تخيل أن يتم طردك من منزلك وأرضك إما بقوة السلاح العسكري الرسمي لـ “الدولة”، أو من خلال إرهاب ميليشيات تدعمها هذه الدولة، أو من خلال قانون عنصري مصحوبٍ بآلة هدم يرى في الميليشيا صاحب الحق وأنت الدخيل، وبعد طردك تقسّم أملاكك إلى بطاقات قرعة بين الميليشيا والدولة، بكلمات أخرى، تخيل أملاكك وحقك حلوى عيد ميلاد يتقاسمها أعداؤك.
هذا تمامًا ما حدث في قرية أم الحيران في النقب المحتل جنوب فلسطين، التي أمهلت سلطات الاحتلال أهلها الفلسطينيين حتى 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 لإخلائها طوعًا بداعي أنها غير معترف بها، قبل تهجيرهم بعمليات الهدم، إذ قال الاحتلال حينها إنه ستقام في المكان مستوطنة جديدة تحمل اسم “درور” مع حوالي ألفين وأربعمائة عائلة.
بعد تهجير أهلها، قسّمت وزارة الإسكان الإسرائيلية و”سلطة أراضي إسرائيل” مساحة قرية أم الحيران إلى “بطاقات القرعة” لـ 345 قطعة أرض لبناء 345 منزلاً خاصًا، وأعطت الأولوية لجنود الاحتياط النشطين بالحصول على حصة من القرعة لـ 100 قطعة أرض، وبنتيجة غير مستغربة، فاز” الابن الأكبر لوزير المالية الإسرائيلي، وأحد دعاة الاستيطان اليميني المتطرف بتسلئيل، بقطعة أرض مساحتها 513 متراً مربعاً مخصصة للبناء، وفق ما أوردته صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية.
فكرة منح الأراضي والشقق بطاقات قرعة وتوزيعها على السكان، ليست فكرة جديدة، بل كثيرًا ما تلجأ إليها الدول في مختلف مناطق العالم بطرح عدة آلاف من قطع الأرض والشقق التي تدعمها ماليًا في القرعة بين مواطنيها، لما يمكن أن توفره القرعة من طريقة عادلة وشفافة لتوزيع الموارد المحدودة، وحلٍّ لمشكلة الطلب الكبير.
لكن في دولة الاحتلال، فلا عدل ولا شفافية و”الموارد المحدودة” أصلًا ليست ملك الدولة، بل ملك الفلسطينيين، والطلب الكبير أصلًا لمستوطنين محتلين، ولذلك تأتي بطاقات القرعة التي قسّم بها الاحتلال أرض أم الحيران في النقب، لإقامة وترسيخ “المستوطنة اليهودية الدينية القومية” التي قرر الاحتلال منذ عام 2002 إقامتها على أراضي القرية البدوية العربية بعد تهجير سكانها بهدم بيوتهم.
كانت “اللجنة الوزارية لشؤون المجتمع البدوي” الإسرائيلية تفاخرت عبر وزير الشتات في دولة الاحتلال، عميحاي شكلي، بارتفاع منسوب تنفيذ أوامر الهدم في القرى مسلوبة الاعتراف في النقب إلى 400% ما بين عام 2023 والعام الحالي، وهو معطى سبق أن تفاخر به وزير الأمن القومي اليميني السابق في دولة الاحتلال، إيتمار بن غفير، الذي علق عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي محتفياً بالهدم: “(أنا) فخور بقيادة سياسة قوية لهدم المنازل غير القانونية في النقب”.
ليست أم الحيران وحدها القرية الفلسطينية التي تهجّر قسريًا من سكانها، ثم تقسّم الأرض على شكل بطاقات “يانصيب” بين المستوطنين وجنود الاحتلال، في هذا التقرير الخاص، يتتبع موقع “نون بوست” كيف استخدم الاحتلال بطاقات القرعة كوسيلة استيطانية في المستوطنات بالضفة المحتلة، والقدس، ومدينة بئر السبع في النقب.
اطلع موقع “نون بوست” على بيانات نشرتها وزارة الإسكان الإسرائيلية وسلطة أراضي “إسرائيل”، أحد أهم أسس الاستيطان في فلسطين، حول العطاءات واليانصيب للأراضي والعقارات والشقق في المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة، بل وتمنحان جنود الاحتلال امتيازات لها.
امتيازات عناصر أجهزة الأمن الإسرائيلية
تشير بيانات الوزارتين في دولة الاحتلال إلى أنهما منحتا امتيازًا خاصًا لجنود الاحتلال كما حصل في قرية أم الحيران بالنقب، وقسّمت أصناف الجنود المؤهلين لأخذ الامتيازات إلى ثلاثة: (جنود الاحتياط، أبناء الأقليات الدرزية والشركس في شمال فلسطين المحتلة، الذين خدموا أو يخدمون في أجهزة الأمن الإسرائيلية، والبدو في النقب الذين خدموا في أجهزة الأمن الإسرائيلية، أو لأرامل قتلاهم).
جنود الاحتياط: يمنح فيها الاحتلال الجندي الاحتياطي السابق أو الذي يخدم حاليًا في جيش الاحتلال، مزايا وأفضلية للحصول على نصيب من الشقق والأراضي على أن يكون حاصلًا على شهادة خدمة احتياطية فعالة لمدة ست سنوات من جيش الاحتلال، أو خدم لـ 80 يومًا احتياطيًا بدءًا من عام 2000 لفترة متواصلة تصل إلى 6 سنوات، أو الجندي الاحتياطي الذي خدم لمدة تزيد عن 45 يومًا في الفترة ما بين 7 أكتوبر 2023 وإعلان انتهاء الحرب.
أبناء الأقليات الدرزية والشركس في شمال فلسطين المحتلة: تمنح المزايا منهم لمن خدم أو يخدم في أجهزة الأمن الإسرائيلية أو كان جنديًا انتظاميًا لمدة 24 شهرًا في جيش الاحتلال، أو شرطة الاحتلال، أو حرس الحدود، أو مكتب رئيس الوزراء، أو إدارة سجون الاحتلال، ويحصل على توصية من وزارة حرب الاحتلال.
البدو في النقب: تمنح المزايا منهم لمن كان جنديًا انتظاميًا لمدة 24 شهرًا في جيش الاحتلال، أو شرطة الاحتلال، أو حرس الحدود، أو مكتب رئيس الوزراء، ويحصل على توصية من وزارة حرب الاحتلال، أو لأرامل من قتل خلال خدمته.
الاستيطان بالقرعة
تمكن “نون بوست” من رصد 15 مستوطنة في الضفة الغربية والقدس، استخدمت فيها وزارة الإسكان في دولة الاحتلال القرعة لتقديم شقق مخفضة إلى المستوطنين لشرائها والاستيطان فيها، منذ بدء هذا البرنامج في الوزارة في 2022، متجاوزة التعريف القانوني للمستوطنات كمناطق غير شرعية في الأراضي الفلسطينية.
وتمنح الوزارة قرعًا على تخفيضات بأسعار الشقق، وبحسب البيانات، فإن معدل الخصم في القرعة الحالية هو 20% من سعر الشقة أو 300 ألف شيكل (84,589 دولارا أمريكيا)، وتمنح الأولوية فيها للمستوطنين بلا مأوى، والعناصر في أجهزة الأمن الإسرائيلية، وذوي الاحتياجات الخاصة،
مدينة القدس
منذ 2022، وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 3,102 وحدة سكنية في مدينة القدس، وبحث “نون بوست” سابقًا عبر ملف “وكلاء الاستيطان”، في وكيلَين أساسيَّين لتنفيذ المخططات الاستيطانية في القدس، وإحلال أكثر من 230 ألف مستوطن في القدس الشرقية وحدها: بلدية القدس التابعة لسلطات الاحتلال، واللجنة الوزارية لقضايا منطقة القدس الكبرى.
وفي أغسطس/ آب 2023 صادقت حكومة الاحتلال على الخطة الخمسية تحت عنوان “تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في القدس الشرقية”، بقيمة تصل إلى 3.2 مليارات شيكل (838 مليون دولار)، بزعم “تطوير شرق القدس للأعوام 2024-2028”.
ووفقًا لقرار حكومة الاحتلال، فإن الخطة الخمسية تشمل استثمارات في قطاعات مختلفة، منها قطاع التربية والتعليم بقيمة 800 مليون شيكل ووظيفته الأبرز أسرلة وتهويد المناهج التعليمية، وقطاع التوظيف في التنمية الاقتصادية بقيمة 506 ملايين شيكل “لدمج الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلي”، وقطاع البنية التحتية بقيمة 833 مليون شيكل للدمج العمراني بين شرقي وغربي المدينة بما يعزز الزحف الاستيطاني.
وقطاع التخطيط القانوني وتصميم المباني العامة بقيمة 132 مليون شيكل لاستكمال سرقة ونهب الأراضي وتسجيلها كأملاك غائبين أو بأسماء ملّاك يهود مزعومين، وجمعيات استيطانية، وقطاع خدمات المقيمين بقيمة 900 مليون شيكل لتوسيع السيطرة المجتمعية على المقدسيين، إلى جانب السيطرة الأمنية بزيادة عدد أفراد القوات ومفتشي البلدية، وإضافة كاميرات مراقبة وإنشاء مراكز أخرى لقوات الاحتلال.
وفيما يلي أبرز المستوطنات التي وزع فيها الاحتلال وحدات سكنية للمستوطنين بالقرعة:
مستوطنة “بيت شيمش”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 6,816 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “بيت شيمش” المقامة على أراضي قرية دير إبان المهجرة غربي مدينة القدس، والتي تأسست كمستوطنة إسرائيلية في فلسطين عام 1950، على مساحة تبلغ 34.2 كم مربع.
مستوطنة “ميفاسيرت صهيون”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 1,042 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “ميفاسيرت صهيون” المقامة في الضواحي الشرقية من مدينة القدس.
وفي عام 2018، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية عن خطة إسرائيلية لتوسيع المستوطنة إلى عمق الضفة الغربية، وأن نحو 40% من المباني التي من المقرر إنشاؤها حسب الخطة المطروحة من قبل “سلطة أراضي إسرائيل” ستوجد خلف الخط الأخضر في أراضي الضفة الغربية، مشيرة إلى أن نحو عشرين منزلا سبق أن بُنيت في أراضي الضفة أثناء توسيع المستوطنة إلى الشمال الشرقي قبل عشرين عامًا.
مستوطنة “كريات يعاريم”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 70 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “كريات يعاريم” غرب مدينة القدس المحتلة، وفي عام 2022، صادقت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء التابعة للاحتلال على خطط استيطانية فيها لجلب مستوطنين من أوكرانيا بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، من خلال إقامة مجمعين متجاورين على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 18 دونماً، ويشتمل على نحو 210 وحدات سكنية في 9 عمارات في أبنية يصل ارتفاعها إلى 8 طوابق.
قرية أبو غوش
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 65 وحدة سكنية عبر القرعة في قرية أبو غوش، الواقعة على طريق يافا – القدس وهي إحدى القرى الثلاث الوحيدة الباقية من قرى غربي القدس المهجرة عام 1948، وفي عام 2023، سوقت وزارة الإسكان الإسرائيلية مناقصات يصل عددها إلى نحو 1500 مناقصة بمنطقة حي الشرفة في البلدة، تحت مسميات يهودية لاستقطاب “جمهور الهدف” الذي تنوي وزارة الإسكان استقطابه إلى أبو غوش وهم المستوطنون.
مستوطنة “عين ناكوفا”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 39 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “عين ناكوفا”، وهي مقامة على أراضي قرية بيت نقوبا المهجرة عام 1948 قرب قرية أبو غوش غرب القدس، وانتقى المستوطنون بعضا من أنقاض القرية، واستخدموها كعتبات لمنازلهم الجديدة.
مستوطنة “معاليه أدوميم”
وزعت وزارة الإسكان 56 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “معاليه أدوميم“، وتعتبر واحدة من كبرى المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، وأكثرها توسعا منذ تأسيسها في العام 1975 شرق مدينة القدس، ووصل عدد سكان المستوطنة إلى 40 ألفا، يستوطنون أرضا مساحتها 30 كيلومترا مربعا.
وتشير مقالة نشرتها مجلة “الدراسات الفلسطينية” تحت عنوان “خطة E1 وسواها من الكوارث النازلة بالقدس”، أنه قبل فرض “إسرائيل” نظام الأذونات والإغلاقات الذي يحدّ دخول الفلسطينيين إلى القدس منذ أوائل تسعينيات القرن الـ 20، كان 40% من الاقتصاد الفلسطيني، بحسب دراسة للبنك الدولي، يدور حول القدس، لكن النمو المتدرّج لمعاليه أدوميم وسواها من مستعمرات القدس، والإعمار المرتقب ضمن خطة E1 وحاجز الأسمنت والأسلاك الشائكة الذي ستنجزه “إسرائيل”، سوف تعزل الفلسطينيين بصورة نهائية عن هذه المدينة.
وتناولت “نون بوست” سابقًا بالتفصيل، خطة E1 التي تهدف إلى عزل القدس عن أي ارتباط جغرافي بأراضٍ يسكنها الفلسطينيون، وإغلاق المساحة الخالية الأخيرة المتاحة لنمو القدس الفلسطينية، وخلق حاجزًا استيطانيًّا يجعل من المستحيل على الفلسطينيين القادمين من شمال الضفة الغربية أن يصلوا إلى القسم الجنوبي منها من دون شقّ طريق جديدة.
مستوطنة “موديعين عيليت”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 3,372 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “موديعين عيليت”، وهي مستوطنة مخصصة لليهود الحريديم، مقامة على أراضي قرى بيت سيرا وبيت عور التحتا وصفا غرب مدينة رام الله، في المنطقة الواقعة على الخط الأخضر بين اراضي 1948 وأراضي الضفة الغربية على طريق 443 الاستيطاني بين القدس و”تل أبيب”.
مستوطنة “بيت إيل”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 110 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “بيت إيل”، الواقعة على مدخل مدينة البيرة الشمالي، والمقامة على أراضي قريتي بيتين ودورا القرع، وبدأت كمعسكر للجيش قبل أن تستقل عنه وتتأسس المستوطنة بشكلٍ مستقل، ويقع فيها المقر العام للإدارة المدنية التابعة لوزارة حرب الاحتلال.
مجلس استيطاني “بيت أرييه وأفرايم”
وزع الاحتلال 89 وحدة سكنية عبر القرعة على مستوطنة ومجلس استيطاني “بيت أرييه وأفرايم”، وتقع على بعد 32 كيلومترًا شمال القدس و25 كيلومترًا شرق “تل أبيب”، والمقامة على أراضي صودرت من قريتي دير بلوط غرب سلفيت واللبن الغربية، شمال غرب رام الله، ومعظم مستوطنيها يعملون خارجها في الصناعات الجوية الإسرائيلية، حيث يبعد مطار اللد عنها مسافة 10 كم، وهو ما جعل العاملين في الصناعات الجوية يفضلونها لقربها من المطار.
مستوطنة “تسور هداسا”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 759 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “تسور هداسا”، المقامة على أراضي قرية وادي فوكين غرب بيت لحم، وفي عام 2020، صدّق الاحتلال على بناء 500 وحدة استيطانية في المستوطنة على حساب أراضي الفلسطينيين.
مستوطنة “بيتار عيليت”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 252 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “بيتار عيليت”، والمقاومة على أراضي قرى نحالين وحوسان ووادي فوكين في بيت لحم، وفي عام 2021، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخططا استيطانيا جديدا لتوسيع المستوطنة و يصادر ما مساحته 404 دونمًا من الأراضي الفلسطينية التابعة لبلدات واد فوكين و حوسان غرب مدينة بيت لحم، ويسكنها ما يزيد عن 64 ألف مستوطن إسرائيلي.
مستوطنة “إفرات”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 82 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “إفرات”، وتقع ضمن التكتل الاستيطاني الأكبر في الضفة الغربية “غوش عصيون” جنوب غرب بيت لحم، والمقام على سبعة تلال فلسطينية محتلة، وفي عام 2020، صادقت حكومة الاحتلال على توسعة المستوطنة سيمتد على مساحة 1100 دونم وسيقام عليها حوالِي 7000 وحدة استيطانية بقدرة استيعابية تزيد عن 25 ألف مستوطن اسرائيلي، وهي ضعف عدد المستوطنين القاطنين في المستوطنة حين المصادقة على الخطة.
مستوطنة “ألفيه منشيه”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 150 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة “ألفيه منشيه”، المقامة أراضي الأهالي في قلقيلية، أوائل ثمانينات القرن الماضي، عبر مصادرة الأراضي الزراعية في قرية النبي الياس، وقرية رأس عطية، بهدف تحويلها إلى قاعدة عسكرية لجيش الاحتلال، ثم بدأ المستوطنون بوضع بيوت متنقلة هناك.
وبدأ الاستيطان فيها عبر شق طرق استيطانية، والتحول إلى البناء القائم هناك منذ عام 1986، أي -قبل 33 عامًا- حتى تفاقم الحال لسرقة المئات من الدونمات الزراعية، لإقامة وتوسيع مستوطنة “الفيه منشيه”، ولاحقًا مع إقامة الجدار بمحيط المستوطنة عام 2000، اتخذه المستوطنون وسيلة لابتلاع المزيد من الأراضي والاستيلاء عليها لصالح توسعة المستوطنة.
مستوطنة ” عمانوئيل”
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 58 وحدة سكنية عبر القرعة في مستوطنة ” عمانوئيل”، وهي مستوطنة دينية، أقامها الاحتلال على 951 دونمًا من أراضي دير استيا، و163 دونمًا من أراضي إماتين، ضمن حوض محمية وادي شمال غرب محافظة سلفيت.
مدينة بئر السبع
وزعت وزارة الإسكان في دولة الاحتلال 4,873 وحدة سكنية عبر القرعة في بئر السبع، هذه المحافظة التي يقيم البدو في مدنها وقراها ومن بين هذه المدن والقرى تأتي رهط وتل السبع وشكيب واللقية وكسيفة وعرعرة وتل عراد وحورة وأم بطين وشقيب السلام وأم حيران (هجرت بالكامل) وأم متان والقصر وأخشم والأعسم وبير هداج ووادي النعم وترابين الصانع، ومدن وقرى أخرى عددها أكثر من 10 مدن و160 قرية، ويبلغ تعداد البدو في منطقة النقب نحو 300 ألف نسمة.
عام 2013، سنَّ الاحتلال مشروع قانون “تنظيم استيطان البدو في النقب” والذي ادّعى فيه أن بدو النقب مستوطنون، وعليه لا بدَّ من تنظيم استيطانهم في الأرض “اليهودية”، وخلال عام 2022، رصدت الحكومة الإسرائيلية ميزانية قيمتها 25 مليون دولار للشروع في تنفيذ مخطط يقضي بإقامة 100 مزرعة جديدة، إضافة إلى 41 مزرعة فردية أقامها اليهود بشكل غير قانوني على أراضي الفلسطينيين في النقب.
مشروع القانون هذا جاء ضمن مخطط برافر-بيغن الذي صادقت عليه كنيست الاحتلال في العام نفسه، والذي يقرر هدم 20-40 قرية عربية، وترحيل عشرات الآلاف من البدو من بيوتهم إلى ما يُسمّى مناطق تركيز هي أقرب للمعتقلات الجماعية، ومصادرة أكثر من نصف مليون دونم من أراضي البدو، ومحاولة تهويد وعسكرة الجنوب، ومنع أي تواصل جغرافي ما بين النقب وغزة وسيناء.
تبع ذلك، وعشية المصادقة على مخطط برافر-بيغن بالقراءتَين الثانية والثالثة، إعلان وزارة الإسكان عن خططها لبناء 5 مستوطنات في المنطقة الواقعة بين مدينتَي بئر السبع وديمونا، وقد أطلقت الوزارة على المستوطنات الخمس أسماء عومريت، غبعوت عدريم، تيلم، تلما وتلباه.
وعام 2022، رصدت الحكومة الإسرائيلية ميزانية قيمتها 25 مليون دولار للشروع في تنفيذ مخطط يقضي بإقامة 100 مزرعة جديدة، إضافة إلى 41 مزرعة فردية أقامها اليهود بشكل غير قانوني على أراضي الفلسطينيين في النقب، وستخصِّص مساحة مقدارها 80 دونمًا مجانًا لكل عائلة يهودية توافق على الاستيطان بالمنطقة.
وصادقت لجنة التنظيم والبناء في بئر السبع على إقامة 13 مستوطنة جديدة ومدينتين، حيث ستقام لأول مرة -بدعم ما يسمى “دائرة أراضي إسرائيل”- مدينة لليهود الحريديم بالنقب باسم “كسيف” ومدينة بتمويل واستثمار كامل من شركات البناء والعقارات التي ستحصل على مسطحات الأراضي من حكومة الاحتلال.
الاستيطان في الضفة
منذ حرب عام 1967 ، صادرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو مليون و300 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية المحتلة، لصالح المستوطنين وتوسيع المشروع الاستيطاني، وبحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية فإن نحو مليون و300 ألف دونم مصادرة من أراضي الضفة، منها 250 دونمًا لبناء المستوطنات، ومليون دونم تمنح الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين حرية التصرف بها.
خلال العام 2024، صادرت قوات الاحتلال أكثر من 52 ألف دونم من أراضي الضفة، وبحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان فإن 230 ألف فلسطيني يعيشون في المناطق المصنفة ج، ويعانون الاعتداءات وخطر التوسع الاستيطاني على حساب أراضيهم.
في الختام، يكشف نظام “بطاقات القرعة” عن الوجه الحقيقي لسياسات التهجير والاستيطان التي تنتهجها دولة الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء القانون والعدالة الشكلية. وبينما يُمنح المستوطنون امتيازات تسهل استيلاءهم على الأراضي الفلسطينية، يُجبر أصحاب الأرض الأصليون على النزوح والاقتلاع من جذورهم. إن استمرار هذه السياسات لا يعكس فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الفلسطينيين، بل يعمّق أيضًا من واقع التمييز والاستعمار الاستيطاني الذي يسعى إلى فرض أمر واقع جديد، يقوّض أي فرصة لتحقيق العدالة أو السلام العادل في المنطقة.