في مفاجأة فاضحة لمخططه الإجرامي لتصفية القضية الفلسطينية من جذورها، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن بعض ملامح مؤامرته ضد قطاع غزة، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في البيت الأبيض الثلاثاء 4 فبراير/شباط الجاري، مع رئيس وزراء الكيان المحتل، بنيامين نتنياهو، الذي يزور واشنطن حاليًا للتباحث حول المرحلة الثانية من اتفاق غزة الذي دخل أسبوعه الثالث.
ترامب وبصراحة أقرب لـ “البجاحة” و”العنصرية” أكد أن بلاده ستحتل (تتولى) قطاع غزة، ملكية طويلة الأمد، وتحوله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد تهجيره من سكانه إلى عدد من الدول المجاورة، وإطلاق “خطة تنمية اقتصادية به تهدف إلى توفير عدد غير محدود من الوظائف والمساكن لسكان المنطقة”.
وأضاف أن “فكرة سيطرتنا على قطاع غزة حظيت بتأييد وإشادة واسعين من مختلف مستويات القيادة”، معتبرًا أن غزة “مكان مليء بالحطام الآيل للسقوط”، وأنه “يمكن تهجير الغزيين إلى أماكن أخرى ليعيشوا بسلام”.
يعيد السمسار الأمريكي الذي يسكن البيت الأبيض بتصريحاته العنصرية تلك الأذهان إلى الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 حين قدم وزير خارجيّة بريطانيا حينها، آرثر بلفور، إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، وعدًا بتأسيس “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين، في أعقاب الحرب العالمية الأولى، هذا الوعد الصادر عمن لا يملك كان الركيزة الأساسية لمنح من لا يستحق كيانا سرطانيًا فوق الأراضي العربية.
الجرأة والثقة والوقاحة التي يتحدث بها الرئيس الأمريكي عن هذا المخطط العنصري الفاشي تجاه القضية الفلسطينية برمتها، تغلق الباب دون أي مواربة أمام التأويلات التجميلية التي يحاول بها البعض تمييع المخاطر والتهديدات التي تحملها تلك التصريحات، مما يُلقي بالكرة في ملعب الأنظمة والحكومات العربية التي من المؤكد أنها لن تكون بمأمن بعد افتضاح مؤامرة ترامب.
تفاصيل المخطط
ينقسم مخطط ترامب بشأن الاستيلاء على قطاع غزة إلى أربعة محاور:
الأول: تفريغه من سكانه عبر ثنائية التهجير القسري والطوعي معًا، حيث قال إنه سيطلب من دول مجاورة استقبال الفلسطينيين المُهجّرين من غزة. ورغم رفض مصر والأردن طلبه استضافة عدة آلاف من الفلسطينيين، إلا أن هناك إصرارًا ممنهجًا لديه على قبولهما لاحقًا.
وردًا على هذا الرفض قال “بدلًا من ذلك، يجب أن نذهب إلى دول أخرى مهتمة، وهناك العديد منها يريد القيام بذلك وبناء مناطق مختلفة سيقيم فيها في نهاية المطاف 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في غزة، وإنهاء الموت والدمار هناك، ويمكن للدول المجاورة ذات الثروة العظيمة دفع ثمن هذا”، مع الوضع في الاعتبار رغبة ترامب هنا بعدم عودة الغزيين مرة أخرى لوطنهم وديارهم، ما يعني أن من يخرج لن يعود.
إلا أن الرئيس المغرور في المقابل أغفل وتجاهل موقف فلسطيني غزة من مثل هذا الطرح، خاصة وأن ردهم جاء عمليًا على مدار 15 شهرًا من القتل والدمار الوحشي، حيث التشبث بالأرض والوطن ورفض كافة مخططات التهجير والزود عن القضية بالروح والدماء، ثم تأكد جليًا بمشاهد العودة المُرعبة ذات الرمزيات السياسية الواضحة والتي لا تقبل الشك في أن مثل هذا الشعب لا يمكن إجباره عن مغادرة أرضه مهما كان الثمن.
الثاني: الاحتلال الأمريكي لقطاع غزة تحت مسمى السيطرة عليه وإدارته بزعم القيام بمهام نوعية فيه من أجل تطهيره من المتفجرات والقنابل المزروعة وإزالة الأنفاق وركام الحرب وتعبيد الطريق نحو بداية الإعمار، وهو المقترح الذي دفع السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي لوصف ترامب بسببه بأنه فقد عقله تماما.
وكان الرئيس الأمريكي قد أجاب عندما سُئل عما إذا كانت واشنطن سترسل قوات أميركية إلى غزة بموجب اقتراحه قائلا “سنفعل ما هو ضروري، إذا كان ذلك ضروريا، فسنفعل ذلك. سنستولي على هذه القطعة. سنطورها، ونوفر الآلاف والآلاف من الوظائف، وستكون شيئا يمكن للشرق الأوسط بأكمله أن يفخر به”.
الثالث: تدويل غزة من خلال مزعم النهوض الاقتصادي عبر خطة تنموية طويلة الأمد، تُسفر في النهاية عن تحويل القطاع إلى مزار عالمي وريفيرا الشرق الأوسط بحسب وصف ترامب.
الرابع: تسليم القطاع برمته إلى دولة الاحتلال بعد التخلص من الفلسطينيين وتحويله إلى منطقة سياحية عالمية تُضاف إلى الكيان المحتل الذي شبهه ترامب بـ “قلم” صغير وسط مسطح كبير اسمه الشرق الأوسط.
الخطة بتفاصيلها المعلنة تعني عمليًا وفاة مقترح حل الدولتين، الركيزة الأساسية في مسار السلام في الشرق الأوسط لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وهو ما ألمح إليه ترامب بشكل أو بأخر حين سئل عن مستقبل هذا المقترح في ضوء خطته المقدمة، حيث قال إن “هذا لا يعني أي شيء عن دولتين أو دولة واحدة أو أي دولة أخرى، وإنما يعني أننا نريد أن نمنح الناس فرصة للحياة.. لأن قطاع غزة كان حفرة جحيم للأشخاص الذين يعيشون هناك”، مضيفًا “أتصور أن يعيش هناك شعوب العالم، شعوب العالم”، وتابع “الفلسطينيون أيضا، سيعيش الفلسطينيون هناك، سيعيش الكثير من الناس هناك”.
هناك تباين بشأن هذا المقترح حتى من داخل الإدارة الأمريكية، فبحسب ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين في إدارة دونالد ترامب، فإن الخطة المقدمة تشكلت مؤخرًا بعد عرض الرئيس الأمريكي لها على مساعديه وحلفائه في الأيام الأخيرة، ووصف المسؤولون الاقتراح بـ”المتماسك”.
وفي المقابل نقلت الصحيفة عن مسؤولين أخرين من خارج الدائرة المقربة لترامب قولهم إنهم لم يعلموا بالفكرة خلال التخطيط للاجتماع مع رئيس حكومة الاحتلال وأنهم فوجئوا بها خلال المؤتمر الصحفي.
امتداد لـ “تشرشل”.. عقلية المطور العقاري
يتعامل ترامب داخل البيت الأبيض كـ “سمسار” إذ تهيمن عليه عقلية المطور العقاري الباحث عن أكبر قدر ممكن من المكاسب من خلال التلاعب بالألفاظ والكلمات والوعود وتوظيف ما لديه من قدرات وإمكانيات لتحقيق أقصى نسبة متوقعة من الأرباح.
تلك العقلية انكشفت بشكل كبير مع الأيام الأولى له في ولايته الثانية، حيث قدم العديد من المقترحات التي تقوم في الأساس على فكرة الضم والاحتلال والسيطرة على أراضي الأخرين، كان على رأسها مقترحاته لضم كندا والاستحواذ على جزيرة غرينلاند، والسيطرة على قناة بنما، إلا أن هذا الهراء قوبل بالرفض من أصحاب تلك المناطق فتراجع عنه أو جمده مؤقتًا، الأمر تكرر كذلك مع الإعلان عن فرض رسوم جمركية مضاعفة على بعض الدول مثل المكسيك وكندا وغيرها، وبالمثل تراجع عنها بعدما واجه تحديًا شرسًا وتلويحًا بالمعاملة بالمثل مع البضائع الأمريكية.
ويتعامل ترامب مع قطاع غزة بعقلية المطور العقاري، ففي العشرين من يناير/كانون الثاني الماضي قال الرئيس الأمريكي للصحفيين إن موقع غزة حيوي ومثير للاهتمام، لاسيما وأنها تُطل على البحر، وتتمتع بمناخ رائع، وهو ما دفعه للإشارة لاحتمالية أن يكون له دور في إعادة إعمارها لاحقا.
وفي أواخر الصيف الماضي نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن أحد الأشخاص المطلعين، قوله إن ترامب أخبر نتنياهو في مكالمة هاتفية بينهما بأن قطاع غزة قطعة عقارية جيدة وطلب منه التفكير في أنواع الفنادق التي يمكن بناؤها هناك.
يؤكد هذا المقترح البربري أن ترامب، ابن المجتمع الرأسمالي المتوحش، هو امتداد فكري وأيديولوجي لرئيس وزراء بريطانيا، ونستون تشرشل، المتعطش للدماء والمدافع عن الفاشية، والذي لا يتورع عن توظيف عنصريته الفجًة في تمرير مخططاته الرأسمالية القبيحة، وهو الذي كان قد وصف الفلسطينيين قبل 85 عامًا بـ “الكلاب” المتواجدة في معلف البقر (فلسطين) وأن تواجدها في هذا المعلف لا يعطيها حق امتلاكه، على حد قوله، وذلك عندما خاطب اللجنة الملكية حول فلسطين عن موضوع تقرير المصير الفلسطيني عام 1939م.
وفي الوقت الذي يدافع فيه ترامب اليوم عن قتل جيش الاحتلال لعشرات الالاف من الغزيين والإشادة بالدور الذي قام به مجرم الحرب الملاحق قضائيًا، نتنياهو، في تلك الحرب الوحشية، كان تشرشل يدافع كذلك عن إبادة عرق أقوى لعرق أخر أضعف منه، لافتا أنه لا يشعر بأي تأنيب ضمير في مساندة جنس بشري أرقي لكي يطرد جنسا بشريا أدني من أرضه ويحل محله.
من أين جاء ترامب بكل تلك الثقة؟
حمل خطاب ترامب ثقة مثيرة للجدل، حيث التأكيد على قبول مصر والأردن لاستقبال فلسطيني القطاع رغم رفضهما لهذا المقترح رسميًا، مبررًا ذلك بأن كثيرًا من الدول قد تتخذ مواقفًا ثم تتراجع عنه بعد ذلك، ما دفع للتساؤل حول تلك الثقة التي يُبديها الرئيس الأمريكي في مشاركة البلدين العربيين في تنفيذ هذا المخطط.
من الوهلة الأولى يتضح أن ترامب ينطلق في ثقته تلك من قاعدة هيمنة الحكام العرب على صناعة القرار في بلدانهم وأنه لا وجود للشعوب المدجنة والمغلوب على أمرها، في إحياء جديد لنظرية “الخيمة” التي تبناها من قبله وزير الخارجية الأمريكي هينري كيسنجر سبعينات القرن الماضي حين زار الشرق الأوسط للترويج للتطبيع العربي الإسرائيلي.
غير أن هناك عدة عوامل ربما شجعت ترامب على التحدث بتلك الأريحية، واثقًا من رضوخ دول المنطقة لطلبه استضافة فلسطيني غزة، على رأسها نجاحه فيما فشل فيه سلفه جو بايدن، حيث أجبر الجميع على إبرام قرار وقف إطلاق النار في القطاع بعد تحذيراته لتداعيات عرقلة هذا الأمر.
كذلك تجربة كولومبيا التي رضخت لطلبات قبول عودة مواطنيها من المهاجرين غير النظاميين ممن رحلتهم السلطات الأمريكية لبلدانهم الأصلية، بعدما رفضت بداية الأمر، ما دفع ترامب لفرض رسوم جمركية وعقوبات قاسية، مما أجبرها على التراجع عن موقفها، وهو ما أكد عليه الخبير ستيفين كوك، خلال بودكاست مجلس العلاقات الخارجية عن مقترح ترامب لتهجير سكان غزة حيث قال “البعض يعتقد أن الولايات المتحدة ستتغلب على معارضة المصريين والأردنيين، تماما كما فعل في مواجهة الرئيس الكولومبي الذي رفض رحلات الكولومبيين المرحلين، ثم عاد وقبل”.
علاوة على ذلك يٌشهر ترامب سلاح المساعدات في وجه البلدين وغيرها من البلدان المجاورة، مستغلا الحالة الاقتصادية المتردية التي تدفع الدولتان لقبول أي مساعدات أو منح خارجية، وهو ما كان قد أشار إليه الرئيس الأمريكي أكثر من مرة حين قال إن بلاده قدمت مساعدات كبيرة لعمًان والقاهرة وفي انتظار رد تلك المساعدات بشكل أو بأخر.
إضافة إلى ذلك يتحدث ترامب بتلك الثقة مستندا إلى تجربة سابقة كانت قد تراجعت فيها مصر عن موقفها، حين سحبت مشروع قرار كانت قد قدمته لمجلس الأمن في ديسمبر/كانون الأول 2016 يدين إسرائيل في بناء مستوطنات في الضفة الغربية، وذلك في أعقاب اتصال أجراه ترامب بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والذي أخبره حينها بأنه لم يكن لديه علم بهذا الأمر، ليصدر قرارًا بسحب المشروع فورًا.
وأخيرًا أيقن ترامب أن القرار العربي يحيا أوهن محطاته التاريخية، مستشهدًا بما حدث في مايو/أيار 2018 حين أعلن القدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها، في خطوة ما تجرأ أي من رؤساء أمريكا السابقين أن يقدموا عليها نظرًا لخطورتها وأبعادها وقلقًا من رد الفعل العربي بشأنها، لكن المفاجأة أن أحدًا لم يتحرك، مكتفين ببيانات الإدانة والشجب وهو ما طمأن الرئيس الأمريكي وشجعه على الاستمرار في هذا المسار دون أي اعتبار لأي رد فعل محتمل من العرب.
الكرة في ملعب العرب
من مميزات ترامب أنه صريح حد الفجور، مكشوف حد الفضيحة، يبلغ من الوضوح ما يغنيه عن التوضيح، فهو كتاب مقروء للجميع، لا يحتاج عناء التأويل والتأويل المضاد، وهو بذلك يسهل – هكذا يفترض- الطريق على العرب لفهمه ومعرفة مخططاته ومؤامراته، دون حاجة لفترات تقييم طويلة الأمد، ودون اللجوء إلى المقاربات والحسابات الخاصة التي قادت المنطقة إلى طريق مسدود من التشرذم والتفتت ومنح الأعداء الهدايا تلو الهدايا المجانية على طبق من ذهب.
رجل الأعمال الإماراتي ورئيس مجلس إدارة مركز الحبتور للدراسات السياسية والاستراتيجية، خلف الحبتور، ينقل عن أحد الدبلوماسيين الغربيين عقب تصريحات ترامب بشأن تهجير سكان غزة وسيطرة الولايات المتحدة عليها، قوله إن “ترامب يفكر كالتاجر قبل أن يكون رجل دولة، وهو يسعى إلى تحقيق مكاسب بأي وسيلة، بغض النظر عن العواقب، لهذا، المسؤولية الكبرى تقع على عاتقكم في الدول العربية في توحيد موقفكم والوقوف بحزم ضد أي مخطط يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، العالم لا يحترم إلا الأقوياء الواضحين، وإذا لم تعلن الدول العربية موقفاً واضحاً وتتحرك علانية، فإن هذه الأفكار قد تتحول إلى قرارات فعلية على الأرض”.
وتابع الدبلوماسي حديثه بقلق كما نشر الحبتور على صفحته على فيس بوك ”الخوف هو أن يتمدد هذا الخطر التوسعي إلى جميع دول المنطقة، ولا يقتصر على الأراضي الفلسطينية، بل قد يطال المعالم التاريخية والمقدسات الدينية الكبرى في منطقتكم”، وهو الحديث الذي علق عليه رجل الأعمال الإماراتي قائلا ” نحن أمام مرحلة مفصلية، والمستقبل تصنعه المواقف الحاسمة، لا مجال للتهاون، ولا وقت للمجاملات، علينا كعرب أن نقف مع فلسطين، نساعد أهلنا في غزة على التمسك بأرضهم، ونرفض أي حديث عن تهجيرهم”.
كانت السعودية الدولة العربية الأولى التي ردت رسميًا على تصريحات ترامب بعد دقائق قليلة من بثها، مؤكدة في بيان لوزارة خارجيتها نشرته صبيحة اليوم الأربعاء 5/2/2025 “أن موقف المملكة العربية السعودية من قيام الدولة الفلسطينية هو موقف راسخ وثابت لا يتزعزع، وقد أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، هذا الموقف بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال”.
وأضاف البيان إن المملكة تؤكد “ما سبق أن أعلنته من رفضها القاطع المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي أو ضم الأراضي الفلسطينية أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.. وتؤكد المملكة أن هذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات”.
البيان في مضمونه خطوة جيدة وسريعة للرد على هراء الرئيس الأمريكي، غير أن الأمر بحاجة إلى اصطفاف عروبي موحد، تٌستخرج فيه أوراق الضغط التي يمتلكها العرب من ثلاجة المقاربات الخاصة، فالتهديد الذي حمله المقترح الترامبي تجاوز حاجز فلسطين وغزة وحماس إلى تهديد العروبة من جذورها، إذ أن المخططات الصهيونية لن تقف عند حاجز القطاع وفقط، بل ستتخذ من القضية الفلسطينية بعد تصفيتها جسرًا لتحقيق الحلم الأكبر، من النيل للفرات، وهو الحلم الذي لم يغادر خيالات المتشددين في تل أبيب ورفقائهم في البيت الأبيض.
لا تخشوا عربدة ترامب.. ونتنياهو..
هذه مرحلة "وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ"، وقرأها أهل المدينة "سبِيلَ".
لا بدّ لحسم وُجهة الصراع أن يظهر المجرمون على حقيقتهم بعيدا عن التزييف ولعبة الاستدراج التي استهلكتها أنظمة العرب طويلا، بجهل، أو ربما بعلم خوفا من مواجهة الحقيقة. pic.twitter.com/9qL6rrLdO1
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) February 5, 2025
حالة الانتشاء التي عليها المتشددين في الداخل الإسرائيلي في أعقاب تصريحات ترامب، والفرحة العارمة التي علت وجه نتنياهو وهو يستمع لحديث الرئيس الذي وصفه بأنه الأكثر دعما لإسرائيل في تاريخ أمريكا، تشير إلى أن جولة التفاوض القادمة في الدوحة حول المرحلة الثانية من اتفاق غزة، والمقرر لها نهاية الأسبوع الجاري، ستكون مغايرة تماما لما هو متوقع، فالدفعة المعنوية التي قدمها الرئيس الأمريكي لدولة الاحتلال حتما وسيكون لها تداعياتها على مسار التفاوض بما يُزيد من نسبة نسف الاتفاق والانقلاب عليه أو على الأقل عرقلته وبعثرة كافة الأوراق في محاولة للضغط على حماس والوسطاء لتقديم أكبر قدر ممكن من التنازلات.
يعلم ترامب ونتنياهو أن تصريحات الرابع من فبراير/شباط 2025 رغم خطورتها ومفاجأتها فإنها بالونة اختبار حقيقية يجس بها الرئيس الأمريكي الذي يُنصب نفسه خادم الصهيونية الأمين، نبض دول المنطقة، حكاما وشعوبًا، وعلى أساس رد الفعل المحتمل سيكون القرار، إما ترجمة المقترح عمليًا أو التراجع عنه كما فعل مع المكسيك وكندا وغيرهما، فالكرة الآن في ملعب الدول العربية.. فهل ينتهي الوقت الأصلي للمباراة بالإعلان عن تدشين الشرق الأوسط الجديد، على المقاس الإسرائيلي وبحسب البوصلة الترامبية، أم سيكون للعرب كلمتهم الأخيرة ويحرزون الهدف الذهبي الذي يغيرون به نتيجة المباراة ولو في الوقت بدل الضائع؟