انطلقت الحملات الإعلامية عبر وسائل الاتصال المختلفة، تعلن عن تصنيع أول هاتف محمول مصري تحت اسم “سيكو”، ومع الدعاية المكثفة التي حملت في الباطن بعدًا سياسياً أكثر منه اقتصادياً واجتماعياً. وبالرغم من ذلك، ظهر لدى كثير من الناس شغف وجود الهاتف المصري الصنع فى الأسواق، بكل ما أعلن عنه من إمكانيات وأسعار تنافس الأجهزة المستوردة من الصين وغيرها .
فهل حقق “سيكو ” النجاح المطلوب بين الناس، مع وجوده داخل الأسواق المصرية منذ أكثر من عامين، وهل تمكّن من منافسة الأجهزة الأخرى؟
وفقاً لإحصائيات مؤسسة الأبحاث التسويقية (GFK) فإن الأسواق المصرية بها نحو 35 علامة تجارية، تتقدمها علامة “سامسونج” الكورية باستحواذها على نسبة 23% من مبيعات الأجهزة المحمولة بمصر، تليها شركتان صينيتان هما “هواوى” و”لينوفو” ومبيعات سوق المحمول في مصر تقدر بنحو 18 مليون جهاز سنويًا،.
وفى بيانات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن قيمة واردات مصر من التليفونات والهواتف المحمولة، بلغت 1.181 مليار دولار خلال الـ 9 أشهر الأولى من عام 2018.
أما جهاز الهاتف “سيكو” الموجود في الأسواق، فهو خارج تلك الأبحاث، وعلى مستوى التجار والخبراء هو خارج دائرة النجاح، فما هي الأسباب؟ وهل “سيكو” صناعة أم تجميع؟
صعوبات التصنيع حالت دون النجاح
“صعوبات التصنيع كانت سببًا رئيساً في تأجيل طرح الهاتف في الأسواق أكثر من مرة أضف إلى ذلك تصنيع مكونات الجهاز ، كلها عوامل حالت دون تحقيق نجاح فى انتشار الجهاز “، هكذا علق أسامة ابو اليزيد، المهندس في إحدى شركات الاتصالات المصرية لـ”نون بوست”.
مضيفاً أنه برغم مما قدم من حزمة تسهيلات سواء كان في الإعفاءات الضريبية أو الرعاية الواضحة من الدولة لأصحاب المصنع، نظراً لمشاركة إحدى الشركات الحكومية في المصنع الذي يقع في مدينة أسيوط (جنوب مصر) إلا أنه لم يحقق النتائج المطلوبة.
وفقاً لتصريحات المهندس اسامة ، فان الشركة المنتجة أعلنت فى البداية عن أن نسبة التصنيع المحلي للجهاز 58%، وفى تصريحات أخري قالت أنها 45% إلى جانب أن الشركة ” صاحبة سيكو ” تستورد الهواتف من الصين منذ عام 2003 ،وتوزعها كعلامة تجارية لشركة ” سيكو “
وأكد أبو اليزيد أن هناك إجماع من البداية من قبل بعض العاملين فى المجال سواء خبراء أو تجار على قدرة الشركة تصنيعه محلياً، وهنا تساءل كيف يمكن لهاتف مصّنع محلياً يتم استيراد “البطاريات الخاصة به، ثم يعلن عن سرقتها؟ وحتى عندما يطرح في الأسواق لا يستطيع منافسة أقل الماركات.
ووفقاً لتصريحات المهندس أسامة، فإن الشركة المنتجة أعلنت في البداية عن أن نسبة التصنيع المحلي للجهاز 58%، وفي تصريحات أخرى قالت إنها 45% إلى جانب أن الشركة “صاحبة سيكو ” تستورد الهواتف من الصين منذ عام 2003، وتوزعها كعلامة تجارية لشركة “سيكو”.
أسباب تؤدي إلى الفشل
خبير الإلكترونيات الدكتور صالح عبده في بداية حديثة لـ “نون بوست” حول إمكانية تصنيع هواتف محمولة في مصر صناعة كاملة، قال إن تصنيع التكنولوجيا المصرية ممكنة في الإلكترونيات، وقد حققت نجاحًا في صناعة التلفزيونات، أما صناعة الهواتف المحمولة فجميع التجارب باءت بالفشل.
وعن الأسباب الرئيسية لذلك يشير الخبير المصري إلى التالي:
أولاً: صناعة الهواتف تعتمد على الآلات التي تصنع آلات.
ثانياً: تكنولوجيا تصنيع الهواتف تحتاج إلى اقتصاد ضخم.
ثالثاً: هناك حاجة لرؤوس أموال كبيرة.
رابعاً: الخبرة المعرفية والتقنية مهمة فى عوامل النجاح.
خامساً: نقص الموارد البشرية.
سادساً: ليست كل الدول التي دخلت بها حققت النجاح المطلوب عبر العالم، فدول مثل الصين وأمريكا نجحت بشكل كبير، على عكس الهند ودول أخرى صنعت ولكنها لم تحقق النجاح.
متابعاً أن مصنع “سيكو” ذكر أن الرقم الذي تم الإعلان عنه للاستثمار في تصنيع الهاتف، يقدر بحوالي 210 ملايين دولار ويعتقد أنه غير كافٍ، مع عدد العاملين الكبير والذي وصل إلى 500 عامل وفني.
“سيكو” خارج المنافسة
بالرغم من تصريحات رئيس مجلس إدارة شركة “سيكو ” في أكثر من مناسبة وعبر وسائل إعلام مختلفة أكد أن الشركة تأمل وتعد نفسها ليكون “سيكو” من العلامات التجارية العالمية، وأن الهاتف يتزايد الطلب على حجزه.
لكن يبدو أن تلك التصريحات مجرد “فرقعات” إعلامية كما أكد لـ” نون بوست” الحج طاهر عبد الله، أحد كبار تجار شارع عبد العزيز في مصر وهو من الشوارع الشهيرة ببيع واستيراد أجهزة الهواتف المختلفة.
أشار عبدالله إلى أن الجهاز “سيكو” موجود في السوق منذ فترة ولا يوجد إقبال عليه، لأن المستهلك يبحث دائماً عن الماركات العالمية، وأنه توجد أشكال وأنواع مختلفة من أجهزة “الموبايلات” التي تتفاوت في المواصفات والإمكانيات الكثيرة بالإضافة إلى الأسعار المختلفة التي يتم تحديدها حسب خصائص كل جهاز.
منوهاً أنه من أفضل الموبايلات في السوق المصري، يعد آبل ايفون بأنواعه المختلفة -وسامسونج جالاكسي– وهاتف شاومي i – و هواوي وهاتف انفنيكس وهاتف اوبو، وأن السوق المصري يتعامل مع تلك الأجهزة بشكل كبير .
الحج طاهر يضيف لـ”نون بوست” أن الجهاز المعلن عنه وموجود في الأسواق المصرية “سيكو” بعيد عن المنافسة من قبل شركات أمريكية وصينية شرسة تغطي العالم وليس السوق المصري فقط.
يتفق المهندس أبواليزيد مع الدكتور صالح ، فى أن مصر لديها التصنيع التكنولوجي فى الإلكترونيات ، ويصل حجم صادرات تلك الصناعة إلى نحو 1.5مليار دولار تقريباً .
وأن تاريخ “فشل” تصنيع الهواتف المحمولة في مصر طويل، وقد سبق أصحاب ذلك المصنع تجارب مصرية كثيرة، كونه لا يوجد صناعة بمعني الكلمة، وما يحدث هو تجميع من مكونات مستوردة من الصين بالتحديد، إلى جانب أن الأفضلية للأكثر تطوراً وكفاءة وهو المستورد”.
مصر تصنع تكنولوجيا الإلكترونيات
يتفق المهندس أبواليزيد مع الدكتور صالح، فى أن مصر لديها التصنيع التكنولوجي في مجال الإلكترونيات، ويصل حجم صادرات تلك الصناعة إلى نحو 1.5مليار دولار تقريباً.
ويتابع أبو اليزيد في حدثية عن صناعة الإلكترونيات، أنها موجودة في مصر من الخمسينيات القرن الماضي ومرت بمراحل مختلفة، بداية من إنتاج شركة “فيليبس” الراديو الترانزستور وإنتاج التلفزيونات “الأبيض والأسود”، وأن تلك الصناعة كانت في ذلك الوقت مقصورة على التجميع فقط حيث كان يتم استيراد الأجزاء من الخارج وتجميعها محلياً.
صناعة الإلكترونيات في السبعينيات شهدت تطوراً ملموساً عندما دخلت المصانع الحربية في مجال الإنتاج وهو ما صاحبه ظهور التلفزيونات الألوان، ومن ثم بدأ القطاع الخاص في التسعينيات بالحصول على شاركة كورية مصرية ويابانية، وهو ما أسفر عن إنتاج شاشات” الـ”LCD ” و”LED “.
مقارنة بامكانيات وأسعار الهواتف الأخري ، فإن ” سيكو ” به عيوب لا تجعل الناس تقوم بشرائه
متابعاً: “ثم بدأ القطاع الخاص الاستثمار في القطاع خلال النصف الثاني من التسعينيات ممثلاً بشركة مصرية كورية مشتركة ثُم دخلت شركات أخرى حاصلة على توكيلات يابانية، ثُم تطور الإنتاج فى مرحلة تالية ليصل إلى إنتاج شاشات ثم توالى إنشاء مصانع للشركات متعددة الجنسيات في مصر للاستفادة من السوق الكبير ولتصدير المنتجات إلى الاسواق العالمية.
سيكو أفندي
“مقارنة بإمكانيات وأسعار الهواتف الأخرى، فإن “سيكو ” به عيوب لا تجعل الناس تقوم بشرائه”، هكذا علق عادل عبده أحد المواطنيين في أحد محلات المحمول لـ “نون بوست” قائلاً: “الواحد لما يشتري جهاز لازم تكون إمكانياته كويسة والبطارية كويسة، فيه ناس اشترته وأشتكت من البطارية بتاعته أنها ضعيفة لا تستكمل فيلم ساعتين”.
اسم “سيكو” الذي أثار تعجب عدد من المصريين، يعود إلى خمسينات القرن الماضي، حيث كان “سيكو برتقال، سيكو ليمون، سيكو أفندي”وكانت شركة “سيكو مصر ” تعمل في مجال تصنيع المشروبات الغازية، وبعد فترة تحولت الشركة إلى القطاع العام، ليتم الاستغناء عن المنتج ليحل بدلاً منه “كوكاكولا”.