يعيش مشروع تشكيل قوة دولية لأمن الملاحة عبر مضيق هرمز، حتى إن سماه البعض “مهمة مراقبة”، بين رفض إيران وتباين في مواقف الدول الأوروبية التي ترى أن نشر قوات بحرية في الخليج ليس الطريقة الأنجع للوقوف على أبواب إيران دون إزعاجها.
جديد هذا الملف، تصريحات رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن عن مشاورات بين الأوروبيين من أجل تلك المهمة، فهل يمكن لأطراف دولية أن تشكل وسيطًا حقيقيًا لحماية الملاحة الدولية ونزع فتيل التوتر في المنطقة؟ وهل تُنسج هذه الخطط بعيدًا عن أنظار الأمريكيين؟
تحركات أوروبية وأمريكية لـ”عسكرة” الخليج
دفعت فرنسا على ما يبدو نحو بديل أوروبي جديد بعد استبعاد انضمامها إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة لحماية ناقلات النفط وسفن الشحن من التهديدات التي تشكلها إيران في مضيق هرمز، لتتجدد بعدها التحركات الأوروبية مرة أخرى، بعد حديث رئيسة وزراء الدنمارك عن مساعٍ أوروبية – كوبنهاجن جزء منها – بشأن نشر بعثة دولية في مضيق هرمز.
تزامن حديث فريدريكسن عن قوة أوروبية في مياه الخليج مع مشاورات يجريها وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر مع بعض نظرائه الأوروبيين، صرَّح بشأنها مسؤول دفاعي أمريكي كبير، أمس الجمعة، قائلاً إن إسبر سيدرس مع نظيرته الفرنسية فلورنس بارلي “كيفية التنسيق بين جهود البحرية الفرنسية والأمريكية لضمان حرية الملاحة في مضيق هرمز الإستراتيجي”.
رغم اتفاق المساعي الأوروبية والأمريكية على هدف واحد، فإن الطرفين يختلفان حد التناقض في السبيل إلى ذلك
يبدو من ذلك أن أسبر يحاول إقناع الأوروبيين بالدخول في التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية الملاحة في مضيق هرمز، كما يسعى للحصول من حلفاء واشنطن على كلمة أخير بشأن مشاركتهم في مؤتمر أمن الملاحة الذي تعتزم واشنطن إقامته في البحرين في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ولا يمكن النظر لزيارة إسبر بعيدًا عن تعثر مساعي واشنطن التي انطلقت منذ أشهر لقيادة مبادرة جديدة للأمن البحري لحماية الملاحة في الخليج مياه الخليج بعد سلسلة هجمات على ناقلات نفط في الأشهر الماضية، لكن لم تتمكن واشنطن، حتى الآن، من إنشاء تحالف بحري دولي لمرافقة السفن التجارية في مضيق هرمز.
وفي إشارة إلى الصعوبات التي تعكس سياسة الرئيس دونالد ترامب الانعزالية، استبعدت الدول الأوروبية الانضمام لعملية الحماية البحرية الأمريكية التي بدأت بالفعل لحماية ناقلات النفط وسفن الشحن من تهديدات ربما تمثلها إيران في مضيق هرمز، لأنها تتخوف من احتمالية أن يتسبب ذلك في إحداث مزيد من التوتر مع إيران.
جندي أمريكي على متن سفينة حربية قرب مضيق هرمز
أمَّا موقف الدنمارك، فيبدو جليًا بعد إلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارة مقررة في أوائل سبتمبر/أيلول بعد رفض فكرته عن شراء جرينلاند، الأرض الدنماركية. في تغريدة في وقت لاحق، انتقد ترامب الدنمارك لعدم تحقيقها هدف الناتو بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على قطاع الدفاع.
ويرى مراقبون أن المساعي الأمريكية لضم دول أخرى من غير دول المنطقة تأتي لإدراكها حقيقة القدرات العسكرية للقوات البحرية للدول الحليفة لها من منظومة مجلس التعاون الخليجي التي استنزفت الكثير من قدراتها، خاصة الدولتين المحوريتين السعودية والإمارات، بعمليات المراقبة المستمرة في البحر الأحمر لمنع وصول الإمدادات العسكرية عبر الموانئ اليمنية إلى جماعة الحوثي سواء من إيران أم من دول أخرى تدعم هذه الجماعة.
من جهته، قال وزير الدفاع الأمريكي إن إيران تقترب ببطء نحو وضع يمكن خلاله إجراء مباحثات، معبرًا عن أمله في أن يمضي الوضع على هذا المنوال، ويُفهم من قوله إن طهران وواشنطن ترغبان في المناوشات أكثر من المواجهات، وذلك لأن فكرة “عسكرة” مضيق هرمز الذي تتقاسم إيران وسلطنة عُمان السيادة عليه، تعتبر رهانًا خطيرًا، طبقًا لتصريحات وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي في 8 من أغسطس/آب، الذي قال خلالها “التحالف العسكري الذي تسعى أمريكا إلى تشكيله، بحجة الشحن الآمن، سيزيد من انعدام الأمن في المنطقة”.
هل تلتقي الغايات الأمريكية والأوروبية عند حرية الملاحة؟
في آتون حرب ناقلات النفط بين طهران وواشنطن ولندن، اتخذ الأوروبيون مواقف تباينت في حجم وضوحها من أن إيران تهدد حرية الملاحة في مضيق هرمز الذي مرَّ عبره نحو ثلث النفط الخام العام الماضي، ما يسلط الضوء على دوره الرئيسي في أسواق النفط العالمية.
ورغم اتفاق المساعي الأوروبية والأمريكية على هدف واحد، فإن الطرفين يختلفان حد التناقض في السبيل في ذلك، ففرنسا وألمانيا تستبعدان الانضمام حاليًّا إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة لحماية ناقلات النفط وسفن الشحن في مضيق هرمز.
أطراف أوروبية أخرى ترى أن تقتصر المهمة على حماية سفن الدول المشاركة أو تأمين حرية الملاحة للجميع تحت راية الدول الأوروبية
ويرى المسؤولون الأوروبيون أن أي تدخل بحري ممكن فقط إن تَلازَمَ مع جهود دبلوماسية حقيقة للحوار مع إيران، فمن وجهة نظرهم، يمثل الأسطول الأمريكي في مضيق هرمز جزءًا من إستراتيجية الرئيس الأمريكي لممارسة أقصى درجات الضغط على إيران، لكن الاتحاد الأوروبي متمسك بالاتفاق النووي ويريد معالجة التوتر في الخليج وفق تصوره الخاص وبما لا يثير غضب إيران ولا يضر بالحوار معها.
ويبدو هذا وفق المنطق الأوروبي معاكسًا تمامًا للتوجهات الأمريكية التي كشفها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ففي كلمة ألقاها بجامعة ولاية كنساس أمس الجمعة، تحدث بومبيو عن تحالف دولي يضم دولًا خليجية وأوروبية وآسيوية إلى جانب “إسرائيل” يتشكل في الوقت الراهن من أجل بلورة أنظمة دفاعية لخفض التصعيد وتقليل احتمالات حدوث صراع في منطقة الشرق الأوسط.
رغم ذلك، التقت الغايات الأمريكية البريطانية عند حرية الملاحة، فكانت لندن – أحد الدول الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران – أول المتحالفين الأوروبيين مع واشنطن – وآخرها حتى الآن – إلى جانب أستراليا والبحرين، فقد حسمت موقفها بعد فوز بوريس جونسن برئاسة الحكومة، معلنةً – بعد ترددها في البداية – في 5 أغسطس/آب، المشاركة في قوة الأمن البحرية الدولية التي ترغب واشنطن في تشكيلها.
وسبق أن أعلن مارك إسبر، في 28 أغسطس/آب، إطلاق عملية “سنتينال” بمشاركة الدول الثلاث، لتنخرط بريطانيا رسميًا في التحالف البحري الأمريكي، حيث ترافق السفن التجارية البريطانية حاليًا فرقاطة بحرية ومدمرة و4 من حاملات الألغام التابعة للبحرية الملكية، وذلك بدعم لوجيستي من الجيش الأمريكي الذي يرسو أسطوله الخامس في المنطقة.
طائرة هليكوبتر أمريكية تحلق فوق مضيق هرمز
وخلاف هذا الخرق البريطاني الواضح للموقف الأوروبي البعيد إلى حد ما عن الخطة الأمريكية، طرحت برلين وباريس تشكيل تحالف أوروبي منفرد بعيدًا عن أجندات واشنطن، فهذان البلدان كانا أكثر حذرًا وتخلفًا عن الركب، لإدراكهما التحدي الكبير الذي يمثله التحالف لدبلوماسيتهما المنددة بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وبسياسة ترامب الأحادية، لهذا تحرص فرنسا التي لها سفينة حربية في المنطقة، على تجنب أي فهم بأنها تشارك في إستراتيجية ترامب لممارسة “الضغوط القصوى” على إيران.
بالنسبة للأوروبيين الآخرين، فإن الموقف لا يختلف كثيرًا، فهم لا يرغبون في أن تنخرط أوروبا تحت راية واشنطن لحماية الملاحة في الخليج، لكنهم منفتحون نحو تحالف تقوده أوروبا، وهو ما أكده وزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي في اجتماع بهلسنكي، الذي جرى أواخر أغسطس/آب الماضي، قبل ساعات من اجتماع رباعي بين الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بشأن كيفية المحافظة على الاتفاق النووي وجهود حماية الشحن الدولي في مضيق هرمز.
“مراقبون لا محاربون”.. مهمة حماية أم مهمة مراقبة فقط؟
تلك هي المسألة التي تدور بشأنها التساؤلات، إذ يتدارس القادة الأوروبيون تأمين الملاحة في الخليج، الذي سيستنزف ما بين 10 إلى 30% من القدرات البحرية للاتحاد الأوروبي.
تذهب دول داخل الاتحاد إلى أن تقتصر المهمة الأوروبية على المراقبة، فقد سبق أن اقترح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، مطلع الشهر الماضي، القيام بمهمة مراقبة أوروبية لمضيق هرمز، بهدف نزع فتيل التصعيد في الخليج وإضفاء شفافية على الأحداث في المنطقة البحرية بين إيران وعُمان، بما في ذلك أي أعمال تخريبية محتملة.
وكون المضيق همزة وصل بين منتجي النفط في الخليج وزبائهم حول العالم، فإن المصلحة الأوروبية تقتضي إبقاء تلك البوابة بعيدة عن أي حسابات سياسية أو أي تصعيد عسكري.
يبحث الاتحاد الأوروبي عن أي سبيل يمكَّنه من تقديم دفعة لحل الأزمة وفتح باب للدبلوماسية، لكن المرور عبره هو مهمة الولايات المتحدة وإيران
أطراف أوروبية أخرى ترى أن تقتصر المهمة على حماية سفن الدول المشاركة أو تأمين حرية الملاحة للجميع تحت راية الدول الأوروبية، ويرون أن الوجود الأوروبي في مضيق هرمز إن حدث، فسيكون طرفًا محايدًا، فهو حليف إستراتيجي لواشنطن، وفي الوقت ذاته معني بعلاقة طبيعية مع إيران.
يعيدنا ذلك إلى عام 1988، حيث كان هذا النوع من التحالفات الدولية قد أنشئ بالفعل في الخليج العربي لحماية ناقلات النفط من الهجمات وتأمين وصول النفط الدولي في نهاية الحرب بين إيران والعراق، وفي ذلك الوقت أسقطت سفينة حربية أمريكية، عن طريق الخطأ، طائرة مدنية إيرانية مما تسبب في مقتل 290 مدنيًا.
في هذا سياق ذلك الخطر المحتمل لحماية الملاحة، ترى بروكسل أن “الوضع المتوتر في الخليج لن ينفرج من تلقاء نفسه”، ووفقًا لذلك يبحث الاتحاد الأوروبي عن أي سبيل يمكَّنه من تقديم دفعة لحل الأزمة وفتح باب للدبلوماسية، لكن المرور عبره هو مهمة الولايات المتحدة وإيران، التي ترفض إرسال “أسطول أوروبي” إلى الخليج، وتعتبر أن هذه الخطوة ستشكل خطوة استفزازية.
هل تعجز دول الخليج عن حماية مياهها؟
توجد دول الخليج التي يعتمد اقتصادها بشكل حصري تقريبًا على عائدات النفط والغاز اللذين يمران عبر مضيق هرمز، في الخطوط الأمامية للأزمة بين واشنطن وإيران، فقطر والكويت وعُمان تفضل عدم المشاركة في التحالف الأمريكي لتجنب أي مواجهات مع جيرانها الإيرانيين، وترى هذه الدول في كواليس الأزمة، أن الحوار والدبلوماسية يمكنهما أن يكونا أكثر فاعلية من التهديدات والعقوبات.
حتى إن الإمارات – الحليف والجار الأقرب للسعودية – التي تؤيد في الأصل سياسة الضغط على طهران، أبدت في الأسابيع الأخيرة ميلها إلى التهدئة، كما سبق وامتنعت عن توجيه أصابع الاتهام إلى طهران في مسألة أعمال تخريب الناقلات النفطية التي وقعت شهر يونيو/حزيران، بل وصل الأمر حد السير في اتجاه معاكس لموقف الرياض من إيران، حيث كشفت وسائل الإعلام الإيرانية مؤخرًا زيارة مفاجئة لوفد إماراتي إلى العاصمة الإيرانية طهران لحضور الاجتماع المشترك لقيادات خفر السواحل الإماراتية والإيرانية بعد توقف دام 6 سنوات.
رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة جوزيف دانفورد: “لدينا القوة الكافية لردع إيران ووكلائها عن مهاجمة بلادنا أو مصالحنا في المنطقة، لكننا لا نملك قوة الردع ضد الهجمات التي تستهدف شركاءنا كالسعودية والإمارات”
أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، الحليف الأكثر ولاءً لواشنطن والعدو اللدود لإيران، فهي تدعم قلبًا وقالبًا خطط إدارة ترامب لحماية المنطقة مما تسميه “الخطر الإيراني”، لكن هل تبادلها الإدارة الأمريكية نفس الشعور؟
ذاك هو سؤال المملكة السعودية وهاجسها، وقد حدث قبل عقود بما يُطمئن لكنه يسلب، أي بما يوفر الحماية لكن مقابل النفط، باتفاق عام 1945 بين الملك عبدالعزيز آل سعود والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، لكن الصورة لم تتغير كثيرًا منذ ذلك الوقت، فهاجس الرياض ما زال قائمًا، ورغم أنها تشتري السلاح وتكدسه، إلا أن عينها على الحماية الأمريكية تحديدًا.
ما تغير على ما يبدو هو واشنطن، ويعبر عن ذلك علنًا رئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد، وهو الجنرال الأعلى في القوات المسلحة الأمريكية والمستشار العسكري الأول للرئيس ولمجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع، ويقول “لدينا القوة الكافية لردع إيران ووكلائها عن مهاجمة بلادنا أو مصالحنا في المنطقة، لكننا لا نملك قوة الردع ضد الهجمات التي تستهدف شركاءنا كالسعودية والإمارات”.
يبدو كلام الجنرال الأمريكي محددًا ولا لبس فيه، فليست المشكلة بحسب قوله “في أننا لا نريد، بل إننا لا نستطيع ولا نملك ما يكفي لقوة ردع لحماية الحلفاء في الشرق الأوسط”، وذاك يسلط الضوء على أهم المفاهيم العسكرية التي يُفترض بوزير الدفاع الأمريكي أن يمحصها ويعيد اختبارها مع كبار خبراء وزارته، وهو مفهوم “الردع” الذي من خلاله لا تُستخدم القوة، وإنما يُلوح بها بدفع العدو المفترض إلى التراجع أو على الأقل عدم المس بالمصالح الأمريكية عبر العالم.
“التخويف لم يعد مناسبًا عندما اُختبر مع إيران، نستطيع تدميرها كما قال الرئيس دونالد ترامب، لكننا لا نستطيع ردعها عن مهاجمة الحلفاء على الضفة العربية من الخليج”، هكذا يقول رئيس هيئة الأركان الذي ظهرت على لسانه لأول مرة فكرة تشكيل تحالف أمني عسكري لحماية أمن الملاحة البحرية في مضيقي هرمز وباب المندب في 9 من يوليو/تموز 2019، ما يعني بالنسبة لوزير الدفاع أن على دول حل خلافاتها البينية التي طالت، للتصدي لإيران، التي قال إنها توشك على الوصول إلى مرحلة يمكن إجراء مفاوضات أمريكية معها.
الكرة تُرمى إذًا في مرمى الحلفاء، بعد أن وصلهم القول: “دافعوا عن أنفسكم فإننا لم نعد مرتزقة، وحتى إذا كنا، فإننا لم نعد نملك القوة لذلك”، وذاك في مجمله خبر سيء لولي العهد السعودي الذي راهن على معادلة “المال مقابل الحماية”، تمامًا كما عليه الحال قبل نحو 75 عامًا.
تصريحات الأمريكيين الأخيرة في رأي البعض تفيد طهران، فهي كما يقولون ليست لابتزاز السعودية وحملها على دفع المزيد من المال إبرام صفقات إضافية، بل لترشيد هوس الرياض بالقوة الخارجية للدفاع عنها، “فلم لا تدافعون عن أنفسكم ولو مرة واحدة على الأقل؟”.
ذاك ما التقطه وزير الخارجية الإيراني حتى لو لم يقصد، عندما أعاد من جاكرتا عرض بلاده بإخراج الأمريكيين من معادلة الأمن في الخليج، فالأمن لا يُجلب من الخارج، لا يُشترى بالمال ولا يتحقق إلا بالحوار بين دول المنطقة فقط، كلام حسب الوزير الإيراني.
الوزير نفسه سبق أن اقترح معاهدة عدم اعتداء على دول الجوار الخليجي، وتحديدًا السعودية والإمارات، لكن دعوته رُفضت، بل سُخر منها، فكان ثمن ذلك باهظًا، حين قصف الحوثيون العمق السعودي، والأسوأ أن واشنطن اُضطرت نفسها لبدء حوار معهم، ما يعني أن السعودية لا تستطيع حماية نفسها، بينما حليفها لا يريد ولا يستطيع، فليكن الحوار هو الحل.
وثمة من يقول إنها أزمة عربية مستعصية تتمثل في الإدراك المتأخر للأمور باستمرار، الذي ينتهي إلى الاضطرار بقبول ما هو أقل، وذاك ما تواجهه الرياض تحديدًا، فالحوثيون على الأبواب والأمريكيون لم يعودوا مكترثين بالحروب الصغيرة التي لم تقدر المملكة على إنهائها.
وبغض النظر عن مخاطر تصعيد الوضع، فإن أزمة الخليج أظهرت لحلفاء واشنطن الخليجيين، لا سيما الرياض وأبو ظبي، حدود سياستهما الانعزالية، وكذلك الوضع بالنسبة للرئيس الأمريكي الذي لن يتمكن بأي حال من الأحوال من الصمود وحيدًا في حال وقعت مواجهات عسكرية، لذا يتوقع خبراء سوق النفط أن يتراجع الرئيس الجمهوري قريبًا عن موقفه حتى لا تنخفض شعبيته في استطلاعات الرأي مع اقتراب حملة الانتخابات الرئاسية 2020.