ترجمة وتحرير: نون بوست
هل تجد صعوبة في تذكر أسماء الأشخاص الذين التقيت بهم حديثا، أو تنسى أين وضعت شاحن هاتفك؟ من شأن هذه العادات اليومية السهلة أن تساعدك على تعزيز ذاكرتك.
تعزيز الذاكرة أمر ممكن
ربما تعرف شخصا قادرًا على تذكر كلّ شيء تقريبا حتى أصغر التفاصيل، على غرار الأسماء والأحداث وحتى الأمور التي حدثت قبل سنوات، في غضون ثوانٍ قليلة. كيف يفعل هؤلاء الناس ذلك؟ يُمكن أن تُساعدك حيل الاستذكار، مثلا، في تعزيز قدرات ذاكرتك، إلى جانب اتّباع نمط حياة إيجابي واستراتيجيات معالجة معلومات جديدة. فالأمر لا يتعلّق بمجرّد حفظ المعلومة عن ظهر قلب، وإنما بكيفية “التصاق” المعلومات في الذاكرة ليتذكرها الدماغ لاحقًا.
حسب جينيفر زينتز، رئيسة قسم الخدمات السريرية في مركز الصحة العقلية بجامعة تكساس في دالاس، فإنه “ينبغي ألّا يكون حفظ المعلومات هو الهدف الأساسي”. وبيّنت زينتز أنّ “استخدام ما تتذكر، من خلال دمج الذكريات مع معلومات أخرى لتكوين أفكار جديدة واتخاذ الخيارات، يمثل طريقة صحية أكثر لاستخدام عقلك، والتي من شأنها تحسين جودة حياتك وتخليصُك من القلق بشأن قدرتك على تذكر جلّ الأمور بشكل واضح”.
تبني روتين يومي
لتحرير عقلك ومنحه المجال لتذكر معلومات جديدة وهامة، لا تهدر طاقتك الذهنية في محاولة تذكر مكان وضعك للمفاتيح مثلاً، إذ أنه من السهل جدًا العثور على الأشياء إذا كنت دائمًا تضعها في المكان نفسه. وتؤكدّ زينتز أنّ “خلق روتين يُمكن أن يكون مفيدا لذاكرتك”. وأضافت زينتز أن “الإجراءات الروتينية تساعدنا في الحصول على النجاعة المطلوبة وتجنّبنا إهدار قدر كبير من القوة الذهنية على الأمور اليومية. وتمنحُنا الكفاءة في الأنشطة اليومية القدرة على توفير الوقت ومهارات الدماغ للتركيز على الأمور ذات الأولوية في حياتنا”.
استخدم حواسك
إذا كنت بصدد وضع غرض ما في مكان غير مألوف، على غرار “وضع النظارة الشمسية على الطاولة بجوار الباب”، فإنه ينبغي عليك قول ذلك بصوت عالٍ. أما إذا قابلت شخصًا جديدًا، فإنه يمكنك تكرار اسمه بصوت مرتفعٍ. وتشيرُ زينتز إلى أنّ “مُعظمنا يتعلم بشكل أفضل عندما نتلّقى المعلومات من خلال أكثر من حاسّة واحدة ما يجعلها تُوضع ضمن سياق أوسع”. وتشير الدراسات إلى أن فسح المجال لأذنيك لتقوم بتسجيل المعلومات يعزز من تركيزك عليها، مما يضاعف فرص استحضارك لها لاحقًا.
تجنب تعدد المهام
من غير المفاجئ أن لا نتمكن من تذكر الأشياء عندما يكون انتباهنا مشتتا. وحيال هذا الشأن، أفادت الدكتورة ساندرا بوند تشابمان، ومؤسسة مركز الصحة العقلية ومديرته حاليا، أنّه “في الوقت الراهن، بات الوصول إلى قدر مهول من المعلومات متاحا. وقد يكون الحدّ من تدفق المعلومات صعبا في أغلب الأحيان، لكنّ الأبحاث أظهرت أنه كلّما ارتفعت نسبة استهلاك الناس للمعلومات في آن واحد، أصبح تفكيرهم أكثر سطحيّة. من خلال الحصول على قدر أقلّ من المعلومات، ستكون قادرًا على إدراك معناها وتطوير المعارف، وإنشاء شبكات ذهنية”.
من جهة أخرى، أوضحت زينتز أنّ “التخلص من هذه الملهيات يحسن من قدرتك على التركيز وبالتالي تقوية ذاكرتك. وأهّم شيء يتعين علينا جميعًا القيام به هو وضع هواتفنا المحمولة بعيداً والتوقف عن القيام بعدّة مهّام في آنٍ واحد”.
التأمل
يعد التأمل من بين الطرق التي تساعد على تعزيز الذاكرة. وقد بيّنت تشابمان أنّ الخطوة الأولى لتعزيز وظيفة الدماغ هي “تحفيز عقلك” من خلال تهدئة أعصابك. وقد أثبت الأبحاث أنّ التأمل يُساعد على تجنب تشتت الذهن والتخلّص من الأفكار المثيرة للقلق والإجهاد، ممّا يُحسّن قدرتك على التركيز.
أظهرت إحدى الدراسات أنّ الطلاب الذين التحقوا بفصل القدرات الذهنية أو قاموا بالتأمل لمدة عشر دقائق يوميًا كان أداؤهم أفضل في اختبار تقييم الخريجين، مقارنة بالطلاب الذين لم يفعلوا ذلك. كما أظهرت الأبحاث أن التأمل قد يغير بالفعل تركيبة دماغك عن طريق زيادة سُمك المناطق المرتبطة بالانتباه.
تنظيم المعلومات
من الضروري تحرير ذاكرتك باستخدام آليات خارجية لتنظيم المعلومات. ويمكنك إعداد ملاحظات تذكيرية حول كل مهامك اليومية في تقويم هاتفك. وقد أظهرت الدراسات أن تدوين الملاحظات بكل بساطة يمكن أن يعزز المعلومات في ذاكرتك. لذلك، يستحسن أن تحتفظ بالملصقات في كل غرفة، وأن تترك رسائل تذكيرية مكتوبة بخط اليد حيث تراها بسهولة. يمكنك أيضا كتابة قائمة قبل الذهاب إلى المتجر حتى لا تنسى أي شيء. ولكن لا تغفل عن تدوين هذه الملاحظات على الفور. في الحقيقة، يساعد التخطيط للمستقبل ذاكرتك على أداء المهام الحالية مباشرة بدلاً من التفكير فيما يجب القيام به لاحقًا.
التنزه في الطبيعة
يمكن لهذا النشاط البسيط أن يعزز ذاكرتك بنسبة 20 بالمئة. وعلى غرار التأمل، قد يساهم المشي في الطبيعة في بعث الهدوء وطرد الأفكار المقلقة والمشتتة التي تعبث بالذاكرة، فضلاً عن إعطاء الدماغ استراحة من تعدد المهام لتحسين أدائه لاحقًا. وفي إحدى الدراسات، كان أداء عدد من المشاركين الذين قاموا بالتنزه في الطبيعة في مهام متعلقة بالذاكرة أفضل من المشاركين الذين قاموا بجولة في بيئة حضرية. وفي هذا الإطار، قالت شابمان إن التنزه في الطبيعة، أو حتى مجرد تأملها، من شأنه أن يساعد الدماغ على التخلص من توتره وتجديد طاقاته.
النوم
تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بسبع ساعات من النوم لديهم ذاكرة أقوى من أولئك الذين ينامون أقل من خمس ساعات أو أكثر من تسعة ساعات. قد يكون هذا القدر من الراحة مناسبا للدماغ للاطلاع على التغيرات الكيميائية اللازمة لدمج المهارات أو الحقائق الجديدة في الذاكرة طويلة المدى. وحسب دكتور ومؤسس طريقة النوم بسهولة، ريتشارد شاين، فإن “النوم يعزز الروابط بين خلايا الدماغ ومناطق المخ المختلفة، كما ينقل المعلومات إلى مناطق من الدماغ تقوم بتخزين المعلومات بشكل أكثر فعالية. وبفضل النوم، يقوم الدماغ بفرز المعلومات، والقيام بالاتصالات، وحتى حل المشكلات. كل هذا من شأنه أن يرسخ الذكريات ويحسن من القدرة على استرجاعها”.
أخذ قيلولة
ليس النوم أثناء الليل هو الأمر الوحيد الذي يساعد على ترسيخ الذاكرة، فقد بينت الأبحاث أن قيلولة بعد الظهر القصيرة يمكن أن تحسن عملية الاسترجاع. وفي السياق ذاته، قال شاين: “في إحدى الدراسات، زود بعض الأفراد بأزواج من الكلمات غير المترابطة لتذكرها، ومن ثم أخذت إحدى المجموعات غفوة، بينما شاهدت المجموعة الأخرى مقاطع فيديو. وقد ثبت أن المجموعة التي أخذت غفوة قد شهدت تحسنا في الذاكرة المترافقة بحوالي خمسة أضعاف، أي أنهم أثبتوا القدرة على تذكر الرابط بين العناصر غير المرتبطة التي زُوّدوا بها سابقا، مقارنة بالمجموعة التي شاهدت مقاطع الفيديو”.
ممارسة الرياضة يوميا
هناك ترابط وثيق بين الجسد والعقل، لذا يزيد التمرين من نشاط عقلك عن طريق حمايتك من الأمراض التي تفتك بالذاكرة من قبيل ارتفاع ضغط الدم والسكري. وحسب إرين بالنسكي وايد، خبيرة البحث والتطوير في مركز التنمية الاقتصادية، ومؤلفة كتاب “حمية مرضى السكري”، فإن “الحركة تعمل على تحسين الدورة الدموية، وتحميل الدم والأكسجين والمواد المغذية إلى الدماغ، مما يضمن عمل الدماغ بفاعلية قصوى”. كما أضافت هذه الخبيرة أن “الدراسات قد كشفت تحسنا في التعلم والذاكرة والتركيز مباشرة بعد التمرينات الهوائية، وهذا يعني أن قضاء فترات راحة قصيرة طوال يوم عملك قد يكون مفيدًا لجسمك وعقلك”.
المشي بشكل عكسي إلى الخلف
من المرجح أن هذا الصنف من التدريبات لا يتبادر إلى ذهنك في البدء، ولكن أظهرت دراسة حديثة أن المشي إلى الخلف ساعد المشاركين على تذكر الأحداث الماضية بشكل أفضل من المشي للأمام أو الجلوس بلا حراك. وفي الواقع، لم يكن الأمر مجرد حركة بحد ذاتها، فالمشاركون الذين شاهدوا مقطع فيديو لأشياء تتحرك إلى الوراء، أو حتى تخيلوا أنهم يتراجعون إلى الخلف، تذكروا بشكل أفضل. وقد أطلق الباحثون على هذه الظاهرة “تأثير السفر عبر الزمن”، وعلى الرغم من أنهم ليسوا متأكدين بعد من كيفية عملها، إلا أنه يمكن تطبيق هذه الحركة على أرض الواقع في كل مرة تحاول فيها تذكر شيء ما.
اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط
أكدت المراجعات أن تناول الطّعام وفق حمية البحر الأبيض المتوسط المليئة بالخضروات الطازجة والفواكه والسمك والحبوب الكاملة، يعزّز عمل الذاكرة على الصعيد العملي وعلى المدى الطويل. وتقول بالنسكي وايد إن “نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي يعمل على تقوية القلب وتحسين الدورة الدموية. وعندما تتحسّن الدورة الدموية، يصبح وصول الأكسجين والمواد الغذائية إلى الدماغ أكثر سهولة، مما يساعد على تعزيز القدرة على التعلّم والتذكّر. وقد تبيّن أنّ هذا النمط من الأكل مقترن بانخفاض خطر الإصابة بمرض الزهايمر وضعف الإدراك الخفيف”.
يمكنك أيضًا تجربة نظام ميند الغذائي، وهو مزيج من حمية البحر الأبيض المتوسط وحمية داش. وتركز حمية ميند بشكل خاص على الأطعمة التي أظهرت أنها تعزز صحة المخ والذاكرة، بما في ذلك الخضروات الورقية الخضراء والتوت والمكسرات. ويقوم نظام ميند الغذائي على تجنب الأطعمة التي اتّضح أنها تؤدي إلى انخفاض الوظيفة الإدراكية، مثل اللحوم الحمراء والزبدة والحلويات.
شرب الكافيين
قد يساهم تناول كوب من القهوة في تقوية ذاكرتك. وقد بيّنت بالنسكي وايد أنّ 3كميات صغيرة من الكافيين يمكن أن تجعلك أكثر تنبّها، مما يعزّز قدرات الذاكرة والتركيز، مشيرة إلى أنّ إحدى الدراسات وجدت أن الكافيين يحسّن الذاكرة طويلة المدى. فقط تأكد من عدم شربها في وقت متأخّر من اليوم”. وأضافت بالنسكي وايد: “ومع ذلك، يمكن أن يكون للإفراط في تناول الكافيين تأثير سلبي لأنه يقلل من جودة النوم، والذي بمرور الوقت يمكن أن يسبب تدهورا في الذاكرة والتركيز”.
مراجعة المعلومات التي تعلمتها
عندما تتعلم شيئًا جديدًا، فإن الطريقة الأمثل لتذكره هي مراجعة المعلومات لاحقًا، والتمعّن في أهم النقاط. قالت تشابمان إن “التلخيص ينشط شبكات الدماغ الأمامية لرفع “الحمل الثقيل” المتمثّل في توليف أو تجميع معارف مختلفة لخلق شيء جديد”. إن هذا من شأنه أن يقوّي قدرات عقلك. فعلى سبيل المثال، في إحدى الدراسات، استطاع المشاركون الذين استرجعوا مشهدا في أذهانهم بعد مشاهدة مقطع فيديو تذكّره بشكل أفضل من أولئك الذين انتقلوا ببساطة إلى مقطع فيديو جديد.
ربط المعلومات الجديدة بأشياء تعلمها
بينما تراجع المعلومات الجديدة في ذهنك، يمكنك أيضًا تعزيز فرصك في تذكرها بربطها بأشياء تعرفها بالفعل. فعلى سبيل المثال، إذا قابلت شخصًا يذكرك بممثل مشهور، فاستخدم ذلك كمحفّز للذاكرة لاستحضار اسمه. وحسب زينتز: “عندما نتمكن من إرفاق بعض المعاني الشخصية، فإن ذلك يحسن قدرتنا على التذكر”. يمكنك أيضًا استخدام الصور الذهنية. فإذا كان الاسم العائلي لشخص ما هو بايكر، مثلا، فتصوره وهو يرتدي قبعة طهاة، أو إذا كان اسمه تيفاني، فصوره في ذهنك ماسة. حتى الأصوات والروائح يمكن أن تشكل روابط تقوي الذكريات. وأضافت زينتز: “هناك أدلة على أن الموسيقى والرائحة ترتبطان غالبًا بإثارة ذكريات متجذّرة عميقا في الماضي”.
المصدر: ريدرز دايجست