ترجمة وتحرير: نون بوست
أبلغت السلطة الفلسطينية الولايات المتحدة أنها مستعدة ”للاشتباك“ مع حركة حماس إذا كان هذا هو الثمن المطلوب لتولي السلطة في قطاع غزة، وذلك خلال عرض قدمته لمبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط، بحسب ما كشف عنه موقع “ميدل إيست آي”.
وقال مصدر فلسطيني لموقع “ميدل إيست آي” إنه تم تقديم الخطة يوم الثلاثاء الماضي لستيف ويتكوف خلال اجتماع في الرياض من قبل حسين الشيخ، وهو مسؤول فلسطيني رفيع المستوى تم ترشيحه كخليفة محتمل للرئيس الفلسطيني الثمانيني محمد عباس.
وتنص خطة السلطة الفلسطينية على أن تحكم قطاع غزة لجنة تكون أغلبيتها من خارج القطاع.
وقال المصدر إن اللقاء بين مبعوث ترامب لحل مشاكل الشرق الأوسط والشيخ تم تسهيله من قبل المملكة العربية السعودية بناء على طلب من السلطة الفلسطينية، بعد أن رفض ويتكوف عروضها للاجتماع في رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
وسافر ويتكوف لاحقًا إلى إسرائيل للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والجدير بالذكر أنه لم يكن لديه أي تحفظات على القيام برحلة إلى غزة يوم الأربعاء الماضي، ليصبح أول مسؤول أمريكي يزور غزة منذ 15 عامًا.
وقال المصدر إن السعودية توسطت في الاجتماع بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية لكنها لم تراجع الخطة قبل أن تعرضها السلطة على ويتكوف.
من هو زياد أبو عمرو؟ رجل السلطة الفلسطينية في غزة
سيصبح زياد أبو عمرو، وهو أحد مستشاري الرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ فترة طويلة، الحاكم الفعلي لقطاع غزة، وسيترأس اللجنة، وسيتم تعيينه نائبًا لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، لكنه سيُمنح صلاحيات هائلة.
وُلد أبو عمرو في قطاع غزة عام 1950، وقد يكون مقبولًا لدى إدارة ترامب لأنه مواطن أمريكي أيضًا، وهو حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة جورج تاون وشغل منصب نائب رئيس الوزراء الفلسطيني من 2013 إلى 2024.
وقد نشط أبو عمرو في محاولة إعادة فرض سيطرة السلطة الفلسطينية في غزة، كما مارس في السابق ضغوطًا ضد تمويل إعادة إعمار القطاع المحاصر في أعقاب حرب 2014.
وقال لصحيفة “وول ستريت جورنال” في ذلك الوقت: “عندما يتحدث الناس عن إعادة الإعمار، فإنهم يتحدثون عن عودة [السلطة الفلسطينية] إلى غزة وإدارة غزة من قبل حكومة المصالحة… لا أعتقد أن إعادة الإعمار ستحدث بخلاف ذلك”.
الولايات المتحدة تشكك في قوة نيران السلطة الفلسطينية
تُفاخر السلطة الفلسطينية أمام إدارة ترامب بأنها مستعدة للاشتباك مع حماس، وهو ما دحضه مسؤول دفاعي أمريكي رفيع المستوى، إذ قال لموقع “ميدل إيست آي” إن ذلك يبدو “وهميًا”، مضيفًا أنهم سيحتاجون إلى دعم عسكري وربما قوات من دول عربية أخرى أو متعاقدين من القطاع الخاص.
تهيمن حركة فتح العلمانية الفلسطينية على السلطة الفلسطينية.
وفي عام 2007، اندلع القتال بين فتح وحماس الإسلامية بعد أن اكتسحت الأخيرة السلطة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في العام السابق، وفي النهاية، عززت حماس سيطرتها على قطاع غزة وعززت فتح سلطتها في الضفة الغربية المحتلة، وفشلت جهود المصالحة بين الحركتين.
وقد أحرجت حماس إسرائيل والسلطة الفلسطينية من خلال إظهار دعمها العلني في غزة وتنظيمها العسكري خلال عمليات تبادل الأسرى البارزة خلال الأسابيع القليلة الماضية، فقد تحركت وحدات عسكرية تابعة لحماس بحرية في غزة ونفذت عمليات تبادل أسرى مصممة بشكل جيد أمام الحشود الفلسطينية المبتهجة.
وكان هدف الحرب الإسرائيلي المعلن هو القضاء على حماس.
وقد ألقت هذه العروض بضغوط هائلة على السلطة الفلسطينية التي كان معظم الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة يعتبرونها فاسدة ومتعاونة مع إسرائيل، وتكافح السلطة الفلسطينية باستماتة الآن لكي لا يتم تهميشها تمامًا مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض؛ حيث فرضت تقوم منذ أوائل ديسمبر/كانون الأول بحصار مخيم جنين للاجئين ومهاجمة مقاتلي المقاومة الفلسطينية.
ووصفت تهاني مصطفى، كبيرة محللي الشؤون الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، الهجوم بأنه “مهمة انتحارية” ومحاولة أخيرة لإثبات أن السلطة الفلسطينية لا تزال قادرة على إظهار قوتها الصلبة.
وقالت تهاني في تصريح سابق لموقع ميدل إيست آي: “إن السلطة الفلسطينية قلقة من أن مجيء إدارة جديدة في غزة ليست تابعة لها، سيؤدي إلى توجيه تمويلها بعيدًا، وخوفهم الأكبر هو أن يتحول مركز الثقل السياسي من الضفة الغربية إلى غزة ويتركهم في وضع صعب”.
وقد كانت القيادة الهرمة والمتصلبة في رام الله في قلب خطة إدارة بايدن لحكم غزة بعد الحرب، لكن ترامب بالكاد ذكر السلطة الفلسطينية.
وفي الواقع، لم يُبدِ اهتمامًا مباشرًا بغزة التي وصفها بأنها تعد “حرفيًا موقع دمار في الوقت الحالي”.
وقد دعا الأردن ومصر إلى استقبال الفلسطينيين من غزة قائلاً: “نحن فقط ننظف هذا الأمر برمته”.
السلطة الفلسطينية محاصرة بين السعودية والإمارات
وخلال فترة رئاسته الأولى، خفض ترامب العلاقات الدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية من خلال إغلاق القنصلية الأمريكية لدى الفلسطينيين في القدس وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ومنظمة التحرير الفلسطينية هي ائتلاف من الجماعات الفلسطينية بقيادة السلطة الفلسطينية.
وكان صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر يكره السلطة الفلسطينية وحاول خنق أي تعاون أمريكي معها، وبلغت هذه التوترات ذروتها عندما قطع ترامب المساعدات عن السلطة الفلسطينية، وطرح كوشنر اقتراحًا يقضي بتهجير الفلسطينيين قسرًا من قطاع غزة في مارس/أذار 2024.
وقال مسؤول أمريكي كبير سابق لموقع “ميدل إيست آي” في وقت سابق إن السلطة الفلسطينية ستواجه على الأرجح تحديًا صعبًا في الحصول على دعم إدارة ترامب، وقد أتاحت غزة فرصة لأكبر منتقدي السلطة الفلسطينية في الخليج العربي، الإمارات العربية المتحدة، للضغط من أجل تغيير القيادة الفلسطينية، وقالت الإمارات إنها مستعدة لإرسال قوات حفظ سلام إلى غزة إذا تم إصلاح السلطة الفلسطينية بدون عباس.
وقال مسؤول مصري في وقت سابق لموقع “ميدل إيست آي” إن عباس “غاضب” من الاقتراح.
وهناك خلاف داخل النخبة العلمانية الفلسطينية بين عباس، الذي يحكم في الضفة الغربية دون انتخابات منذ عام 2006، وبين رجل فتح القوي السابق في غزة، محمد دحلان.
ويقيم الأخير في الإمارات وهو مبعوث لعائلة آل نهيان الحاكمة في الإمارات، وقد طُرد دحلان من حركة فتح، لكنه احتفظ ببعض الدعم في غزة والضفة الغربية المحتلة من خلال كتلة الإصلاح الديمقراطي المنشقة عن فتح.
ويمكن أن تكون السعودية ركيزة أساسية لمستقبل قطاع غزة، فبالإضافة إلى امتلاكها الأموال اللازمة لإعادة إعمار القطاع، فإنها تميل إلى الحياد أكثر في التعامل مع الفصائل الفلسطينية المختلفة، على عكس الإمارات.
وقد كانت المملكة، إلى جانب الإمارات والبحرين، معادية لحماس خلال الربيع العربي، ولكنها أصبحت أكثر مرونة منذ ذلك الحين.
فقد أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان علنًا أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في قطاع غزة، في حين استضاف وزير الخارجية الإماراتي نظيره الإسرائيلي علنًا، وقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استضافت الرياض زعيم حماس إسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في يوليو/تموز 2024.
المصدر: ميدل إيست آي