ترجمة وتحرير: نون بوست
في الوقت الذي تأجلت الانتخابات الرئاسية في مناسبتين، حُدّد موعدها مؤخرا لتُنظم يوم 12 كانون الأول / ديسمبر، من قبل رئيس الدولة بالنيابة عبد القادر بن صالح، وذلك تماشيا مع اقتراحات رئيس الأركان العسكرية أحمد قايد صالح.
لن تغير تصريحات ومظاهرات جزء مهم من السكان شيئًا. وستُعقد الانتخابات الرئاسية بحلول نهاية هذه السنة، وتحديدا يوم 12 كانون الأول / ديسمبر. ووفقا لعبد القادر بن صالح، خلال الكلمة التي ألقاها أمام الشعب، يتعلق الأمر “بالحل الديمقراطي الوحيد المعقول”. وقبل ذلك بيوم، وقّع بن صالح على قوانين أساسية تتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وبالنظام الانتخابي. وتُقِر هذه الخطوة المقترحات المقدمة في أوائل أيلول / سبتمبر من قبل رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع الوطني.
اعتُمد النصان بالإجماع يوم الجمعة، 13 أيلول / سبتمبر، الذي يُوافق عطلة رسمية في البلاد، من قبل مجلس الأمة (مجلس الشيوخ). وأُعد هذان النصان الجديدان اللذان سيدخلان حيز التنفيذ بمجرد نشرهما في الجريدة الرسمية بناء على المقترحات التي تقدّمت بها الهيئة الوطنية للحوار والوساطة بقيادة كريم يونس. كما يقترح النصان سلسلة من الإجراءات الجديدة من أجل ضمان تنظيم مختلف للانتخابات، قادر على إقناع أكبر عدد من الجزائريين بالالتزام بالمواعيد النهائية في المستقبل.
انسحاب الإدارة؟
ينص قانون السلطة الانتخابية الوطنية المستقلة للانتخابات على نقل “جميع صلاحيات السلطات العامة، أي الإدارية المرتبطة بالشؤون الانتخابية، إلى السلطة المستقلة المسؤولة عن الانتخابات”. وهكذا، لن تلعب الإدارة، التي لطالما اتهمت بتزييف النتائج، الدور ذاته بعد الآن. علاوة على ذلك، سيكون للسلطة “وضع الشخص الاعتباري والاستقلال الإداري والمالي وستكون مسؤولة عن تنظيم ومراقبة العملية الانتخابية والإشراف على جميع مراحلها”.
أدخلت مراجعة القانون الأساسي المتعلق بالنظام الانتخابي عددًا من التغييرات، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية
علاوة على ذلك، سيكون لهذه الهيئة ميزانيتها الخاصة وسيتعين عليها إدارة الانتدابات المتعلقة بالعمليات الانتخابية. فضلا عن ذلك، لن يقتصر عمل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على تنظيم الانتخابات والإشراف عليها، حيث أنها مكلّفة أيضا “بإعداد الملف الوطني للناخبين والقوائم الانتخابية للبلديات والمراكز الدبلوماسية والقنصليات في الخارج”. كما سيتعين عليها استقبال ودراسة ملفات الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.
أدخلت مراجعة القانون الأساسي المتعلق بالنظام الانتخابي عددًا من التغييرات، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية. وفي الواقع، لن يودع المرشح المحتمل ملفه لدى المجلس الدستوري، وإنما لدى رئيس السلطة المستقلة للانتخابات. وفي ملفه، ينبغي على المرشح المحتمل تقديم “شهادة جامعية أو شهادة معادلة”. من الآن فصاعدًا، سينبغي على المرشح أن يرفق بإعلانه قائمة تضم 50 ألف توقيع بدلاً من 60 ألف، ولم يعد الخيار البديل المتمثل في تقديم توقيعات 600 مسؤول محلي معتمدا.
عودة التعبئة
خلال يوم الأحد 15 أيلول / سبتمبر، شرع منسق هيئة الحوار والوساطة في تعيين أعضاء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، تماما كما طلب منه عبد القادر بن صالح. خلال الاجتماع، وحده وزير العدل السابق محمد شرفي، من حظي بالتأييد لرئاسة هذه للسلطة، علما وأنه كان المرشح الوحيد. وفي وسائل الإعلام، ضاعف عدد من الشخصيات تدخلاتهم لتفسير الحاجة الملحة لتنظيم انتخابات رئاسية.
من جهتها، قدّرت فتيحة بن عبو، الخبيرة الدستورية والعضوة في هيئة الحوار والوساطة في مقابلة لها مع موقع “كل شيء عن الجزائر”، أنه “إذا كان الجزائريون لا يرغبون في سلطة عسكرية، فينبغي عليهم التصويت لانتخاب رئيس مدني”. وقبل أيام قليلة، اعتبر المتحدث باسم الحكومة ووزير الاتصال أن “الوضع الراهن يفرض اللجوء إلى انتخابات رئاسية قادرة على ضمان أمن البلاد والمواطنين”. وفي الوقت الراهن، لا يوافق المحتجون، الذين يواصلون الخروج كل يوم جمعة إلى الشوارع، على ذلك.
من هم المترشحون؟
لدى المترشحين الكثير من المخاوف حول هذه العملية. ولن يكفي النصان اللذان تبنّاهما البرلمان بسرعة هائلة لتبديد الشكوك. ومن أجل القيام بذلك، يتعين على السلطة التغلب على بعض العقبات. ويتعلق الأمر بتعبئة مرشحين محتملين موثوق بهم سيوافقون على الترشح لهذا المنصب. وفي الأثناء، يرفض جزء من المعارضة بشكل قاطع فكرة إجراء انتخابات رئاسية دون المرور بمرحلة انتقالية، حيث التفّت هذه الأحزاب والشخصيات حول قطب البديل الديمقراطي.
في الحقيقة، لا يمكن استبعاد فرضية مشاركة بعض الشخصيات المنحدرة من السلطة، التي انضمت إلى المعارضة خلال السنوات العشرين الماضية
يبدو أن هناك جزءًا آخر من المعارضة قد نأى بنفسه عن هذه العملية في ظل سياق تميز بالعودة القوية للمتظاهرين إلى الشارع. وسيكون من الصعب تصور أن مشاركة بعض الوجوه السياسية التي سبق وتحملت مسؤوليات مهمة تحت رئاسة عبد العزيز بوتفليقة قادرة على إعادة ربط علاقة ثقة مع الجزائريين، على الرغم من أن هذا الخيار غير مستبعد في هذه المرحلة. وبالمثل، لا يُمكن لمشاركة أحزاب دعمت الرئيس المخلوع وولايته الخامسة، بما في ذلك جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، إلا زيادة الشكوك حول هذا الاقتراع.
في الحقيقة، لا يمكن استبعاد فرضية مشاركة بعض الشخصيات المنحدرة من السلطة، التي انضمت إلى المعارضة خلال السنوات العشرين الماضية. وتوجّهت كل الأنظار إلى علي بن فليس. ومن المؤكد أن بن فليس لم يعلن إلى الآن عن قراره، كما حدّد في تعليق أجاب فيه عن مستخدم موقع فيسوك ألح في سؤاله عن هذه المسألة على صفحته، إذ كتب الآتي :”أنا لست مترشحًا بعد، سيدي العزيز. ولديّ برنامج للخروج من الأزمة”.
بالإضافة إلى ذلك، أشار بن فليس إلى أنه وضع شروطا “للسماح للجزائريين بالسير نحو الانتخابات”. ومع ذلك، تكشف أحدث مشاركاته التي نشرتها صحيفة “مساء الجزائر” عن مواقف هذا الرئيس السابق للحكومة والمترشح لانتخابات سنة 2004 و2014 في مواجهة عبد العزيز بوتفليقة. وأكّد في النص الذي استعرض فيه حصيلة العمل الذي أنجزته لجنة الحوار أنه: “بلدنا لم يكن أقرب من الخروج من الأزمة بهذا الشكل. ولم يسبق وأن بدت الانتخابات الرئاسية مناسبة للخروج من الأزمة على هذا النحو”.
الحملة الانتخابية
بالإضافة إلى العائق المرتبط بالمرشحين المحتملين الذين يمكن لمصداقيتهم أو لغيابها تعزيز أو إضعاف مصداقية هذه الانتخابات، تُطرح مسألة الحملة الانتخابية. وعموما، ينبغي على الأشخاص الذين ستُصادق السلطة المستقلة للانتخابات على ملفاتهم التنقل إلى عدة مدن. وسيجوبون جميع أنحاء من أجل تنظيم اللقاءات والاجتماعات المحلية. وقد تكون هذه الأنشطة العادية عقبة حقيقية أمام مرشح للرئاسية في وقت يطرد فيه السكان الوزراء حتى في أقصى جنوب البلاد.
إلى جانب التحركات الاحتجاجية البسيطة في مختلف المدن، تظل أكبر عقبة أمام السلطة الحالية متمثلة في عودة التعبئة الميدانية بقوة، التي يمكن أن تفرض توازن قوى جديد. وفي يوم تبني مشروعي القانون، عاد الجزائريون ليُشاركوا بأعداد غفيرة في يوم الجمعة الثلاثين للتعبئة ضد النظام. وجاء في الشعارات المرفوعة الدعم الثابت لكريم طابو، وهو معارض سياسي محتجز بسبب “إضعاف معنويات الجيش”، ورفض انتخابات تُعتبر بمثابة انقلاب.
من المحتمل أن تؤدي قضية سجناء الرأي إلى تأجيج التوترات. علاوة على ذلك، وُضع المحتجون الذين يبلغ عددهم 22 شخصا والذين اعتُقلوا يوم جمعة، في الحبس المؤقت، يوم الأحد بقرار من قاضي التحقيق. وفي الحقيقة، يُحاكم هؤلاء المحتجون بتهمة “التحريض على التجمع” و”تقويض وحدة وأمن الدولة”. ومع ذلك، تعتبر عملية تحرير الأشخاص المحتجزين على خلفية الحراك من ضمن تدابير التخفيف التي فرضتها الطبقة السياسية واللجنة قبل أن تعيد هذه اللجنة النظر في هذه الشروط، تماما مثلما فعلت مع استقالة حكومة نور الدين بدوي.
المصدر: لوبوان