارج الحدود، وملايين الدولارات، وأمراء أثرياء من الخليج، ورجل أعمال إسرائيلي. كشفت مجموعة من الوثائق المسربة أسرار أحدث طائرات التجسس التي اقتنتها الإمارات العربية المتحدة.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، أقلعت نفاثة أعمال بيضاء اللون، التي تبدو للوهلة الأولى غير مريبة، من قاعدة الظفرة الجوية في أبو ظبي، حيث حلّقت لساعات في المجال الجوي فوق الخليج العربي. ويحتاج المرء لإلقاء نظرة عن كثب لملاحظة النتوءات الفريدة الموجودة على محورها الرئيسي (بطن) وذيلها وظهرها. ولا تعد هذه الطائرة نفاثة عادية، وإنما طائرة مراقبة متقدمة تملكها الإمارات العربية المتحدة، يتمثل الهدف منها في جمع المعلومات الاستخباراتية عن طريق اعتراض الإشارات. وعموما، تُعتبر إيران إحدى أهدافها.
تشير طائرة المراقبة هذه، التي بدأت مؤخرًا رحلاتها التجريبية، إلى المراحل الأخيرة من الصفقة السرية الضخمة التي بدأت قبل عقد من الزمن، والتي ظلّت علاقتها بـ”إسرائيل” مجهولة حتى الآن. وفي هذا الصدد، يكشف تحقيق أجرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن رجل الأعمال الإسرائيلي ماتانيا كونشافي، الذي يُعرف باسم “ماتي”، المسؤول عن تزويد الإمارات بهذه الطائرات.
كشفت الوثائق التي حصلت عليها صحيفة هاآرتس، بعضها صدر خلال التسريب الضخم “لأوراق الجنة” من قبل الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين وصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية خلال سنة 2017، أن الصفقة تضمنت دفع مبالغ ضخمة بلغت حوالي ثلاث مليارات شيكل (أي ما يعادل 846 مليون دولار وفقًا لسعر الصرف الحالي). وتشير الوثائق إلى أن جزءًا من هذا المبلغ على الأقل دُفع نقدًا، كما أن هناك قادة إماراتيين تربطهم علاقة بإحدى الشركات المشاركة في المعاملات المالية.
في الواقع، لم يمثل عدم وجود علاقات دبلوماسية تربط بين “إسرائيل” والإمارات وبقية دول الخليج العربي عائقا أمام المصالح المشتركة لدول المنطقة وإقامة علاقة غير رسمية، بما في ذلك في المجالات التجارية والعسكرية والسياسية. أما بالنسبة لـ”إسرائيل” ودول الخليج، فهناك مصلحة مشتركة رئيسية تجمع بينهم، ألا وهي عداوتهم المشتركة لإيران. ويُذكر أنه ورد في تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية خلال هذه السنة، أن “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية والإمارات تتبادل فيما بينها المعلومات الاستخباراتية حول التهديدات التي تمثّلها إيران في المنطقة.
أكّد جمال السويدي، مؤسس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في مقابلة له مع صحيفة الغارديان البريطانية في آذار/ مارس الماضي، أنه خلافا للماضي، لم تعد القضية الفلسطينية المحور الرئيسي لجدول الأعمال في دول الخليج
وفي هذا الصدد، تشير دراسة نشرها “معهد توني بلير للتغيير الدولي” في شهر آب/ أغسطس الماضي إلى أن “إسرائيل” تعقد صفقات تجارية مع دول الخليج تبلغ حوالي مليار دولار سنويًا. وفي الماضي، حالت القضية الفلسطينية دون تطوير هذه العلاقات. لكنها لم تعد اليوم تمثل أية مشكلة تقريبًا.
من جهته، أكّد جمال السويدي، مؤسس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في مقابلة له مع صحيفة الغارديان البريطانية في آذار/ مارس الماضي، أنه خلافا للماضي، لم تعد القضية الفلسطينية المحور الرئيسي لجدول الأعمال في دول الخليج، حيث قال: “لم تعد القضية الفلسطينية في صدارة مصالح القادة العرب، كما كانت عليه منذ عقود طويلة. ولم تعد تحظ بالأولوية في خضم التحديات والتهديدات والمشاكل التي تواجه بلدان المنطقة”. وأضاف السويدي أن مسألة الحفاظ على العلاقات مع “إسرائيل” لا تقارن “بالتهديدات التي تشكلها… إيران وحزب الله والجماعات الإرهابية”.
في شأن متصل، خلال مقابلة عبر الهاتف مع الدكتور ثيودور كاراسيك، وهو زميل في الشؤون الروسية والشرق أوسطية في مؤسسة جيمستاون التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، كان مقيما في الإمارات ومطلّعا على صناعة الدفاع في البلاد، كشف كاراسيك أن الدافع وراء استثمار الإمارات في طائرات المراقبة ينبع من رغبتها في تطوير قدرتها على جمع المعلومات الاستخباراتية بشكل مستقل.
طوال سنوات عديدة، استخدمت العديد من القوات الجوية في العالم الطائرات النفاثة التي تتميز بضخامة هيكلها لأغراض استخباراتية
من جهة أخرى، ذكر كاراسيك أنه في الوقت الذي تجمع فيه الولايات المتحدة مثل هذه المعلومات حول المنطقة، فإنه ليس من الضروري أن تطلع الإمارات عليها جميعا. وأشار كاراسيك إلى أن الحاجة إلى المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بكل من ليبيا واليمن وإيران هي التي دفعت الإمارات إلى استثمار مبالغ ضخمة في شراء طائرات الاستطلاع.
طوال سنوات عديدة، استخدمت العديد من القوات الجوية في العالم الطائرات النفاثة التي تتميز بضخامة هيكلها لأغراض استخباراتية. ولكن خلال العقدين الماضيين، أضحى هناك توجه جديد لاستخدام طائرات نفاثة صغيرة الحجم من أجل المراقبة والاستخبارات والحرب الإلكترونية. والجدير بالذكر أن هذه الطائرات مجهزة بآليات رادار حديثة، وصفائف هوائية، وأجهزة الاستشعار المتقدمة وغيرها من أنظمة جمع المعلومات. وعلى سبيل المثال، أنشأت القوات الجوية الإسرائيلية “سرب نحشون”، الذي يتكون من نفاثات الأعمال “غلف ستريم الخامسة”، والتي أُدخلت عليها تعديلات لإصدار إنذارات محمولة جوا ومراقبة الحركة الجوية العسكرية، إلى جانب جمع المعلومات الاستخبارية.
فضلا عن ذلك، أجرت شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية تعديلات إضافية على طائرات غلف ستريم الموجهة لإيطاليا وسنغافورة. وعلى سبيل المثال، أنشأ سلاح الجو الملكي البريطاني سرب سنتينل آر 1 لأهداف المراقبة، وذلك باستخدام طائرات بومباردييه غلوبال إكسبريس النفاثة بعيدة المدى المخصصة لرجال الأعمال، والتي طورتها شركة رايثيون الأمريكية لتلبية متطلبات سلاح الجو الملكي البريطاني.
طائرتان نفاثتان خاصتان من طراز “غلف ستريم الخامسة” جرى تعديلهما لصالح سرب طائرات التجسس التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
الإمارات العربية المتحدة: “المستخدم النهائي”
كشف بحث أجرته صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية حول مئات الوثائق والمراسلات عن طريق البريد الإلكتروني المسرّبة من شركة المحاماة أبلبي، والتي أصبحت تُعرف باسم “أوراق الجنة”. وكشفت هذه الوثائق أن الجيش الإماراتي أراد إنشاء جهاز مماثل لطائرات المراقبة، حيث بدأت الصفقة في التبلور منذ عقد من الزمن. كما وصفت هذه الوثائق البنية المعقدة للحصول على الطائرتين وتعديلهما.
في الواقع، وقّع الجيش عقدًا مع شركة ضخمة في أبوظبي تعرف باسم “نظم التكامل المتقدمة”. ويُذكر أن الرئيس التنفيذي لهذه الشركة، عبد الله أحمد البلوشي، الذي ينتمي إلى عائلة إماراتية تُعرف بتورطها في جهاز الاستخبارات في البلاد التي أنشئت سنة 2006. وفي الوقت الراهن، يُعتبر موقع ويب هذه الشركة غير نشط. ومع ذلك، كشفت عملية فحص للمحتوى المنشور على الموقع في الماضي أن الشركة ساهمت في تقديم حلول أمنية دينامية للحكومات والوكالات والكيانات الخاصة.
بعد سلسلة المناقشات التي وقع التطرّق إليها بشكل مفصّل في الوثائق المسرّبة، تقرّر أن الحل الأنسب لحل المشاكل الضريبية للشركة يتمثل في تسجيل الطائرات على جزيرة مان التي تقع قبالة الساحل البريطاني
وفقا لموقع الويب، توفر الشركة الحماية للمنشآت الإستراتيجية ومشاريع البنية التحتية وأنظمة النقل والمعابر الحدودية. علاوة على ذلك، تدير الشركة مشاريع ضخمة بقيمة مليارات الدولارات داخل الإمارات، والولايات المتحدة وأوروبا والبرازيل والصين ودول آسيوية أخرى، إلى جانب بلدان أخرى.
بعد سلسلة المناقشات التي وقع التطرّق إليها بشكل مفصّل في الوثائق المسرّبة، تقرّر أن الحل الأنسب لحل المشاكل الضريبية للشركة يتمثل في تسجيل الطائرات على جزيرة مان التي تقع قبالة الساحل البريطاني، لتكون مشابهة لعملية تسجيل الطائرات النفاثة الخاصة التي يملكها رجال الأعمال. وبناء على ذلك، فتحت الشركة فرعا لها يحمل نفس الاسم، يقع في الجزيرة.
توضح إحدى الوثائق، التي يعود تاريخها لسنة 2015، أن التكلفة الإجمالية للمعاملات المالية بلغت 629 مليون يورو (أي حوالي 80 مليون يورو أكثر من المبلغ المتفق عليه بين الحكومة الإماراتية وشركة نظم التكامل المتقدمة سنة 2010). وشملت مواصفات تجديد الطائرات تركيب أنظمة الاستخبارات الإلكترونية لجمع وتحليل الإشارات الإلكترونية للأنظمة العسكرية، وتحديد الأهداف، وأنظمة الاتصالات الاستخباراتية للتنصت، وأنظمة الحرب الإلكترونية والدفاع والتشويش، وأنظمة المراقبة البصرية (الكاميرات طويلة المدى)، والاتصالات عبر الأقمار الصناعية وتثبيت برامج لإدارة المنتجات. وتشمل المواصفات أيضا إنشاء محطات الاستقبال الأرضية.
وفقًا للوثائق المسربة، كان ماتي كوتشافي أحد رعاة هذه الصفقة بفضل شركته السويسرية المعروفة “أي جي تي العالمية”. وتقدم شركة أي جي تي التي يوجد مقرها في زيورخ حلولا تكنولوجية متقدمة بالإضافة إلى الدعم اللوجستي. وتجدر الإشارة إلى أن الشركة اشترت سنة 2012 طائرتين نفاثتين من شركة بومباردييه الكندية مقابل 43 مليون يورو لكل طائرة.
علاوة على ذلك، كانت الشركة مسؤولة عن توفير عدد مهم من الأنظمة المثبتة في الطائرة. ومع ذلك، طوّرت شركة مارشال البريطانية هذه الأنظمة، كجزء من صفقة تبلغ قيمتها حوالي 100 مليون دولار. والجدير بالذكر أن مارشال هي الشركة نفسها التي أمنت الطائرات النفاثة صالح لسلاح الجو الملكي لاستخدامها لأغراض استخباراتية.
في الواقع، يعد غياب اسم “إسرائيل” في التسريبات التي تصف الصفقة بشكل دقيق أمرا مثير للاهتمام. فقد تم ذكر “إسرائيل” في وثيقة واحدة مصدرها سويسرا والتي تم فيها وصف هياكل شركة أي جي تي. كما ذكر باللغة الألمانية أن كوتشافي كان مواطنا إسرائيليا.
هالة خاصة
ماتي كوتشافي في المؤتمر الرقمي “ذي ماركر” في تل أبيب، الذي عُقد في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2018.
يُعدّ كوتشافي، البالغ من العمر 57 سنة، من مواليد حيفا حيث حقق طبقًا لمنشورات مختلفة ثروته من قطاع العقارات في الولايات المتحدة في التسعينيات. ومع ذلك، يُعرف كوتشافي لمشاركته في مختلف جوانب صناعة الدفاع العالمية والإنترنت والوسائط المتعددة والتفاعل بين هذه المجالات. وتكمن اهتماماته التجارية على خط التماس بين الجمهور، المبتكر والغامض، كجزء من جهد واضح لزيادة الهالة التي أوجدها حول نفسه. علاوة على ذلك، قال موظفوه في الماضي إنه كان ينبغي عليهم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات السرية القاسية.
وفقا لبلومبيرغ، أنشأ كوتشافي العديد من شركات حماية التكنولوجيا بعد هجوم 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابي. ومن بين هذه الشركات، نذكر شركة “4 دي سيكوريتي سوليوشن” في ساوث بلينفيلد، نيو جيرسي. علاوة على ذلك، ثبت كوتشافي أنظمة مراقبة السياج الأمني في مطارات نيويورك. والجدير بالذكر أن الشركات التي يملكها كوشافي مسجلة أو كانت مسجلة في “إسرائيل” وسويسرا وبريطانيا العظمى وألمانيا وقبرص وأماكن أخرى.
استثمر كوتشافي في نظام أساسي يسمى “هيد”، يهدف إلى ترقية تجربة المشاهدة في الأحداث المباشرة من خلال جمع المعلومات حول الجمهور ورسم ردود أفعالها
لا يُعتبر نقل طائرات المراقبة لدولة الإمارات العربية المتحدة أول مشروع لكوتشافي نيابة عن تلك الدولة، حيث كان يقف كذلك وراء مشروع لتأمين البنية التحتية والشبكات في أبوظبي وتحويلها إلى “مدينة ذكية”. كما تم تركيب الآلاف من الكاميرات وأجهزة الاستشعار ولوحات الترخيص على طول 1000 كيلومتر تقريبًا من الحدود الدولية لدولة الإمارات وفي جميع أنحاء أبوظبي.
وفقًا لتقرير نشر في بلومبرغ، تحلل منصة الذكاء الاصطناعي لآي جي تي، التي يطلق عليها اسم الحكمة، الصور والمعلومات من الأجهزة. ويؤكد التقرير أن كوتشافي لم يخف حقيقة قدومه من “إسرائيل” فضلا عن هوية معظم شركات التكنولوجيا التابعة له.
في المقابل، تُعتبر أنشطة كوتشافي التجارية متنوعة وتتعدى نطاق صناعة الدفاع وحدها. ففي ذكرى الهولوكوست، على سبيل المثال، نشر كوتشافي “قصة إيفا”، التي تم فيها تحويل مذكرات فتاة يهودية في المجر أثناء الهولوكوست إلى فيديو نشره على حسابه على الإنستغرام.
بالإضافة إلى ذلك، استثمر كوتشافي في نظام أساسي يسمى “هيد”، يهدف إلى ترقية تجربة المشاهدة في الأحداث المباشرة من خلال جمع المعلومات حول الجمهور ورسم ردود أفعالها. علاوة على ذلك، أنشأ كوتشافي موقع فوكاتيف الإخباري على الإنترنت، الذي يقوم بتجميع المعلومات من الإنترنت ويتابع نشر الأخبار المزيفة.
عملت شركة المحاماة “أبليبي” على الصفقة نيابة عن “إيه آي إس” وقضت الكثير من الوقت في تطوير الهيكل التنظيمي واللوجستي المعقد الضروري لتسهيل توريد الطائرات
كما هو الحال في صفقة الطائرات الإماراتية، تتعامل شركات كوتشافي أحيانًا من خلال دمج المنتجات المصنعة من قبل شركات أخرى مع منتجاتها لتحقيق نتيجة شاملة، ولا تقوم بالضرورة بتطوير منتجاتها أو تقنياتها المستقلة. والجدير بالذكر أنه خلال سنة 2006، على سبيل المثال، أسس كوتشافي شركة “لوجيك”، وهي شركة أمنية إسرائيلية لتكنولوجيا المعلومات، توفر مواطن عمل للمئات من الأشخاص قبل أن تُغلق أبوابها بعد تسع سنوات. في المقابل، أغلقت شركة هيد بعد حوالي أربع سنوات من إنشائها.
نادراً ما يتم ذكر كوتشافي، الذي يعيش اليوم في شارع “سنابير” في قيصرية، في السياقات الاجتماعية أو السياسية. ومع ذلك، وفقا لسجلات تعود لسنة 2008 في الولايات المتحدة، تبرع كوتشافي بعدة آلاف من الدولارات لهيلاري كلينتون.
معلومات مفقودة
ردا على سؤال صحيفة هآرتس حول صفقة الطائرات الإماراتية، لم يعلق كوتشافي على الأمر، مُشيرا إلى أن وكيل علاقات عامة يعد المسؤول عن الردّ. وبالعودة إلى الصفقة، عملت شركة المحاماة “أبليبي” على الصفقة نيابة عن “إيه آي إس” وقضت الكثير من الوقت في تطوير الهيكل التنظيمي واللوجستي المعقد الضروري لتسهيل توريد الطائرات. وفي العديد من الوثائق، تم ذكر حكام دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد، وشقيقه، ولي العهد الأمير محمد بن زايد، باعتبارهم على صلة بشركة إيه آي إس.
محمد بن زايد آل نهيان (على اليسار)، ولي عهد أبوظبي مع ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان.
وفقا للمصطلحات المالية المهنية، يعتبر الرجلان شخصان مكشوفان سياسيا. ويعني هذا الوصف أن المعاملات مع الشركات المرتبطة بالشخصيات المكشوفة سياسيا من المفترض أن تخضع لتفتيش ومراجعة أكثر صرامة نظرا لأنه من المرجح أن يكون هؤلاء الأفراد أكثر عرضة لخطر الفساد.
في الواقع، لا تشير الوثائق إلى العلاقة التي تربط قادة الإمارات بشركة AIS ، لكن كاراسيك، خبير الشرق الأوسط، يقدم تفسيراً محتملاً: أن شركة AIS، مثل الشركات المماثلة، مملوكة لحكومة الإمارات العربية المتحدة نفسها. هذه المعلومات تعتبر حساسة. وبالتالي، لا تظهر في سجلات الشركة للتسجيل العام. تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم العثور على دعم آخر لتلك النظرية.
من جهتها، كشفت وثائق أبليبي التي يعود تاريخها إلى سنة 2015، أي بعد عدة سنوات من نيل مئات الملايين من الدولارات كجزء من صفقة طائرات المراقبة، أن شركة المحاماة فوجئت بعدة جوانب من الصفقة. ولسبب واحد، لاحظ موظفوها أنه لا وجود لضرورة للحصول على تمويل خارجي للمعاملة نظرا لأنه تم تنفيذه على الأقل جزئيًا نقدًا. علاوة على ذلك، لوحظ أن المعلومات المختلفة المتعلقة بالصفقة مفقودة، على سبيل المثال، فيما يتعلق بأرقام الحسابات المصرفية ذات الصلة ونماذج قانون فاتكا، التي يجب على المؤسسات المالية خارج الولايات المتحدة تقديمها لها.
ثاني طائرة تجسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، في رحلة تجريبية في المملكة المتحدة.
مضى جميع الأطراف قُدما فيما يتعلق بهذه الصفقة إلى الأمام. وقبل سنة، نُقلت أول طائرة تم تجديدها من بريطانيا العظمى إلى الإمارات العربية المتحدة. وبعد المزيد من التعديلات وإضافة أنظمة جديدة عليها، بدأت الرحلات الجوية التجريبية في الأسابيع الأخيرة قبل التسليم النهائي للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي بموجب العقد، من المتوقع أن تتم خلال السنة المقبلة. وعموما، لا تزال الطائرة الثانية المجددة في إنجلترا تشارك في رحلات تجريبية شماليّ شرقيّ لندن.
عندما تصبح الطائرتان قيد التشغيل، سيكون لدى الجيش الإماراتي قدرات استخبارية متقدمة للغاية حيث ستكون طائراتها قادرة على اعتراض الاتصالات وتحديد الأنظمة الإلكترونية التي تديرها إيران وتحديد موقعها ورسم خرائط لها في الوقت الفعلي، بما في ذلك أنظمة الرادار والدفاع الجوي التي تحمي منشآتها النووية. كما من الممكن أن تكون دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، هدفًا لطائرات الإمارات الجديدة.
المصدر: هآرتس