ترجمة وتحرير: نون بوست
في 29 تموز/ يوليو، صوّت أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية 45 مقابل أربعين صوتا لمنع إجراء مبيعات جديدة من القنابل الموجهة بالليزر وتقديم خدمات صيانة الطائرات إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما يمثّل أقل من أغلبية الثلثين الضروريّة لإبطال حق النقض الذي استخدمته إدارة ترامب لوقف الحظر. وعلى الرغم من تدهور الدعم العام للرياض بسبب تورّطها في مقتل آلاف المدنيين في اليمن وقتل أحد مواطنيها في السفارة السعودية بتركيا، إلا أنه من المقرّر أن يستمر تدفق الأسلحة الأمريكية.
في وقت سابق من شهر أيار/ مايو، صرّحت إدارة ترامب بأنه يمكن ترخيص المبيعات الجديدة على أساس طارئ، متجاوزةً بذلك الخضوع لمراجعة الكونغرس بسبب تصاعد التوترات مع إيران في الخليج العربي. ومع ذلك، إن إحدى أكثر مبيعات الأسلحة أهمية بالنسبة لقدرة السعودية على السيطرة على الممرات المائية التي تزداد توترًا قد بدأت بالفعل، بعد أن كانت في طور الإعداد لسنوات.
في البداية، اقترحت إدارة أوباما سنة 2015 بيع أربع سفن قتاليّة ساحليّة معدلة من فئة فريدوم، وهي سفينة من نوع كورفيت، وتمت الموافقة على هذا الاقتراح من قبل ترامب كجزء من صفقة أكبر بقيمة 110 مليار دولار في أيار/ مايو 2017.
منذ سنة 2008، تخطط القوات البحرية الملكية السعودية لاستثمار 20 مليار دولار في مشروعها الثاني للتوسع البحري. وهي تدير حاليًا سبع بارجات وأربعة آلاف كورفيت من طراز بدر وتسعة زوارق دورية من وزن 500 طن. ويعود تاريخ تصنيع جميع بارجاتها باستثناء ثلاث فقط إلى ثمانينات القرن الماضي.
في البداية، اقترحت إدارة أوباما سنة 2015 بيع أربع سفن قتاليّة ساحليّة معدلة من فئة فريدوم، وهي سفينة من نوع كورفيت، وتمت الموافقة على هذا الاقتراح من قبل ترامب كجزء من صفقة أكبر بقيمة 110 مليار دولار في أيار/ مايو 2017. وقد منحت الحكومة الأمريكية العقد المبرم لشركة لوكهيد مارتن سنة 2018، والسفن المطلوبة حاليا قيد الإنشاء في حوض بناء السفن مارينيت مارين في ويسكونسن ومن المقرر تسليمها بين سنة 2019 و2021.
قد يبدو حماس المملكة لامتلاك هذه السفينة القتاليّة الساحليّة مثيرا للفضول، خاصة أن البحرية الأمريكية لطالما واجهت مصاعب مع موثوقية هذه السفن وتكاليفها المتزايدة ونقص قوّتها النارية وعدم قدرتها على التكيّف بسهولة في “وحدات المهمات” المختلفة، مثلما أُعلن عنه في البداية. لقد دفعت هذه العيوب البحرية الأمريكية إلى خفض طلب شراء السفن القتاليّة الساحليّة من 55 إلى 32 سفينة، على الرغم من إصرار الكونغرس على أن تقتني القوات البحرية ثلاث سفن إضافية. فلماذا تريد الرياض إنفاق مبالغ طائلة لشراء سفن كورفيت معقّدة التصنيع وغير مسلحة بشكل كافٍ؟
بادئ ذي بدء، تكرّس القوات البحرية السعودية قوّتها للعمليات المتموقعة في المياه الساحلية للخليج العربي، حيث تواجه شحنات ناقلات النفط القيّمة مضايقات من القوات البحرية الإيرانية غير التقليدية، وفي خليجي عمان وعدن حيث تسعى السفن السعودية إلى إيقاف تهريب الأسلحة والعملاء من إيران إلى اليمن.
تؤدي هذه الطائرات مهمات البحث والإنقاذ وتكشف عن مكان الغواصات بفضل السونار من نوع “إيه إل إف إس” الخاص بها وتهاجمها باستخدام طوربيدات من نوع “مارك 54″، بالإضافة إلى تفجير أهداف على السطح بصواريخ من نوع هيلفاير وصواريخ موجّهة بالليزر بدقّة 70 ملليمتر.
بُنيت السفن القتاليّة الساحلية، كما يوحي اسمها، من أجل السرعة والقدرة على المناورة واختفائها في المياه الساحلية: فهي تمتاز بقاع عال يمكّنها من مقاتلة السفن الصغيرة القريبة من الشاطئ. حتى تسليحها الخفيف وغير الملائم مقارنة بالسفن الحربية التقليدية ذات الحجم المماثل، خضع لتحسينات من أجل التنافس مع القوارب السريعة الأصغر حجما التي تقع ضمن النطاق المرئي.
علاوة على ذلك، ستعمل السفن القتاليّة الساحليّة السعودية كمنصة لنشر بعض طائرات الهليكوبتر من نوع “إم إتش-60 آر سي هوك” المتقدمة التي اشترتها الرياض في صفقة بقيمة 1.9 مليار دولار، والتي سُلّمت أوّل شحنة منها في أيلول/ سبتمبر 2018. ويمكن لهذه الطائرات متعددة المهام أن تساعد في تحديد موقع السفن من خلال استخدام أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء والرادارات متعددة النطاقات.
تؤدي هذه الطائرات مهمات البحث والإنقاذ وتكشف عن مكان الغواصات بفضل السونار من نوع “إيه إل إف إس” الخاص بها وتهاجمها باستخدام طوربيدات من نوع “مارك 54″، بالإضافة إلى تفجير أهداف على السطح بصواريخ من نوع هيلفاير وصواريخ موجّهة بالليزر بدقّة 70 ملليمتر.
ثانياً، حُسّنت السفن القتاليّة السعوديّة لتصبح من طراز معدّل بحجم 4 آلاف طن يسمى المقاتل السطحي متعدد المهام، الذي يتخلى عن مفهوم وحدة المهمة (غير الناجحة) لأجهزة الاستشعار والأسلحة الثابتة والقوية، إلى جانب طاقم موسّع بنسبة خمسين بالمئة ليصل عدده إلى ما بين 110 و130 فردًا. تلقّت شركة لوكهيد مارتن 450 مليون دولار مقابل التصميم والمواد الطويلة المصنوعة من الرصاص المخصّصة للشكل الجديد. وتستطيع رؤية صور نموذج المقاتل السطحي متعدد المهام هنا.
يمكن استخدام أنظمة “مارك 41” لإطلاق أنواع أخرى من الصواريخ مثل صاروخ أرض جو العادي -2 بعيد المدى أو صاروخ “توماهوك كروز”، في حال قرّرت القوات البحريّة السعوديّة اقتناء هذه الأنظمة
يبلغ طول المقاتل السطحي متعدّد المهام تسعة أقدام ويشمل الآن ثمانية أنظمة إطلاق عمودية من طراز مارك 41، ويمكن تسليح كل واحدة منها بأربعة صواريخ دفاعية جوية متطورة متوسطة المدى من طراز سي سبارو المعدّل، بما مجموعه 32. ويمتلك هذا المقاتل أيضًا قدرة ثانوية مضادة للسفن، إذ يمكّنه رادار” تي آر إس 4 دي” النشط الممسوح ضوئيًا بموجات إلكترونية والمرتبط بنظام قتالي من نوع “كومبات إس 21” الذي يستند إلى نظام أيجيس للدفاع الجوي الموجود على السفن والمدمرات الأمريكية، من ربط شبكات أجهزة الاستشعار والتحكم في الحرائق بسفن صديقة.
من شأن هذا الأمر أن يمنح السفن القتاليّة الساحليّة السعودية فرصة لحماية السفن القريبة وتخفيف الأضرار الناجمة عن صواريخ كروز القادمة من مسافة تصل إلى ثلاثين ميلًا، بدلاً من أن تكون قادرة فقط على الدفاع عن نفسها بصواريخ ذات هيكل دوّار قصيرة المدى وأسلحة دفاعية قريبة.
من جهة أخرى، يمكن استخدام أنظمة “مارك 41” لإطلاق أنواع أخرى من الصواريخ مثل صاروخ أرض جو العادي -2 بعيد المدى أو صاروخ “توماهوك كروز”، في حال قرّرت القوات البحريّة السعوديّة اقتناء هذه الأنظمة. كما أضافت السفن القتاليّة الساحليّة السعودية قاذفتين من أربع طلقات محملة بصواريخ “هاربون بلوك II” المضادة للسفن من مسافة 81 ميلًا، مما يسمح لها بالاشتباك مع السفن الحربية للعدو المتواجدة في الأفق. ولكن دون هذه الأسلحة، تكون هذه السفن المقاتلة الساحلية عرضة للتهديد حتى من قبل أسطول إيران المتواضع المتكوّن من سفن السطح المقاتلة المدجّجة بالصواريخ.
كلّفت السفن الحربية الأربع الصغيرة الرياض ستة مليارات دولار تقريبا، على الرغم من أن العقد يشمل خدمات التدريب وقطع الغيار وأكثر من 750 صاروخ.
يحتفظ المقاتل السطحي متعدّد المهام بالمدفع الثنائي بحجم 57 ملليمتر سريع الإطلاق من فئة فريدوم، لكنه يتاجر بالمدافع الحربيّة المتغيّرة الثانوية البالغ حجمها 30 ملليمتر مقابل أسلحة مدفعية أصغر من حجم 20 ملليمتر من طراز “نيكستر ناروال”. بالإضافة إلى ذلك، يُعرف المقاتل السطحي متعدّد المهام السعودي بأنه أبطؤ مع سرعة قصوى تزيد عن 30 عقدة، ولا يصل إلى سرعة 40 عقدة التي تُعرف بها سفن القتال الساحليّة، ولكن مدى إطلاقه زاد بأكثر من 40 بالمئة ليبلغ أكثر من 5700 ميلا.
كلّفت السفن الحربية الأربع الصغيرة الرياض ستة مليارات دولار تقريبا، على الرغم من أن العقد يشمل خدمات التدريب وقطع الغيار وأكثر من 750 صاروخ. في الواقع، كان من شأن الصفقة المقترحة في البداية أن تكلف 11.25 مليار دولار ناهيك عن أن السفن كانت ستسلح بقوة أكبر من خلال 16 نظاما من طراز مارك 41، ومدفع من حجم 76 ملليمتر وأنابيب طوربيد. ولكن هذا السعر يفوق التوقّعات حتى بالنسبة للسعوديين.
في الوقت الذي من المقرّر أن تسلّم خلاله السفن القتاليّة الساحليّة سنة 2021، من المقرر أيضا أن تستقبل الرياض خمس سفن كورفيت صغيرة من طراز أفانتي 2200 حاملة على متنها 2500 طن من شركة بناء السفن الإسبانية نافانتيا. وهي مسلحة بشكل مماثل للمقاتل السطحي متعدّد المهام، ولكنها أبطأ وتتطلب طاقمًا أكبر وستكون تكلفتها أقل بكثير بما يقارب 2.5 مليار دولار للمجموعة الإجمالية.
على الأرجح، ستزيد التعديلات التي أُدخلت على السفن القتاليّة الساحلية في السعودية على تقوية قدرتها على الدفاع عن نفسها وعن السفن الصديقة من التهديدات الجوية والسطحية. ومع ذلك، ستظل القوات البحرية الملكيّة السعودية على أمل أن لا يتأثر التصميم المعدّل بمشاكل الموثوقية الخطيرة التي تصيب السفن القتاليّة الساحليّة في البحرية الأمريكية، والتي لم تنشر أي منها بعد في مياه الخليج العربي، كما كان متّفقا عليه.
المصدر: ناشيونال إنتريست