بين أقوال الرئيس والمقاول يتابع المصريون المشهد في بلادهم عبر مسلسل واقعي هذه المرة وليس متخيلاً. الحاضر هو أن مصر هذه الأيام على موعد مع حلقات جديدة من مسلسل اسمه “محمد علي يفضح السيسي”.
“ابنكم إن شاء الله شريف وأمين ومخلص”، هكذا دافع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن نفسه بعد سلسلة من مقاطع مصوَّرة بطلها المقاول والممثل المصري محمد علي الذي يتهم الرئيس والجيش المصري بتبديد المال العام في مشروعات لا طائل منها.
اللافت في حديث السيسي أمام مؤتمر الشباب بالقاهرة قوله: “حتى إذا كان بين ما قيل في المقاطع المصورة لمحمد علي معلومات بعضها صحيح، فهذا لا يعني هدم كيان الجيش بأكمله”، لكن التفاعل مع هذه القضية بات أكثر من ذي قبل.
رد المقاول والممثل محمد علي لم يتأخر، فبعد كلام السيسي بقليل، نشر مقاطع جديدة انتقد فيها ما قيل في مؤتمر الشباب، ورصد المتابعون تغير لهجة علي من الحديث عن الفساد في قطاع المقاولات الحكومية التي تنفذه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة إلى تناول موضوعات سياسية مثل مكافحة الإرهاب والطريقة التي تُدار بها مصر.
محمد علي صعّد مؤخرًا من حملته ونشر الليلة الماضية رسالة مصورة أكد فيها أن “وقت الكلام انتهى”، وأنه سيبدأ ثورة ضد السيسي، داعيًا إلى التظاهر في الساعة السابعة من يوم الجمعة المقبل، وحث المتظاهرين على عدم الاحتكاك مع الشرطة والجيش.
وفي تسجيل فيديو جديد بثه على الإنترنت مساء يوم السبت، دعا محمد علي – الذي عمل مقاولاً مع الجيش المصري على مدى السنوات الماضية – إلى الثورة على حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتفاعل مع وسم #كفاية_بقى_ياسيسي، الذي أطلقه لدعوة السيسي للتنحي استجابة لرغبة جماهير المصريين.
تصدر الوسم مواقع التواصل والتداول المحلي سريعًا وأيضًا في عدد من الدول العربية ليصل إلى التداول (الترند) العالمي، ووصل عدد المشاركين فيه إلى أكثر من نصف مليون مشارك بحلول عصر اليوم الإثنين.
أثارت هذه الدعوات الكثير من القلق في صفوف السلطة المصرية، وتحسبًا لتفاعل المصريين مع دعوة التظاهر، سارعت بالسير في عدة اتجاهات لوأد هذه التحركات والحيلولة دون خروج هذه المظاهرات.
الحرب الإلكترونية
يومًا بعد آخر تزداد الحرب الإلكترونية ضراوة بين داعمي الفنان والمقاول محمد علي، وأنصار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خاصة بعدما فوجئ المتابعون بحذف لوسم #كفايه_بقى_ياسيسى من قائمة الأعلى تداولاً في تويتر بعد تجاوزه المليون تغريدة خلال أقل من 24 ساعة، ووصوله للمرتبة الثالثة ضمن قائمة الأكثر تداولاً في العالم.
بعد الحذف، شهدت ساحة مؤيدي محمد علي ارتباكًا، حيث ظهرت وسوم بديلة مشابهة أبرزها #كفايه_بقى_ياسيسي بإضافة ياء في آخره، حيث تصدر سريعًا قائمة الأكثر تداولاً في مصر، قبل أن يترك مكانه مساء الثلاثاء لوسم مشابه حمل عنوان #استناني_يا سيسي.
تعددت مظاهر التشويه من الاتهام بالخيانة والتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين إلى نشر صور وفيديوهات لعلاقاته النسائية، فضلاً عن تسجيلات صوتية تظهره كعاق لوالديه
البعض رأى في إطلاق تلك الوسوم تشتيتًا وتفتيتا لأصوات المشاركين في حملة رفض السيسي، خاصة بعد التفاعل غير المسبوق مع الوسم المطالب للسيسي بالرحيل وتخطيه المليون مشارك واعتباره المقياس الحقيقي لتفاعل المصريين مع دعوات التظاهر.
على الجانب المقابل، دشنت اللجان الإلكترونية التابعة للنظام عدة وسوم للتصدي لتلك الدعوات مثل: “#تحيا_مصر” و”#مليون_ريتويت_دعم_للسيسي”، وكان أولها وسم #هنكمل_مشوارنا_معاك_ياسيسي الذي انطلق متزامنًا مع انطلاق الوسم المحذوف، ولم يتجاوز عدد التغريدات عليه 37 ألفًا، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد التغريدات على الوسم المحذوف المعارض للسيسي مليون تغريدة.
هاشتاج #كفاية_بقي_ياسيسي يكسر الحاجز المليون والادرع الاعلامية والمخابراتية المصرية ترد ب هاشتاج #الشعب_مصدقك_ياسيسي pic.twitter.com/w3oWQ0P5Mk
— Abdeljalil (@Abdelja40049966) September 17, 2019
وتضمنت تلك الوسوم تهديدات لمن يفكر في التظاهر، وتشويهًا لفكرة الثورة، بالإضافة إلى استمرار بث دعايا النظام المصري بشأن أهمية الأمن والاستقرار مقارنة بدول معينة في المنطقة، فضلاً عن استعراض ما وصفوه بإنجازات السيسي.
لم يقف الأمر عند حد الوسوم المضادة، فبحسب مصدر أمني نقلت عنه “الجزيرة”، ثمة خلية عمل تعمل منذ أسبوع بعد نشر فيديوهات محمد علي الأولى، واعتقلت عددًا من الشباب المحسوبين على الثورة والقوى السياسية، وبحسب المصدر، “تعمل إدارة النظم والمعلومات في الوزارة على جمع أسماء الشخصيات العامة التي نشرت الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى أصحاب الصفحات الكبرى، ويجري اتخاذ الأفعال اللازمة ضدهم سواء بالقبض على بعضهم أم تحذير البعض الآخر”.
ويبدو من ذلك، أن كلام الخبراء الذي جاء بهم النظام المصري للحديث في مؤتمر الشباب عن مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي بالتزامن مع الضجة الكبيرة التي يُحدثها المقاول محمد علي على منصات التواصل لم يكن كافيًا بالنسبة للرئيس السيسي لتوضيح وجهة نظر الدولة للرأي العام المحلي.
ربما دفع ذلك إلى دخول المؤسسات الدينية على خط التحذير من الثورة، ولكن بطريقة غير مباشرة تنطوي على العديد من الإيحاءات، ففي محاولة للتأثير على عواطف المصريين الدينية، نشرت دار الإفتاء مقطع فيديو يتحدث عن أهمية الحفاظ على الوطن، مؤكدة أن “هذه المهمة ليست قاصرة على الحكام وإنما هي واجبة على كل فرد من أفراد الشعب تنفيذا لأوامر الدين”.
تشويه السمعة
بعدما حققت فيديوهات محمد علي ملايين المشاهدات، وارتبك نظام السيسي تمامًا فآثر السكوت في البداية، ثم بدأت حملة لتشويه صورة محمد علي، بدأت بضغط أجهزة الأمن على والد محمد علي وأخيه وزوجته فظهروا في وسائل الإعلام يتهمونه بالسرقة وإهمال أولاده، لكنه استمر في إذاعة فيديوهاته التي يتحدى فيها السيسي.
بعد ذلك، عمدت وسائل الإعلام إلى زيادة وتيرة تشويه سمعة محمد علي عند المصريين بوصفه الداعي إلى التظاهر، وتعددت مظاهر التشويه من الاتهام بالخيانة والتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين إلى نشر صور وفيديوهات لعلاقاته النسائية، فضلاً عن تسجيلات صوتية تظهره كعاق لوالديه.
لم يختلف المشهد كثيرًا في وسائل الإعلام المقروءة، ففي صحيفة “الوطن” المصرية، يقول الكاتب الصحفي طارق لطفي في مقال تحت عنوان “شاهد زور”: “أتفه ما في ظاهرة المقاول الهارب هي محاولة إلباسها ثوبًا من الوجاهة”
هذه الحملة قادها الإعلامي المقرب من النظام عمرو أديب، الذي عرض – في محاولة يائسة – صورًا لمحمد علي في ملهى ليلي برفقة فتاة، ونشر معلومات عنها وعن عائلتها، كما نشر صورًا للفيلا التي يسكن بها، وموقعها في إسبانيا، كذلك نشر تسجيلاً صوتيًا لوالدته تهاجمه فيه وتتهمه بالهروب من مصر وسرقة أموال أخيه ومالها.
وبعد محاولة يائسة من السيسي لتبرير موقفه، استعان النظام بنجم الأغنية الشعبية شعبان عبد الرحيم الذي انبرى في الدفاع عن السيسي، وهاجم في مقطع فيديو لأغنية محمد علي، ووصفه بـ”الجاسوس والخائن” وهدده بالانتقام، وهو ما أثار سخرية نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، منتقدين “هذا الأسلوب القديم” في الرد على اتهامات المقاول محمد علي التي أثارت جدلاً واسعًا في الشارع المصري خلال الأيام الماضية.
حملات التشويه هذه اعتبرها رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأخبار ياسر رزق، تستهدف زعزعة الثقة في القوات المسلحة وإصابة السيسي بالإحباط وعرقلة مسيرة الدولة، وقال خلال لقائه على قناة “صدى البلد”: “القوات المسلحة عمود الخيمة المصرية، ولولاها لانهارت الدولة المصرية يوم 28 من يناير/كانون الثاني 2011”.
لم يختلف المشهد كثيرًا في وسائل الإعلام المقروءة، ففي صحيفة “الوطن” المصرية، يقول الكاتب الصحفي طارق لطفي في مقال تحت عنوان “شاهد زور”: “أتفه ما في ظاهرة المقاول الهارب هي محاولة إلباسها ثوبًا من الوجاهة، بعض (المعارضين) حاول القيام بهذا، وقالوا إنهم شهود على ما اعتبروه وقائع فساد، والحقيقة أنه شاهد فعلاً، لكنه شاهد زور حصل على رشوة من دولة معادية كي يضرب العلاقة بين الجيش والشعب”.
على المنوال ذاته، عزف رئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر، في مقال بصحيفة “الأخبار” الحكومية، قائلاً: “طيب الواد المقاول اللي عمال يتكلم عن الغلاب، الذين لا يجدون فرخة، مين هيصدقه وهو عايش بسيجارة وكأس”، ويضيف: “المسخرة اشتغلت، ودول عيال مجانين، نتعامل معهم كمتخلفين عقليًا، دون أى اهتمام، مثل قرود في السيرك تضحك على حركاتهم السخيفة.. لماذا بعض الناس زعلانين.. من المهاويس دول؟”.
تلميع السيسي والجيش
في مقابل صورة المؤيدين للدعوات التي أطلقها محمد علي، عمد نظام السيسي إلى استخدام أذرعه الإعلامية، من إعلاميين وفنانين ومؤيدين، للدعاية برواية واحدة مفادها ثقة المصريين في جيشهم ورئيسهم، في محاولة للتقليل من صخب دعوات الاحتجاج التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.
على سبيل المثال، عبَّر عن ذلك بيان لحزب الوفد تحدث فيه باسم المصريين جميعًا، وقال إنهم “يثقون ثقة كاملة وبلا حدود فى الرئيس السيسي ووطنيته وإخلاصه لمصر وشعبها، ولم يلتفتوا للأبواق الكاذبة التابعة للجماعات الإرهابية التي تريد زعزعة ثقة المواطنين في رجال القوات المسلحة المصرية”.
بالتزامن مع دعوات التظاهر على وسائل التواصل الاجتماعي، جاءت عناوين الصحف المصرية الحكومية والخاصة أشبه بالاستفتاء على شعبية السيسي، وحملت معظمها عبارات الثناء والمدح للسيسي والمؤسسة العسكرية
وفي خطاب موحَّد وموجِّه للجماهير، حمل بعض الممثلين والفنانين على عاتقهم مهمة الدفاع عن الرئيس والجيش، وفي شريط فيديو “مرتب” ظهر هؤلاء، وهم يرددون عبارة واحدة “إحنا معاك يا ريس ومع الجيش والشرطة، ويسقط الخونة، وتحيا مصر”.
واستمرارًا لدعم الفنانين بـ”إحنا معاك ياريس”، دخل الفنان محمد رمضان على الخط التأييد المطلق للنظام، وأعاد عبر حسابه بموقع “إنستجرام” نشر فيديو لأغنيته “جيشنا صعب”، وعلق على الفيديو قائلاً: “ثقة في الله ستظل مصر قوية وشامخة بشعبها وشرطتها وجيشها، والثلاثة جزء لا يتجزأ.. ربنا يحفظ مصر من كل شر”، لتنهال عليه بعدها التعليقات الساخطة والساخرة والمؤيدة أحيانًا.
وفي واقعة أخرى تشير إلى تداعيات حملة المقاول محمد علي على نظام حكم السيسي، انخرط محافظ القليوبية علاء مرزوق في نوبة بكاء عاطفية شديدة، خلال جلسة المجلس التنفيذي، وطلب من مرؤوسيه إرسال برقيات تضامن مع الرئيس، لرفع معنوياته والتأكيد له أن “الشعب ما زال يدعمه ويؤيده، وأن شعب مصر يقدر تضحياته وبطولاته، ولن يقبل بأي محاولات خارجية لزعزعة الثقة” بحسب قوله.
بالتزامن مع دعوات التظاهر على وسائل التواصل الاجتماعي، جاءت عناوين الصحف المصرية الحكومية والخاصة أشبه بالاستفتاء على شعبية السيسي، وحملت معظمها عبارات الثناء والمدح للسيسي والمؤسسة العسكرية، وتصدرت عبارة “جيش مصر مركز الثقل الحقيقي في المنطقة” واجهة الصفحة الأولى للصحف القومية الثلاثة: الأخبار والأهرام والجمهورية، وعدد من الصحف الخاصة، المحسوبة على النظام.
تصدرت عبارة “جيش مصر مركز الثقل الحقيقي في المنطقة” واجهة الصفحة الأولى للصحف القومية الثلاثة
وليست هذه المرة الأولى التي يتبنى فيها الإعلام المصري صياغة موحدة لخبر معين من خلال الصحافة أو التليفزيون، بل حدث أن التزمت الوسائل الإعلامية المحسوبة على النظام، الصمت، في ظل أخبار غاية في الأهمية، كان آخرها “انفجار معهد الأورام”، إذ لم تُنشر أي أخبار بأي صيغة إلا في وقت متأخر بعد الحادث، متبنيين الرواية الأمنية بأنه تفجير “إرهابي”.
استنفار أمني
تسبب الفيديو الذي طالب فيه محمد علي باتخاذ خطوات عملية لإنهاء حكم السيسي في نوبة استنفار وطوارئ داخل الأجهزة الأمنية المصرية، وترددت الأنباء عن تحركات أمنية مصرية تحسبًا لوقوع احتجاجات، وشملت تعليمات أصدرها وزير الداخلية اللواء محمود توفيق بزيادة حالة الطوارئ داخل الوزارة، ومنع إجازات الضباط، واستدعاء من تحصل على إجازة للعودة إلى العمل فورًا.
ونقل موقع قناة “الجزيرة” عن مصدر أمني رفض نشر اسمه، حديثه عن عقد اجتماعات أمنية على مستوى عالٍ لقيادات الداخلية مع القيادة السياسية، لتحديد أسلوب التعامل مع المظاهرات المحتملة وكيفية وأد مظاهر الاحتجاج التي دعا إليها محمد علي.
تسببت الدعوات للتظاهر في نوبة استنفار وطوارئ داخل الأجهزة الأمنية المصرية
وشملت الإجراءات الأمنية بحسب المصدر قرارًا بتكثيف الكمائن المتحركة في محيط القاهرة الكبرى خاصة في الأوقات المتأخرة، وتفتيش سيارات الأجرة، وتعليمات للضباط بالحديث مع أقاربهم ودوائرهم المحيطة، وتخويفهم من مصير مجهول واجتياح للقوى المعادية لمصر حال رحيل السيسي، بهدف التخويف والتحذير من القيام بأي تحركات أو فعاليات معارضة للسيسي.
إجراءات أمنية أخرى كشفها مصدر أمني آخر، متحدثًا عمَّا سماه “إجراءات دفاعية واستباقية”، وقال: “أجهزة الأمن تعمل على جمع المعلومات وتبحث عن فلول الخلايا الإرهابية الهاربة وتبدأ في رصدها وجمعها، إذ إن هذه الخلايا هي التي ستبدأ في حال حدوث أي فوضى بالعمل على أرض الواقع”، حسب قوله لموقع “قناة الحرة“.
حملة اعتقالات
ترافق الحديث عن التحركات الأمنية مع تواتر أنباء عن حملة اعتقالات طالت عدد من النشطاء والحقوقيين والمعارضين وسط تشديدات أمنية مكثفة في القاهرة ومدن أخرى.
ونشر مغردون وناشطون الأنباء بشأن الاعتقالات التي كان على رأسها اعتقال الناشط اليساري العمالي كمال خليل من داخل منزله، أول أمس الإثنين، وفق ما أفاد به المحامي والحقوقي طارق العوضي عبر منشور على صفحته بموقع “فيسبوك”.
القبض علي عمنا
المهندس كمال خليل
— طارق العوضى المحامى (@tarekelawady2) September 16, 2019
العوضي لم يوضح في منشوره أسباب اعتقال خليل، أو التهم التي وُجهت إليه، إلا أن خليل وقبل اعتقاله بساعة واحدة، نشر تغريدة عبر صفحته بموقع “تويتر”، نادي فيها بإسقاط نظام السيسي، وكتب: “الشعب يريد إسقاط النظام، وإذا قالوا لك تحيا مصر يبقى هايبيعوا حتة (جزء) من مصر. قوم يا مصري”.
مجرد التفكير في الحديث أو تقديم بلاغ للتحقيق فيما قيل عن فساد الجيش أصبح جريمة اُعتقل على إثرها البعض
في اليوم التالي، قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصر، حبس خليل، الذي يُعرف عنه عداؤه الشديد لتيار الإسلام السياسي، لمدة 15 يومًا احتياطيًا على ذمة التحقيقات التي تُجرى معه، بدعوى اتهامه بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة (الإخوان المسلمين)، ونشر أخبار كاذبة على شبكة الإنترنت من شأنها التأثير على الأمن القومي للبلاد”.
الشعب يريد إسقاط النظام:
واذا قالولك :تحيامصر
يبقى هيبيعوا حتة من مصر
— Kamal Khalil (@kamalkhalil20) September 16, 2019
الشعب يريد إسقاط النظام
قوم يامصرى
العدالة الإجتماعية هى طريقنا للحرية
* العدل الاجتماعى يعنى ان نجعل كل الاطفال قادرين على الذهاب الى المدارس العامة ومتوفر لهم تعليم راقى وتغذية سليمة .
* والعدل الاجتماعى يعنى… https://t.co/m5TTjeI6Rm
— Kamal Khalil (@kamalkhalil20) September 16, 2019
كما اعتقلت قوات الأمن المصرية ضابط الشرطة السابق المحامي أحمد عبد الرحمن سطوحي سرحان، يوم أمس الثلاثاء، عقب ساعات قليلة من تداول مقطع فيديو منسوب له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ينتقد فيه سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتوسعه في بناء القصور الرئاسية من أموال الدولة.
كان سرحان يعتزم تقديم بلاغ ضد الرئيس السيسي على وقع التهم التي وجهها له محمد علي، حيث اتهم السيسي بـ”إهدار المال العام” على بناء قصور رئاسية ومشاريع أخرى “ليست ذات فائدة”، لكنه اُعتقل في أثناء توجهه إلى مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، حسب رواية حاتم سليم، أحد أصدقاء سرحان.
في واقعة أخرى، اختفى المحامي محمد حمدي يونس فور نشره تدوينة عن اعتزامه التقدم ببلاغ في الوقائع التي كشفها محمد علي، وفق “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات” (غير حكومية)، داهمت قوات الأمن بمحافظة القليوبية منزل يونس بمنطقة شبرا الخيمة، واقتادته إلى مكان مجهول، بعد أن صادرت أجهزة الهاتف والكمبيوتر.
اقتحمت قوات الأمن أيضًا، الأسبوع الماضي، منزل رئيس تحرير صحيفة المشهد الأسبوعية، الصحفي مجدي شندي، وألقت القبض على نجله عمر الطالب الجامعي بعد أن لم تجده في المنزل، وكتب شندي، عبر حسابه على “الفيسبوك”: “اقتحم أفراد من قوات الأمن منزلي فجر اليوم الثلاثاء، وحين لم يجدوني قبضوا على واحد من أبنائي، واصطحبوه لمديرية أمن الجيزة -حسب قولهم – حتى أسلم نفسي”.
وكان المرصد العربي لحرية الإعلام، قد نشر بيانًا يقول فيه إن سبب اعتقال نجل مجدي شندي، هو نشر صحيفة المشهد تقريرًا صحفيًا عن تسجيلات محمد علي، بجانب تقارير أخرى عن غضب أساتذة الجامعات، بالإضافة إلى تصريحات للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي ضد اعتقال نشطاء سياسيين.
وفي حين بدا أن مجرد التفكير في الحديث أو تقديم بلاغ للتحقيق فيما قيل عن فساد الجيش جريمة اُعتقل على إثرها البعض، كان الباب مفتوحًا أمام آخرين، حيث تقدم المحامي المصري سمير صبري ، ببلاغ للنائب العام ونيابة أمن الدولة العليا ضد محمد علي، “لتحريضه على الفوضى وزعزعة أمن واستقرار الوطن وترويع المواطنين والتحريض على قلب نظام الحكم”، حسب وصفه.
سلاح قطع الإنترنت
على طريقة الحكومة المصرية في محاولتها الفاشلة لإخماد ثورة 25 يناير عن طريق قطع خدمة الإنترنت كليًا في البلاد، تحدث البعض عن قرار محتمل بفصل خدمة الإنترنت عن مصر يوم الخميس أو الجمعة المقبلين، كما حدث في جمعة الغضب يوم 28 من يناير/كانون الثاني 2011 التي كانت سببًا في الإطاحة بحسني مبارك.
ولا يستبعد مراقبون أن تستخدم السلطات المصرية سلاح قطع خدمات الإنترنت لأغراض سياسية، وهي التي لها تاريخ طويل مع منع المواطنين من حقهم في المعرفة والوصول إلى المعلومات، يُضاف إليه خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، كان لمصر دور أكثر أهمية في الرقابة الإلكترونية على المحتوى الرقمي.
ويسعى النظام من وراء هذه الخطوة إلى الحد من تواصل المتظاهرين ببعضهم البعض، ومنعهم من التخطيط للتجمعات الجماهيرية، وتقليل أعداد الحشود الغاضبة في الميادين، بالإضافة إلى حجب مئات المواقع الإلكترونية بدعوى أن لها الحق في ذلك في ظل محاربتها للإرهاب.
وفيما بدا أنه محاولة لنفي ما يُتداول عن احتمال إقدام السلطات على هذه الخطوة، ظهر المهندس عادل حامد الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات التي تحتكر الإنترنت الأرضي، للرد على شكاوى انخفاض سرعة الإنترنت خلال الأيام الماضية، وقال خلال ملتقى المصرية للاتصالات الإعلامي الذي عقد بالقاهرة: “بمجرد انتهاء الرصيد يتم قطع الخدمة لحين قيام العميل بإعادة الشحن، لكن نحن لا نفعل ذلك رغم من حقنا في ذلك”.
رغم هذه الجهود، يرى الكاتب والأديب علاء الأسواني، في مقال بموقع”DW”، أن محمد علي نجح خلال أيام قليلة في تبديد دعاية إعلام النظام التي تكلفت مليارات الجنيهات والسبب في ذلك أن الواقع اليومى للمصريين أصبح يكذب كل ما يردده الإعلام. الحماس البالغ الذي استقبل به المصريون فيديوهات محمد علي يدل على أن الأفكار الدعائية التي طالما استعملها نظام السيسي لإسكات المعارضين لم تعد تقنع أحدًا