ترجمة وتحرير: نون بوست
اتبعت الصين استراتيجية ذات نهج ثلاثي لإخماد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ، الدعاية المغرضة، والضغط الاقتصادي، والترهيب. وفيما يلي، نظرة على طرق تعامل الصين مع الاحتجاجات المستمرة.
تشكيل الرواية
مع اندلاع الاحتجاجات خلال شهر حزيران/ يونيو، سعت حكومة الصين الاستبدادية لاحتواء النقاش حول هذه القضية من خلال التقليل من أهميتها في وسائل الإعلام الحكومية، كما فرضت الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن مع اندلاع الفوضى في جميع أنحاء هونغ كونغ، غيرت بكين خطتها ساعية بذلك لإعادة تشكيل الرواية لصالحها.
يجري في الوقت الحالي تصوير الاحتجاجات في هونغ كونغ على أنها مؤامرة عنيفة حيث تتلقى هذه الحركة تمويلات أجنبية لزعزعة استقرار الوطن
خلال تجمّعهم في الساحة الرئيسية في مطار هونغ كونغ الدولي، هاجم الآلاف من المتظاهرين مواطنين صينيين على خلفية اتهامهما “بالجوسسة”. وعلى إثرها، صعّدت بكين من خطابها متهمة المتظاهرين بارتكاب أعمال تصل خطورتها إلى “الأعمال الإرهابية”.
في إطار “جدار الحماية العظيم” في الصين، حيث تفرض الصين حظرا على استخدام موقعيْ فيسبوك وتويتر وتراقب حركة البيانات، يجري في الوقت الحالي تصوير الاحتجاجات في هونغ كونغ على أنها مؤامرة عنيفة حيث تتلقى هذه الحركة تمويلات أجنبية لزعزعة استقرار الوطن. ومع ذلك، لم تكن الصين لتروّج لصورة المتظاهرين، الذين تعتبرهم رعاعا بدلا من حركة احتجاجية تحمل في طياتها مطالب ومخاوف مشروعة إزاء نفوذ الصين على هونغ كونغ، داخل حدودها المحلية فحسب.
لجأ ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى استخدام قوته الاقتصادية في محاولة لاستنزاف الدعم الموجّه لهذه الاحتجاجات
يوم الاثنين، ذكر عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، تويتر وفيسبوك، أنهما أوقفا حوالي ألف حساب نشط مرتبط بالحملة التي تشنّها الصين على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تهدف إلى تقويض شرعية الحركة الاحتجاجية في هونغ كونغ. وحيال هذا الشأن، أكّد موقع تويتر أنه أغلق 200 ألف حساب إضافي قبل التسبب في أضرار إضافية. ويُذكر أن السفراء الصينيين قد دعوا شبكات التلفزيون العالمية للتنديد بما يقوم به المتظاهرون.
المال مهمّ للغاية
لجأ ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى استخدام قوته الاقتصادية في محاولة لاستنزاف الدعم الموجّه لهذه الاحتجاجات، والتأثير على الشركات في جميع أنحاء هونغ كونغ، التي تُعتبر مركزا ماليا حرا. ولعل من أبرزها شركة الطيران الوطنية “كاثي باسيفيك” في هونغ كونغ، التي تعرضت لانتقادات لاذعة بعد أن انضم 27 ألف عاملا فيها لهذه الاحتجاجات وعبروا عن دعمهم لها.
من جهتها، دعت هيئة الطيران الصينية هذه الشركة لمنع موظفيها الذين ساندوا هذه الاحتجاجات بشكل علني من المشاركة في الرحلات الجوية المتجهة إلى الصين أو الرحلات التي تمر عبر المجال الجوي الصيني. ومع انخفاض سعر أسهمها، استقال الرئيس التنفيذي لشركة الطيران يوم الجمعة الماضي بعد أسبوع عاصف من الأحداث.
عبّر المسؤولون عن الامتياز التجاري الممنوح لشاي الفقاعات التايواني والمشروب الرياضي الياباني الشهير عن سخطهم على مواقع الإنترنت
يُذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي في الصين الساخطة ثارت على شركة الطيران، حيث جمع وسم “#قاطع كاثي باسيفيك” عشرات الملايين من المشاهدات. وحول هذا الموضوع، أوضح المحللون أن هذا الحادث قد تسبب في شعور الشركات في هونغ كونغ، التي تربط معظمها علاقات تجارية مع الصين، بالخوف.
علاوة على ذلك، عبّر المسؤولون عن الامتياز التجاري الممنوح لشاي الفقاعات التايواني والمشروب الرياضي الياباني الشهير عن سخطهم على مواقع الإنترنت، في الوقت الذي اضطرت فيه الشركات “الأربع الكبرى”، وهي أكبر أربع شركات محاسبة في هونغ كونغ، لبيع جزء كبير من أسهمها بسبب فشلها الملحوظ في نقل الموظفين الذين شاركوا في تمويل إعلان لدعم الاحتجاجات.
وتجدر الإشارة إلى أن بكين حشدت دعم رجال الأعمال الأثرياء الموالين للصين في هونغ كونغ كجزء من مساعيها للسيطرة على الرأي العام المحلي، حيث وقّع المئات من رجال الأعمال والمشرعين المؤيدين لبكين على رسالة مفتوحة لدعم كاري لام وحكومتها المثيرة للجدل، نُشرت في الصفحة الأولى لصحيفة موالية لبكين.
أساليب الترهيب
مع تصاعد وتيرة العنف، زادت حدّة الرسائل التي بعثت بها الحكومة الصينية المركزية مع التهديد بقمع قوات الأمن للمتظاهرين وملاحقة الاحتجاجات. في نهاية شهر تموز/ يوليو، نشرت الثكنة التابعة لجيش التحرير الشعبي المتمركزة في هونغ كونغ مقطع فيديو يظهر تدريبات أجرتها قوات مكافحة الشغب وجنودا يحملون بنادق هجومية، بالإضافة إلى ناقلات مدرعة وخراطيم مياه لتفريق حشد من المتظاهرين.
قال المحلل السياسي ويلي لام من جامعة هونغ كونغ الصينية إن مقاطع الفيديو تهدف إلى “تصعيد الحرب النفسية لتكون بمثابة تحذير للمحتجين بأن هذه القوات … قريبة جدًا من هونغ كونغ ويمكن نشرها في أي وقت تريده بكين”.
خلال الأسبوع الماضي، تظاهر الآلاف من العسكريين الصينيين الذين كانوا يلوحون بالأعلام الحمراء في ملعب رياضي في مدينة شنجن الصينية، التي تقع على الحدود مع هونغ كونغ. وقد اجتاحت مقاطع فيديو تصوّر ناقلات جنود مدرعة وتعرض أغنية وطنية مؤثرة وسائل الإعلام الحكومية.
حيال هذا الشأن، قال المحلل السياسي ويلي لام من جامعة هونغ كونغ الصينية إن مقاطع الفيديو تهدف إلى “تصعيد الحرب النفسية لتكون بمثابة تحذير للمحتجين بأن هذه القوات … قريبة جدًا من هونغ كونغ ويمكن نشرها في أي وقت تريده بكين”.
المصدر: غلوبال فيلاج سبايس