ترجمة وتحرير: نون بوست
وردت خلال الأسبوع الماضي العديد من الأخبار حول عملية تطوير حقل أتروش في إقليم كردستان العراق، التي تفيد بأن إجمالي حجم الإنتاج في هذا الحقل قد تجاوز في شهر تموز/ يوليو المليون برميل. وقد أوضح موقع “أويل برايس” أن هذا الارتفاع في حجم الإنتاج ما هو إلا تذكير بالفرص الهائلة التي قد يوفرها هذا الحقل النفطي.
في سنة 2011، صرح توني هايوارد، الرئيس السابق لشركة “بريتيش بتروليوم” الذي أصبح فيما بعد رئيسًا لشركة “جينيل إنيرجي”، بأن إقليم كردستان العراق هو آخر الحدود الوافرة في صناعة النفط والغاز. كما أفاد هايوارد بأن شركته الجديدة قد بدأت في التنقيب عن النفط هناك.
منذ ذلك الحين، تعقدت عملية التقدم وذلك بسبب الصراع المتواصل مع تنظيم والنزاعات المستمرة فيما يتعلق بالميزانية مع الحكومة العراقية، فضلا عن عواقب التأخر في الدفع للمنقبين الأجانب، والانقسامات السياسية الداخلية، بالإضافة إلى الدعاوى القضائية ضد حكومة إقليم كردستان العراق ووزير الموارد الطبيعية السابق وكبير مستشاري الطاقة، آشتي هورامي.
يقع هذا الحقل النفطي في سلسلة زاغروس شمال إقليم كردستان العراق الذي تحده سوريا من الغرب وتركيا من الشمال وإيران من الشرق
اكتُشف حقل أتروش سنة 2011، ولم تقرر حكومة إقليم كردستان الحصول على 25 بالمئة من هذا الحقل إلا سنة 2013، في حين استحوذت شركة “جنيرال إكسبلوراشين بارتنر كونسورتيومن”، وهي الشركة الأم لشركة “شاماران بيتروليوم الكندية، على البقية.
يقع هذا الحقل النفطي في سلسلة زاغروس شمال إقليم كردستان العراق الذي تحده سوريا من الغرب وتركيا من الشمال وإيران من الشرق. في ذلك الوقت، أشارت التقديرات إلى أن حقل أتروش ينتج ما بين 1.5 مليار و2.8 مليار برميل من النفط، ولديه احتياطات قابلة للاسترداد تصل إلى 670 مليون برميل. كما بلغت تقديرات الإنتاج الأولى 30 ألف برميل يوميا، بينما قدرت تكلفة الشحن الأساسية (دون احتساب النفقات الرأسمالية) ما بين 3 و4 دولارات للبرميل الواحد، وهي تعد في الحقيقة من بين أدنى المعدلات في العالم.
في سنة 2017، وتحديدا بعد إعادة توزيع حصص الملكية، بدأ النفط يتدفق من حقل أتروش إلى منشأة الإنتاج المركزية، وقد كان ذلك في صالح حكومة إقليم كردستان لثلاثة أسباب. أولاً، لقد كانت الحكومة في أمس الحاجة إلى المال، لاسيما أن الأموال التي كانت تقدم من قبل الحكومة الفيدرالية العراقية في بغداد لتمويل الميزانية كانت تنقطع باستمرار بسبب النزاعات بين الطرفين. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر قد أجبر حكومة إقليم كردستان على إنتاج وبيع النفط مستقبلا لمجموعة معينة من المشترين، وبالأخص روسيا.
تمارس روسيا نفوذها بشكل متزايد في كردستان بفضل استراتيجية موسكو الجيوسياسية لتوسيع وجودها في كل من العراق وجاراتها إيران
تمكنت حكومة إقليم كردستان من تحويل هذه الأموال إلى البنوك، لكن ذلك تسبب في إغراق روسيا في الديون، وهو في الواقع، السبب الرئيسي وراء السماح لشركة روسنفت المملوكة من قبل الكرملين، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، بإجراء صفقة منحتها السيطرة الكاملة على كل من النفط والغاز في حكومة إقليم كردستان.
في الواقع، تمارس روسيا نفوذها بشكل متزايد في كردستان بفضل استراتيجية موسكو الجيوسياسية لتوسيع وجودها في كل من العراق وجاراتها إيران. وقد ساعدت صفقة روسنفت “للتعاون” في مجالات البحث والبنية التحتية واللوجستيات والتجارة في تسريع وتيرة استراتيجية روسيا في كردستان لجعلها مركزا رئيسيا للقوة في الشرق الأوسط.
في هذا السياق، أخبر مدير سابق في روسنفت موقع أويل برايس: “في سياق تاريخي يجب أن يُنظر إلى هذه الاستراتيجية على أنها ضمان لاستمرار العلاقات التجارية الروسية العراقية التي تعود أصولها إلى العصور الوسطى”. وأضاف هذا المصدر أن هذه الاستراتيجية ستتيح فتح أسواق جديدة للنفط الخام الكردي، التي سيتم تعزيزها عن طريق تكريره في المصفاة التابعة لشركة روسنفت العالمية.
خلال السنتين الفاصلتين بين إعلان الهدف الجديد الذي يجب بلوغه في حجم إنتاج النفط وأول دفعة لصادرات النفط من حقل أتروش، تم تداول الكثير من الأخبار السيئة حول شركة النفط الدولية التي كانت تقوم باستكشاف وتطوير الحقل في إقليم كردستان العراق
أما بالنسبة للسبب الثاني الذي جعل زيادة الإنتاج أمرا مبشرا بالنسبة لحكومة إقليم كردستان، فقد كان إعلانها في وقت سابق أنها ستعمل على إنتاج مليون برميل نفط على الأقل، وهو معدل معقول بالنظر إلى الموارد الهائلة الموجودة في المنطقة. ولكن الأمر معقد نوعا ما بسبب بعض الأحداث العرضية، وهو في الواقع السبب الثالث وراء زيادة إنتاج النفط في حقل أتروش.
خلال السنتين الفاصلتين بين إعلان الهدف الجديد الذي يجب بلوغه في حجم إنتاج النفط وأول دفعة لصادرات النفط من حقل أتروش، تم تداول الكثير من الأخبار السيئة حول شركة النفط الدولية التي كانت تقوم باستكشاف وتطوير الحقل في إقليم كردستان العراق، وقد صاحبتها فترة صعبة حاولت فيها حكومة إقليم كردستان توفير 20 منطقة تنقيب إضافية للمستثمرين الأجانب.
من قبيل المفارقات، أصدرت شركة “جينيل إنيرجي” الجديدة التي يملكها هايوارد بيانا أفادت فيه بأنها ستخفض من قيمة حقل طقطق النفطي بحوالي 181 مليون دولار أمريكي، الذي تمتلك فيه حصة بنسبة 44 بالمئة. أما الأسوأ فقد كان تراجع احتياطيات النفط ونسبة الإنتاج. فقد تراجع إجمالى الاحتياطيات المثبتة والمحتملة التي بلغت 172 مليون برميل لأول مرة يوم 31 كانون الأول/ ديسمبر 2015 إلى 59 مليون برميل في 28 شباط/ فبراير 2017.
على الرغم من المصالح السياسية التاريخية التي اكتسبتها الولايات المتحدة في العراق، تتجه واشنطن نحو التخلي عن استثماراتها في هذه المنطقة
في سنة 2017، بلغ إنتاج النفط في هذا الحقل حوالي 19 ألف برميل يوميا، بينما كان يبلغ سنة 2015 نحو 115 ألف برميل يوميا. وتجدر الإشارة إلى أن تفاقم انخفاض حجم إنتاج النفط في حقل طقطق جراء ارتفاع نسبة المياه في الآبار، قد أثار قلق المستثمرين الأجانب الذين يبحثون عن حقول نفط جديدة.
جاء ذلك بدوره في أعقاب الجائزة التي حصلت عليها حكومة إقليم كردستان والتي حجبت بطريقة غير قانونية المدفوعات المتأتية من اتحاد الإمارات العربية المتحدة، التي شملت شركة دانة غاز (أحد أكبر الشركات المستثمرة في صناعة النفط والغاز في كردستان)، وشركة “كرسنت بتروليوم”، وشركة “بيرل بتروليوم”، بهدف رفع إنتاج غاز البترول المسال والمكثفات نيابة عن حكومة إقليم كردستان بين 30 حزيران/ يونيو 2015 و31 آذار/ مارس 2016.
على الرغم من المصالح السياسية التاريخية التي اكتسبتها الولايات المتحدة في العراق، تتجه واشنطن نحو التخلي عن استثماراتها في هذه المنطقة. وخلال شهر كانون الأول/ ديسمبر من تلك السنة، انسحبت شركة “إكسون موبيل” من ثلاثة مراكز تنقيب في إقليم كردستان وهم قرة هنجير وشرق أربات وبيتواته. وتخلت “شيفرون”، ثاني أكبر شركة نفط أمريكية بعد أكسون موبيل، عن منطقة روفي في شمال أربيل قبل سنة تقريبا ولكنها استمرت في اختبار الآبار في منطقة سارتا. في الفترة من 2014/2015 إلى 2017 تخلت شركات نفط الدولية عن 19 مركز تنقيب في كردستان.
عَلم موقع “أويل برايس” من مصادر مقربة من الشركات المعنية، أن هناك طفرات في الإنتاج غير متوقعة، لكن لم يصل الإنتاج إلى حد اللحظة الراهنة إلى 40 ألف برميل في اليوم
في الوقت الحالي، في ظل هيكل الملكية الحالية، تمتلك شركة أبو ظبي الوطنية للطاقة 47.4 بالمئة من خلال شركة “طاقة أتروش” التابعة لها، في حين تملك شركة “شاماران” 27.6 بالمئة وحكومة إقليم كردستان باقي الحصص. وتجدر الإشارة إلى أن إنتاج حقل أتروش ارتفع بشكل مطرد في سنة 2017 حيث كان ينتج 30 ألف برميل يوميا، ووصل إلى 34 ألف برميل يوميا وحتى 35 ألف برميل يوميا.
عَلم موقع “أويل برايس” من مصادر مقربة من الشركات المعنية، أن هناك طفرات في الإنتاج غير متوقعة، لكن لم يصل الإنتاج إلى حد اللحظة الراهنة إلى 40 ألف برميل في اليوم. بالنظر إلى طفرات الإنتاج، وخطط إجراء مزيد من عمليات التنقيب، بالإضافة إلى أعمال إزالة الاختناقات خلال الأشهر القليلة الماضية، تعتقد بعض المصادر في هذه الشركات أن إنتاج النفط قد يصل إلى 50 ألف برميل في اليوم خلال السنة القادمة، وذلك على حد علم موقع “أويل برايس”.
المصدر: أويل برايس