مساء يوم الأحد الماضي الخامس والعشرين أغسطس/ آب، شنّت “إسرائيل” عدة غارات جوية على أهداف تابعة لـ”حزب الله” اللبناني، في منطقة قوسايا بالضاحية الجنوبية لبيروت. الغارة الجويّة “الإسرائيلية” كانت الحلقة الأخيرة في سلسلة استهدافات نفذها سلاح الجو ضد مواقع تابعة لأذرع إيران بالمنطقة، حيث سبق هذه الغارة مباشرةً استهدافٌ جويّ لمستودعات تخزين صاروخية تابعة لميليشا “الحشد الشعبيّ” بالعراق، وضربة جويّة استباقيّة ضد عناصر “فيلق القدس” الإيراني بسوريا.
وبحسب ما أورده “حزب الله” رسميا، فقد وقعت تلك الغارة باستخدام طائرتي “درون”، انفجرت إحداهما، وهي طائرة تصوير وتجسس، قبل الوصول إلى هدفها، ونجحت الثانية، وقد كانت مفخخة، في إصابة أحد المراكز الإعلامية التابعة للحزب، دون خسائر في الأرواح.
حقيقة الاستهداف
وبالرغم من أن “إسرائيل” لم تعلن رسميا مسؤوليتها عن الحادث كما فعلت مع استهدافها خلية “فيلق القدس” في سوريا الذي سارعت بإعلان مسؤوليتها عنه، إلا أن الجيش “الإسرائيلي” قد أفرج تباعًا عن معلومات مهمة حول حقيقة الموقع المستهدف، والتي تخالف رواية “حزب الله”.
المواد “الإسرائيلية” التي لا يتمّ الإفراج عنها إلا بموافقة الاستخبارات مرفقة بعبارة “سمح بالنشر”، قالت إن الهجمة الجويّة قد استهدفت موقعًا صناعيًا نوعيًا يضمّ وحدات تعمل على رفع مديات الصواريخ اللبنانية التقليدية التي تمثل جزءا من ترسانة “حزب الله” وتطوير دقة إصابتها، بالإضافة إلى تصنيع صواريخ جديدة متطورة.
تلك التفاهمات الضمنية، والتي صمدت لمدة 13 عامًا، قد أسست لواقع ميداني تلتزم خلاله “إسرائيل” بعدم استهداف أنشطة ومنشآت حزب الله داخل الأراضي اللبنانية
وبشكل أكثر تحديدًا، يشير “يوسي هوشاع” المراسل العسكري في “يديعوت أحرونوت” إلى أن الضربة التي بلغ قطرها 50 مترًا، قد أصابت، بنجاح، ماكينة سرية مستوردة من الخارج يبلغ وزنها 8 أطنان، ضمن مشروع تطوير الصواريخ الذي جرى نقله إلى لبنان، بعد فشل خطة تهريب صواريخ دقيقة ومتطورة من سوريا إلى الحزب، تحت تأثير الضربات الجوية” الإسرائيلية” المتلاحقة لقوافل نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا، ومن سوريا إلى لبنان.
وقد سارعت تل أبيب، بحسب ما أكدته تقارير “إسرائيلية”، بضرب هذه القاعدة الصناعيّة، بعد ما علمت نيّة “حزب الله” نقلها إلى موقع أكثر تحصينًا، خوفا من الضربات الجوية؛ ولكنّ عامل الوقت – كما يبدو – لم يسعف الحزب.
كان بإمكان “إسرائيل” التستر على تفاصيل العملية، خاصة بعد نجاحها، ولكنها أرادت – بكشف هذه التفاصيل – إحراج “حزب الله” واغتياله معنويًا أمام أنصاره، ونقل رسالة عن قدرات أجهزة استخباراتها في كشف وإصابة كلّ ما يتعلّق بأنشطة “حزب الله” الصاروخية، كما يشير صالح النعامي، الباحث المتخصص في الشؤون “الإسرائيلية”.
تآكل الردع
وبالرغم من أن الضربة “الإسرائيلية” لم توقع قتلى في صفوف الحزب ولم تكن غارة جويّة ضخمة بالمعايير العسكرية وقِياسًا على الضربات الجوية المماثلة في جبهات غزة وسوريا والعراق؛ إلا أن هذا الضربة مثلت تحولا نوعيا في مفهوم الردع المتبادل بين “إسرائيل” و”حزب الله”، والذي تأسس وفقا لنتائج حرب لبنان الثانية، يوليو/ تموز 2006.
يعتبر هذا التحوّل النوعيّ “الإسرائيلي” ترجمةً عمليةً لعدد كبير من التحذيرات والتهديدات بشأن مواقع تطوير الصواريخ الإيرانية في لبنان بواسطة حزب الله
تلك التفاهمات الضمنية، والتي صمدت لمدة 13 عامًا، قد أسست لواقع ميداني تلتزم خلاله “إسرائيل” بعدم استهداف أنشطة ومنشآت “حزب الله” داخل الأراضي اللبنانية، مقابل تغاضي الحزب – في المقابل – عن أنشطة تل أبيب الاستخبارية والاستفزازية في المجال الجوي اللبناني، التي تتم بصورة يومية عبر ترسانة من المقاتلات والطائرات بدون طيار، بحسب ما يؤكده أليكس فيشمان الخبير العسكري “الإسرائيلي”.
حقيقة تراجع الردع اللبناني أمام العربدة “الإسرائيلية” بعد هذه الضربة، أشار إليها أيضا الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله بنفسه في خطاب متلفز يوم الأحد الماضي، حيث أكد أن الحزب من جانبه لن يسمح بتكرار مسار الحشد الشعبي في العراق داخل لبنان، باعتباره بات هدفا دائما لسلاح الجو “الإسرائيلي” في الفترة الأخيرة، منوهًا عن تغيير قواعد الاشتباك الجوي مع الطائرات “الإسرائيلية” في المجال الجوي اللبناني واستهداف هذه الاختراقات.
ويرجح محللون أن يتوجه “حزب الله” – إذا كان جادا في تحذيراته – إلى حليفته الكبرى إيران خلال الفترة القادمة، بغرض استيراد معدات دفاع جوي بتكنولوجيا إيرانية متطورة وملائمة للتطورات الميدانية النوعية، كما فعلت جماعة “أنصار الله” الحوثي في اليمن، والتي تمكنت من إسقاط طائرة أمريكية متطورة بدون طيار مؤخرا عبر تكنولوجيا دفاعية مستوردة من إيران.
ويعتبر هذا التحوّل النوعيّ “الإسرائيلي” ترجمةً عمليةً لعدد كبير من التحذيرات والتهديدات بشأن مواقع تطوير الصواريخ الإيرانية في لبنان بواسطة “حزب الله”، والتي كان أهمها عرض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صورًا وإحداثيات التقطتها المخابرات “الإسرائيلية” لمنشآت صناعية صاروخية في حي الأوزاعي ببيروت، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر/ أيلول الماضي.
تصريحات ميشيل عون، المقرب من حزب الله، والتي مثلت غطاءً قانونيًا وشعبيا للحزب – في حال قيامه بالرد – جاءت بحضور مبعوث منظمة الأمم المتحدة إلى لبنان، ثم تلتها تصريحات مماثلة من رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
استعدادات لبنانية للرد
خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني تضمّن كذلك عددًا من الإشارات على نيّته توجيه أوامر بتنفيذ ضربة عسكرية ضد أهداف “إسرائيلية”، حيث أشار نصر الله إلى أن الضربة التي وجهتها تل أبيب إلى سوريا يوم السبت الماضي بدعوى تخطيط فيلق القدس، وقاسم سليماني تحديدا، لعملية عسكرية ضد أهداف “إسرائيلية” في الجولان المحتل باستخدام طائرات غير مأهولة، قد استهدفت – في الحقيقة – هدفًا تابعًا لحزب الله، وأدت إلى مقتل عنصرين من عناصره؛ وهو ما اعتبره مراقبون تبريرا مبكراً وتمهيدا للرأي العام العالمي لقيام الحزب بتوجيه ضربة عسكرية إلى “إسرائيل”، نيابة عن إيران التي نفت تعرض عناصر تابعة لها إلى ضربة جوية “إسرائيلية”.
وبشكل مباشر حذر نصر الله الجبهة “الإسرائيلية” الداخلية من ردٍ عسكريّ يلوح في الأفق، داعيًا عناصر الجيش “الإسرائيلي” إلى الاتكاء على الحائط “برجل ونصف” (كناية عن التأهّب والقلق) والانتظار “يوم، يومين، ثلاثة..”، على حد تعبيره.
وقد تلقى الحزب ما يشبه الضوء الأخضر من القيادة السياسية السياسية في لبنان، والتي تعتبر حزب الله جزءا مهما من النسيج الوطني للبلاد، عندما وصف الرئيس اللبناني الهجوم “الإسرائيلي” أنه “إعلان حرب” على الدولة اللبنانية، وخرق لقرار مجلس الأمن رقم 1701 الضامن لحالة الهدوء بين الحزب و”إسرائيل”، مؤكدا أنه لن يسمح بتهديد سيادة سيادة البلاد، وأن للبنان الحق في الرد على هذا الانتهاك.
تصريحات ميشيل عون، المقرب من “حزب الله”، والتي مثلت غطاءً قانونيًا وشعبيا للحزب – في حال قيامه بالرد – جاءت بحضور مبعوث منظمة الأمم المتحدة إلى لبنان، ثم تلتها تصريحات مماثلة من رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
أمام استعدادات الرد اللبناني ورغبة حزب الله في استعادة الردع المجروح، اتخذت تل أبيب حزمة من الإجراءات الاحترازية، على الصعيدين العسكري والأمني، على حد سواء.
وأمام هذه الحالة من الترقب، سعت كلا من فرنسا وإنجلترا – بشكل غير مباشر – إلى استيعاب تلك الضربة المحتملة، ودعتا حزب الله والدولة اللبنانية إلى التزام الهدوء وعدم الانجرار إلى التصعيد؛ إلا أن الرد اللبنانيّ كان مفاده:” إذا أردتم احتواء الأمور، فعلى الإسرائيليين تلقي رد مناسب أولا، ثم تقديم ضمانات بعدم تكرار هذا الاعتداء. صاروخ بصاروخ، وحوّامة بحوّامة، ودماء بدماء”.
وعلى ما يبدو، فقد بدأ حزب الله والجيش اللبناني تغيير قواعد الاشتباك الجوي مع الطائرات “الإسرائيلية” المسيرة عن بعد فعليًا، حيث بث ناشطون مقطع فيديو يصور جنودا تابعين للجيش اللبناني يفتحون نيران مدفعية أرضية مضادة للطائرات على طائرتين “إسرائيليتين” بدون طيار اخترقتا المجال الجوي اللبناني، يوم الخميس.
تدابير احترازية في “إسرائيل”
أمام استعدادات الرد اللبناني ورغبة حزب الله في استعادة الردع المجروح، اتخذت تل أبيب حزمة من الإجراءات الاحترازية، على الصعيدين العسكري والأمني، على حد سواء.
وقد أسفر اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر “كابينيت”، والذي تلى الهجمات الجوية “الإسرائيلية” عن تعليمات برفع جاهزية أسراب الطيران المرابطة في القواعد الجوية شمال البلاد، ونشر عدد من بطاريات الدفاع الجوي المخصصة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، “القبة الحديدية”، بمحاذاة الحدود اللبنانية.
عقد مجلس بلدية “صفد” اجتماعا طارئا، برئاسة شوكي أوحنا، للتشديد على جاهزية الملاجئ واستعدادها بالمؤن الغذائية والمستلزمات الطبية، تحسبا لتطور التصعيد المحتمل إلى قصف صاروخي متبادل
كما أسفرت زيارة نتنياهو إلى المنطقة الشمالية العسكرية، التي التقى خلالها الجنرال أمير برعام قائد المنطقة وشالومي بيدر قائد فرقة الجليل، عن توجيهات مشددة للقوات “الإسرائيلية” المتمركزة على الحدود، بعدم تعريض نفسها كأهداف بشكل مباشرة، ومنع سير المركبات الحدودية على خط التماس الحدودي.
على الصعيد المدنيّ، أصدرت الأجهزة الأمنيّة قرارات بمنع سير السيارات المدنية حتى 5 كم من الشريط الحدودي، وحظر حركة الطيران غير الحربي مسافة 6 كم، وعدم إقلاع طائرات الرش الزراعي إلا بإذن أمني مسبق، وتكثيف الانتشار العسكري على الطريق المؤدي إلى “المطلة”.
بدوره، عقد مجلس بلدية “صفد” اجتماعا طارئا، برئاسة شوكي أوحنا، للتشديد على جاهزية الملاجئ واستعدادها بالمؤن الغذائية والمستلزمات الطبية، تحسبا لتطور التصعيد المحتمل إلى قصف صاروخي متبادل، خاصة أن العام الدراسيّ في “إسرائيل” والذي يبدأ في الأوّل من سبتمبر/ تموز كل عام، قد يتزامن مع هذا التصعيد المحتمل.
وقد استدعى مكتب رئيس الوزراء ووزير الحرب بنيامين نتنياهو زعيم المعارضةَ وخصمه الانتخابي والقائد العسكريّ البارز، بيني جانتس، لاطلاعه على بعض المستجدات الأمنية.
خلال الاجتماع الذي استمرّ أربع ساعات، تسلم جانتس من رئيس مجلس الأمن القومي وسكرتيره العسكري إحاطة أمنية تفصيلية مكتوبة عن الوضع الإقليمي بعد الهجمات الجوية ضد الأذرع الإيرانية وتطورات جبهة الشمال بشكل خاص.
وبشكل أو بآخر، لا يريد الحزب تأكيد السردية التي تستخدمها “إسرائيل” كورقة ضغط ضد المقاومة بشكل عام، وحزب الله بشكل خاص، عندما تقول إن الحزب الذي يشكل جزءا مهما من المحور الشيعي، يفضل مصلحة إيران، ولو كانت ضد مصلحة لبنان
ويعتبر استدعاء رئيس الوزراء زعيمَ المعارضة حدثا أمنيا خطيرا في الأوساط “الإسرائيلية”؛ إذ يأتي بعد هذا الاستدعاء تطور استراتيجيّ نوعيّ غالبا، كما حصل عند استدعاء مناحم بيجن لشمعون بيريز قبل استهداف المفاعل النووي العراقي عام 1981، واستدعاء إيهود أولمرت لنتنياهو عام 2007 عشية قصف المفاعل النووي السوريّ، حسبما يؤكد صالح النعامي.
بالأمس أيضا، بدأ الجيش على الحدود الشمالية في استخدام تقنيات أمنية مختلفة لاختبار جدية حزب الله في القيام بعملية أمنية على الحدود، حيث تم وضع فخاخ افتراضية على هيئة “دمى” ترتدي ملابس عسكرية في مناطق مكشوفة لعناصر حزب الله.
وبحسب تاليف رام مراسل القناة الـ 12 العبرية، فإن مهمة الجيش “الإسرائيلي” على الحدود في ظل هذا التوتر الحالي، هي تجنب كشف نقاط الضعف التي يمكن لحزب الله استغلالها في توجيه ضربة انتقامية للجيش.
طبيعة الرد
يرغب “حزب الله” في توجيه ضربة عسكرية تؤكد أنه لم يتخلَ عن دوره في مواجهة الاحتلال “الإسرائيلي” وكونه جزءًا فاعلًا من “محور المقاومة”، بعد اهتزاز صورته أعقاب تدخله العسكري في سوريا لدعم الرئيس السوري بشار الأسد ضد الثورة، كما يريد تسويق نفسه باعتباره القوة الوحيدة التي تستطيع تكبيد العدو خسائر ميدانية وإعادته لدائرة الردع المتبادل.
ولكنّ الحزب يخشى في نفس الوقت من رد فعل “إسرائيلي” على الضربة المحتملة قد يجتره إلى معركةٍ واسعة، تقول “إسرائيل” عنها أنها “ستعيد لبنان إلى العصر الحجري”، خاصة أنه لن يجد داعمين إقليميين لتأهيل بنيته التحتية وإعمار لبنان، كما حصل بعد حرب 2006 من الداعم الخليجي والممول الإيراني؛ فقد رفع الخليجيون أيديهم عن دعم لبنان باعتبارها جزءا من المحور الشيعي، وتعاني طهران أزمة اقتصادية طاحنة بعد تفعيل منظومة العقوبات المالية ضدها، عقب خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2016.
وبشكل أو بآخر، لا يريد الحزب تأكيد السردية التي تستخدمها “إسرائيل” كورقة ضغط ضد المقاومة بشكل عام، و”حزب الله” بشكل خاص، عندما تقول إن الحزب الذي يشكل جزءا مهما من المحور الشيعي، يفضل مصلحة إيران، ولو كانت ضد مصلحة لبنان؛ لا سيما وأن الأخيرة ينتظرها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع “إسرائيل” خلال سبتمبر/ أيلول القادم، والتي قد تدرّ – حال نجاحها – مليارات الدولارات إلى الخزينة اللبنانية الخاوية بفعل الأزمة المالية الطاحنة (والتي يعتبر حزب الله سببا رئيسيا في حدوثها نتيجة العقوبات المفروضة عليه وعلى المؤسسات الاقتصادية اللبنانية القريبة منه)، من خلال عوائد بيع الغاز المكتشف في المياة اللبنانية.
على ما يبدو، لن يكون ردّ حزب الله “المحدود” في الجولان كما حصل في الحادثة السابقة، وإنما يرجح “الإسرائيليون” – وفقا لتقرير في القناة الثانية عشر العبرية – أن يكون الرد اللبنانيّ في “الجليل”، بالداخل “الإسرائيلي”
وقد حذر نتنياهو في خطاب متلفز، ردا على التهديدات اللبنانية، حسن نصر الله والدولة اللبنانية، ومن خلفهم قاسم سليماني، مهندس التحركات الإيرانية في المنطقة، من تبعات أي عملية عسكرية انتقامية تستهدف “إسرائيل” في الفترة القادمة، مشيرًا إلى أن “إسرائيل تعرف الدفاع عن نفسها جيدا، وسترد على أعدائها”، على حد قوله.
في الكواليس والغرف المغلقة، يعلم حسن نصر الله هذه الحيثيات جيدا، لذلك فإنه قد ترك لنفسه المجال الزمني للرد مفتوحا على مصرعيه لحين توافر الظرف المناسب، معتبرا أن التأهب “الإسرائيلي” في حد ذاته مكسبٌ إعلامي للحزب أمام أنصاره، ومعتمدا – في الوقت نفسه – على إرث عملية “هار دوف”، حينما انتظر الحزب عشرة أيام قبل قيامه بعملية عسكرية أدت إلى مقتل ضابط وجندي “إسرائيليين” قرب جبل الشيخ بالجولان، يناير/ كانون 2015، ردا على استهداف “إسرائيلي” لموقع تابع للحزب في القنيطرة شمال سوريا، أسفر عن مقتل ستة من عناصره.
ولكن هذه المرة، وعلى ما يبدو، لن يكون ردّ حزب الله “المحدود” في الجولان كما حصل في الحادثة السابقة، وإنما يرجح “الإسرائيليون” – وفقا لتقرير في القناة الثانية عشر العبرية – أن يكون الرد اللبنانيّ في “الجليل”، بالداخل “الإسرائيلي”، كتصعيد مقابل للتطور النوعي الذي اقترفته “إسرائيل” ضد حزب الله.