ربما لفت انتباهك هذا الرجل عند مشاهدته في الأخبار خلال عرض لقطات لجلسات مجلس العموم البريطاني، وهو يصرخ باللغة الإنجليزية بطريقة مميزة وعلى نطاق واسع بكلمة “Order” أي “انضباط”، وفي مواقف أخرى، يقول كل ما يجول بخاطره ويستخدم تعابير وجهه ويغير نبرة صوته وإشارات يده عند أداء مهامه.
جعل كل هذا من شخصية بيركو كما لو أنها وُجدت خصيصًا لعصر وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشرت في الفترة الأخيرة مقاطع فيديو له تعكس شخصيته الطريفة وطريقته المميزة في الحديث، حتى أصبح شخصية ظريفة وحديث رواد وسائل التواصل الاجتماعي.
انضباط! انضباط! .. الممثل الرئيسي في دراما “البريكست”
في الوقت الذي تدخل فيه السياسة البريطانية المتوترة مرحلة حرجة، حيث تتجه عقارب الساعة إلى سن قانون يهدف إلى منع رحيل البلاد عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) دون التوصل إلى اتفاق مع بروكسل، احتل الممثل الرئيسي في دراما خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مركز الصدارة.
اتجهت الأنظار إلى رئيس البرلمان جون بيركو الذي حددت قراراته هذا الأسبوع ما إذا كان بإمكان النواب المتمردين من حزب المحافظين ونواب المعارضة منع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، الذي يقول الاقتصاديون إنه سيضر بالمملكة المتحدة، وقد يؤدي بدوره إلى انتخابات عامة مبكرة.
يؤكد بيركو أن له ولاءًا واحدًا فقط، حيث قال في مارس/آذار الماضي: “إذا كنت متحيزًا ، فأنا منحاز لصالح البرلمان”
هذا الرجل المثير للجدل والصريح البالغ من العمر 56 عامًا، هو محور الصراع الدائر بين الهيئة التشريعية المنتخبة لمجلس العموم ورئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي من المقرر أن يحدد مصير الأمة لسنوات قادمة.
مهمة بيركو في هذا الصراع ليست سهلة، فهو الذي يقرر أي التعديلات يمكن للنواب نقاشها والتصويت عليها، وهو الذي يعطي ويسحب الكلمة من النواب، باختصار، هو المسؤول عن المسؤول منذ 10 سنوات في برلمان تطغى عليه في كثير من المرات النقاشات الحادة والساخنة.
لكن رغم الصراخ العالي والنقاش الحاد، لرئيس البرلمان طريقته الخاصة في إعادة الهدوء لقاعة البرلمان، ببساطة، رئيس البرلمان بيركو، هو المسؤول عما يجري داخل قاعات مجلس العموم، وبعيدًا عن الحسابات السياسية للأحزاب الممثلة في البرلمان، يمتثل بيركو فقط لقواعد وتقاليد البرلمان، رغم أنه كان في الأصل نائبًا من حزب المحافظين، لكن عندما اُنتخب رئيسًا للبرلمان، تخلى عن انتمائه الحزبي.
في بعض الأحيان، أزعج رئيس مجلس العموم الكثيرين من سياسيّ اليسار واليمين، لكن لديه معجبيه أيضًا الذين يقولون إن ما تجده عندما تقابل جون بيركو هو تفانيه في البرلمان وتفانيه في العمل وتصميمه على أنه لن ينحاز تجاه حزب على حساب آخر، ولن يسمح للأيديولوجية بتخطي ما هو صحيح، وهو أيضًا رجل ذكي سريع البديهة للغاية.
يصر بيركو على الدوام على عدم انحيازه لحزب سياسي معين أو تفضيله لحزب سياسي على آخر، ويؤكد أن له ولاءً واحدًا فقط، حيث قال في مارس/آذار الماضي: “إذا كنت متحيزًا، فأنا منحاز لصالح البرلمان”.
رئيس مجلس العموم البريطاني جون بيركو في أثناء حضوره الاحتفال باليوبيل الماسي للملكة إليزابيث الثانية في قاعة ويستمنستر في لندن مارس 2012
وتنص القواعد البرلمانية على ما يلي: “رئيس المجلس هو الضابط الأعلى والسلطة العليا في مجلس العموم، ويجب أن يظل محايدًا سياسيًا في جميع الأوقات، وبالتالي، يجب على الرئيس الجديد الاستقالة من حزبه السياسي، وأن يبقى منفصلاً عن القضايا السياسية حتى عند التقاعد”.
في حال الالتزام بهذه القواعد، يبدو بيركو مصممًا تمامًا على الدفاع عن حقوق الهيئة التشريعية ضد سلطات السلطة التنفيذية، وأنه كان سيتصرف بنفس الطريقة تمامًا لو كان يتعامل مع حكومة حزب العمال اليسارية، رغم ذلك، أصبح شخصية مثيرة للجدل لدوره في المفاوضات الجارية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة.
وبصفته الممثل غير الحزبي لمصالح البرلمان منذ 9 سنوات، وجد رئيس البرلمان نفسه في قلب محاولة أخيرة قام بها نواب المعارضة و”المتمردون” من حزب المحافظين الحاكم لتوجيه تشريع سريع يهدف إلى عرقلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومن شأن مشروع القانون إجبار جونسون على السعي لتمديد موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي المقرر في 31 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مما يضع بيركو – الذي سيقرر ما إذا كان بإمكان مشروع القانون المضي قدمًا – في موقع السلطة العليا.
الحياد السياسي المزعوم.. هل لدى بيركو دور في “البريكست”؟
من المفترض أن يظل رئيس مجلس العموم محايدًا، ويجلس كشخصية غير حزبية، لكن بيركو غالبًا ما كان متهمًا من طرف نواب داعمين للبريكست بأنه معادٍ تمامًا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأنه يميل إلى جانب البقاء، عبر قرارات تنظيمية اعتبرت قاسية تجاه حكومة تيريزا ماي السابقة.
في كثير من الأحيان، انخرط رئيس مجلس العموم في خلاف جديد حول التحيز السياسي، ففي حديثه لطلاب من جامعة ريدينغ في فبراير/شباط 2017، ذكرت صحيفة صنداي تلجراف البريطانية أنه قال: “شخصيًا، لقد صوتت لصالح البقاء في العام الماضي، اعتقدت أنه كان من الأفضل البقاء في الاتحاد الأوروبي من عدمه”، مضيفًا أنه يأمل أن تستمر قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن الإجازة الوالدية غير القابلة للتحويل قبل أن يبلغ الطفل سن 10 عامًا وأنظمة وقت العمل وقوانين المساواة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
في هذا التوقيت، كان جون بيركو يواجه بالفعل تصويتًا بحجب الثقة من أعضاء البرلمان بعد أن أغضب الحكومة باستخدام حق النقض لمنع الرئيس ترامب من إلقاء خطاب أمام البرلمان البريطاني في قاعة وستمنستر، واتُهم بإلحاق الضرر بالعلاقة الخاصة بسبب حديثه عن “عنصرية ترامب وتمييزه الجنسي”، وهو ما اعتبره نواب أنه تجاوز صلاحياته.
لكن موقف بيركو المنتقد لترامب يستند إلى ترحيب المعارضين بهذه التصريحات والمواقف، حيث يرى هؤلاء أن جونسون عازم على هندسة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق كجزء من إستراتيجية لمواءمة بريطانيا عن كثب مع الولايات المتحدة التي يقودها دونالد ترامب.
تم تصوير جون بيركو وكينيث كلارك وهما يغادران مطعم كينينجتون تاندوري
في فبراير/شباط 2019، تناول بيركو الطعام مع عضو حزب المحافظين البريطاني كينيث كلارك، بالقرب من البرلمان، ما أدى إلى توجيه الاتهامات لرئيس البرلمان بمحاولة قلب الإرادة الديمقراطية للشعب البريطاني، وقال العضو المحافظ أندرو بريدجن: “يبدو أن رئيس البرلمان يتآمر مع نواب مؤيدين للبريكست لوقف الاتفاق وتخريب الديمقراطية”.
في الشهر التالي، وتحديدًا في 18 من مارس/آذار 2019، استبعد بيركو بشكل مثير للجدل إجراء تصويت ثالث على اتفاق ماي للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لأنه لم يكن مختلفًا إلى حد كبير عن المرات السابقة، مستخدمًا في ذلك القواعد القديمة التي تقول إن الاقتراح نفسه لا يمكن طرحه على المجلس مرارًا وتكرارًا.
في مايو/أيار 2019، تعهد النائب المحافظ بالبقاء في منصبه كرئيس للمجلس، بعد تهديده بعرقلة الخروج عن الصفقة، وقال: “ليس من المنطقي إخلاء الكرسي”، بينما بقي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون حل، في خطوة انطوت على خطر إثارة خلاف جديد مع المحافظين الأوروبيين، الذين اتهموه باستخدام دوره المفترض المحايد في البرلمان لمحاولة إبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وقال لصحيفة “الجارديان” البريطانية: “لم أقل قط أي شيء عن الذهاب في يوليو من هذا العام، ثانيًا، أشعر أن هذا هو الوقت الذي تحدث فيه أحداث هامة وهناك قضايا كبيرة يتعين حلها، وفي هذه الظروف، لا يبدو من المنطقي أن أترك منصبي”، ورفض الإشارة إلى أن النواب فقدوا فرصتهم في منع الخروج دون اتفاق مرة واحدة وإلى الأبد.
بالإضافة إلى ما سبق، تلخص ردة فعل بيركو على خطة جونسون لتعليق البرلمان لمدة 5 أسابيع في الفترة التمهيدية الحاسمة للبريكسيت مقاربته، فرغم أنه لا يعلق عادة على الإعلانات السياسية، فإنه أصدر بيانًا عنيفًا، اعتبر فيه أن قرار حكومة جونسون يمثل “انتهاكًا للقيم الدستورية وجريمة ضد العملية الديمقراطية”.
ذكرت صحيفة “ذي تايمز” أن بيركو أخبر النواب الذين يريدون تأجيل أو منع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أنه سيساعدهم على تنصيب حكومة وحدة وطنية إذا نجحوا في التصويت بحجب الثقة عن جونسون
غضب بيركو يجعل من المرجح أنه سيمكِّن نواب المعارضة “المتمردين” من إحباط نوايا جونسون، رغم أن جونسون دعا النواب إلى التصويت على مذكرة تدعو إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في 15 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وذلك بعدما صوت مجلس العموم مؤيدًا إرجاء موعد “بريكست”.
لم يتجنب بيركو بالتأكيد الصدام مع زملائه المحافظين، مما يرسخ الاعتياد على الاشتباك مع الحكومة عن دور البرلمان في النقاش بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي هذا الشأن، يُتهم رئيس البرلمان بالتخطيط للضغط عن الملكة للإطاحة ببوريس جونسون كرئيس للوزراء، وذكرت صحيفة “ذي تايمز” أن بيركو أخبر النواب الذين يريدون تأجيل أو منع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أنه سيساعدهم على تنصيب حكومة وحدة وطنية إذا نجحوا في التصويت بحجب الثقة عن جونسون.
وكان زعيم حزب العمال جيريمي كوربين قد أعلن في وقت سابق عزمه الإقدام على تلك الخطوة، وإذا حظي مقترح سحب الثقة بتصويت عدد أكبر من النواب، فستكون هناك فرصة سانحة مدتها 14 يومًا أمام الحكومة الراهنة – أو أي حكومة بديلة برئيس وزراء جديد – لتحظى بثقة النواب.
ويعتقد البعض أن هذه المواجهة الأخيرة هي تصادم آخر، ومن المحتمل أن يخرج من جديد سالمًا، لأن هناك أغلبية من البرلمانيين يعتقدون – إلى حد كبير – أنه يقوم بعمل جيد للغاية في الدفاع عن حقوقهم ضد حقوق الحكومة.
رحلة جون بيركو من أقصى اليمين إلى الوسط
نشأ جون بيركو في فينتشلي، شمال لندن، حيث كانت هذه المنطقة تمثل دائرة النائبة المحلية وقتها مارجريت تاتشر عام 1959، قبل أن تتولى وزارة التربية، ثم رئاسة الوزراء، وتشتهر بلقب “المرأة الحديدية”.
كان بيركو بطلاً لفريق تنس الشباب، الذي صُنِّف ذات مرة في المرتبة الأولى في بريطانيا، لكن الربو وقصر قامته منعاه من ممارسة مهنة احترافية.
انخرط هذا الشاب في العمل السياسي منذ أيام الدراسة، ثم أصبح ضمن دائرة تاتشر بعد أن انضم إلى حزب المحافظين في المملكة المتحدة، وترك الحزب لاحقًا، واصفًا آراء بعض أعضائه بأنها “غير مستساغة”.
عندما أطلق حملته الانتخابية ليصبح نائبًا عن دائرة بكنغهام، أخذ بيركو يتجه نحو الاعتدال، ويميل نسبيًا إلى يسار حزب المحافظين، خصوصًا فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية مثل المثلية الجنسية
وبصفته ناشط طلابي في نادي الإثنين (Monday Club) اليميني المتطرف، كان بيركو مؤيدًا لبرنامج “إعادة المهاجرين بمساعدة المهاجرين”، واتُّهم بالدفاع عن آراء عنصرية، ما دفع حزب المحافظين إلى قطع صلته به عام 2001، ومنذ ذلك الحين نأى بنفسه عن النادي اليميني، ووصف وجهات نظره وقناعاته في ذلك الوقت بـ”ضرب من الجنون”.
وعند التحاقه بجامعة إيسيكس، أصبح بيركو رئيسًا لمؤتمر المحافظين الجامعي، وهي منظمة تم حلّها عام 1986 من رئيس حزب المحافظين نورمان تيبت، ثم حصل بيركو، وهو ابن سائق سيارة أجرة، على مقعد نيابي محافظ لأول مرة بعد مرور 11 عامًا في باكنغهام، الذي مثله منذ ذلك الحين.
صورة لجون بيركو وزوجته سالي مع أطفالهم في ليلة بلندن
عندما أطلق حملته الانتخابية ليصبح نائبًا عن دائرة بكنغهام، أخذ بيركو يتجه نحو الاعتدال، ويميل نسبيًا إلى يسار حزب المحافظين، خصوصًا فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، مثل المثلية الجنسية، واستمرّ من ثم ابتعاد بيركو التدريجي عن مواقع اليمين حتى توقّع البعض أن ينضم إلى حزب العمال الذي كان بدوره قد أخذ يبتعد عن مواقع اليسار المتطرف، وأشاد حينها علنيًا برئيس الوزراء العمالي توني بلير وانتقد زعيمه.
يعترف المراقبون أن رئيس البرلمان منذ 9 سنوات، كان في “رحلة أيديولوجية”، فقد تغيرت أفكاره وأصبح من أشد المدافعين عن حقوق المثليين الذين نظروا إليه كبطل مدافع عنهم، كما وصف الحملة على مدخني الحشيش بأنها “سخيفة”، كما كان له ماض مرتبط باليمين المتطرف لحزب المحافظين، لكن الجميع رأوه يخفف من موقفه ويتقدم أكثر نحو الوسط.
إلى جانب مسيرة جون بيركو السياسية الحافلة، لعبت زوجته سالي إيلمان بيركو دورًا محوريًا في تكوين صورته أمام الرأي العام البريطاني، لكنها أثارت الجدل أكثر من مرة، ولأسباب مختلفة خلال السنوات القليلة الماضية، ذلك أن سالي تحوّلت سياسيًا أكثر من زوجها، وبلغ بها الأمر أنها غدت عضوًا في حزب العمال، وترشحت عنه في الانتخابات البلدية عام 2010. وأكثر من هذا، تناقل الإعلام اسمها في سياق مشكلات مرتبطة بإدمان الكحول والخيانة الزوجية وقضايا قضائية كانت محورها بعدما كشفت اسم “لورد محافظ” اتُّهم بقضية تحرّش بقاصر.
“مستر سبيكر” القرن الـ21
اُنتخب بيركو كرئيس للبرلمان الـ157 في يونيو/حزيران 2009 عقب استقالة مايكل مارتن في أعقاب فضيحة نفقات النواب، ولم يتحداه أحد من الأحزاب الكبرى في مقعده منذ توليه المنصب، ويُقال إن العديد من زملائه في حزب المحافظين كانوا ضده بمرارة، لكن يُعتقد أنه حصل على دعم مئات من نواب حزب العمال في اقتراع سري.
بيركو هو أول رئيس من أصل يهودي، وهو الوحيد الذي لا يرتدي أردية المحكمة التقليدية في أثناء ترؤسه لمجلس النواب، كما أنه تخلى عن الشعر المستعار للكاتب، وقال إن النواب لا يحتاجون إلى ارتداء ربطة عنق، مما أغضب العديد من التقليديين.
بيركو نقل بعض التقاليد البرلمانية إلى “القرن الـ21” على حد قوله، إذ إنه قطع مع أسلافه، وقرر ارتداء بذلة رسمية تحت عباءته السوداء بدل الزي التقليدي الذي لم يتخلّ عنه الرؤساء السابقون
ادعى العديد من المحافظين أن رئيس البرلمان كان متحيزًا ضدهم، واشتبك بيركو مرارًا وتكرارًا مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وفشلت مؤامرة حزب المحافظين للإطاحة به قبل أيام من الانتخابات العامة لعام 2015، وأُعيد انتخابه دون معارضة في البرلمان الجديد.
في يونيو/حزيران 2017، اُعيد انتخاب بيركو مرة أخرى بعد الانتخابات العامة المفاجئة، وفي عام 2009، قال مؤيدوه إنه لن يخدم أكثر من 9 سنوات، مما يعني أنه كان سيترك منصبه في يونيو/حزيران 2018.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، أبلغ أصدقاءه أنه سيتنحى في يونيو/حزيران التالي، بعد 10 سنوات كرئيس للبرلمان. جاء الأمر عندما أخبره النواب على وجهه أنه يجب عليه الاستقالة في نقاشات مجلس العموم، وتحدثت تقارير مماثلة في وقت سابق من العام أن زوجته وأطفاله الأربع “سئموا من العيش في البرلمان، وحثوه على ترك منصبه”.
رئيس البرلمان جون بيركو مع الملكة إليزابيث عام 2013
ومن السمات المميزة لفترة ولاية بيركو تفسيره الجديد للإجراءات البرلمانية، وتدخله في الحديث أكثر من المتحدثين السابقين، وقيامه بدور أكثر نشاطًا في تفسير ما يعتقد أنه إرادة مجلس النواب والدفاع عن المجلس ضد السلطة التنفيذية، مما يعكس فهمه لكيفية تغير دور المتحدث.
ربما كان أهم مساهمة من بيركو هو تطبيق عدد من الإصلاحات تعزز الرقابة التشريعية على السلطة التنفيذية، كان أبرزها العمل بما يُعرف بـ”الأسئلة الطارئة”، تُتيح للنواب استدعاء الوزراء خلال مهلة قصيرة لاستجوابهم بشأن قضية طارئة.
كما أن بيركو نقل بعض التقاليد البرلمانية إلى “القرن الـ21” على حد قوله، إذ إنه قطع مع أسلافه، وقرر ارتداء بذلة رسمية تحت عباءته السوداء بدل الزي التقليدي الذي لم يتخلّ عنه الرؤساء السابقون، بل وأعفى بعض موظفي مجلس العموم من ارتداء “الباروكة الرمادية” التقليدية.