تدخل حزب الله في سوريا عاد بالعديد من المكاسب له: تقديم الدعم للجيش السوري، وتجنب الهزيمة العسكرية، بالإضافة إلى دفع الثوار بعيدًا عن المناطق الحدودية السورية اللبنانية، والمحافظة على ميزان القوى في سوريا – وذلك بعد أن كانت الكفة تميل إلى الثوار قبل تدخل الحزب -.
من وجهة نظر حزب الله، التدخل كان ضرورة استراتيجية بعد تحول الثورة السورية إلى حرب إقليمية محصلتها “صفر”، وخسارة الحليف في دمشق يعني خسارة “محور المقاومة ضد إسرائيل” والذي يضم حزب الله وإيران والنظام السوري – .
بالإضافة إلى ذلك، تدفق الجهاديين من شتى أنحاء العالم إلى سوريا شكل تهديدًا حقيقيًا على المدى الطويل لحزب الله، حيث أعلنت هذه الأخيرة “حربًا وقائية” ضد ما اسمتهم “التكفيريين”، حيث أعلنت ذلك في حرب “القصير” من ريف حمص في مايو 2013.
وفي فبراير 2014، أرسل حزب الله قواته إلى جبال القلمون من ريف دمشق وقاد حملة على يبرود، مدعيًا أنها كانت مركز السيارات المفخخة التي استهدفت الحزب والمنشآت الإيرانية والأحياء ذات الأغلبية الشيعية في لبنان.
لينشر بعد ذلك الحزب قواته على طول سوريا في درعا وحلب وإدلب، بالإضافة إلى دمشق وريفها.
ومع ذلك، كان نتيجة ذلك أن كسب الحزب احترام العرب في السنة لمحاربته إسرائيل وكونه “شوكة” في وجه إسرائيل في جنوب لبنان – حتى ولو علنًا على الأقل-، الأمر الذي تحول لإطلاق اسم “حزب الشيطان” أو “حالش” والذي يعكس هذا التحول في نفوس المتابعين.
حزب الله خسر سمعته التي بناها بشق الأنفس على مدار السنوات الماضية بعد دخوله الصراع السوري، حيث سوق حزب الله نفسه على أنه منظمة تقوم على المبادئ لبناء سمعة.
حزب الله جرى “تحوير” سمعته بعد دخوله الصراع السوري، حيث أنه خلال السنوات الماضية كان يبني سمعته بدقة كمنظمة تقوم على المبادئ، غير أنه يفقد قوته -التي حصل عليها بشق الأنفس- بالتزامن مع استخدام قوته لما أسماها “أهدافًا استراتيجية” في سوريا.
ورغم ذلك، كل خطابات زعيم الحزب “حسن نصر الله” تشير إلى بقاء قوات الحزب في سوريا حتى وقت ليس بالقريب، في الوقت الذي يرى مراقبون أن حرب الاستنزاف التي انخرط فيها الحزب صرفت انتابهه عن إسرائيل.
هذا كله، كان له انعكاسات واضحة على لبنان التي تعتمد على التوازن الصعب بين السنة والشيعة والمسيحين والدروز، حيث تحتجز نفسها في الوقت الراهن فيما يعرف بـ “الخطة الأمنية” لفترة مؤقتة، وفراغ رئاسي، وسنة يشعرون بالإحباط، والشيعة بين ذكريات التهميش ومكاسب سياسية واجتماعية حصلوا عليها خلال العقود الماضية ويسعون للحفاظ عليها، إضافة إلى بعد الخلافات الطائفية هنا وهناك.
وخلال العامين الماضيين، العديد من الاشتباكات حدثت في طرابلس وصيدا وعرسال، بالإضافة إلى بعض الهجمات بالسيارات المفخخة على أحياء شيعية في بيروت.
ووسط هذا الصراع المتأجج، والفراغ الرئاسي، والخطة الأمنية الهشة، وتدهور الوضع السوري الذي انعكس تمامًا على الوضع اللبناني، يأمل اللبنانيون في حالة الركود أو الاستقرار كأفضل سيناريو.