في الذكرى السنوية لحرب حزيران عام 1967، تكاد هضبة الجولان لا تُذكر في التصريحات الرسمية أو في تقارير المنظمات الحقوقية الإسرائيلية وكأنها أرض إسرائيلية لا جدل حولها.
وعلى الأرض، لا تتوقف إسرائيل عن عمليات توسيع مستوطناتها في هضبة الجولان وعن استغلال مواردها الطبيعية وتضاريسها الجبلية العالية لصالح اقتصادها وبهدف تعزيز أمنها غير مكترثة بأن هضبة الجولان لازالت حتى الآن وحسب القانون الدولي أرضًا سورية محتلة وبأن التواجد الإسرائيلي هناك مخالف للقوانين الدولية.
ويساوي عدد المستوطنين بهضبة الجولان السورية المحتلة اليوم عدد سكانها الأصليين (22 ألف نسمة) المقيمين في مجدل شمس وبقعاتا وعين قينيا ومسعدة والغجر، ويستغل الاحتلال خصوبة الهضبة الممتدة على نحو 1100 كلم مربع ووفرة مياهها لزراعة كروم التفاح والكرز والعنب، وغيرها من المزروعات التي تدر أرباحًا على خزينتها.
وبالإضافة لبناء عشر طواحين هواء لإنتاج الطاقة، منحت السلطات الإسرائيلية التراخيص اللازمة لشركة أميركية تستعد للتنقيب عن النفط وسط وجنوب الجولان، كما تستغل السلطات الإسرائيلية التضاريس المرتفعة للهضبة لتطوير المرافق السياحية وبناء القواعد العسكرية، خاصة في جبل الشيخ الذي يكتسي بالثلوج كل شتاء.
ويؤكد مدير مركز الجولان للإعلام والنشر أن إسرائيل استكملت بناء جدار أمني على طول الحدود مع سوريا كي تحول دون دخول عناصر تابعة لمنظمات جهادية، ويضيف “فوزي أبو جبل” للجزيرة نت أن إسرائيل استولت على آلاف الدونمات من المناطق المعرفة بأنها “مناطق حرام”، قائلاً: “إسرائيل ظلت دائمًا مطمئنة لحدودها مع سوريا لإدراكها بأن دمشق ترفع شعارًا كاذبًا للتحرير ولا تفعل شيئًا على الأرض”.
ويوضح أبو جبل أن موضوع تحرير هضبة الجولان بقي دائمًا “على الرف” وأن الأوضاع الداخلية في سوريا اليوم أبعدت إمكانية تحرير الأرض المغتصبة وجعلته خارج الاهتمام العربي والدولي مما أتاح لإسرائيل فرصة ذهبية لمزيد من التوسع في الجولان.
أما المختص بالعلاقات الدولية الدكتور ” ثائر أبو صالح” – وهو من سكان الجولان المحتلة – فيقول إن سوريا لم تملك يومًا خطة عسكرية لتحرير الهضبة إنما كانت تنتظر حلاً سياسيًا، لافتًا إلى أن الجولانيين أيضًا طالما نظروا للواقع من هذا المنظار.
ويوضح أبو صالح أن السوريين في الجولان لم يستسلموا للأمر الواقع ومتمسكون برؤيتهم بأن منطقتهم سورية، ومنشغلون بما يهدد وطنهم الأم بأكمله، مشيرًا إلى أن أهالي الجولان على وعي بأولويات سوريا في هذه المرحلة، وإلى أنهم منشغلون جدًا بسلامة أقربائهم، ولا يتوقفون عن متابعة ما يجري للاطمئنان عليهم.
ويشير أبو صالح إلى أن الصراع في سوريا قد تسبب في تقطيع أوصال الحركة الوطنية في الجولان نتيجة اختلاف المواقف بين مؤيد للثورة ومناصر للنظام، وإلى أن سلطات الاحتلال تضخ حاليًا ميزانيات للتطوير والسياحة والأعمال في الجولان لدفع سكانه لقطع الصلات مع الوطن الأم والاندماج في إسرائيل، مبديًا في الوقت نفسه اعتقاده بأن الأجيال القادمة ستبقى بهويتها السورية، ولن تقبل الاندماج في إسرائيل.
وبخلاف الرواية الإسرائيلية الرسمية، أوضحت وثائق عسكرية نشرتها صحيفة “هآرتس” بمناسبة ذكرى حزيران أن الاحتلال قام بتهجير أهالي الجولان البالغ عددهم 130 ألف نسمة عام 1967 في عملية تشبه ما جرى لسكان اللدّ والرّملة عام 1948.
وفي تقرير موسع بعنوان “هكذا انهار الجيش السوري” تنقل الصحيفة عن المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمّان) قولها إن احتلال الجولان تم نتيجة عدة أسباب منها انعدام خبرة الجيش السوري، وعدم التنسيق بينه وبين الهيئة السياسية، وضعف الاتصالات الهاتفية واللاسلكية بين القطاعات.
المصدر: الجزيرة نت