هل الدولتان الخليجيتان المنخرطتان في قلب الأزمة اليمنية على قلب رجل واحد من التطورات التي شهدها جنوب اليمن في الآونة الأخيرة؟ يقول البيان المشترك الصادر مؤخرًا عن الرياض وأبوظبي بشأن ذلك: نعم، ففيه دعوة لوقف الأعمال العسكرية وللحوار بين أطراف النزاع من أجل حل الأزمة التي اندلعت مع بداية حملة عسكرية انفصالية ضد الحكومة اليمنية قادتها ميليشيات مدعومة من أبوظبي، فما الرؤية أسست عليها القوى الخليجية بيانها المشترك بشأن جنوب اليمن؟
ما لم يقله بيان التحالف السعودي الإماراتي
في مساعٍ يقرأها بعض اليمنيين توجهًا لقطع الطريق أمام التدويل، يجدد التحالف السعودي الإماراتي دعوته كافة الأطراف (الانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات العربية المتحدة والحكومة المدعومة من السعودية والمعترف بها من الأمم المتحدة) إلى وقف أي تحركات أو نشاطات عسكرية، ووقف التصعيد الإعلامي الذي يُذكي ما وصفه بيان التحالف بـ”الفتنة”.
تشدد الرياض وأبوظبي – بوصفهما قادة التحالف العربي الذي يقاتل الحوثيين في اليمن – في بيانهما المشترك على أن السبيل لإنهاء ما تصفانه بالخلاف جنوب اليمن عبر الحوار الذي دعت إليه السعودية في جدة، وإن كان بيان التحالف يبدد كل ما أوحت به معارك المجلس الانتقالي والشرعية عن خلاف سعودي إماراتي، فإنه أيضًا يلقي الضوء على تباين اللهجة التي تتحدث بها الرياض منفردة عن تلك التي تتحدث بها رفقة أبو ظبي.
في البيان المشترك الذي أصدرته وسائل الإعلام الحكومية في كلا البلدين، سعت الرياض وأبوظبي لتبديد أي فكرة عن خلاف حول القتال في جنوب اليمن بين جيوشهما البديلة
كان لافتًا في بيان التحالف – الذي نشرته وكالات الأنباء السعودية “واس” والإماراتية “وام” – وصف ما يجري ضد الشرعية اليمنية في عدن بـ”الفتنة بين الأشقاء” دون أن يشير البيان من بعيد أو قريب إلى مَنْ أشعلها، كما خلا البيان تمامًا من أي موقف يسير ولو تلميحًا إلى تجاوب التحالف مع مطالب الشرعية اليمنية بضرورة انسحاب قوات المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي من المنشآت والمعسكرات التي استولت عليها قبل أي مفاوضات.
كذلك يساوي التحالف في دعوته لوقف القتال والعودة إلى الحوار بين طرفي الأزمة بأن وضع المجلس الانتقالي نِدًا للحكومة اليمنية وليس طرفًا نفَّذ انقلابًا عسكريًا على الشرعية، وهو المجلس التابع لأبوظبي التي تموله وتزوده بالسلاح والعتاد، فإذا أرادته أن ينقلب انقلب، وإذا طلبت منه التراجع انسحب.
وفق ذلك، يظل البيان إنشاءً ملطفًا في مواجهة وضع يتعقد ويزداد سوءًا، فهو يدعو إلى وقف إطلاق النار في شبوة وأبين وعدن، وينوه إلى لجنة شُكِّلت لفض الاشتباك بين قوات الشرعية وتلك التي انقلبت عليها بدعم لا تخفيه من قبل أبو ظبي، وذاك ما فهم منه تكريسًا لما أصبح أمرًا واقعًا، وخاصة في عدن العاصمة المؤقتة للشرعية التي أحكم المجلس الانتقالي الجنوبي قبضته عليها.
على أن يكتفي الرئيس اليمني من الرياض بمعسول الكلام، ومفاده “نحن رسميُا معك، ولكننا ندعوك لحوار نرعاه مع من انقض عليك ورغب بخلعك وانقلب عليك في عدن ثم أكمل صنيعه في أبين، وأراد الانتقال إلى شبوة ومن بعدها حضرموت وسواها حتى يسقط الجنوب كله في قبضته فلم لا تقبل؟”.
رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي في جدة لاستئناف المباحثات التي ترعاها السعودية بين المجلس والحكومة اليمنية.
رسميًا، تتمسك الحكومة اليمنية حتى اليوم برفض الحوار مع المجلس الانتقالي، وتقول إنها لا تحاور الأدوات وإنما من يحرك تلك الأدوات، لكن الحكومة اليمنية ليست معفاة من الانتقادات، فقد اُتهمتأكثر من مرة بالتفريط في سيادة البلاد، وبترك أطراف أخرى تقوم مقامها.
يناقض الموقف السعودي هذا تمامًا موقفًا سابقًا أعلنت عنه الرياض برفضها وجود أي بديل عن الحكومة الشرعية في اليمن وعدم قبولها أي محاولات لفرض واقع جديد هناك بالقوة، وحذرت الرياض في بيان لها الانفصاليين المدعومين من أبو ظبي من أن أي محاولة لزعزعة استقرار اليمن تعد بمثابة تهديد للمملكة.
ليس هذا البيان الأول، إنه الثاني في أقل من أسبوعين، فبعد اتهامات رسمية وجهتها الحكومة اليمنية للإمارات على خلفية انقلاب القوات الموالية لأبوظبي ضد الحكومة اليمنية الشرعية في 3 من محافظات الجنوب، وبعد هزائم متعددة لحقت بتلك القوات في محافظة شبوة، التي في قبضة الشرعية بالكامل، خرج بيان سعودي إماراتي مشترك، في 26 أغسطس/آب الماضي، يدين اتهام الإمارات بالضلوع في تلك الأحداث، ويصف ما صدر ضدها بأنه “حملات تشويه يجب وقفها فورًا”.
ومضى البيان يشكل لجانًا مشتركة للتعامل مع تبعات ما وُصف بأحداث عدن وليس انقلابها، وحدد جملة خطوات على الشرعية والقوات المنقلبة الالتزام بها، وذلك تمهيدًا لحوار يبدو أنهما سيذهبان إليه كخصمين متساويين، وليس كشرعية وقوات منقلبة عليها اغتصبت عاصمتها المؤقتة وهددت وجودها في أبرز مظاهره.
في ضوء هذه المواقفة المتناقضة، ثمة من اليمنيين مَنْ يرى أن التحالف السعودي الإماراتي لن يتردد في القيام بأي شيء للتغطية على فشله في هزيمة الحوثيين، وهكذا حذَّرت الهيئة الشعبية في شبوة من أن تتحول محافظات الجنوب إلى ساحات حرب عبثية وصراعات غير محسوبة العواقب وقودها اليمنيون.
محاولة جديدة للتغطية على الانقسامات في اليمن
في البيان المشترك الذي أصدرته وسائل الإعلام الحكومية في كلا البلدين، سعت الرياض وأبوظبي لتبديد أي فكرة عن خلاف حول القتال في جنوب اليمن بين جيوشهما البديلة، وسعت القوى الخليجي في المقابل للظهور كجارتين متحدتين، مع التأكيد من جديد على دعمهما المتواصل للحكومة الشرعية في اليمن”.
البيان الذي أشار للشرعية بوصفها تمثل الدولة اليمنية صدر بُعيد تصعيد رسمي وشعبي بلغ ذروته بتلويح بالتحرك لدى مجلس الأمن، وبنفير قَبَلي ضد ممارسات وأجندة الإمارات في اليمن، وسواء كان هذا هو الدافع لإصدار البيان الجديد أم لا، فإنه مضمونه بات كما شعارات التحالف على محك الواقع، ليختبر مصداقية ما ورد فيه.
يعكس النزاع حول مستقبل جنوب اليمن حقيقة أن البلدين ربما كان لديهما دائمًا مصالح استراتيجية مختلفة في تدخلهما الذي استمر 5 سنوات في اليمن
جاء البيان أيضًا بعد أن وصلت المحادثات الرامية إلى إنهاء الصراع على السلطة في مدينة جدة السعودية المطلة على البحر الأحمر إلى طريق مسدود، وبعد أن اتضح أن جانبي الصراع يجمعان قوات لاستئناف القتال مما يشير إلى أن مزيد من الاضطرابات تنتظر جبهة القتال الجديدة التي تخاطر بمزيد من تجزئة اليمن، كما يقول مسؤولون يمنيون لوكالة “رويترز“، في إشارة إلى أن الخلاف بين السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قد تعمق.
هنا، تدخل القبائل اليمنية على خط المواجهة ضد الإمارات، وهي التي لم تغادر ميادين الصراعات السياسية والعسكرية يومًا في اليمن، فتعلن قبائل أبين مسقط رأس الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي نفيرًا عامًا رفقه تحرك عسكري على الأرض.
تأخذ القبائل الموالية للشرعية في كل من أبين وشبوة وعدن على عاتقها وقف تمدد ما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، فأبين مثلها مثل عدن وشبوة كانت شاهدةً على انتهاكات قوات النخبة والحزام الأمني المدعومة من أبو ظبي من عمليات حرق ونهب وقتل وسجن على الهوية.
الإمارات تدعم الانفصاليين في جنوب اليمن الذين يقاتلون ضد القوات الحكومية المدعومة من السعودية
وفي الوقت الذي تعلن قبائل الجنوب نفيرًا نصرة للشرعية، يحشد المجلس الانتقالي هو أيضًا مقاتلين من القبائل الموالية له، ويتوعد الطرفان بمعركة حاسمة، وأن يكتسي القتال جنوبي اليمن صبغة قبلية فهو إنذار بحرب طويلة الأمد لا يُعلم نهايتها.
ويشير المسؤولون اليمنيون إلى الإمارات بشكل صريح على أنها من يُذكي نيران الصراع في جنوب اليمن، وبعد دعوات متكررة للسعودية بأن تمارس دورها كقائد للتحالف وتُوقف التصعيد العسكري الذي تدعمه أبو ظبي ضد الشرعية، يلوِّح مسؤولون يمنيون بتدويل الأزمة عبر اللجوء إلى مجلس الأمن لعرض القضية ومناقشاتها كي يضع المجلس حدًا لانحراف دور الإمارات وعبثها في محافظات جنوب اليمن ودعمها انقلاب عدن، وهل تلويحها باللجوء إلى مجلس الأمن كافٍ لإعادة التوازن لعلاقاتها مع الرياض وأبوظبي؟
الشرعية الضائعة بين أجندات التحالف
ليس من الواضح ما إذا كان المقصود من البيان مجرد التمويه حول الانقسامات المستمرة بين الرياض وأبو ظبي أو سيؤدي إلى إنهاء القتال من قبل القوات البديلة المعنية، كما أنه ليس هناك ما يضمن أن الدعوة السعودية الإماراتية المشتركة، التي تأتي بعد 4 أيام من المحادثات في جدة، سيتم الاهتمام بها على أرض الواقع في عدن، التي تمثل مسرح أسوأ قتال في اليمن.
في هذا الصدد، ثمة الكثير من الدلائل للوقوف على واقع التحالف السعودي الإماراتي، فالنزاع حول مستقبل جنوب اليمن يؤدي إلى توتر شديد في العلاقات الوثيقة عادة بين الدولتين الخليجيتين الكبيرتين، ويعكس حقيقة أن البلدين ربما كان لديهما دائمًا مصالح استراتيجية مختلفة في تدخلهما الذي استمر 5 سنوات في اليمن.
هذا التباين المفاجئ في الأجندات زاد من الارتباك في استراتيجية واشنطن في الخليج، مما زاد من تعقيد سياستها تجاه إيران. وبالإضافة إلى فرض تغييرات على نهج إدارة ترامب لليمن، بما في ذلك التقسيم المحتمل للبلاد، فإن الانقسام قد يضر بمكانة كل من السعودية والإمارات في واشنطن.
ثمة مَنْ يقول إن ما يُعرف بتحالف دعم الشرعية وُلد على هيئة “تحالف مصالح يحمل أسباب فنائه”
ربما لم يلتفت الطرفان لذلك، فبدأ النزاع في الجنوب بعد فترة وجيزة من إعلان الإمارات قبل شهرين أنها تقوم من جانب واحد بسحب معظم قواتها من اليمن بعد أكثر من 4 سنوات من القتال، تاركة شريكها الرئيسي في التحالف، المملكة العربية السعودية، وقوات الحكومة اليمنية الشرعية، يواصلان الحرب ضد الحوثيين.
في أغسطس/آب الماضي، طُردت الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية من مناطق رئيسية في الجنوب على أيدي انفصاليين جنوبيين تدعمهم الإمارات العربية المتحدة، لتكشف هذه الخطوة عن انقسامات حادة بين البلدين يقول محللون إنها تقوض الحملة المشتركة ضد الحوثيين.
قبل سنوات من ذلك، قام المجلس الانتقالي الجنوبي والفصائل المنضوية تحته قبل تشكيله في مايو/أيار 2017، بحملات طويلة لاستعادة استقلال جنوب اليمن عن الشمال، أو على الأقل خيار الدولة الفيدرالية، ليؤدي اندلاع القتال في الجنوب إلى تعقيد جهود الأمم المتحدة لبدء محادثات بين الحوثيين والحكومة اليمنية.
ويعني الخلاف أن الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على كل من العاصمة اليمنية صنعاء وشمال البلاد وجدوا أنفسهم تحت ضغط عسكري منخفض. في الوقت نفسه، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن السعودية والإمارات لهما أولويات مختلفة في اليمن.
وثمة من يلمِّح إلى أن وقائع الأيام القليلة الماضية تؤكد أن حربًا بالوكالة جرت بين من يفترض أن يكونا حليفين دون أن تصل بهما هذه الحرب إلا القطيعة المعلنة، ففي بلحاف الغنية بالغاز في محافظة شبوة ثمة من تعمد إهانة الإمارات بعد أن أُهين، حيث انسحبت قواتها من ميناء بلحاف فجرًا بعد أن سلم حلفاؤها ممن يعرفون بالنخبة الشبوانية بلحاف إلى القوات الحكومية.
حدث هذا بعد أن مني حلفاء أبو ظبي بهزائم مدوية بل مهينة، وثمة من يعتقد أنها تمت بتنسيق سعودي وبما يشبه الضربات المؤلمة من تحت الطاولة من دون أن يعني هذا أن الحليفين أوشكا على فراق قريب.
يعتقد المحللون أن هدف الرياض الرئيسي في الصراع هو ضمان أن المتمردين الحوثيين لا يشكلون تهديدًا عبر الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية. من ناحية أخرى، يُعقتد أن أبوظبي أكثر اهتمامًا بإنشاء دولة مستقلة في جنوب اليمن، وتقديم التدريب والدعم للانفصاليين.
مع مرور الوقت، أثبت كل منهما اختلاف أجندته، ففي حين كانت السعودية عازمة على إضعاف الحوثيين في الشمال، خوفًا من وجود إيراني محتمل على حدودها مع اليمن، ركزت مصالح الإمارات على ضمان أن ميناء عدن الجنوبي لا يخضع لسيطرة الحوثيين، مما يعرقل ممرات الشحن عبر باب الباب، والتي تعتمد عليها المصالح الإماراتية بشدة.
قد تكون هيمنة المجلس الانتقالي في الجنوب كافية لتحقيق هذه الأهداف الإماراتية، ولكن على حساب تقسيم البلاد كغنيمة بين الرياض وأبوظبي، كما يقول المحلل السياسي عمر عياصرة.
هل يدعم التحالف السعودي الإماراتي الشرعية فعلاً؟
في ربيع عام 2015، أعلنت الرياض تحالفًا عربيًا ابتغت من ورائه عملية سريعة تئد ما سُمي حينها “الخطر الحوثي على حدود المملكة”، وتمنع قيام نظام مرتبط بإيران في اليمن، لكن التدخل العسكري الذي وضع عدة أسابيع على أبعد تقدير كي يُنهي انقلابًا، يكاد يُنهي عامه الخامس دون أن يجتث الجماعة أو يعيد الشرعية إلى اليمن.
ثمة مَنْ يقول إن ما يُعرف بتحالف دعم الشرعية وُلد على هيئة “تحالف مصالح يحمل أسباب فنائه”. ظهر ذلك في نشوب خلافات أفضت إلى انسحاب دول عدة منه، واختيار أخرى غيابًا إراديًا، فقد أضحى في رأي كثيرين عملية سعودية إماراتية فقط تتخذها الرياض وأبوظبي مظلة للتدخل في اليمن وفق أجندة كل منهما.
وهناك من يرى أن التحالف – الذي حصل على دعم من القوى الغربية – أُنشئ منذ بداياته كي يكون عملية سعودية اُريدت لها صبغة قانونية، فوُضعت في إطار تحالف عربي، ويجادل هؤلاء بأن السعودية دخلت اليمن بدعوى حماية اليمنيين، لكنها في الحقيقة تتخذهم درعًا يقيهم هجمات الحوثيين.
فعلى الحد الجنوبي للمملكة، تنشر الرياض ألوية من قوات الجيش اليمني والمقاومة، يُضاف إليهم الآف من الجنود السودانيين الذين جيء بهم إلى اليمن تحت مظلة دعم الشرعية، لكن دورهم هناك يقتصر على حماية الحدود الجنوبية للسعودية.
رغم الاتهام الصريح الذي وجَّهته الحكومة اليمنية لأبوظبي بأنها مَنْ خطط لانقلاب ما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن ودعمه بشتى الوسائل، فإن الرياض لم تتخذ موقفًا حاسمًا وواضحًا يدعم الشرعية اليمنية
يتجه بذلك ما كان يُعرف بتحالف دعم الشرعية في اليمن إلى تحالف سعودي إماراتي خالص أكثر فأكثر، ولا تنفك الدائرة تضيق على مستوى المشاركة والأهداف والإنجازات حتى أصبحت تسميته بالتحالف السعودي الإماراتي أوسع من الدائرة التي يدور في فلكها بممارساته غير المرحَّب بها من جهة وبتجاهله أحيانًا وفق قراءات لمتابعين يمنيين.
وبالنسبة للكثير من اليمنيين، فإن الوجه الحقيقي للتحالف السعودي الإماراتي بدا يتكشف مع سعي الرياض وأبوظبي للاستئثار بالقرار اليمني من خلال عرقلة عودة الرئيس اليمني وحكومته إلى عدن، وهي قاعدة للحكومة المدعومة من السعودية منذ إزاحتها من صنعاء في عام 2014.
وتحت مظلة التحالف، ضخت الإمارات مئات ملايين الدولارات لتشكيل ميليشيات في اليمن من قوات النخبة والحزام الأمني، ووصل تعدادها الرسمي إلى نحو 90 ألف مقاتل، وهو رقم يفوق تعداد الجيش اليمني.
وتكشَّف الوجه الحقيقي للتحالف السعودي الإماراتي أكثر خلال انقلاب عدن، لا سيما في عيون من يرون أنه “تحالف لضرب الشرعية لا لدعمها”، فطلب الرئيس اليمني رسميًا من السعودية وضع حدٍ لما بات هادي ووزاؤه يسمونه دون تردد “العبث الإماراتي بدماء اليمنيين في المحافظات الجنوبية”.
ورغم الاتهام الصريح الذي وجَّهته الحكومة اليمنية لأبوظبي بأنها مَنْ خطط لانقلاب ما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن ودعمه بشتى الوسائل، فإن الرياض لم تتخذ موقفًا حاسمًا وواضحًا يدعم الشرعية اليمنية، تاركةً الحرب على جنوب اليمن مفتوحة على جبهة جديدة تهدد بتعقيد الصراع متعدد الأطراف في البلد الذي كان يُطلق عليه يومصا ما “اليمن السعيد“.