بين عشية وضحاها، وجدت إيران نفسها في موقف لا تحسد عليه وهي التي كانت اللاعب الرئيسي بالمشهد السوري في عهد نظام الأسد البائد الذي منحها امتيازات اقتصادية وسياسية وعسكرية كبرى طمعًا بتثبيت نظام حكمه.
لكن الصفعة القاسية التي تلقتها إيران بسقوط نظام الأسد وتسلّم الإدارة الجديدة قيادة السلطة في البلاد جعلتها متخبطة تائهة في أمرها وباحثة عن أي منفذ للعودة مجددًا إلى سوريا، محاولةً الإمساك بأي خيط تعيد به ترتيب أوراقها، لا سيما أن سقوط نظام الأسد يمثل نهاية ما يُعرف بـ”الهلال الشيعي” الذي يرمز إلى طموحات إيران في الهيمنة على الشرق الأوسط.
وكان علي أكبر ولايتي، المستشار الأقدم للمرشد الأعلى الإيراني، قد وصف سوريا بأنها “الحلقة الذهبية في سلسلة المقاومة في المنطقة”. ولهذا السبب فإن سقوط نظام دمشق شكل تحديًا كبيرًا لإيران، حيث خسرت ثلث جغرافية هذا المحور الذي كانت تفتخر به دائمًا، وانتقل مركز ثقل هذا التراجع إلى الشرق، أي العراق واليمن.
تهديدات إيرانية بصناعة الفوضى
بالعموم فإن موقف إيران الرسمي من سقوط النظام في سوريا ما يزال يدور حول شعارات المرشد الأعلى علي خامنئي الذي رفض فكرة أن سقوط النظام ووصول الإسلاميين السنة إلى السلطة هو تراجع للدور الإيراني وأن هناك انتفاضة ستطيح بالواقع السوري الجديد خلال عام، وهو ما يتعارض مع تصوير “بهروز إسبرطي” قيادي كبير في الحرس الثوري الإيراني تراجع إيران في سوريا بـ”الهزيمة السيئة للغاية”.
لكن في الوقت نفسه ألمح إسبرطي إلى إمكانية أن تعيد إيران نفوذها في سوريا من خلال تفعيل مجموعات اجتماعية من أجل إنشاء ما أسماها “خلايا مقاومة”، وهو ما بدا بالفعل في الأيام الأولى من انتشار قوات الجيش السوري الجديد في المحافظات السورية وملاحقته فلول النظام، حيث خرجت مظاهرات مدفوعة من تلك الفلول مرددين شعارات طائفية ثأرية مشابهة لشعارات الزوار الشيعة الإيرانيين للمراقد في سوريا.
اللافت للنظر أن هذه الاحتجاجات جاءت بعد ساعات فقط من تصريحات مسؤولين إيرانيين حول ما يجري في سوريا، حيث صرّح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، لوكالة “مهر” الإيرانية: “من يعتقدون بتحقيق انتصارات في سوريا عليهم التمهل في الحكم، فالتطورات المستقبلية كثيرة”، الأمر الذي عده متابعون أوامر لخلايا موالية لإيران للتحرك وزعزعة الأمن في سوريا.
كما صرّح عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي: “في أقل من عام سيعيدون إحياء المقاومة في سوريا بشكل مختلف وسيبطلون المخطط الشرير والمخادع لأمريكا والكيان الإسرائيلي ودول المنطقة”.
وجدير بالذكر هنا أن أُولى المواقف العملية من حكومة دمشق الجديدة تجاه إيران تمثلت بحظر دخول الإيرانيين إلى سوريا عبر المطارات، كما كشف إعلان عن موعد استئناف الرحلات الجوية، إذ أعلنت شركة الخطوط الجوية التركية (Turkish Airlines) في بيان لها أنه “وفقًا للوائح الجديدة التي أقرّتها الحكومة السورية الجديدة، يُسمح لمواطني جميع الدول بدخول دمشق، عاصمة البلاد، باستثناء مواطني إسرائيل وإيران”، في ظل التأكيدات المتكررة من قبل دمشق بأن الوجود الإيراني في سوريا يُعد تحريضيًا ويهدف إلى إعادة نفوذ النظام الإيراني إلى البلاد.
مؤخرًا وتحديدًا في 11 شباط/ فبراير الشهر الجاري، فجّرت صحيفة “Türkiye Gazetesi” مفاجأة من العيار الثقيل عندما تناولت في تقرير لها تسريبات استخباراتية عن خطة إيرانية لتنفيذ انقلاب في العاصمة دمشق، واغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع كجزء أساسي من هذا المخطط، لإثارة الفوضى وتبرير تدخل عسكري إيراني أعمق.
وجاء في التسريبات أن اجتماعًا سريًا عقده جنرالات من الحرس الثوري الإيراني وكبار ضباط النظام البائد في النجف العراقية لمناقشة خطة انقلاب في دمشق، يشارك فيها حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش والحشد الشعبي وحزب الله اللبناني.
وحسب الصحيفة، فإن الذخائر والأسلحة ستدخل من بوابات دير الزور- البوكمال والحسكة- القائم- ربيعة- المالكية في الشرق عبر الإيرانيين الذين وعدوا بأن كل ما هو مطلوب في الغرب أيضًا سيتم توفيره من حمص- القصير ومدينتي طرطوس واللاذقية عن طريق البحر.
فيما أكد ضباط من فلول النظام أيضًا أن اتصالاتهم مع حزب العمال الكردستاني مستمرة وأن كافة أشكال التعاون ممكنة، مع استعداد خلايا سرية في المناطق ذات الكثافة العلوية، إضافة إلى تسلل ميليشيا “زينيبون” و”فاطميون” من منطقة حزب العمال الكردستاني من جهة، الأمر الذي سيعزز احتمالات التدخل الدولي جراء الفوضى مع التركيز على زعزعة الاستقرار في مناطق رئيسية مثل السويداء، واللاذقية، وطرطوس، وحمص، والرقة، والحسكة، ودير الزور.
إضافة إلى ذلك، أوكلت مهام سرية إلى عناصر من “حزب الله” والحشد الشعبي، مثل إنشاء خلايا، وتأمين مستودعات أسلحة، وتنفيذ عمليات تخريبية.
وتشير التسريبات الاستخباراتية أيضًا إلى أن الاستراتيجية الإيرانية تشمل أيضًا تأجيج الصراعات الداخلية في سوريا من خلال استغلال التوترات الطائفية والعرقية، وإشعال تمردات مسلحة في مناطق الدروز ومعاقل العلويين، إلى جانب تعزيز النفوذ الإيراني في المناطق الساحلية عبر شبكات خاضعة لحزب الله.
وفي مداخلة معنا، رأى الباحث في الشؤون الإيرانية نزار الجاف، أن خامنئي وبقية المسؤولين الإيرانيين الآخرين وإن أدلوا بتصريحات عدائية ضد الوضع الجديد في سوريا، أو حضّروا لعمليات تهدد استقرار سوريا، فإنها لا تعدو عن كونها جوفاء وانفعالية وذات طابع نظري على الأغلب.
وقال إنه من الصعب جدًا -إن لم نقل من المستحيل- على حزب الله والذي كان يمثل ذراع إيران الأقوى أن يؤدي دورًا سلبيًا مؤثرًا على سوريا بعد تلاشي نظامها “العمق الاستراتيجي” لإيران، وخاصة أنه تمّ شلّ دور الحزب وإجباره على التقوقع والانطواء على نفسه، وهو ما يعد أكبر ضربة استراتيجية تمّ توجيهها للنظام الديكتاتوري الحاكم في إيران منذ تأسيسه.
ويضيف الجاف لـ”نون بوست”، أن الميليشيات الشيعية في العراق في نفس الوقت أيضًا تعيش حالة من الفوضى والانقسام يضاف إليه الكثير من الخوف من المستقبل الذي يميل إلى المجهولية بالنسبة لها، إذ لن تتمكن هي الأخرى من التجرؤ حاليًا على أداء أي دور بهذا السياق.
إيران تحاول ابتلاع الصفعة
يشير مركز الدراسات الإيرانية (إرام)، إلى أن إيران يمكن أن تكون مصدر تهديد هجين لمستقبل سوريا، بعد هزيمتها الاستراتيجية الصادمة، وتتمثل مجالات التهديد الهجين في الأبعاد الاقتصادية والبنية التحتية الحيوية وأمن المعلومات.
فلإيران نفوذ كبير على البنية الاقتصادية والبنية التحتية الحيوية وبناء الاتصالات في سوريا لامتلاكها مجموعة واسعة من مصادر البيانات والمعلومات بشأن الأنظمة والبنى التحتية المعنية، وبالتالي القدرة على التخريب والتسريبات والأنشطة التي من شأنها انتهاك أمن المعلومات من أجل إعادة بناء هذه الأنظمة والبنى التحتية في سوريا.
أما المجال الثاني، فيتمثل في أمن الحدود التي تستحوذ عليها ميليشيات مدعومة من إيران، إضافة إلى ميليشيا حزب العمال الكردستاني وذراعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD).
فيما يكمن المجال الثالث في الأمن الداخلي والنظام العام، عبر دعم محاولات الثورة المضادة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار شبكة الاستخبارات والميليشيات التي أنشأتها إيران في سوريا منذ نحو 13 عامًا، وقدرتها على تنفيذ عمليات سرية، والخبرة المتراكمة في ذاكرة الدولة لاسيما مع الغزو الإسرائيلي لسوريا الذي بدأ بعد الثورة السورية وقد يؤدي أيضًا إلى تسريع استراتيجية إيران في خلق عمليات فوضوية مع ظهور “حركة شعبية معادية لإسرائيل” من خلال هياكل خلاياها.
يرى إسلام المنسي وهو باحث في الشؤون الإيرانية، أن إيران حاولت بشكل سريع جدًا استيعاب الصفعة التي تلقتها في سوريا، عندما سحبت ميليشياتها من أنحاء سوريا، ولكنها لم تيأس من إعادة التدخل في سوريا تمامًا، وإن كانت تحاول لملمة ما تبقى من أي بقايا نفوذ وتبني عليه وجودًا في المشهد السوري كتعليقاتها المستمرة عن المراقد الدينية التي تستخدمها كمسمار جحا يبرر لها التدخل في الشؤون السورية مستقبلًا، أو الحديث عن حريات الأقليات الدينية سواء الشيعة أو العلويين وهو ما يناقض أصلًا السياسة الإيرانية الداخلية تجاه الأقليات المقموعة داخل حدودها.
ويضيف الباحث المنسي لـ”نون بوست”، أن إيران تحاول التعامل مع المثال السوري ببراغماتية وضمان “أقل القليل” من نفوذها السابق، لكنها حتى الآن فشلت فشلًا ذريعًا لأن النظام الجديد هو معبّأٌ أصلًا ضد النفوذ الإيراني وهناك حسٌّ وطنيٌّ عامٌ في سوريا مناهض لإيران.
ويكشف المنسي اللثام عن رؤيته للاشتباكات التي جرت قبل أيام على الحدود السورية اللبنانية ضد ميليشيات مرتبطة بحزب الله، إذ يفسرها المنسي بأنها تندرج في إطار عزم الإدارة الجديدة على قطع أي شريان لأذرع إيران في لبنان والمنطقة، والبدء بضبط الحدود حفاظًا على الأمن الداخلي بصفة عامة ونكاية بإيران الراغبة بإقامة أي صلة مع النظام الجديد وتقليل خسائرها على الأقل، إلا أن الواقع يوحي بعدم أي تقدم للسياسة الإيرانية في هذا الخصوص.
آخر الأوراق الإيرانية
لا يمكن إنكار علاقة إيران المعقدة بالتنظيمات الكردية وتلاعبها بهم وهو الذي يعود لأكثر من نصف قرن، لا سيما حزب العمال الكردستاني (PKK) وفرعه السوري المسمى حزب الاتحاد الديمقراطي.
لكن منذ العام 2011، وبغرض محاولة ممارسة ضغوط على تركيا، وتعزيز موقع نظام بشار الأسد الذي كان على وشك الانهيار في ذلك الوقت، بدء شهر العسل بين طهران وحزب العمال الكردستاني، عندما أعلن “حزب الحياة الحرة في كردستان (PJAK) “، وهو الفرع الإيراني لـ “حزب العمال الكردستاني”، وقف العمليات العدائية ضد النظام الإيراني.
في السياق ذاته، نشر موقع “اندبندنت عربية” في الرابع من شهر شباط/ فبراير الجاري، تقريرًا أشار فيه إلى محاولة الحرس الثوري الإيراني التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية للحصول على عدد من أسرى تنظيم “داعش” لاستخدامهم في زعزعة الأمن في سوريا.
ومع الحديث عن تراجع الدعم الأمريكي والانسحاب المحتمل من شمال شرق سوريا، قد تنحصر قسد في زاوية ضيقة أمام ترصد أنقرة ودمشق لإنهاء مشروعها التقسيمي، ما قد يجبرها ذلك على تعزيز علاقتها مع إيران والاستجابة لمطالبها كونه لم يعد في جعبتها ما تخسره.
بالمقابل تشير دراسة أجراها المركز “الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI” إلى أن إيران تسعى لتعزيز العلاقات مع الجماعات الجهادية في سوريا التي تنوي مواصلة الأنشطة الجهادية ضد “إسرائيل” من الأراضي السورية.
وتشمل هذه الجماعات نشطاء جهاديين سلفيين، وقد تتلقى هذه المجموعات الدعم من إيران، ويمكن الافتراض أن إيران ستسعى إلى استعادة قنوات نفوذها في سوريا من خلال استغلال علاقاتها مع قيادة تنظيم القاعدة.
“إيران تحاول استخدام بعض الأوراق في الساحة السورية كاللعب على ورقة الأقليات والتواصل معها واستغلال العلاقات التي نسجتها سابقًا معهم ومع فلول النظام السابق خلال الفترة الماضية”، بحسب الباحث المنسي.
واستدرك بالقول: لكن أربح أوراقها الآن هي ورقة قوات سوريا الديمقراطية، فقادة العمال الكردستاني لهم ارتباطات وثيقة مع الإيرانيين، وأحيانًا صلات مذهبية، حيث كانت إيران خلال فترة النظام البائد تنتشر في مناطق قسد وتنشر دعاتها، وتقوم بالترويج للمذهب الشيعي في شمال شرق سوريا بعد التنسيق مع قيادة قسد.
وباعتبار أن خوف قسد من التخلي الأمريكي عنها ورغبتها في التواصل مع أي طرف يدعمها ضد الإدارة الجديدة وتركيا، فإن هذا يمكن أن يكون سببًا للتواصل والانسجام أكثر مع إيران، غير المقتنعة حتى الآن بأن عشرات مليارات الدولارات دعمًا للنظام البائد في سوريا قد ذهبت هباء منثورًا، يختم المنسي.
ويختلف الباحث الجاف مع المنسي في مسألة تعاون قسد مع إيران، إذ يشير الجاف إلى أن قسد قد أخذت بنصائح الزعيم الكردي “مسعود بارزاني” على محمل الجد، ولن تقوم بإلقاء كراتها في السلة الإيرانية المهترئة، بل طبقًا لما تم استشفافه من أوساط مقربة من بارزاني، فإن قسد سوف تسعى للتقرب أكثر من حكومة دمشق الجديدة حتى وإن کان هذا التقرب حذرًا.
نمر من ورق
تشير التقديرات إلى أن إيران أنفقت نحو 50 مليار دولار لدعم حليفها المخلوع بشار الأسد، إضافة إلى حشد إيران 70 ألفًا من القوات والأعضاء والقيادات في الحرس الثوري والمرتزقة من دول أخرى إلى سوريا، تحت ذريعة “حماية الأماكن المقدسة” الشيعية.
ويُعتقد أن معظم القتلى المنتمين لإيران وميليشياتها كانوا من عناصر الميليشيات الشيعية ومن بينهم العديد من القادة رفيعي المستوى.
وبالإضافة إلى كل هذا، يزعم المسؤولون الإيرانيون حاليًا أن سوريا لديها ديون نشطة لإيران تبلغ نحو 30 مليار دولار. ولا يزال من غير الواضح ما الذي سيحدث لهذه الأموال بعد تغيير الحكومة في سوريا في ظل تساؤل الرأي العام عن استثمارات إيران وخسائرها في سوريا.
والأهم من ذلك كله نهاية خطة إيران بتغيير النسيج الاجتماعي في سوريا، وخسارتها ثلث جغرافية محورها بعد انهيار خط دفاعها الأول، وعزلها عن أكبر جماعة لها في المنطقة حزب الله، لكن السؤال الذي يتبادر للذهن، هل ستتكيف إيران مع هذه التطورات التي أكلت نفوذها؟
يجيب تقدير موقف لمركز الدراسات العربية الأوراسية، عن هذا التساؤل، بأن السيناريو الإيراني الأكثر ترجيحًا في سوريا هو انتهاج مسار تفاوضيّ بشأن مستقبل سوريا، وقد دعم هذا التوجه تقارير تشير إلى محاولات طهران فتح قناة تواصل مباشرة مع القيادة الجديدة في سوريا، ما يعكس إستراتيجية إيرانية براغماتية جديدة في ظل التخوف من استغلال ترامب سقوط الأسد في ممارسة سلسلة ضغوط سياسية واقتصادية على إيران.
ويتفق الباحث الجاف، في أن سلوك إيران بعد التطورات الأخيرة التي جرت في المنطقة وكانت ذروتها سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، يختلف عن سلوكها قبل هذا التاريخ، إذ أنها فقدت الكثير من مقومات قوتها السياسية والعسكرية وحتى الفكرية في المنطقة، مع ملاحظة أن طهران نفسها تحبذ حاليًا مراقبة مسار الامور في الشأن السوري وانتظار ما ستسفر عنه من نتائج.
ويختم الجاف حديثه بالإشارة، إلى أن إيران على الأغلب تم إجبارها قسرًا وعلى حين غرّة على تقبل الأوضاع المستجدة في المنطقة عمومًا وفي سوريا بشكل خاص، بل إنها بصورة أخرى قد ابتلعت الصفعة، ومن الصعب أن يجازف أي طرف في المنطقة وفي سوريا نفسها بالقيام بمغامرة ما لصالح نظام طهران الذي يتخبط حاليًا في أسوء أوضاع داخلية وخارجية على حد سواء.