لم تكن المواجهات التي اندلعت بالجنوب اليمني بين قوات الشرعية من جهة والمليشيات الانفصالية المدعومة إماراتيًا بالمال والسلاح والتدخل القتالي المباشر من جهة أخرى، أزمة عابرة محدودة، بل إن تداعياتها مستمرة سواء عبر التطورات الميدانية المتواصلة أم عبر المواقف وردود الفعل الصادرة على المستويين الرسمي والشعبي.
“ممارسات الإمارات أخرجت قطار التحالف عن مساره”
هكذا لخَّص نائب وزير الخارجية اليمني محمد عبد الله الحضرمي الحالة الراهنة التي وصلت إليها الأزمة في اليمن بسبب ما سماه “ممارسات دولة الإمارات”، خاصة بعد انقلاب عدن، وما تلاه من قصف القوات الإماراتية قوات الحكومة الشرعية.
المسؤول اليمني الذي كان يتحدث لوكالة “سبوتنيك” الروسية طالب بالوقوف بجدية وشفافية أمام ما سمَّاه “انحراف دور الإمارات”، مؤكدًا أن الحل يكمن في تصحيح مسار التحالف للعودة إلى عدن وإعادة بوصلة التحالف إلى الاتجاه الصحيح.
كما هدَّد الحضرمي بأنه إذا لم تتراجع الإمارات عن دورها وتعد إلى المسار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، فإن الحكومة اليمنية ستستمر في طلب عرض القضية ومناقشاتها أمام مجلس الأمن الدولي، لكنه في المقابل أكَّد أن الحكومة اليمنية لا تريد التصعيد وترحب بالحوار، لكنها تعتقد أن المهمة في هذه المرحلة هي الوقوف أمام انحراف الدور الإماراتي في التحالف حسب قوله.
أثارت دعوة المخلافي تساؤلات جمة، ولفت الانتباه إلى جانب مثير مسكوت عنه في العلاقة العجيبة بين اليمنيين والسعودية الداعمة لشرعيتهم ومنقذتهم المفترضة
وأعرب نائب وزير الخارجية اليمني عن أمله بأن تقوم السعودية برأب الصدع قبل جلسة مجلس الأمن، وكذلك عن ترحيبه بالحوار مع المجلس الانتقالي الجنوبي “لكن ليس في الوقت الراهن”، وطالب المجلس بالتحول إلى حزب سياسي مكفول بالدستور يؤطر كل تطلعاته حتى لو كانت الانفصال ضمن إطار سياسي.
يُضاف موقف الحضرمي إلى مواقف سابقة تصاعدت خلالها الانتقادات الرسمية لأبو ظبي، خاصة بعد انقلاب عدن وتمدد الانقلاب المدعوم إماراتيًا إلى محافظة أبين، فقد جددت الحكومة اليمنية الشرعية اتهام أبو ظبي بالضلوع في محاولة تمزيق وحدة البلاد وفصل الجنوب، وتعهدت بالتحرك لاستبعاد الإمارات من اليمن.
#الحضرمي: تدين الحكومة القصف الجوي الإماراتي على قوات الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن وزنجبار مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين وفي صفوف قواتنا المسلحة الباسلة، ونحمل دولة الإمارات العربية المتحدة كامل المسؤولية عن هذا الاستهداف السافر الخارج عن القانون والأعراف الدولية
— وزارة خارجية الجمهورية اليمنية (@yemen_mofa) August 29, 2019
كذلك لم يتوقف وزير النقل اليمني صالح الجبواني عن كيل الاتهامات لأبو ظبي، وتعهد في حديث لوكالة “سبوتنيك” بإعداد وتقديم ملفات سياسية وحقوقية للهيئات والمحاكم الدولية المعنية، ستشمل كل ممارسات أبو ظبي منذ وطأت الأراضي اليمنية، من انتهاكات حقوقية وسجون سرية وإخفاء قسري، فضلاً عن التعدي على سيادة البلد واقتطاع جزء من أراضيه، وأخيرًا الترتيب لانقلاب عدن الذي قال الجبواني بصدده إن المجلس الانتقالي الجنوبي “أداة إماراتية مئة بالمئة، ووُلد في غرفة مخابرات في أبو ظبي”.
الوزير اليمني ذهب إلى أبعد من حدود الدبلوماسية المعهودة في خطاب المسؤولين اليمنيين إلى حد التلويح بـ”إعلان الحكومة اليمنية التعبئة العامة لأبناء اليمن وانخراطهم في هذه المعركة الوطنية الكبرى لمواجهة التمرد في الجنوب والحفاظ على اليمن ووحدته واستقراره، وتعليم المرتزقة وأسيادهم درسًا لن ينسوه” حسب قوله.
وفي ظل التعقيدات المستمرة في المشهد اليمني، جاء تصريح نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية اليمني أحمد الميسري الأسبوع الماضي، ليضيف المزيد من الأسئلة عن مستقل أزمة الجنوب، مع تأكيده أنه لن يتم الجلوس مع المجلس الانتقالي على طاولة حوار واحدة، أن الحوار سيكون مع الإمارات باعتبارها صاحبة الأدوات العسكرية، وتحت إشراف المملكة السعودية.
وزير الداخلية المهندس أحمد الميسري يوضح في رسالة صوتية حقيقة الحوار مع مليشيا المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيًا، ومطالب الشرعية والدولة في سبيل إنهاء التمرد المليشياوي في #عدن. pic.twitter.com/5uSlWkIhHy
— محمد الضبياني Mohammed Aldhabyani (@maldhabyani) September 4, 2019
لم يكن هذا المسؤول اليمني الوحيد الذي دعا إلى مقاضاة الإمارات وضباطها، فمنذ أيام قليلة، وصف رئيس المقاومة الشعبية في تعز حمود المخلافي عودة الجنود اليمنيين من الحد الجنوبي مع السعودية بأنه “واجب وطني مقدس”، داعيًا لانخراطهم في حماية محافظاتهم في ظل التطورات التي أعقبت انقلاب عدن.
محافظة تعز، التي انطلقت منها دعوة المخلافي، عانت بشكل مكثف منذ انقلاب الحوثيين عام 2014، واتهم يمنيون كُثر كل من السعودية والإمارات على حد سواء بتعمد خذلان تعز وتركها لمصيرها تحت رحمة القصف والحصار الحوثيين، بسبب كونها إحدى أهم حواضن ثورة 2011، وقاعدة شعبية لحزب الإصلاح المنتمي لتيار الإخوان المسلمين، الذي تناصبه الدولتان الخليجيتان عداءً لا يخفى.
أثارت دعوة المخلافي تساؤلات جمة، ولفتت الانتباه إلى جانب مثير مسكوت عنه في العلاقة العجيبة بين اليمنيين والسعودية الداعمة لشرعيتهم ومنقذتهم المفترضة، فما الذي كان يفعله قرابة 10 آلاف مقاتل يمني وفق إحصاءات محلية في الحد الجنوبي مع السعودية منذ عام 2016، بعيدًا عن محافظاتهم كتعز وغيرها؟ لقد كانوا يحمون الحد الجنوبي من الحوثيين، ويشكلون ما يشبه منطقة برية عازلة ضدهم.
تتجسد المفارقة في أن تتدخل دولة قوية في دعم جارة ضعيفة، فإذا بتلك القوية تحتمي بمواطني جارتها أنفسهم للدفاع عن حدودها، وتلك مفارقة عززت برأي كثيرين الشكوك في صدق نية الرياض بشأن الدفاع عن شرعية اليمن وسرعة حسم المعركة مع انقلاب الحوثي أولاً، فضلاً عن انقلاب صنائع حليفتها الإمارات مؤخرًا في عدن.
نفير قِبلي على المستوى الشعبي
“القطار الإماراتي الذي انحرف عن المسار” بحسب قول المسؤول اليمني، دفع أيضًا بتحركات على المستوى الشعبي، فقد أعلنت قبائل المنطقة الوسطى في محافظة أبين جنوب اليمن النفير العام تحت راية الحكومة، دفاعًا عما وصفته بـ”الأرض والعِرض والكرامة” تحت راية الجمهورية اليمنية والحكومة الشرعية ومساندةً للجيش الوطني.
القبائل التي عقدت لقاءً قَبَليًا موسعًا، دخلت على خط المواجهة ضد الإمارات، وأصدرت بيانًا دعت فيه الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية لفتح تحقيق فيما وصفته بمجازر أودت بحياة مئات من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية إثر القصف الإماراتي.
يتصاعد التوتر بين القوات الحكومية وحلفاء الإمارات في جنوب اليمن شيئًا فشيئًا، وفي الداخل اليمني أيضًا يزداد السخط الشعبي من سياسة دولة الإمارات
البيان حمل أيضًا أبرز ملامح التحرك القبلي، وطالب التحالف السعودي الإماراتي بالتحقيق فيما وصفه القصف الوحشي من طائرات الإمارات، وطالب أيضًا باعتذار التحالف عمَّا قامت به أبو ظبي من وصف أفراد الجيش الوطني بـ”الإرهاب”.
كما طالب البيان قبائل الجنوب التي ينتمي لها قياديو وأفراد المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات بتحديد موقفهم تجاه الأعمال التي ارتكبتها قوات المجلس الانتقالي ضد قيادي وأبناء المنطقة الوسطى في أبين من مداهمةٍ وحرقٍ للمنازل واعتقال على الهوية وتحشيد للقتال في أرض أبين.
في السياق، يتصاعد التوتر بين القوات الحكومية وحلفاء الإمارات في جنوب اليمن شيئًا فشيئًا، وفي الداخل اليمني أيضًا يزداد السخط الشعبي من سياسة دولة الإمارات، وثمة دعوة صريحة لطرد الإمارات التي يعتبرها المتظاهرون “محتلاً”، فبعد صلاة الجمعة خرج متظاهرون إلى ساحة الحرية بتعز، إحدى أهم الحواضر اليمنية الناجية من سطوة أبو ظبي، رافعين صوتهم ضد العبث الدموي بوحدة البلاد، كما ضد الأطماع في ثروات وموانئ الجنوب.
عبَّر هؤلاء عن تأييدهم للشرعية ومناهضتهم للإمارات وللمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لانفصال الجنوب، ودعا المتظاهرون الحكومة اليمنية إلى عدم الدخول في حوار مع أدوات الإمارات، كونها غدت خصمًا للحكومة اليمنية، وتعمل على تقويض الدولة وتهديد وحدتها.
لكن في غرب المحافظة، عادت المواجهات من جديد، حيث شهدت مديرية مقبنة اشتباكات بمختلف الأسلحة إثر هجوم للحوثيين على قوات الجيش التابع للحكومة، اشتباكات خلفت قتلى وجرحى في صفوف الطرفين وإصابات في المدنيين.
يبدو هذا سببًا كافيًا لتظاهر مجندين يمنيين من اللواء الثالث لحرس الحدود اليمنية السعودية، فمنذ أيام قليلة طالب هؤلاء بالعودة إلى الداخل اليمني لحمايته من زحف المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه الإمارات حليفة السعودية، ليتركوا بذلك – إن حدث – السعوديين كما تركوهم في مواجهة مسلحي الحوثيين الذين شغلت المملكة اليمنيين عن مقاومتهم بحماية التراب السعودي.
في مشهد مناقض تمامًا، وفي محاولة لاستعراض القوة، ثمة مشاهد ليست في أبو ظبي أو الرياض اللتين تمنعان بالطبع كل أنواع الحشود الشعبية ذات الطابع السياسي على أرض أي منهما مهما كانت حججها ومبررات، بل في عدن العاصمة اليمنية المؤقتة أو المفترضة لحكومة منفية تتبع رئيسًا شرعيًا منتخبًا ومنفيًا أيضًا اسمه عبد ربه منصور هادي.
وإذ تكتظ التظاهرات بصور قادة دولتين أخريين بدلاً من صورة الرئيس أو حتى صور معارضيه السياسيين، فإنها تعكس ربما – وإن بغير قصد من حامليها – عمق ارتهان القوى الواقفة وراءها والمنضوية في إطار المجلس الانتقالي الجنوبي لمَنْ يمولها ويدعمها بالسلاح والعتاد.
إنها مظاهرات قد تكون في عمقها غير المرئي ذم وإدانة، رغم رفعها شعار الوفاء للإمارات ثم إضافة السعودية اسم ملحق وفق منطق لزوم ما لا يلزم أو كي لا تأخذها الغيرة من علو حليفتها الصغرى عليها في أعين طائفة من اليمنيين.
لكن المغزى الأخطر والأكثر عمقًا في مظاهرات مسبقة الصنع كهذه، يتمثل على ما يرى ملايين اليمنيين المتحررين من هيمنة أبو ظبي في سعي الجماعات المدعومة من هذه الأخيرة، إلى تكريس مشاريع الانفصال والتقسيم في نفوس أبناء الشعب الواحد بعد محاولات رسم حدودها على الأرض بقوة السلاح ودم الأبرياء.
السخط الشعبي يزداد من سياسات أبو ظبي في الخارج أيضًا
“أرفعوا أيديكم عن اليمن”، إنه المطلب الذي زاد إلحاحًا بعد الأحداث الأخيرة في جنوب اليمن وقصف طائرات الإمارات قوات الشرعية في عدن، بل وعدم الاكتفاء بذلك ووصفها بـ”الإرهاب”.
ومثلما يفعل التعزيون يفعل مواطنوهم اليمنيون المنتشرون في شتى أصقاع الأرض، الذين خرجوا إلى الشوارع بلا دفع من قوة مسلحة أو خشية من أخرى ليدينوا بملء إرادتهم تدخل أبو ظبي عسكريًا في عدن وأبين وشبوة، وليشدوا في الوقت نفسه على أيدي حكومة الرئيس هادي، وهي ترفض الحوار مع مَنْ تصفهم بالانقلابيين، وتهدد بطرد الإمارات مما يسمى التحالف العربي لدعم الشرعية.
أدان المحتجون الانتهاكات الإماراتیة ضد المدنیین العزل، إضافة إلى الغارات التي استهدفت قوات الجیش الوطني، وخلفت 300 جندي بین قتیل وجریح
من داخل اليمن إلى خارجها، ردد أبناء اليمن في المهجر الشعارات ذاتها المنددة بالممارسات الإماراتية بلغة أخرى، متهمين إياها بالسعي للسيطرة على مقدرات بلادهم، حتى لو كان ذلك بقتل اليمنيين وتدمير بلدهم، ففي كاليفورنيا بالولايات المتحدة، ندد المشاركون بالوقفة الاحتجاجية بدعم الإمارات لقوات المجلس الانتقالي، وطالبوا الإمارت بالخروج من اليمن، متهمين أبوظبي بالسعي لتقسيم بلدهم وبث الفرقة بين أبنائه.
في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، حمل بعض أبناء الجالية اليمنية لافتات كتبت عليها شعارات تلخص ما يعتبرونه دور أو أدوار الإمارات في اليمن، مستنكرين ما وصفوه بـ”انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي على الشرعية”، ومطالبين السعودية بتحديد موقف واضح تجاه الممارسات الإماراتية جنوب اليمن.
في بيان لهم، أدان المحتجون الانتهاكات الإماراتیة ضد المدنیین العزل، إضافة إلى الغارات التي استهدفت قوات الجیش الوطني، وخلفت 300 جندي بین قتیل وجریح، مستنكرين تشكيل الإمارات ما وصفوها بخلایا الاغتيالات، وإقامة سجون سریة لاعتقال المخالفین لأبو ظبي، وأكدوا رفضهم مشروع الاحتلال الإماراتي، ومحاولات تقسيم اليمن.
وفي لاهاي بهولندا، وأمام مقر محكمة العدل الدولية أيضًا، عبَّر اليمنيون عن رفضهم لتصرفات مَنْ ادَّعى أن هدفه إعادة الشرعية وشنَّ حربًا من أجل ذلك حربًا دمرت بلادهم.
اليمن بين التنسيق الإماراتي والتواطؤ السعودي
أحال الحراك التصعيدي بمستوييه الرسمي والشهبي تداعيات أحداث الجنوب اليمني إلى أنظار التحالف بقيادتيه السعودية والإماراتية، في محاولة للفت النظر إلى ما يمكن أن يسير المشهد اليمني نحوه في حال لم تعد الأمور إلى نصابها وأصرت الإمارات على ممارساتها الدعمة للانفصاليين، وبالتالي، قطع الطريق على يمن موحَّد تحت حكم شرعيته وعن أي حل سلمي للحرب الدائرة فيه.
لكن المشكلة أن الوضع زاد تعقيدًا، وأصبح هناك ثلاثة أطراف وليس طرفين، فالأمر لم يعد يقتصر على الحكومة الشرعية والحوثيين بعدما رعت ودعمت وسلحت الإمارات ميليشيا في الجنوب خلقت أمرًا واقعًا ربما يكون خطره أكبر على اليمن لأنه يهدد بضرب وحدته وتفتيته.
اعتبر كثيرون بيان الرياض الأخير “ليس إلا جرعة تخدير للحكومة” أمام ما يحدث لها، وبداية اعتراف بأمر واقع في عدن فرضه المجلس الانتقالي
ورغم وضعها في قفص الاتهام، لم تكتف الإمارات والمجموعات التي تدعمها بانقلابها على الشرعية في عدن ولا بجولة واحدة من حملات الدهم والاعتقال، بل عززت حضورها العسكري في العاصمة اليمنية المؤقتة، غير مكثرثة للانتقادات التي وُجِهت بها في الداخل والخارج.
هذا السلوك يُفترض أن يوضع له حد أو يُدان على الأقل من تحالف حجة وجوده في اليمن دعم شرعيته، لكن على العكس تمامًا، جرى وفق محللين البحث عن طريقة ما لشرعنة انقلاب عدن الأخير، ولا يبدو أدل على ذلك من محاولة فرض المجلس الانتقالي الجنوبي طرفًا في مفاوضات مع الحكومة الشرعية.
يحدث ذلك كله في وقت تبددت فيه على نحو صادم آمال بعض اليمنيين بموقف سعودي يردع الإمارات عن تأجيج النزاع المسلح على أرض الجنوب، إذ تجنب البيان الوحيد الذي صدر عن الرياض في هذا الشأن أخيرًا وبعد طول انتظار أي إشارة إلى سلوك أبو ظبي، وحاول تصوير المعارك التي أسقطت مئات القتلى والجرحى على مدى شهر مضى بوصفها خلافًا يمنيًا صرفًا.
أمَّا ما تجنب أطراف المعادلة قوله بمن فيهم الشرعية المغلوب على أمرها في منفاها السعودي، فهو جواب السؤال عما حل بالهدف الذي أشعلت الرياض شرارة الحرب أصلاً من أجله.
كما سعى البيان – وإن من طرف خفي – إلى تثبيت الأمر الواقع الذي فرضته الطائرات الإماراتية عبر تجديده الدعوة إلى الحوار الذي ترفضه الشرعية مع المجلس الانتقالي وتحذيره من أي تصعيد عسكري، رغم ذلك، فشلت السعودية حتى في جمع الطرفين على طاولة الحوار، لتظهر في المقابل واشنطن التي قدمت دعمًا كبيرًا للتحالف الذي شن هذه الحرب رغبتها في إنهائها.
ومن أجل ذلك يقول مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدنى ديفيد شينكر إن واشنطن تجري محادثات مع الحوثيين بهدف إيجاد حل مقبول لدى طرفي النزاع، ورحبت ألمانيا بكل ما من شأنه أن يساهم في وقف التصعيد داخل اليمن، بما في ذلك أي محادثات بين واشنطن والحوثيين إن تأكدت.
لهذ اعتبر كثيرون بيان الرياض الأخير “ليس إلا جرعة تخدير للحكومة” أمام ما يحدث لها، وبداية اعتراف بأمر واقع في عدن فرضه المجلس الانتقالي، خاصة مع عدم ترجمة بيانات التحالف والسعودية الداعية لانسحاب الانتقالي من مؤسسات الدولة كافة.