تكنولوجيا التعليم وتغيّر طريقة التعلُّم

https_specials-images

ترجمة حفصة جودة

مع اقتراب العام الدارسي الجديد من بدايته، تعكس وسائل الإعلام اتجاهات التعليم والتربية الحديثة والفصول الدراسية، وتركز الكثير من المقالات على الفصول الذكية والاتجاهات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي المستخدم في التعليم اليوم، وقد تحولت الطريقة التي يتم دمج التكنولوجيا فيها بالتربية والتعليم إلى نموذج تجاري موسع مما أثر بشدة على ثقافة التعليم.

فهناك شركات تستخدم أدوات على الإنترنت للتحقق من عمليات الاحتيال، وهناك شركات توفر دروسًا تعليمية للطلاب في جميع المراحل التعليمية، وهناك أخرى تقدم دورات للإعداد للاختبارات المهنية، بينما طورت شركات أخرى الشكل التناظري القديم للدليل الدراسي إلى شكل جديد على الإنترنت، وتقدم شركات مثل “Readers’ Favorite” مراجعات للكتب وخدمات تصحيح التجارب.

بعد سنوات من التدريس في التعليم العالي ومشاهدة الجوانب الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا الجديدة في التعليم الجامعي، انتقلت سريعًا لاستخدام التكنولوجيا الجديدة لتحقيق الفائدة لطلابي، ولاستخدام تلك التكنولوجيا أنشأت موقعًا على الإنترنت لطلابي يضم المنهج الدراسي والقراءة الإضافية وروابط النصوص على الإنترنت، كما أنشأت واجهة لترتيب ساعات العمل معي.

سيقوم الطلاب كذلك باستخدام التكنولوجيا للوصول إلى الكتب الدراسية على الإنترنت بالإضافة إلى وجود كتب المكتبة الجامعية على الإنترنت منذ التسعينيات، بالإضافة إلى ذلك سيتمكن الطلاب من الوصول إلى المقالات على الإنترنت وحضور الفصول الدراسية المدعومة بالفيديو واستخدام أدوات التحقق مثل “المصحح النحوي”، وهناك أيضًا استخدامات غير أخلاقية للتكنولوجيا مثل الغش في الاختبارات والواجبات.

من الجوانب الإيجابية للتعليم عبر الإنترنت تقديمه الفائدة للطلاب من خلال تعرضهم لأنواع مختلفة من التعليم والاستفادة من أفضل ما يقدمه كل نظام

رغم الحقيقة التي كشفها تقرير وضع التكنولوجيا في التعليم لعام 2018/2019 بأن 94% من المعلمين يعتقدون أن التكنولوجيا التعليمية تحسن من المشاركة، ما زال هناك فجوات في حرمان الطلاب من التفاعل داخل الفصول الدراسية، في الواقع كنت أتساءل إذا ما كنا قد أسرفنا في استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية مما أدى إلى تقليص دور وأهمية المعلم، على سبيل المثال أظهر ارتفاع نسبة الدروس الخصوصية في السنوات الأخيرة توجهًا جديدًا في كيفية تعلم الطلاب عن طريق التحول من حضور الفصل الدراسي إلى مزيد من المشاركة العملية مع الأدوات.

لقد تحدثت مؤخرًا مع بانجبنغ زياو المدير التنفيذي لشركة “Torhea Education” الذي أوضح فائدة التعليم البحثي على الإنترنت الذي تقدمه شركته لطلاب المدارس الثانوية والجامعات في الصين، يقول زياو: “تظهر الأبحاث شغف الطلاب نحو موضوع ما وتحفزهم على كشف اهتماماتهم، والأهم من ذلك أن التعليم البحثي يساعد في توسيع الحدود المعرفية والمعلوماتية، لذا تستخدم المشاريع البحثية خيال الطلاب وتركيزهم وتصميمهم، وهذه كلها مفاتيح أساسية للنجاح في المستقبل”.

يساعد التعلم البحثي على الإنترنت على التواصل بين طلاب الصين والمعلمين في الولايات المتحدة بكل سلاسة بغض النظر عن الحدود والقيود الجغرافية، وبعد أن أصبح التعليم الصيني خاضعًا لفحص وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة نتيجة نقص الإبداع والتفكير المستقل، يبدو أنه من الجوانب الإيجابية للتعليم عبر الإنترنت تقديمه الفائدة للطلاب من خلال تعرضهم لأنواع مختلفة من التعليم والاستفادة من أفضل ما يقدمه كل نظام.

ما زال دور المعلم خاضعًا للتدقيق مع ازدهار التعلم عن بعد في كثير من البلدان، حتى إن النقد الرئيسي لهذا النمط من التعليم هو افتقاره للمعايير مما يجعل الدرجة العملية التي تحصل عليها من خلال الإنترنت أقل شرعية.

ازدهر كذلك سوق الدروس الخصوصية على الإنترنت بمعدل كبير مما يوضح على الأقل اهتمام الطلاب، وعلى الجانب الآخر من تلك المعادلة فقد تم استبدال تفاعل الطلاب مع العالم الواقعي بالإنترنت، حتى إن الطلاب الآن يمكنهم الذهاب في رحلة إلى مجال بركاني دون مغادرة الفصل الدراسي.

تعد ممارسات مثل حفظ الحقائق والكسل في استخدام الطرق غير التكنولوجية في التعلم من نتائج الثورة التكنولوجية في التعليم

وبينما يبحث المعلمون الآن عن طريقة لدمج التكنولوجيا داخل الفصل الدراسي، يجب أن نتساءل إذا ما تسببت التكنولوجيا عبر الإنترنت في إلغاء بعض الخطوات الضرورية في التعلم مثل التفاعل داخل الفصل بين الطلاب والتفاعل مع العالم الخارجي، هناك أيضًا تساؤلات عن تعميم التعليم مما يدفع بالمنافسة للحد الأقصى، ومع ذلك فمن عواقب التعلم عبر الإنترنت أنه لن يناسب فقط الطلاب الأقل امتيازًا، بل كذلك الطلاب الذين لا يمتلكون الموارد الاقتصادية الكافية للدفع للخدمات الخاصة من أجل تحسين علاماتهم.

رغم فوائد التكنولوجيا في التعليم والتدريس، فهناك بعض القضايا التي ما زالت خاضعة للفحص مثل مدى فشل التكنولوجيا الجديدة في توفير التفاعل البشري ليتضمن بعض القواعد التي تكون الممارسة فيها جزءًا من التعلم، وتعد ممارسات مثل حفظ الحقائق والكسل في استخدام الطرق غير التكنولوجية في التعلم من نتائج الثورة التكنولوجية في التعليم.

وبالنسبة للتعليم العام فالتساؤلات أصبحت أكثر انقسامًا، حيث نجد أن الأموال الخاصة في مدن مثل أوتاوا تستخدم لوقف الأضرار التي لحقت بالتعليم العام نتيجة موجة من خفض الموارد التعليمية في كندا والولايات المتحدة.

في النهاية، إذا كانت تكنولوجيا التعليم ستصل فقط للطلاب الأثرياء، فربما نحن بحاجة لتقييم إذا ما كان تمويل التكنولوجيا يعد شكلًا من أشكال الغش من ناحية الأغنياء الذين سيحافظون دائمًا على مميزات فائقة مقارنة بالطلاب الفقراء.

المصدر: فوربس