ترجمة حفصة جودة
مع بداية انتخابات كنيست الاحتلال الإسرائيلي التي تعقد للمرة الثانية خلال 6 أشهر، ينشغل الخبراء بتحديد توقعاتهم للائتلافات التي ستظهر حينها، لكن الفلسطينيين في مناطق 1948 لا يبالون بشكل كبير بهذه الانتخابات، فما زال موقفهم بائسًا بغض النظر عن النتائج، هذه اللامبالاة سببها فهم جمعي للنظام الإسرائيلي ودور الانتخابات فيه.
يأتي ذلك أيضًا من الخبرة التاريخية التي أظهرت أن سياسات “إسرائيل” ضد الفلسطينيين لا تتغير بشكل جذري من قائد لآخر.
المستوطنات والتفاوت العنصري
تحاول “إسرائيل” إظهار صورة ديمقراطية بإجراء انتخابات وتبديل الحكومة بين أحزابها السياسية، لكن الاختلافات بين تلك الأحزاب المتنافسة على القيادة هي اختلافات إدارية بشكل كبير، دون تقديم اقتراحات أو مبادرات حقيقية تمثل تغييرًا جذريًا في سياسات الاحتلال الإسرائيلي أو بناء المستوطنات غير القانوني والتمييز العنصري.
تأسست “إسرائيل” على التهجير القسري للشعب الفلسطيني والمذابح واحتلال الأراضي والفصل العنصري وسياسات الإذلال المستمرة منذ أكثر من سبع عقود، والهدف من ذلك إجبار الفلسطينيين على التخلي عن حلمهم الوطني بتقرير المصير.
بنيامين نتنياهو وزوجته يصوتان في الانتخابات الماضية
منذ تأسيس “إسرائيل” لم يعتذر أي رئيس وزراء عن سياسات التطهير العرقي التي اتبعت ضد الفلسطينيين، ولم يدفع أحدهم نحو القبول بحل عادل لقضية اللاجئين أو يوقف بناء المستوطنات غير القانونية والسرقة المستمرة للأراضي الفلسطينية.
لم يعترف أي رئيس إسرائيلي بمفهوم المساواة الإنسانية بين الفلسطينيين واليهود التي تعد مبدأ أساسيًا من مبادئ حقوق الإنسان المقبولة دوليًا، ولم تؤد أي انتخابات سابقة إلى حدوث تغيير شامل في معظم القضايا الأساسية المتعلقة بالحقوق الإنسانية والسياسية للفلسطينيين.
ديمقراطية سطحية
لا توجد أي مؤشرات على أن الانتخابات أو أي اقتراع مستقبلي سيجلب تغييرًا حقيقيًا وسط صعود اليمين المتطرف في “إسرائيل” وانتهاء حل إقامة دولتين وتطبيق قانون الدولة القومية الذي يغذي السيادة اليهودية، وتأكيد المسؤولين الإسرائيلين ضم وادي الأردن وأجزاء من الضفة الغربية لدولة الاحتلال.
ينص قانون الدولة القومية – الذي تم تمريره العام الماضي – على أن اليهود وحدهم لهم الحق في تقرير المصير بدعوى حماية الهوية اليهودية للبلاد، ووافقت الأحزاب السياسية الإسرائيلية الناشئة على القانون، وعلى رفض حق العودة الفلسطيني وتوحيد القدس تحت سيادة إسرائيلية ومواصلة بناء المستوطنات.
إن قانون الدولة القومية اليهودي يحرم الفلسطينيين من حقوق المواطنة الأساسية الذي من دونه لا توجد ديمقراطية حقيقية
هذه الأرضية المشتركة تدفع الفلسطينيين إلى عدم الاعتقاد بأن ديمقرطية “إسرائيل” قد تحقق أي نتائج متعلقة بحقوقهم، فالاحتلال المؤسسي أكثر رسوخًا من ديمقراطية “إسرائيل” السطحية.
إن قانون الدولة القومية اليهودي يحرم الفلسطينيين من حقوق المواطنة الأساسية الذي من دونه لا توجد ديمقراطية حقيقية، إنه يعزز التفاوت العرقي ويحرم السكان الأصليين للأرض من حق المساواة، بينما يفتح أبوابه أمام اليهود من جميع أنحاء العالم.
نضال طويل من أجل الحرية
بالنسبة للمؤسسة الإسرائيلية فهي لا ترى العزم الفلسطيني إلا كعقبة في طريق القومية اليهودية، وتختلف الآراء السياسية بشأن كيفية التعامل مع تلك العقبة، بداية من السحق والطرد وحتى الفصل، لكن أيًا من هذه الآراء لم تعتبر الفلسطينيين شعب ينبغي معاملته على قدم المساواة.
من المحزن أن لا يكون للفلسطينيين أي أمل يلوح في الأفق، لكنه أكثر منطقية من الاعتقاد الخاطئ بأن الانتخابات الإسرائيلية قد تؤدي إلى تغيير إيجابي للفلسطينيين، إننا مشاركون في نضال طويل من أجل الحرية والعدالة والمساواة، ومن دون أي تحالف سياسي مؤثر يتخلى عن الطبيعة العنصرية لـ”إسرائيل” ويؤمن بالمساواة ويترك خلفه الظلم التاريخي، فإن الانتخابات اليوم لن تختلف عن الانتخابات السابقة، وسينتج عن ذلك استمرار بناء المستوطنات غير القانونية والحصار والتمييز العنصري وشيطنة الفلسطينيين.
المصدر: ميدل إيست آي