ترجمة وتحرير نون بوست
بعد خمسة أيام من الهجوم على منشآت شركة النفط السعودية أرامكو، تواصل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التفكير في نطاق الرد على التخريب الذي ينسبونه مباشرة إلى إيران. ويمكن أن تواجه الإمارات العربية المتحدة، الدولة التي أشرفت على تغيير المسار في المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة، مصيرا مماثلا، حيث تمثل الهدف المقبل لجماعات الحوثيين المتمردة الشيعية، الحركة اليمنية التي تعتبر بمثابة “القمر الصناعي” لطهران.
من جهته، هدد يحيى ساري، الناطق العسكري باسم الحوثيين، الجماعة التي قصفها التحالف العربي بقيادة الرياض وأبوظبي منذ شهر آذار/مارس سنة 2015، الإمارات بقوله: “نحن نقول للنظام الإماراتي إن شنّ عملية واحدة ستكلفك غاليا”. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الحركة يوم السبت الماضي عن هجمات صاروخية بطائرات دون طيار ضد اثنين من مصافي الشركة العملاقة للنفط أرامكو. في المقابل، تدعي كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة أن الأدلة التي وقع جمعها حتى الآن تشير إلى أن التخريب جاء من الشمال، أي “بلا شك من إيران”.
في المقابل، تنفي إيران تورطها في الهجمات بينما يصر الحوثيون على اتهاماتهم. وعلى ضوء ذلك، صرح يحيى الساري، بعد إجراء عرض جديد للقوة والتأكد من أن المجموعة، التي تسيطر على مناطق شاسعة من اليمن، لديها طائرات دون طيار جديدة “تعمل بمحركات طبيعية وتفاعلية” يمكنها الوصول إلى المناطق النائية في المملكة العربية السعودية، قائلا: “لأول مرة نعلن أن لدينا عشرة أهداف في متناول أيدينا في دولة الإمارات العربية المتحدة، يقع البعض منها في أبوظبي ويمكن أن يتعرض للهجوم في أي وقت”.
صرح بومبيو أن “الولايات المتحدة تدعم المملكة العربية السعودية وحقها في الدفاع عن النفس. ولن يتم التسامح مع موقف النظام الإيراني المهدِّد
فضلا عن ذلك، أحبط التحالف العربي بقيادة السعوديين والإماراتيين الذين يقصفون اليمن منذ سنة 2015، محاولة هجوم من قبل الحوثيين يوم الخميس. وبحسب تفاصيل المذكرة التي نشرها التحالف؛ “اكتشفت قوات التحالف البحرية محاولة من ميليشيا الحوثيين المدعومة من إيران للقيام بعمل وشيك من أعمال العدوان والإرهاب في جنوب البحر الأحمر باستخدام طائرة دون طيار محملة بالمتفجرات أُطلقت من محافظة الحديدة”.
جولة بومبيو
يأتي تحدي الحوثي في خضم زيارة وزير الخارجية، مايك بومبيو، إلى الخليج العربي، حيث التقى في وقت متأخر من يوم الأربعاء بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وبعد الاجتماع، صرح بومبيو أن “الولايات المتحدة تدعم المملكة العربية السعودية وحقها في الدفاع عن النفس. ولن يتم التسامح مع موقف النظام الإيراني المهدِّد”. فضلا عن ذلك، وصل بومبيو هذا الخميس إلى أبوظبي لمناقشة هذا “الهجوم غير المسبوق” مع محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد إمارة أبوظبي والرجل الذي يُنسب إليه تصميم الاستراتيجية السعودية الجديدة.
في هذا الإطار، أضاف بومبيو مؤكدا على أمله في تحقيق السلام: “ما زلنا نكرس جهودنا لتشكيل ائتلاف في إطار عمل دبلوماسي في الوقت الذي يهدد فيه وزير الخارجية الإيراني بشن حرب شاملة”. ومن جهته، أوضح رئيس الدبلوماسية الأمريكية أن العقوبات الجديدة التي أُعلنت ضد الجمهورية الإسلامية ستحاول “تجنب دعم إيران المستمر للإرهاب من خلال مجموعات مثل حزب الله”.
حذرت طهران الأربعاء الماضي من تداعيات هجوم عسكري أمريكي أو سعودي، وذلك في حوار أجراه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف
على الرغم من إصرار الأمريكيين والسعوديين على توجيه أصابع الاتهام تجاه جمهورية آيات الله وتنديدهم بالحرب، إلا أنهم يلتزمون الحذر في ردهم. ويوم الأربعاء، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن زيادة في العقوبات ضد إيران، التي سيتحدث عن تفاصيلها في غضون 48 ساعة القادمة، لكنه ضبط نفسه بشأن تصعيد الرد على صراع عسكري مفتوح. ووفقا لبعض الصحفيين من لوس أنجلوس “هناك العديد من الخيارات، حيث هناك خيار نهائي فضلا عن خيارات أصغر بكثير من ذلك. لذلك، سنرى ما سيحصل”.
على ضوء ذلك، يعترف ديفيد روبرتس، الأستاذ في مدرسة دراسات السلامة في كلية كينجز في لندن قائلا إنه “في الوقت الراهن، هناك مطامع قليلة من جانب واشنطن والرياض للصعود، لكنهم بحاجة إلى الرد”. ويتوقع الخبير أن “بعض المعلومات تشير إلى أن الطائرات السعودية هاجمت الحلفاء الإيرانيين في سوريا في حين دعا ترامب إلى فرض عقوبات أشد. وفي حال استطاعوا أن يضيفوا إلى ذلك إدانة دبلوماسية أكثر أهمية ضد إيران، يمكن أن يلبي ذلك حاجتهم إلى القيام برد الفعل”.
من جانبها، حذرت طهران الأربعاء الماضي من تداعيات هجوم عسكري أمريكي أو سعودي، وذلك في حوار أجراه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في لقاء مع قناة سي إن إن، قائلا: “إنني أدلي بتصريح جدي للغاية فنحن لا نريد الحرب، ولا نرغب في الدخول في مواجهات عسكرية لكن هذا لا يمنع استعدادنا للدفاع عن أراضينا”. وعندما سئل عن السيناريو المنذر بهجوم محتمل، أضاف وزير الخارجية قائلا بكل وضوح: “ستكون حربا شاملة”.
ساهم الهجوم في دفع محاولات الولايات المتحدة الأمريكية غير الفعالة، في إنشاء ائتلاف دولي لضمان الأمن البحري في الخليج العربي
حذر المجتمع الدولي
حافظ المجتمع الدولي على مبدأ ضبط النفس، إدراكا منه لخطورة المواجهة المباشرة بين السنَة والشيعة. فقد طالبت دول مثل فرنسا والصين بإجراء تحقيق مستقل لتحديد الجهة المتورطة في الهجوم، حيث كشف عن ضعف السعوديين وهدد إمدادات النفط العالمية. وعموما، انضم سبعة من أعضاء جيش الغال، المختصين في المتفجرات وأنظمة الدفاع ومسارات القذائف، إلى فريق خبراء منظمة الأمم المتحدة في محاولة لتسليط الضوء على أرض الهجوم.
في الوقت الراهن، ساهم الهجوم في دفع محاولات الولايات المتحدة الأمريكية غير الفعالة، في إنشاء ائتلاف دولي لضمان الأمن البحري في الخليج العربي. وانطلق الائتلاف في العمل في شهر أيار/مايو الماضي إثر سلسلة عمليات التخريب لناقلات النفط بالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي. وفي الحقيقة، يتمثل الهدف الرئيسي من هذا التحالف في توفير الحراسة اللازمة للسفن التجارية العابرة من المضيق، الذي يعتبر ممرا حيويا لإمدادات العالم من النفط الخام.
بعد مرور ساعات على الهجوم الذي شنته جماعة الحوثي، أعلنت الإمارات العربية المتحدة، وهي الدولة السابعة عالميا من حيث احتياطي النفط وطاقة إنتاج تعادل حوالي 2.6 مليون برميل من النفط الخام يوميا، انضمامها للائتلاف، وذلك وفقا لما بينته سلطات البلاد “لضمان الأمن الطاقي على المستوى العالمي والمحافظة على استمرار تدفق الإمدادات”.
لقد ساهمت الشكوك التي أفرزها الوضع منذ يوم السبت الماضي، في دق ناقوس الخطر في العديد من دول الخليج الأخرى
كما انضمت المملكة العربية السعودية يوم الأربعاء الماضي للائتلاف، الذي أُنشأ بصعوبة أواخر آب/أغسطس الماضي، وانضمت إليه كذلك دول أخرى وهي أستراليا والبحرين والمملكة المتحدة. وقدمت الدول الأعضاء قوات من الجيش وطائرات وسفن لمرافقة السفن التجارية التي تعبر المنطقة. في المقابل، أعلنت دولة العراق، التي تحاول حكومتها الحفاظ على أقصى قدر من الحياد، يوم الخميس الماضي رفضها الانضمام إلى الائتلاف.
لقد ساهمت الشكوك التي أفرزها الوضع منذ يوم السبت الماضي، في دق ناقوس الخطر في العديد من دول الخليج الأخرى، حيث أعلنت الكويت حالة التأهب القصوى في منشآتها النفطية، وقام الجيش خلال الأيام الأخيرة بعمليات تدريبية. ولا تزال السلطات تحقق في التقارير الواردة التي أفادت بأن طائرة مسيرة أو صاروخ حلّق في مجالها الجوي في وقت مبكر من يوم السبت الماضي، قبل وقت قصير من استهداف الهجمات لمنشأة أرامكو النفطية.
المصدر: الموندو