يدخل عملاق التكنولوجيا “جوجل” ساحة الألعاب الإلكترونية بخدمته الجديدة “جوجل ستيديا”، والتي ستوفر إمكانية الاستمتاع بأحدث الألعاب التي تتطلب أجهزة تحتوي على أحدث المكونات، وكل ما تحتاجه هو سرعة إنترنت جيدة، وبضعة أشياء أخرى سنذكرها تفصيلًا.
في البداية دعونا نعرف ما الخدمة التي تقدمها “جوجل” بالضبط؟
عند اشتراكك في خدمة Google stadia يمكنك الولوج إلى الخدمة عن طريق أي جهاز متصل بالإنترنت، واختيار لعبتك المفضلة، فمهما كانت إمكانات الجهاز التي تتصل به لخدمة Google stadia يمكنك لعب أحدث الألعاب، فاللعبة ستكون مثبتة على خوادم “جوجل”، وما سيصلك سيكون بثًا مباشرًا للعبة الدائرة على الخادم.
يمكنك استخدام خدمة “جوجل ستيديا” عن طريق متصفح Google Chrome، وقد طُرح جهاز تحكم خاص بالخدمة ما إن يُوِصَّل حتى يُرسل إشارات الحركة عن طريق الإنترنت عبر الخادم الذي تُدار عليه الحركة، وبذلك فإن كل ما تستخدمه على جهازك هو اتصال الإنترنت والشاشة التي تتابع عليها البث، بينما معالجة كل البيانات تدور على خادم”جوجل ستيديا”. فكرة بسيطة تساعد الكثيرين من محبي الألعاب الذين لا يريدون الاستثمار في جهاز ألعاب باهظ الثمن أو الذين يريدون حرية التنقل في أثناء اللعب.
15 دولارًا أمريكيًا شهريًا هي القيمة التي كان المشتركون يدفعونها مقابل خدمة “أون لايف” وهو رقم توصلوا إليه بعد رؤية تكلفة اشتراك World Of Warcraft
لكن جوجل لم تكن أول شركة تحاول تقديم تلك الفكرة، فهناك عدة خدمات من قبل قد طُرحت بنفس المضمون أشهرها خدمة أون لايف ONLive، حتى إنها قدمت أدوات مشابهة لتلك الأدوات التي تعد جوجل باستخدامها، ولكن لسوء الحظ لم تنجح خدمة “أون لايف” وأغلقت أبوابها عام 2015، والأمر في ذلك يعود إلى أن سرعات الإنترنت وقتها لم تكن تتحمل خدمة كتلك، فهناك دائمًا تأخير بين إدخالك للأوامر ووصول تلك الأوامر إلى الخادم وانعكاسها على الصورة مرة أخرى.
السؤال هنا هل ستنجح جوجل فيما فشلت فيه أون لايف؟
الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، فـ “أون لايف” وإن كانت قد عانت من بعض المشاكل فهي كشركة كانت قادرة على تحقيق الأرباح، والأزمة التي أدت إلى فشلها هي أزمة متعلقة بالأعمال وخلافاتها مع شركة “إتش بي” HP.
نظام الدفع الخاص بـ”جوجل ستيديا”
15 دولارًا أمريكيًا شهريًا هي القيمة التي كان المشتركون يدفعونها مقابل خدمة “أون لايف” وهو رقم توصلوا إليه بعد رؤية تكلفة اشتراكWorld Of Warcraft.
جربت أون لايف نماذج دفع مختلفة، لكن خطتها الأكثر نجاحًا كانت مع “بلاي باك” PlayPack مقابل 10 دولارات شهريًا وتحصل على عضوية مكتبية مليئة بالألعاب المتنوعة والمتجددة.
احتفظت أون لايف بنسبة 30% من الـ10 دولارات، وما تبقى وُزِّع على صانعي الألعاب مقسمة حسب الوقت الذي يقضيه اللاعبون في كل لعبة، وقد نجحت هذه الطريقة بشكل كبير، حتى إن صانعي الألعاب جنوا أموالًا من “بلاي باك” أكثر مما حصلوا عليه من الألعاب المشتراة.
لكن لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما ستختاره “جوجل” فيما يتعلق باستثمار المال وطريقة الدفع، لكن المؤكد أنها ستكون خدمة شهرية ثابتة لأنها ستكون مربحة بالنسبة لجوجل وصانعي الألعاب، حيث يمكنهم فقط إنشاء الألعاب وإذا كانت اللعبة رائعة سوف يلعبها الناس باستمرار وعندها يحصلون على المال بشكل مستمر كل شهر.
أما ما أعلنه “ستاديا” عن أسعارها فإنه سيختلف بشكل طفيف حسب الدولة، ولكنه سيبقى دائمًا مقارب للـ10 دولارات.
يمكنك الحصول على ذراع التحكم وحده بـ69 دولارًا، ولكن يمكنك لعب الألعاب المتوفرة على “ستيديا” دون الحاجة لجهاز التحكم المخصص
هناك نسخة مجانية ستكون متوافرة من “جوجل ستيديا” ولكن ستكون محدودة الجودة إلى 1080P، ومحدودة الصوت لـ”ستيريو” فقط، لكن النسخة ذات الاشتراك الشهري ستُتيح لك البث بجودة 4k، وصوت 5.1Surround sound، وقد أعلنوا بالفعل عن نسخة الـFounders Edition (نُسخة المؤسسون) التي ستكون بمبلغ 130 دولارًا، وتتضمن ذراع التحكم الجديد الخاص بـ”جوجل ستاديا” الذي يمكن توصيله بأي جهاز تستخدم الخدمة من خلاله، بالإضافة إلى عام من اشتراك الخدمة.
يمكنك الحصول على ذراع التحكم وحده بـ69 دولارًا، ولكن يمكنك لعب الألعاب المتوافرة على “ستيديا” دون الحاجة لجهاز التحكم المخصص، حيث تستطيع استخدام لوحة المفاتيح والفأرة إذا كانت تلك طريقة لعبك المفضلة، أو حتى جهاز تحكمك المفضل وإن كنت ستحتاج إلى العبث في الإعدادات قليلًا.
هل توفر الخدمة سعرًا مناسبًا؟
يبدو أن السعر مناسب جدًا للوهلة الأولى، ولكن تبدأ في استيعاب التكلفة الحقيقة لـ”جوجل ستيديا” حين تعرف أن اشتراكك في الخدمة لا يُتيح لك لعب الألعاب دون مقابل، فمع قيمة الاشتراك تحتاج أيضًا إلى شراء أي لعبة تريد الاستمتاع بها، وتتراوح أسعار تلك الألعاب بين 60 دولارًا إلى 100 دولار! فكل من يقارن أسعار الخدمة بخدمة “نتفليكس” Netflix، لك أن تتخيل أنك تدفع ذات الـ10 دولارات كل شهر بالإضافة إلى سعر كل مسلسل أو فيلم ترغب في مشاهدته.
بالطبع فإن “ستيديا” تعد المستخدمين في نُسخة الـ”برو” Pro ذات الاشتراك الشهري بتخفيضات على أسعار الألعاب، وبعض الألعاب المجانية بنظام مشابه لخدمات “بلايستيشن بلس” PlayStation Plus و”إكس بوكس جولد” XBox Gold.
ولكن دعنا نكون واقعيين، فإن اللاعب الذي يشترك في مثل تلك الخدمة التي توفر له أحدث الألعاب يريد أن يفعل بالضبط ذلك، أن يلعب أحدث لعبة متوافرة في السوق بعد أن أصبح لا يهمه إمكانات جهازه.
مستقبل الألعاب مع وجود ستيديا
على الجانب الآخر فإن ملوك سوق الألعاب مثل “إكس بوكس” XBox و”بلايستيشن” PlayStation المملوكين لـ”مايكروسوفت” و”سوني” بالترتيب، يقدمان تجربة لعب تقليدية اعتاد اللاعبون عليها، ولا يحتاجون إلى سرعات إنترنت غير متوافرة في الكثير من المناطق في العالم، بالإضافة إلى وجود محتوى حصري دائم لديهم من الألعاب تحافظ عليه “سوني” على الأقل بشراسة، وإن كانت “مايكروسوفت” قد أرخت قبضتها عن محتواها الحصري، وأصبحت تُتيحه على أجهزة الكمبيوتر التي تعمل على نظام “ويندوز” Windows، وبالتالي سيكون متوفرًا على “جوجل ستيديا”.
أيضًا أتاحت “مايكروسوفت” اللعب المشترك على منصات مختلفة، فإذا كنت من محبي “فورت نايت” fortnite وتلعب على “الإكس بوكس” XBox يمكنك أن تنضم في نفس اللعبة إلى أصدقائك الذين يستخدمون الكومبيوتر أو حتى يلعبون على هاتفهم المحمول، ولكن “سوني” رفضت أن يحدث ذلك على جهاز “البلاي ستيشن” تمامًا، وحاليًّا الاستثناء الوحيد على منصة “بلايستيشن” الذي يُمَكِّنَك من اللعب المشترك على منصات أخرى هو لعبة “روكيت ليج”.
لكن أجمع كل صُنَّاع الألعاب أن موقف “سوني” سوف يتبدل عاجلًا أم آجلًا ليصبح صراع المنصات على اجتذاب اللاعبين خصوصًا مع دخول “ستيديا” صراع تفضيل طريقة لعب، فقد كان السؤال دائمًا: هل تُحب أن تلعب في غرفة معيشتك أمام التلفاز الكبير مستخدمًا جهاز تحكم أم تفضل الجلوس أمام شاشة الكومبيوتر واستخدام الفأرة ولوحة المفاتيح؟
وحينما أتت “نينتندو” المغردة دائمًا خارج السرب لتُقدم الـ”نينتندو سويتش” الذي يحمل تجربة اللعب المتكاملة لخارج المنزل فأضافت خيارًا جديدًا للاعبين، والآن تأتي ستيديا لتُعطيك كل تلك الخيارات في نفس الوقت، فتبدأ لعبتك على الكومبيوتر وتستمر على هاتفك طوال اليوم، ورُبما تود أن تُنهيها على شاشة تلفازك، لا يحدك إلا سرعة الإنترنت المتوافرة، فقط سيتبقى صراع الحصريات، فلن يمكنك أبدًا أن تستمتع بـ”جود أوف وور” على منصة غير “بلاي ستيشن” أو لعبة “سبايدر مان” الجديدة، أو ربما كنت تنتظر الجزء الثاني من The last of us فتبقى “سوني” بحصرياتها و”نينتندو” بألعابها المميزة موجودتين بقوة داخل المنافسة في الفترة القادمة.
ولكن مع سياسات “مايكروسوفت” وقلة حصرياتها، فهل سيكون “جوجل سيتيديا” أحد أسباب انتهاء “الإكس بوكس” XBox؟
في النهاية فإن “جوجل ستيديا” خدمة مميزة، وتُعد انتصارًا للاعبين، ولكن هل ستكون مناسبة للجميع أم لا مع السعر الذي لا يتضمن كل شيء والاحتياج الدائم إلى سرعة إنترنت عالية وثابتة؟ سوف ننتظر لنرى.