مع بداية مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة والمقرر استئنافها الاثنين 3 فبراير/شباط الجاري يخيم على المشهد حالة من التقرب والقلق إزاء استكمال المسار التفاوضي وفق المخطط له، وسط ضغوط مكثفة يمارسها اليمين المتطرف لمعاودة الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى.
وفي اليوم الـ15 من بدء الهدنة أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتفاقه مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف على بدء مفاوضات المرحلة الثانية، وذلك حين يلتقي رئيس الحكومة العبرية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن الثلاثاء، الرابع من الشهر الحالي.
وكان من المقرر أن يصل الوفد الإسرائيلي للدوحة غدًا لاستئناف المفاوضات لكن نتنياهو قرر عدم إرسال فريق التفاوض قبل اجتماعه مع الرئيس الأميركي، فيما نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول رفيع قوله إن رئيس الحكومة الإسرائيلية قرر إلغاء اجتماع مع فريق التفاوض، وأنه يفضل تأجيل كل شيء حتى الانتهاء من لقاء الرئيس الأمريكي الذي سيناقش معه المواقف الإسرائيلية إزاء المشهد وتطوراته خاصة بعد حالة الغضب التي أفرزتها مشهدية تسليم المقاومة للأسرى الإسرائيليين.
وكانت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة حماس، قد حرصت خلال تسليم المحتجزين لديها، التزاما ببنود الاتفاق، على إيصال رسائل ودلالات هامة ومحورية أثارت حفيظة الجانب الإسرائيلي، وعرّضت الحكومة لانتقادات حادة من قبل الشارع والمعارضة معًا، حيث نسفت سردية الانتصار المطلق التي رددتها النخبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، الأمر الذي أحدث زلزالا مدويًا في الداخل الإسرائيلي بأكمله.
وحسب الاتفاق المُبرم بين حماس والكيان المحتل، بوساطة مصرية قطرية أمريكية، والذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن المرحلة الأولى والتي تستمر 42 يوما ستشهد التفاوض لبدء المرحلة الثانية التي من المقرر أن تكون نفس الفترة الزمنية، والتي خلالها يتم الاتفاق على المرحلة الثالثة.
تغيير إدارة المفاوضات.. رسالة للمقاومة
تشير التسريبات الإعلامية إلى دراسة نتنياهو إحداث تغييرات في إدارة فريق تفاوض المرحلة الثانية، وذلك بوضع وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر على رأس فريق التفاوض بجانب عضوا الفريق، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) ديفيد برنيع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار ومعهما اللواء نيتسان ألون، وفق ما ذكرت “صحيفة يديعوت أحرونوت”.
وتقول الصحيفة إن ديرمر سيتوليى الجانب السياسي والدبلوماسي من المفاوضات فيما يقود برنيع الجانب الأمني، مشيرة إلى أن قرار التغيير لم يٌحسم بعد بشكل نهائي غير أن هذا هو التوجه السائد حاليًا داخل الكابينت لكون وزير الشؤون الاستراتيجية لديه رؤية سياسية أوسع ومقربًا بشكل كبير من نتنياهو.
وفي المقابل نفى مكتب نتنياهو كل تلك التقارير التي تتحدث عن تغييرات في فريق التفاوض، واصفة إياها بأنها “غير صحيحة” منوهة أن أي قرارات بشأن الفريق والمسار التفاوضي بأكمله سيتم تأجيلها لما بعد زيارة نتنياهو لواشنطن ولقاءه بالرئيس ترامب حيث من المتوقع التوصل إلى تفاهمات مشتركة بخصوص هذا الأمر.
ويرى البعض أن تعيين ديرمر -المعروف بمواقفه الداعمة لسياسات اليمين المتطرف، بما يشمل تهجير فلسطينيي غزة- على رأس فريق التفاوض هو بمثابة إشارة إسرائيلية للوسطاء وحماس بأن المفاوضات تتحوّل من قضية أمنية إلى سياسية، وفق ما نقلت القناة 12 العبرية عن مصادرها التي حذرت من أن هذا التعيين سيكون له تداعيات معقدة وقد تعرقل الصفقة وربما تؤدي لفشل إنهاء المرحلة الأولى.
مخاوف من إفساد الصفقة
تتصاعد المخاوف بين عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة من مساعي نتنياهو واليمين المتطرف إفساد صفقة التبادل مع حماس، حيث حذرت في بيان متلفز لها الرئيس الأمريكي من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية “سيحاول أن يراوغ كما فعل مع (الرئيس السابق) جو بايدن” بشأن الصفقة، مطالبين إياه بـ”عدم السماح له بذلك.. والقيام بكل ما يلزم لعودة باقي الأسرى”.
وأضافت عائلات الأسرى في بيانها أن “كثيرا من الأسرى تم التخلي عنهم لأسباب سياسية ولولا الرئيس ترامب لما كانوا معنا اليوم”، متعهدة بمواصلة “النضال” حتى عودة باقي الأسرى، مشيرة إلى أن هناك “حملة إعلامية في إسرائيل هدفها تبرير استئناف الحرب وإلقاء اللوم على حماس”، متهمة نتنياهو ومن وصفتهم بالوزراء المتطرفين في حكومته بمحاولة إفساد صفقة التبادل، واختتمت البيان قائلة “نواجه حكومة وحشية حاولت التخلي عن الأسرى وزرع الفرقة بيننا”.
شو هالتسليم #الأسطوري
اعظم اهانة للمحتل طرق تسليم الأسرى وكل يوم بطريقه مختلفه
اتفرجت على هذا المقطع عشرة مرات من جماله الله الله الله على الروعه والجمال
اليوم التسليم تم بسيارة دودج رام يا خوفي المرة الجاية بالجيب #الهمر 😎
اخرته رح ينجلط النتن واشكاله من هالمناظر pic.twitter.com/22Au3Kk1Kk— Arwa almograbi (@AlmograbiArwa) February 1, 2025
بدوره يحاول نتنياهو البحث عن أي انتصار ميداني وسياسي في حرب غزة خلال لقاءه المرتقب بترامب، حيث قال قبيل توجهه إلى واشنطن الأحد، إنه سيناقش مع الأخير قضايا استراتيجية من بينها “الانتصار على حماس وإعادة جميع المختطفين ومواجهة محور إيران”، معتبرًا أن اللقاء يمثل أهمية خاصة كونه الاجتماع الأول للرئيس الأمريكي مع زعيم أجنبي منذ تنصيبه وعودته للبيض الأبيض، وهو “ما يعكس قوة التحالف والعلاقة بيننا، وهي العلاقة التي أدت إلى ‘اتفاقيات أبراهام‘ التي قادها الرئيس ترامب” على حد قوله خلال تصريحات أدلى بها للصحفيين.
ويراهن نتنياهو ويمينه المتطرف على ترامب في تنفيذ مخططاتهما، ارتكازا إلى تبنيه في كثير من مواقفه الأجندة الصهيونية وكان أخرها مقترح تهجير سكان غزة إلى خارج القطاع، المقترح الذي طالب به زعيما مصر والأردن، وإصراره على تنفيذه رغم رفض البلدين له، الأمر الذي قوبل بترحيب وإشادة واسعة من غربان اليمين المتشدد في تل أبيب وعلى رأسهم وزيرا المالية والأمن الداخلي سموتيرتيش وبن غفير.
مشهدية التسليم والغضب الإسرائيلي
لم يدر بخلد المفاوض المحتل حين أصر على تقسيم اتفاق التهدئة إلى مراحل ثلاثة، رافضا مقترح “الكل في الكل” الذي قدمته حماس، أنه بذلك قد منح المقاومة هدية على طبق من ذهب، لتحقيق انتصارات متتالية من خلال مشهدية التسليم مع كل مرة، وهي الهدية التي لم ترفضها كتائب القسام حيث وظفتها أيما توظيف لرسم لوحات متتالية من النصر الرمزي والدلالي.
وخلال الـ 15 يومًا منذ سريان الاتفاق والتي شهدت 4 دفعات لتسليم الأسرى كانت المقاومة حاضرة برمزيتها ودلالتها ورسائلها التي أجهضت في كل مرة نصرًا مزعوما ردده المحتل قبل بداية الهدنة، البداية حين اتخذت من شمال القطاع الذي ادعى الاحتلال السيطرة عليه بالكامل مسرحًا لتسليم الدفعة الأولى، حيث جاءت المشاهد كلها لتنسف تلك الادعاءات وتؤكد أن المقاومة حاضرة بحاضنة شعبية غير متوقعة، معلنة بشكل كبير هزيمة الاستخبارات الإسرائيلية واستخبارات الدول التي تدعمها.
ثم جاء اختيار المنزل الذي ارتقى فيه السنوار ليكون مسرحًا لتسليم الدفعة الثانية للتأكيد على أن غيابه لم يكن ضربة للمقاومة كما تردد الآلة الدعائية الإسرائيلية إنما كان وقودا لإشعال روح التحدي والصمود في نفوس الفلسطينيين، وأن الجميع على درب الشهيد سائرون في سبيل الغاية ذاتها مضحون بالروح والمال والجسد.
وأخيرًا اختيار بحر غزة كمكان لتسليم الدفعة الاخيرة إنما جاء رسالة مباشرة للاحتلال بأن هذا البحر الذي طالما استخدمه جيش الاحتلال لإطباق الحصار على الفلسطينيين إنما هو بحر فلسطيني خالص، وأن ميناء غزة وإن دُمر لكنه سيظل نافذة الفلسطينيين – دون غيرهم – على أوروبا، دون سيطرة لأحد عليه إلا أصحاب الأرض.
كلمات ومشاعر أطفال في غزة حضروا عملية تسليم الأسرى #فيديو #حرب_غزة pic.twitter.com/QNXNoolqkk
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) February 1, 2025
وأثارت تلك المشاهد حفيظة الجانب الإسرائيلي بصورة دفعت نتنياهو وحكومته لإبداء غضبهم وتحفظاتهم لدى الوسطاء، والمطالبة بعدم تكرار تلك الصور التي كان وقعها صادما على الداخل الإسرائيلي، غير أن المقاومة مع كل مرة كانت تتفنن في تقديم مشهد أكثر تأثيرًا وأبلغ دلالة ورمزية، مستفيدة من الهدية التي لا تُرفض التي قدمها المحتل لها.
(حماس تحول إطلاق سراح الرهائن إلى مشهد مهين لإسرائيل).. تحت هذا العنوان الصادم، استعرض روري جونز وسمر سعيد، في تقريرها المنشور في صحيفة “وول ستريت جورنال”، كيف أن حركة المقاومة الإسلامية وظفت مشهدية التسليم لتوجيه رسالة إلى العالم مفادها أنها لا تزال مسؤولة عن قطاع غزة، وأنها المهيمنة عليه بصورة كاملة.
وأشارت الصحيفة إلى أن التوظيف الحمساوي لعملية التسليم بداية من تجمع حشود الرجال حول عربات حماس التي تقل المحتجزات الإسرائيليات في مناطق الشمال مرورًا بإطلاق رهينتين من أمام أنقاض منزل الرئيس الراحل للمكتب السياسي لحماس يحيى السنوار، وصولا إلى منصة بحر غزة، كلها مشاهد تعكس المقاومة من خلالها قوتها وتماسكها وفي المقابل إذلال لعدوها.
ووصل الغضب الإسرائيلي جراء تلك المشاهد وما تحمله من رسائل ودلالات حد التلويح بعرقلة الاتفاق، كما نقلت الصحيفة عن رئيس قسم البحوث السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يوسي كوبرواسر الذي وصف مشهدية التسليم بـ “المسرحية” مشيرا إلى أن هذه الخطوة سوف تأتي بنتائج عكسية عليها، مستشهدًا بعرقلة إسرائيل إطلاق سراح 110 من الأسرى الفلسطينيين كان عليها إطلاقهم، وذلك قبل أن يتدخل الوسطاء لإقناع الحكومة إطلاق سراحهم لإبقاء الصفقة قائمة
وتعليقًا على تلك المشاهد قال نتنياهو “إنني أنظر ببالغ الخطورة إلى المشاهد المروعة أثناء إطلاق سراح رهائننا، وأطالب الوسطاء بالتأكد من عدم تكرار مثل هذه المشاهد الرهيبة وضمان سلامة رهائننا”، فيما ذكرت الصحيفة إن ما حدث أصاب الإسرائيليين بصدمة كبيرة خاصة عندما شاهدوا الحشود الفلسطينية الكبيرة وغير المتوقعة.
افتضاح النصر الوهمي
ينطلق الغضب الإسرائيلي إزاء مشاهد التسليم ليس من قاعدة الخوف على حياة الأسرى كما يقول نتنياهو، إنما من الدلالة والرسائل التي تبعث بها تلك المشاهد من نسف كامل لمزاعم الانتصار المطلق التي يرددها جنرالات الاحتلال، وما سيترتب على ذلك من تهديد للائتلاف الحكومي ولمستقبل رئيس الوزراء بشكل مباشر.
في مقال له نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، يقول العميد الاحتياطي والقائد السابق لقيادة الدفاع الجوي الإسرائيلي زفيكا هايموفيتش، إن “الصور التي تأتي من قطاع غزة المدمر، لا تصور حماس كمنظمة منهارة أو مسحوقة أو مفككة”، كما تروج الآلة الدعائية الإسرائيلية، لافتا أن صورة النصر التي كان يؤمل الإسرائيليون أنفسهم بها لم يجدوها في قطاع غزة.
ولفت الجنرال السابق في جيش الاحتلال أن كبار المسؤولين في المؤسسة العسكرية وفي الكابينت كانوا قد أكدوا على مدى أشهر طويلة أن حماس تم تفكيكها كقوة عسكرية، وأنها تجردت بشكل كبير من معظم قدراتها، وأن قبضتها على قطاع غزة بدأت تتضاءل وربما تتلاشى بالكلية، غير أن: “الواقع على الأرض يظهر أن حماس بقيت الحاكم الوحيد لقطاع غزة، وتستغل كل مرحلة من مراحل إطلاق سراح الأسرى لتقديم عرض عسكري للحكم ولتعزيز سيطرتها، إلى جانب قدرتها على التنظيم والحفاظ على الرموز الخارجية، مثل الزي العسكري والمركبات المجهزة والتصوير الفوتوغرافي”
الصحفية هبة مصالحة: عائلات الأسرى الإسرائيليين تواصل الضغط على حكومة #نتنياهو لمواصلة تنفيذ اتفاق الهدنة وضمان عودة ذويهم#قناة_العربية pic.twitter.com/rrgaaehGmR
— العربية (@AlArabiya) February 1, 2025
وتساءل هايموفيتش: “كيف تتمكن حماس بعد كل القصف والضغط العسكري، من حشد القوات والمعدات بهذه الطريقة المنظمة، سواء من حيث الحجم أو الحالة؟”، منوها أن تلك الصور والمشاهد تتطلب تفسيرا عاجلا من قادة الجيش الإسرائيلي، وهو ما لم يحدث، مشددًا في الوقت ذاته على أن “صورة النصر التي سعينا إلى تحقيقها في هذه الحرب ضد حماس بعيدة المنال، وما زالت حماس صامدة، ومع مرور الوقت واستمرار عملية إطلاق سراح الأسرى، تزداد قبضتها وسيطرتها على القطاع”.
واختتم مقاله موجها حديثه إلى “الذين أكدوا لنا أننا هزمنا حماس وتم تفكيكها” قائلا لهم: “إن الصورة القادمة من غزة تستدعي إعادة تقييم، وسؤال أنفسهم: أين أخطأنا؟ وأين نتجه؟ وما الواقع الذي سيبقى في غزة مع الوصول لآخر دفعة من صفقات التبادل وعروض حماس العسكرية؟”.
الدبلوماسية العربية.. أي دور مطلوب؟
المخاوف المثارة بشأن عرقلة الاتفاق في ظل المراوغة الإسرائيلية المعتادة والضغوط الممارسة على نتنياهو من اليمين المتطرف بعد سقوط نظرية الانتصار المطلق التي حاولت الحكومة تمريرها لإضفاء شرعية شعبية لاستمرار تواجدها الذي بات على المحك، لاشك وأنها تفرض تحديًا جديدًا على الدبلوماسية العربية لتشكيل حائط صد قوي أمام أي محاولة لإعادة الحرب في القطاع مرة أخرى.
وكان وزراء خارجية 6 دول عربية، مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات والسلطة الفلسطينية، قد شددوا خلال الاجتماع الذي عقدوه في القاهرة السبت 1 فبراير/شباط الجاري على دعم “صمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي، وتأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت أي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوّض فرص السلام والتعايش بين شعوبها”.
كما أكدوا في بيانهم الختامي على “دعم الجهود المبذولة من الدول الثلاث لضمان تنفيذ الاتفاق بكامل مراحله وبنوده، وصولاً للتهدئة الكاملة، والتأكيد على أهمية استدامة وقف إطلاق النار، بما يضمن نفاذ الدعم الإنساني إلى جميع أنحاء قطاع غزة، وإزالة جميع العقبات أمام دخول المساعدات الإنسانية والإيوائية ومتطلبات التعافي وإعادة التأهيل، وذلك بشكل ملائم وآمن، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل والرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة”، مشددين على “العمل لتمكين السلطة الفلسطينية من تولي مهامها في قطاع غزة باعتباره جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية”.
لاشك أن خطوة كتلك في هذا المسار وفي ذلك التوقيت الذي تتعرض فيه مصر والأردن لابتزاز من قبل ترامب لاستقبال أعداد كبيرة من فلسطيني القطاع تمهيدًا لمخطط التهجير خطوة محمودة، لكنها بحاجة إلى تدعيم عملي وترجمة فعلية على أرض الواقع في صورة قرارات وتحركات وإجراءات تدفع الرئيس الأمريكي لإعادة النظر في مواقفه المناهضة للقضية الفلسطينية والداعمة للفكر الصهيوني المتطرف دون أي اعتبارات لحلفاء أمريكا من البلدان العربية.
وتضطلع الدبلوماسية العربية بمسؤوليات جسام للضغط على نتنياهو لعدم خرق الاتفاق وإلزامه باستكمال بقية مراحله من جانب، والتصدي لمخطط التهجير لفلسطيني القطاع من جانب أخر، وهي المسؤولية التي تتطلب حراكا عربيًا مكثفًا، تُستخدم فيه بطبيعة الحال أوراق الضغط المتوفرة والقادرة على إحداث الفارق إذا ما توفرت الإرادة العربية الفعلية، إذ أن عودة الحرب في غزة مرة أخرى تعني باختصار شهادة وفاة رسمية للقرار العربي وهي أول لبنة في بناء الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى ترامب لهندسته على المقاس الإسرائيلي.