كثفت رئيسة الحزب الدستوري الحر – وريث التجمع المنحل (حزب بن علي) – عبير موسى، في الفترة الأخيرة خطابها المعادي لثورة الحرية والكرامة والقيم التي جاءت بها، رغبة منها في الظفر بالكرسي الذي شغله الرئيس المخلوع بن علي لأكثر من عقدين، رغم أن قيم الثورة هي ما منحتها حرية النشاط.
وريثة التجمع المنحل
بدأت عبير موسى نشاطها السياسي قبل الثورة، صلب هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل وأذرعه الجمعياتية والمهنية، حيث تقلدت عدة مهام على غرار مساعدة رئيس بلدية أريانة وعضو المنتدى الوطني للمحامين إضافة إلى مسؤولية الكتابة العامة للجمعية التونسية لضحايا الإرهاب.
في يناير/كانون الثاني 2009، عينت موسى أمينة عامة مساعدة مكلفة بشؤون المرأة صلب الإدارة المركزية للتجمع، لتنتقل بذلك من الصفوف الخلفية إلى الإدارة المركزية للحزب وتبدأ الإشراف على الذراع النسائية للحزب.
لم تبق في هذا المنصب أكثر من سنتين، لتتوارى عقب الثورة عن الأنظار وتغيب عن الساحة لفترة من الزمن بسبب القضايا التي تلاحقها وتجميد عملها في سلك المحاماة، قبل أن تعود للنشاط صلب الحركة الدستورية التي أسسها الوزير الأول في عهد بن علي حامد القروي سنة 2013.
تأمل المرشحة عبير موسى بالظفر بكرسي الرئاسة حتى تعيد قرطاج إلى أصحابه الأصليين وفق اعتقادها
أكتوبر/تشرين الأول 2014، ترشحت عبير موسى على رأس قائمة “الحركة الدستورية” للانتخابات التشريعية في محافظة باجة (شمال غرب)، إلا أنها فشلت في الوصول إلى قبة برلمان باردو حتى تطبق الفكر الذي تحمله وتستمده من منظومة الحكم السابقة.
بعد ذلك بسنتين، تمكنت موسى من السيطرة الكاملة على “الحركة الدستورية” بعد أن استبعدت كل منافسيها داخل الحزب، ليفسح لها المجال لتولي رئاسته في 13 من أغسطس/آب 2016 خلال مؤتمر “الثبات” الذي عمدت خلاله إلى تغيير اسم الحركة للحزب الدستوري الحر.
ترؤسها لهذا الحزب، منح لها هامشًا كبيرًا من حرية النشاط، وقد استغلت الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة للتونسيين لتمرر رسالتها الرافضة لثورة يناير 2011 والداعمة لنظام المخلوع بن علي. يذكر أن عبير موسى البالغة من العمر 44 سنة، حاصلة على شهادة في الحقوق وعلى شهادة الدراسات في القانون الاقتصادي وقانون الأعمال.
العين على قرطاج
مارس/آذار 2011، تم طرد المحامية عبير موسى من قبل زملائها من قاعة المحكمة التي قضت بحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، بعد أن استماتت في الدفاع عن نظام المخلوع الذي أذاق الشعب التونسي الويلات. وفي أغسطس/آب 2019، نفس هذه المحامية قدمت أوراق ترشحها لانتخابات الرئاسة السابقة لأوانها، مستغلة الديمقراطية التي حملتها الثورة معها.
وتقدمت عبير موسى بترشحها لرئاسة البلاد إلى جانب 25 مرشحًا آخر، أبرزهم رئيس البرلمان بالنيابة ومرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد (مرشح حزب تحيا تونس) وعبد الكريم الزبيدي (مرشح حزبي النداء وآفاق) والرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي (مرشح ائتلاف تونس أخرى).
ترفض موسى القيم التي جاءت بها الثورة التونسية
تعتبر هذه الانتخابات الرئاسية المرتقبة، الثانية التي تشهدها تونس بعد الثورة، حيث شهدت البلاد نهاية سنة 2014 انتخابات رئاسية، وصفها مراقبو البعثة الأوروبية بـ”الشفافة” وذات “المصداقية”، واعتبرها العرب والأفارقة عنوان تقدم لتونس.
وكان من المقرر إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية العادية في تونس 17 من نوفمبر/تشرين الثاني، لكن بسبب وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي في 25 من يوليو/تموز الماضي، قررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقديم موعدها وإجراءها في 15 من سبتمبر/أيلول، فيما تجرى في الخارج أيام 13 و14 و15 من نفس الشهر، وذلك وفقًا لمتطلبات الدستور.
تأمل المرشحة عبير موسى بالظفر بكرسي الرئاسة حتى تعيد قرطاج إلى “أصحابه الأصليين” وفق اعتقادها، وأصحابه الأصليون هم التجمعيون الذين حكموا البلاد لـ25 سنة، كانت الأبشع والأسوأ في تاريخ تونس الحديث.
معاداة الثورة والربيع العربي
عرفت عبير موسى التي كانت تشغل منصب أمين عام مساعد لحزب التجمع المنحل (حزب بن علي) قبل الثورة، بكونها ضد الثورة وضد كل مخرجاتها، حتى إن مشروعها السياسي هو مواصلة للمرحلة التجمعية النوفمبرية التي تعتز بها عبير موسى وتتباهى بها.
وتشدد موسى رفضها الكامل والقطعي لما حصل في البلاد سنة 2011، حيث تؤكد نيتها العمل على كشف حقيقة ما حصل يوم 14 من يناير/كانون الثاني 2011، معتقدة بتعرض الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لضغوط دفعته لمغادرة تونس “رغمًا عن إرادته”.
تلقى عبير موسى حظوة كبرى لدى العديد من الصحف والمواقع الإماراتية
كما عرفت موسى بخطاباتها التي تتهجم فيها على الربيع العربي، وسبق أن قالت: “الربيع العربي انتهى والعمل الآن هو إنقاذ تونس من منظومة الخراب التي جاءت بها الثورة الوهمية التي أنجزت في الغرف المغلقة لدوائر المخابرات الأجنبية لإسقاط البلاد وتحويلها إلى دولة فاشلة”.
معاداة النهضة ركيزة برنامجها الانتخابي
فضلاً عن معاداة الثورة التونسية والربيع العربي، تجاهر عبير موسى بمعاداتها لحركة النهضة، فهي ترى أنها السبب فيما وصلت له البلاد، فلم تكتف بمعاداة النهضة فقط بل دعت إلى حظر هذا الحزب ومحاكمة قياداته.
وسبق أن أكدت المرشحة الرئاسية عبير موسى نيتها بحل حركة النهضة إذا وصلت للحكم، “نظرًا لما ارتكبته من جرائم” وفق قولها، وكان حزبها قد قدم أكثر من قضية لدى المحاكم التونسية لمحاكمة قادة النهضة لكنها لم تقدم دليلاً واحدًا لإدانتها.
الإمارات
لا تخفي موسى إعجابها وولاءها للإماراتيين، وسبق أن كشفنا في تقرير لنون بوست، وجودها ضمن الذراع السياسي لشبكة مصالح إماراتية في تونس تعمل على إفشال الانتقال الديمقراطي الذي تشهده البلاد منذ سقوط نظام بن علي في يناير 2011، ومصادرة القرار السيادي التونسي.
تقتات عبير موسى بقربها من المحور الإماراتي
أسندت إلى عبير موسى مهمة ضرب الفرع التونسي للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي تأسس سنة 2012، وينتمي إليه بعض قيادات حركة النهضة على غرار وزير الشؤون الدينية الأسبق نور الدين الخادمي، خدمة للإماراتيين والمحور الذي يقودونه إلى جانب السعودية.
أصبحت عبير موسى، مؤخرًا، تلقى حظوة كبرى لدى العديد من الصحف والمواقع الإماراتية، حظوة تتنامى كلما طرحت اسم النهضة واتحاد علماء المسلمين في ميزان التهم، ويتم الاحتفاء بها بقدر إشباعها للتهمة الموجهة للاثنين، ثم بقدر تعمير تلك التهم وانتشارها وإثارتها للجدل.