ترجمة وتحرير: نون بوست
لا يزال أكثر من 6000 سوري في بريطانيا عالقين في طي النسيان بسبب استمرار تجميد طلبات لجوئهم بعد شهرين من سقوط نظام بشار الأسد.
وكانت وزارة الداخلية البريطانية أعلنت عن “وقف مؤقت” لطلبات اللجوء المقدمة من طالبي اللجوء السوريين في 9 ديسمبر/كانون الأول، أي بعد يوم واحد من اجتياح الثوار لدمشق، قائلة إنها بحاجة إلى “تقييم الوضع الحالي”.
ولا يزال الوضع غامضًا للغاية، فقد تم تعيين أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسمه الحركي أبو محمد الجولاني، مؤخرًا كرئيس للدولة، لكن قواته لا تزال مصنفة كجماعة إرهابية من قبل المملكة المتحدة ودول أخرى.
وتم تجميد ما لا يقل عن 6600 طلب لجوء سوري في النظام البريطاني، يمكن أن يشمل كل منها أكثر من شخص واحد، بانتظار قرار مبدئي بشأنها، ومن المتوقع أن يتم تقديم المزيد من الطلبات من أولئك الذين يصلون على متن قوارب صغيرة، وفقاً لتحليل أجرته صحيفة الأوبزرفر للأرقام الرسمية. ودعت جمعيات خيرية رائدة ومحامون بارزون الحكومة إلى حل هذا الوضع.
ويُعتقد أن العديد من الطلبات التي تم تعليقها هي من السوريين الذين فروا من نظام الأسد؛ حيث قال وزير الداخلية، اللورد هانسون، في مجلس اللوردات الشهر الماضي، إن هناك “حجة قوية” بأن غالبية السوريين الذين وصلوا قبل سقوط الأسد “كانوا فارين من نظام الأسد”.
ومع ذلك، فقد اتُهمت عدة جماعات مختلفة بالاضطهاد وارتكاب جرائم حرب، وسيطرت على مناطق مختلفة منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011.
ومن بين المتضررين عقيد سابق في الجيش العربي السوري، والذي انشق عن الجيش السوري، ويعتقد أنه لا يزال معرضًا للخطر من جميع أطراف النزاع.
ووصل العقيد حسن إلى بريطانيا على متن قارب صغير قبل نحو عامين، ومُنح حق اللجوء العام الماضي قبل أن تسحب وزارة الداخلية القرار بسبب خطأ إملائي، ولم يتم تصحيحه وأعيد إصداره قبل سقوط نظام الأسد وسريان وقف الطلبات.
وقال حسن: “لقد حصل الأشخاص الذين وصلوا بعدي بأشهر على الإقامة والحق في لم شملهم مع عائلاتهم، ولكنني ما زلت أنتظر”.
وأضاف: “زوجتي وأطفالي يعيشون في تركيا، ولم أرهم منذ سنوات وهم ينتظرون مني أن أجد لهم بلدًا آمنًا وحياة جديدة ومستقبلًا أفضل”.
ووصف حسن وقف القرارات بـ”التعسفي”، قائلًا إن الفصيل التابع للشرع لا يزال مصنفًا كجماعة إرهابية ولا ينبغي الاعتراف به كـ”سلطة شرعية تحكم سوريا”.
وقال إنه يعرف بعض السوريين الذين يخططون للعودة إلى البلاد بعد تغيير النظام، إلا أنه كعقيد سابق في جيش الأسد يخشى أن يتم اعتقاله وقتله، وأضاف: “أنا وعائلتي ليس لدينا أي إمكانية للعودة إلى سوريا”.
وتابع قائلًا: “لم أكن يومًا من مؤيدي النظام السابق وخسرت كل شيء، لكني لا أقبل أن أعيش في بلد يحكمه متطرفون وأعلم أن مصيري سيكون الموت”.
وتعهد الشرع، الذي عُيّن رئيسًا لما وصفته وسائل الإعلام الرسمية بـ”الفترة الانتقالية” في 29 يناير/كانون الثاني، بملاحقة من وصفهم بـ”المجرمين الذين سفكوا دماء السوريين”.
وبينما تعهد بإجراء انتخابات ووضع دستور جديد، فقد أشار لوسائل الإعلام المحلية إلى أن العملية قد تستغرق سنوات.
واتهم مسؤول في وزارة الداخلية البريطانية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، الحكومة البريطانية بـ”تعليق حياة الناس لأسباب سياسية” وسط تردد داخلي حول كيفية التعامل مع نظام الشرع الجديد.
وأضافوا: “إنهم في الأساس يحتجزون طالبي اللجوء إلى أن تعرف وزارة الخارجية ما هو الموقف الدولي، وليس هناك حاجة لذلك؛ حيث يمكنهم منح اللجوء ثم إلغاؤه بمجرد التأكد من أن اللاجئ لم يعد يواجه خطر التعرض للاضطهاد في بلده الأصلي”.
وقال الموظف الحكومي إن هذا القرار كان سببًا في ارتفاع تكاليف الإقامة بسبب عدم تمكن هؤلاء الذين يعيشون الآن في حالة من الغموض من العمل بشكل قانوني، ولأن الحكومة ملزمة قانونًا بإيوائهم ودعمهم حتى يتم اتخاذ القرار، ولا تستطيع الحكومة رفع التجميد حتى يتم وضع إرشادات جديدة لطلبات اللجوء. لكن موقع وزارة الداخلية يظهر جميع الوثائق المتعلقة بسوريا على أنها “مسحوبة”.
وأكد هانسون الشهر الماضي، في إجابته على أسئلة في مجلس اللوردات، أن مقابلات اللجوء قد تم إيقافها مؤقتًا وأنه لم يتم تحديد جدول زمني لاستئناف معالجة الطلبات.
وأضاف هانسون: “كانت هذه الخطوة ضرورية ولا تزال خطوة ضرورية اتخذتها العديد من الدول الأوروبية الأخرى أيضًا، إن التوقف المؤقت قيد المراجعة المستمرة، وعندما يكون هناك أساس واضح يمكن الاستناد إليه في اتخاذ القرارات، سنستأنف الأمر”.
وينطبق التجميد أيضًا على السوريين الذين حصلوا بالفعل على صفة لاجئ، ولكنهم يقتربون من نهاية فترة الخمس سنوات الأولى التي منحت لهم للإقامة في المملكة المتحدة ويجب عليهم تقديم طلب جديد للبقاء.
وقال هانسون: “كل شيء متوقف مؤقتًا في الوقت الحالي لسبب بسيط هو أننا لا نفهم بعد ما حدث في سوريا بشكل دائم أو نعرف مدى استقرار سوريا ككل”.
وأضاف قائلًا: “هناك تقييم يجب أن يتم إجراؤه حول ما إذا كان الأفراد يرغبون في العودة إلى سوريا أو طلب اللجوء، وبالنسبة لوضع أولئك الأفراد الذين قد يطلبون اللجوء، فهو وضع معقد للغاية ومتغير”.
يحث مجلس اللاجئين الحكومة على إيجاد طريقة بديلة لمعالجة الطلبات، مثل التركيز على الطلبات التي لا تعتمد على الاضطهاد من قبل نظام الأسد أو منح شكل من أشكال الحماية الإنسانية، وقال جون فيتونبي، كبير محللي السياسات في المؤسسة الخيرية، إن حالة “الغموض” المستمرة محزنة للمتضررين ومكلفة للنظام.
وأضاف: “نحن ندرك أن الوضع قد تغير بشكل كبير ولكن العديد من الأشخاص عالقون بالفعل في نظام اللجوء لفترة طويلة، وهم الآن عالقون في حالة عدم اليقين هذه، ولا يبدو أن هناك أي وضوح بشأن مدة التوقف المؤقت. نحن ندرك أن وزارة الداخلية بحاجة إلى بعض الوقت للتأكد مما يحدث، ولكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تتضح الأمور، ومن مصلحة الجميع أن تكون هناك طريقة للمضي قدمًا بسرعة كبيرة”.
وقال فيتونبي إن اللاجئين السوريين الذين يتمتعون بحقوقهم الحالية، ولكنهم يقتربون من المواعيد النهائية للتقدم بطلب للحصول على حق البقاء لأجل غير مسمى، يواجهون “تداعيات خطيرة” لأنه إذا انتهى حقهم القانوني في البقاء، فسوف يفقدون أهليتهم للحصول على السكن والعمل والدراسة.
وتابع فيتونبي: “من المفهوم أن هذا الأمر بدأ يسبب لهم القلق ويعرقل حياتهم، حتى لو كانوا مقيمين في المملكة المتحدة منذ سنوات وبدأوا في إعادة بناء حياتهم. لا يبدو أن الوضع في سوريا سيحل نفسه في أي وقت قريب، وترك الناس في حالة من عدم اليقين ليس في مصلحة أي شخص”.
ودعا أيضًّا ستيف سميث، الرئيس التنفيذي لجمعية “كير فور كاليه” الخيرية، الحكومة البريطانية إلى رفع الإيقاف المؤقت. وقال: “إن قرار وقف طلبات اللجوء للاجئين السوريين هو في الأساس اعتراف من الحكومة بأنها لا تستطيع ضمان أن تكون سوريا آمنة في ظل النظام السياسي الجديد”.
وأضاف: “أولئك العالقون في حالة من الغموض نتيجة الإيقاف المؤقت طلبوا الأمان في المملكة المتحدة، وقد انتظر العديد منهم سنوات للبت في طلبات لجوئهم، ولدينا التزام أخلاقي بمنحهم قرارًا حتى يتمكنوا من البدء في إعادة بناء حياتهم”.
وأعرب حسن عن قلقه من أن السلام الهش الحالي قد يفسح المجال لصراع جديد بين الجماعات المتنافسة التي لا تزال تسيطر على أجزاء مختلفة من سوريا.
وأوضح قائلًا: “هناك احتمالية حدوث تصعيد وحرب أهلية في أي وقت، مع وجود العديد من الخلايا النائمة والجماعات المتطرفة التي لا تزال تنفذ هجمات في مناطق مختلفة. إن الطريق نحو الأمن والاستقرار الشامل سيستغرق وقتًا طويلًا، ويجب أن تكون هناك استثناءات لتعليق قرارات اللجوء للسوريين”.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: “أوقفت وزارة الداخلية مؤقتاً القرارات المتعلقة بطلبات اللجوء للسوريين بينما نقوم بتقييم الوضع الحالي، نحن ملتزمون بتقديم نظام لجوء يستجيب لجميع أشكال الاضطهاد ويسهل اتخاذ قرارات لجوء عادلة ومستدامة”.
المصدر: الغارديان