مدغشقر، أو جمهورية مدغشقر، هي جزيرة تقع في المحيط الهندي قبالة الساحل الجنوبي للقارة الأفريقية، وهي رابع أكبر جزيرة في العالم، ثلثا سكانها يعيشون تحت خط الفقر، وتتمثل مصادر النمو الاقتصادي في البلاد في السياحة والغزل والنسيج وصادرات الصناعة التحويلية الخفيفة والمنتجات الزراعية، والتعدين، كما أنها تمثل اليوم أكبر منتج لهذه المادة حولة العالم وتصدر بمفردها نصف الصادرات العالمية من الفانيليا.
وتسعى مدغشقر اليوم لتنشيط سوق السياحة البيئية، والاستفادة من التنوع البيولوجي الفريد فيها، وذلك بعد أن عرفت خلال الخمس سنوات الأخيرة أزمة اقتصادية، نتيجة الاضطرابات السياسية المستمرة منذ سنة 2009 بعد تغيير غير دستوري على رأس السلطة.
وسعت الحكومة إلى تحسين صورة مدغشقر بالخارج وتوطيد علاقاتها خاصة مع البلدان الناطقة بالإنجليزية ومع القوى الاقتصادية الأخرى مثل الصين، مما أدى إلى انتعاش الاقتصاد تدريجيا وعاد السياح والمستثمرون الأجانب، وارتفعت مداخيل العملة الصعبة.
وصرح “جانو” الأمين العام بوزارة السياحة في مدغشقر لإحدى الصحف المحلية: “هدفنا بلوغ 400 ألف سائح خلال الـ 18 شهرًا القادمة لا يزال قائمًا”، مضيفًا أنّهم سيعملون على تحقيق مليون سائح سنويًا بحلول سنة 2020.
علمًا بأن عدد السياح في سنة 2013 بلغ نحو 250 ألف سائح وتسعى الحكومة إلى زيادته، مراهنة في ذلك على ما تزخر به الجزيرة من تنوّع بيولوجي يضم 250 ألف نوعا نباتيا وحيوانيًا، 80% مستوطنة فيها بشكل دائم.
وفي ذروة موسم العام 2008، شهدت مدغشقر دخول حوالي 375 ألف سائح إلى أراضيها، إلا أن الصورة القاتمة التي تداولتها وسائل الإعلام حول العالم طيلة الخمس سنوات اللاحقة بسبب أزمة 2009 نتج عنها إعدام السياحة ووأد آمال العاملين في القطاع بالحصول على مورد رزق.
وفي السياق ذاته، أكّد “جانو” على وجود رغبة واضحة من قبل الحكومة للمراهنة على السياحة، مشيرًا إلى أنه “وبعد خمس سنوات من الأزمة، نحن الآن في مرحلة الإنعاش الاقتصادي، والسلطات تتطلّع لأن تجعل من السياحة القاعدة الأساسية للاقتصاد، ولعل الالتزام الذي أبداه الرئيس الملغاشي “هري راجاوناريمبيانينا” بهذا الخصوص، لهو أكبر دليل على ذلك.
ومنذ تولّيه مقاليد الحكم في يناير/ كانون الثاني، أكد الرئيس الملغاشي على التزام دولته بالمراهنة على القطاع السياحي، حيث قال بيان صدر في 17 مايو/ أيار المنقضي عن الرئاسة الملغاشية: “الدولة الملغاشية ستنطلق في مشاريع كبرى، بما في ذلك تهيئة مطار نوسي بي بحيث يمكنه استيعاب واستقبال الطائرات الكبيرة، وتعزيز طرق التدريب المهني بشكل رئيسي في مجال السياحة”.
وأشار “جانو” إلى أنّ الحكومة تشارك في عدّة مشاريع لدعم السياحة، باعتبارها من القطاعات التي تضمن للدولة عائدات هامة من العملة الصعبة، ففي سنة 2013 بلغت إيرادات السياحة في مدغشقر 382 مليون دولار، مقابل 459 مليون دولار في 2008، كما أنّ “الدولة أعطت كلمتها فيما يخص القطاع من بنية تحتية وتكوين وأمن”.
مشيرًا إلى وجود “مشروع لإنشاء مركز تدريب في المناطق الـ22 التي تشكّل الجزيرة (…) تماما مثلما هو الحال بالنسبة لإعادة تأهيل فنادق الدولة في جميع أنحاء الجزيرة”، من أجل تحسين بنية الاستقبال، واستثمار نقاط الجذب التي تمتلكها البلاد.
وأما الناشطون في قطاع السياحة في مدغشقر فقد أبدوا تقديرهم لموقف الحكومة حيال دعم السياحة، إلاّ أنّهم أعربوا في المقابل عن تطلّعهم لأن تمضي الحكومة لأبعد من ذلك، والوصول إلى السقف الأعلى الذي كانت التزمت بتحقيقه في وقت سابق.
في حين يرى “إيريك كولّر” رئيس مجلس إدارة الديوان الوطني للسياحة بمدغشقر (منظمة مستقلة تضم جملة المهنيين الناشطين في القطاع)، أن الناشطين في قطاع السياحة بمدغشقر رهائن للآثار المباشرة المترتّبة عن القرارات الحكومية المذكورة.
ويقول إيريك: “في الوقت الحاضر، سجّلنا وفادة 200 ألف سائح، وهدفنا هو بلوغ ما بين 350 ألف إلى 400 ألف سائح التي وقع تحقيقها سنة 2008، أما في الوقت الحاضر، وفي صورة تمكنّا من تحقيق 5 إلى 10% كمعدّل زيادة في نسبة الوافدين من السياح، فسيكون ذلك من الأمور الجيد بالنسبة لنا”.
كما شدّد “إيريك كولّر” في الإطار ذاته على ضرورة “مضاعفة الجهود لتعزيز وجهة مدغشقر”، تصدّيًا “للصورة التي تم التسويق لها عن البلاد خلال الأزمة المندلعة فيها قبل خمس سنوات، وتعويضًا عما خسرناه من وقت.”.
مضيفًا: “علينا تعزيز رؤيتنا للسوق، والمحافظة على مكتسباتنا مع الزبائن الفرنسيين، والذين يشكّلون ما يقارب من نصف سوقنا”، كما “ينبغي علينا التنويع في محفظة عملائنا، خصوصا وأننا مازلنا عاجزين عن استقطاب البرازيليين والصينيين، ثمّ إنه علينا الاستثمار أكثر في القطاع للحفاظ على جميع زبائننا في صورة تمكنا من استقطابهم فيما بعد”.
وتبقى جودة الخدمات وتنوّع السوق يطرحان إشكالاً آخر بالنسبة لتطوير السياحة في مدغشقر، فقد عبرت خطوط الطيران الملغاشية أنّه “من غير الممكن أن يقضي السياح الليل في بلد آخر قبل وصولهم إلى مدغشقر، نحن في حاجة إلى خطوط مباشرة تربط وجهتنا بعدد من مدن بلدان الانطلاق”.