أظهرت نتائج سبر أراء في تونس تأهل المرشحين قيس سعيد ونبيل القروي للدور الثاني لانتخابات الرئاسة السابقة لأوانها في البلاد، متقدمين على باقي المرشحين، ما اعتبره العديد من المتابعين للشأن العام ضربة قوية لمنظومة الحكم.
في انتظار التأكيد
وفق النتائج التقديرية التي قدمتها وكالة سيغما كونساي تقدم المرشح المستقل قيس سعيد بـ 19.50 بالمائة من الأصوات، فيما جاء رجل الإعلام ورئيس حزب “قلب تونس” نبيل القروي في المرتبة الثانية 15.5 بالمائة، بينما حلّ مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو في المرتبة الثالثة بنسبة 11 بالمائة.
وجاء المرشح المستقل والذي يشغل منصب وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي في المرتبة الرابعة بـ 9.4 بالمائة، وحلّ رئيس الحكومة الحالي ومرشّح حركة “تحيا تونس” يوسف الشاهد في المرتبة الخامسة بـ 7.5 بالمائة، وجاء الصافي سعيد بـ 7.5 بالمائة في المرتبة السادسة.
وقال مسؤول في حزب القروي (قلب تونس) لوكالة الصحافة الفرنسية إن “نبيل القروي في الدور الثاني”. بدوره، قال قيس سعيد للوكالة نفسها “المرتبة الأولى التي نلتها تحملني مسؤولية كبيرة تجاه الشعب حتى نمر معا من اليأس إلى الأمل ومن الرجاء إلى العمل”.
ذاع صيت أستاذ القانون الدستوري والمرشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيد بعد الثورة التونسية بمداخلاته التلفزيونية في عدد من المسائل القانونية والدستورية
من المنتظر أن يتم إعلان النتائج الأولية للانتخابات في 17 من سبتمبر/أيلول بحسب برنامج الانتخابات الذي أعلنه رئيس الهيئة العليا للانتخابات نبيل بفون، غير أنه لم يتم إلى الآن تحديد موعد الجولة الثانية التي يفترض أن تجري، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وشارك في هذه الانتخابات 26 مرشحًا يمثلون أحزابًا سياسية وائتلافات حزبية ومستقلين، وذلك بعد استيفاء كل إجراءات البت في كل النزاعات القضائية المتعلقة بقائمة المرشحين التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منتصف شهر أغسطس/آب الماضي، وكان أكثر من 98 شخصًا قد تقدموا بترشحاتهم للانتخابات الرئاسية التونسية المبكرة المقررة في سبتمبر/أيلول، قبل أن يتقلص عددهم نتيجة عدم استيفاء بعضهم للشروط التي ضبطها القانون للترشح لمنصب الرئاسة.
أستاذ القانون قيس سعيد
خصصت هيئة الانتخابات 4564 مركز اقتراع، تضم 13 ألف مكتب تصويت داخل البلاد، في حين فتح 304 مراكز اقتراع في الخارج، تضم 384 مكتب تصويت في 46 دولة. تعتبر هذه الانتخابات الرئاسية المرتقبة، الثانية التي تشهدها تونس بعد الثورة، حيث شهدت البلاد نهاية سنة 2014 انتخابات رئاسية، وصفها مراقبو البعثة الأوروبية بـ”الشفافة” وذات “المصداقية”، واعتبرها العرب والأفارقة عنوان تقدم لتونس.
سعيد.. رجل الحقوق الصاعد بقوة
ذاع صيت أستاذ القانون الدستوري والمرشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيد بعد الثورة التونسية بمداخلاته التلفزيونية في عدد من المسائل القانونية والدستورية واعتماده على اللغة العربية الفصحى وحديثه بنبرة غير مألوفة لدى عامة الشعب التونسي.
ويعرف عن قيس سعيد استخدامه المتقن للغة العربية الفصحى في كل مقابلاته وتصريحاته للصحافة، لا تسمعه أو تراه يتكلم في حواراته الإعلامية إلا لغة الضاد ولا تراه يبتسم أبدًا، إذ تنضح من ملامحه جدية رجل القانون الأكاديمي المغرق في المعرفة والعلم، إلى درجة أن البعض يتندر بوصفه بـ”الرجل الآلي”.
وكان قيس سعيد الذي يخوض الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها كمستقل، قد اختار عبارة “الشعب يريد” شعارًا لحملته الانتخابية، لتلخص تمسكه بأهداف ثورة يناير/كانون الثاني 2011، التي قامت أساسًا ضد منظومة سياسية حكمت تونس لعقود عدّة وكان من نتائجها انتشار الفساد والفاسدين في البلاد.
برع مالك قناة نسمة الخاصة نبيل القروي الذي أعلن الترشح للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، في توظيف العمل الخيري والإعلامي بمجال العمل السياسي
سبق أن دعا قيس سعيد، خلال المرات القليلة التي ظهر فيها على التلفزيون التونسي الرسمي إلى ضرورة استرداد الأموال من الفاسدين ووضعها في حساب الجهات المحرومة والمهمّشة، كما دعا أيضًا إلى ضرورة الاهتمام بالأخلاق في الحياة السياسية والاقتراع على الأشخاص.
وعلى عكس منافسيه، لم يظهر المرشح المستقل الذي اختص بالقانون الدستوري في تجمعات انتخابية كبيرة، حيث اكتفى فقط بالتجوّل في عدد من المدن التونسية للقاء المواطنين في المقاهي والأسواق والساحات العامة، كما لم يكثف من ظهوره الإعلامي.
يركز “سعيد” على ضرورة مراجعة المدونة القانونية التونسية، انطلاقا من الدستور وكيفية ممارسة السلطة التشريعية لصلاحياتها، وكثيرا ما يخرج ناصحًا التونسيين فيما يتعلق بالعديد من المسائل القانونية التي تثير الجدل.
القروي.. رجل الإعلام المتهم بالفساد
ثاني الصاعدين إلى الدور الثاني من الانتخابات التونسية هو المرشح نبيل القروي الموجود في السجن على ذمة التحقيق في قضية تتعلق بتبييض الأموال والتهرب الضريبي وفق قرار دائرة الاتهام، يعد القروي، أحد رجال نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ثم أحد مؤسسي حزب نداء تونس، وريث التجمع الدستوري الديمقراطي (حزب بن علي)، وأحد رجال الأعمال الذين يتهمون بالفساد والتحيل وتبييض الأموال، كما يتهم باستغلال معاناة المحتاجين والفقراء في تونس.
رجل الإعلام نبيل القروي
كانت منظمة “أنا يقظ” قد نشرت ضمن تحقيقات بشأن الفساد في قطاعات متعددة مثل قطاع الإعلام والقطاعين العام والخاص وفي المجالات التي تهم السياسيين ورجال الأعمال، في يوليو 2016، تحقيق استقصائي عن شركة “نسمة برودكست ش م م” وهي إحدى الشركات محدودة المسؤولية التابعة لمجموعة القروي، تم الكشف فيه عن حصول “أنا يقظ” على أدلة بخصوص شبهة فساد تتعلق “بالتهرب الضريبي للقناة وعدم تسديدها للعديد من الخطايا المتخلدة بذمتها لفائدة الدولة”.
ويستغل نبيل القروي مؤسسته الإعلامية الخاصة التي حصلت على حقوق البث زمن نظام الرئيس المخلوع بن علي، نتيجة الخدمات التي قدمه له ولنظامه، للترويج لخطابه الشعبوي القائم على نصرة المستضعفين والفقراء، يذكر أن القروي يرفض تجديد رخصة البث لقناته لأسباب عدة.
برع مالك قناة نسمة الخاصة نبيل القروي الذي أعلن الترشح للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، في توظيف العمل الخيري والإعلامي بمجال العمل السياسي، فهو يستخدم منذ سنوات برنامجًا خيريًا يبث يوميًا على قناته، لتقديم مساعدات للفقراء بغية الوصول إلى كرسي الرئاسة.