تفرض الجهات العسكرية الفاعلة في سوريا، كلٌّ حسب بقعتها التي تسيطر عليها، توجهاتها التي غالبًا ما تخدم مصالحها، وتجلت هذه السياسة ضمن مطامع كل الدول الفاعلة في الوضع السوري التي تحاول فرض نفسها كأمر واقع على السوريين الذين يبحثون عن لقمة عيش ومنزل آمن، ومن هذا المنطلق اتجهت أعين الفاعلين في سوريا إلى التدخل في المناهج الدراسية محاولةً كسب جولات على مختلف الأصعدة، مما يشكل خطرًا على الهوية السورية العربية.
في محافظة إدلب بات المقعد الدراسي حلم طفل سوري شوهت طفولته الطائرات الحربية، وبات الأمن مسألة اتفاقات دولية زادت أطماع الطامعين في أرض سورية
تختلف الجهات العسكرية المسيطرة على الأراضي السورية، مما ولد اختلاف في التوجهات التعليمية والتربوية، وذلك ليس ببعيد عن التقصير الذي يجري في مناطق مختلفة بدءًا من مناطق سيطرة النظام والتي تشهد أيضًا وجودًا ونشاطًا روسيًا وإيرانيًا، مرورًا بمناطق سيطرة ميليشيا “قسد”، وليس انتهاء بمناطق سيطرة المعارضة السورية ومناطق درع الفرات التي تسيطر عليها جهات مقربة من تركيا.
وفي محافظة إدلب فقد بات المقعد الدراسي حلم طفل سوري شوهت طفولته الطائرات الحربية، وبات الأمن مسألة اتفاقات دولية زادت أطماع الطامعين في أرض سوريا، بينما حاولت “تحرير الشام” عبر حكومة الإنقاذ اللعب على وتر التعليم، لكنها لم تصل إلى مرحلة تغيير المناهج الدراسية المرفقة من الأمم المتحدة، وفي مناطق معركتي درع الفرات وغصن الزيتون، تتجه العملية التعليمية إلى مرحلة متقدمة مختلفة عن المناطق السورية الأخرى، لكن هذا لا ينفي الوجود السلطوي في المنطقة.
ستحاول المادة عبر شخصيات من مختلف المناطق السورية ومصادر محلية، عرض الواقع التعليمي بشتى جوانبه، بشكل متتابع، حيث تقسم المادة سوريا إلى أربع مناطق: أولها مناطق سيطرة النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني، وثانيها مناطق سيطرة الوحدات الكردية والقوات الأمريكية، وثالثها محافظة إدلب التي تحظى بوجود عسكري تركي، ورابعها مناطق معركتي درع الفرات وغصن الزيتون، الواقعتين تحت إدارة الولايات التركية الجنوبية بشكل مباشر.
التعليم في مناطق النظام.. بين الروسي والفارسي!
اعتبرت المناهج الدراسية الوسيلة الرئيسية للوصول إلى عقول الجيل السوري المنهك من الحرب، حيث لا تزال حكومة نظام الأسد، تحاول السيطرة على عقول الطلبة السوريين عبر مادة (القومية) التي تمجد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد ونجله بشار الأسد وتشيد بـ “إنجازاتهما”، حيث تحاور المادة أهداف حزب البعث وتجميد عقول الطلبة في الحكم الأوحد لعائلة الأسد دون الخروج عن الحاكم الذي تظهره المادة وانتقاء حزب البعث كوسيلة لخدمة الدولة، وكذلك السيطرة على عقول وتوجهات الطلبة من خلال تثبيت المبادئ والأفكار والمفاهيم التي يتمتع بها حزب البعث.
التعليم في سوريا الأسد يمجد الحاكم ويشيد بأفعاله
وعلى الصعيد المنهجي فقد شوهت تربية النظام السوري مادة التاريخ في طبعة 2017/2016 وخاصة من ناحية الفتوحات العثمانية، حيث غيرت كلمة “الفتح” إلى “السقوط ـ الاحتلال” العثماني، على خلفية الموقف التركي من النظام السوري والأوضاع السياسية بينهما، وكذلك شوهت الأحداث التاريخية السورية ووضع كلمة “الثاني” عوضًا عن كلمة “الفاتح” من اسم السلطان العثماني (محمد الفاتح)، وذلك في عبارات تتحدث عن القسطنطينية والفتح العثماني.
كما استبدلت الهيئة المسؤولة عن وضع المناهج أو المقررات الدراسية مادة التربية الدينية بمادة الأخلاق ليدرس كل الطلبة السوريين من المسيحيين والمسلمين المادة.
في محاولة لفرض سردية للحرب في سوريا، يحاول النظام السوري جعل قادة مليشياته رموزًا تاريخيين للدولة، إذ انتشرت صورة لسبورة في إحدى مدارس ريف مصياف، لأمثلة في درس اللغة العربية، تمجد أحد زعماء المليشيات التي أوغلت في الدم السوري، ويدعى عصام زهر الدين من مُرتّبات الحرس الجمهوري، واشتهر بكلمة (من هالدقن) وذلك عندما توعد السوريين الذين هاجروا هربًا من الموت إلى أوروبا، وتكرس حكومة النظام جهودها كاملة لإثبات زعماء المليشيات كقادة ورموز في حرب النظام السوري ضد شعبه المعارض.
ويحاول حزب البعث عبر ندوات الطلائع إقامة احتفالات تمجد الحزب والقائمين عليه، وهذا ما برز في حفل لطلبة سوريين بإدارة البعث في مناطق النظام بحماة، إذ تظهر المقاطع المصورة احتفالًا لطالبات وطلاب السنة الثالثة في كلية التربية يرقصون ويهللون على أناشيد الحزب، وهذا ما أثار خوف السوريين إذ يشكل خطرًا على توجهات الأجيال القادمة من الشباب السوري.
ويعاني قطاع التعليم العالي في مناطق سيطرة النظام من مشاكل عدة من ضمنها الفساد المؤسساتي، وبحسب شبكة بلدي نيوز، فإن العديد من الطلبة السوريين اشتكوا نتيجة الظلم الذي تعرضوا له خلال تصحيح الأوراق الامتحانية في جامعة طرطوس، وأظهروا عجز المصححين عن تصحيح الأوراق الامتحانية، وعبروا عن استيائهم من تزوير الدرجات والأوراق الامتحانية، وتبين بحسب الشبكة أن العديد من الطلبة يستحقون علامات النجاح إلا أنهم لم يحصلوا عليها.
كما تعاني تربية النظام من تسرب الأطفال من المدرسة وعدم السيطرة عليهم، نظرًا لعمل أغلب الأطفال مع ارتفاع مطالب الدخل الأسري وحاجة الأسرة لتغطية النفقات، وذلك يظهر مدى تردي الأوضاع المعيشية وأثرها على الأطفال والتعليم، حيث أظهرت إحدى الصور التي بثها ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ثلاثة أطفال دون العاشرة من عمرهم ينامون منهكين أمام أحد المحال التجارية في دمشق.
كما يواجه أطفال آخرون التشرد أمام الأسواق التجارية، وذلك يعود إلى ندرة الرعاية الصحية للأيتام والمشردين، وبثت مقاطع فيديو مصورة في الربع الأول من العام الحاليّ من ساحات العاصمة دمشق تظهر أطفالًا صغارًا دون الـ15 من عمرهم يستنشقون المادة اللاصقة التي تعرف بـ”الشعلة”، التي لاقت رواجًا بين الأطفال والمراهقين، دون وجود محاذير من استخدامها أو فرض قوانين تمنع بيعها، لما تسببه من أضرار هائلة على القلب والرئتين، ويجدها المراهقون وسيلة لتمضية الوقت وتخفيف التوتر الذي يجري معهم.
من جهة أخرى يعاني المعلمون والمعلمات الذين يعملون في وزارة التربية التابعة للنظام السوري من مضايقات مستمرة من المليشيات وشخصيات عسكرية محسوبة على الدولة، إذ اعتصم عدد من المعلمين خلال العام الدراسي الماضي، بمبنى وزارة التربية بدمشق بعد رفض وزير التربية مقابلتهم، وحاول المعلمون إيصال صوتهم إلى تربية النظام، وما يعانيه المعلم من الفقر مع سوء الأوضاع المعيشية، حيث يتقاضى المعلم راتبًا شهريًا يقدر بـ30 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 50 دولارًا أمريكيًا، وهذا المبلغ لا يكاد يكفي أيامل قليلة.
الوجود الإيراني في سوريا تمثل في العديد من الجوانب أهمها التربية والتعليم، إذ تظهر تقارير محلية مدى تأثر المجتمعات السورية بالوجود الإيراني وخاصة في نشر التشيع في طبقة معينة تعرف بالبساطة من المجتمع السوري، فالمليشيات الإيرانية التي تسيطر على أحياء حلب الشرقية وبعض القرى الأخرى فتحت مراكز دعوية لحث المدنيين على التشييع مستخدمةً المدارس والمساجد، وكذلك افتتحت في دير الزور معاهد لتعليم اللغة الفارسية إلى جانب المراكز الدعوية لنشر التشيع، هذه المراكز استقطبت نسب جيدة من المجتمعات الفقيرة، مما يشكل خطرًا على الهوية السورية، خاصة أن غالبية هذه المجتمعات انقطعت عن التعليم ووصلت إلى مستوى من الجهل.
روسيا تسيطر على القطاعات التعليمية والاقتصادية
ومن ناحية الوجود الروسي في سوريا، فقد عمدت وزارة التربية في حكومة النظام إلى عقد اتفاق مع وزارة التربية الروسية لإدخال اللغة الروسية على الصفوف الإعدادية، كلغة أجنبية ثالثة بعد الإنجليزية والفرنسية، وقال المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم الروسية ستانيسلاف غابونينكو: “شبكة مراكز التعليم المفتوح باللغة الروسية، ستظهر في سوريا خلال الأعوام ما بين 2019 و2025″، ويعتبر إدخال اللغة الروسية في المدارس السورية خطوة في إطار مساندة روسيا لحكومة النظام.
وستقوم الجامعات السورية بافتتاح كليات اللغة الروسية في جامعتي اللاذقية وحمص مع بداية العام الدراسي، بحسب ما صرح فاديم زايتشكوف، في لبنان، وضمن هذا الإطار افتتحت العديد من المعاهد في جامعة حلب لتعلم اللغة الروسية حيث تتقاضى المعاهد 8 آلاف ليرة سورية مقابل المستوى الأول الذي يمتد إلى شهر ونصف، في حين افتتحت العديد من الدورات في أحياء حلب الجديدة، لتعليم الروسية بمقابل مالي يصل إلى 50 ألف ليرة سورية، ويعود سبب إقبال الطلبة على تعلم اللغة الروسية للحصول على فرص عمل في الشركات الروسية بعد انتشارها بشكل واسع في سوريا، وباعتبارها قوة اقتصادية في تاريخ سوريا الحاليّ، إلا أنها مجرد آمال للطلبة السوريين.
التعليم في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية
تحاول الجهات التي تقتسم السيطرة على سوريا تسيس العملية التعليمية والتربوية، ضمن سياسة ممنهجة تخدم بالدرجة الأولى مصالح هذا الحزب أو التيار بكل توجهاته، ومن ضمن هذه الأطر، قامت الإدارة الذاتية بتغيير المناهج الدراسية في مناطق شرق الفرات، وجعلها تخدم أهداف حزب العمال الكردستاني في سوريا، مشجعةً على انتشار الطائفية والتمييز العرقي بين طبقات المجتمع العربي والكردي والسرياني.
الإدارة الذاتية تدرس الطلبة مفاهيم حزب الاتحاد الديمقراطي
وتسيطر الإدارة الذاتية على محافظتي الحسكة والرقة والأرياف الشمالية من محافظة دير الزور، وللحديث عن الوضع التعليمي في محافظة الحسكة تحدث “نون بوست” مع الصحفي عبد العزيز خليفة الذي قال: “الإدارة الذاتية ألفت مناهج دراسية من الصف الأول حتى الحادي عشر، ووضعت المناهج لجنة محسوبة على الإدارة الذاتية، محاولةً تنفيذ أجندات حزب الاتحاد الديمقراطي”.
وأضاف: “أدخلت الإدارة الذاتية مادتي علوم المرأة والمجتمع والحياة إلى المواد التعليمية الرئيسية: الأولى تتحدث عن فلسفة الحزب واشتراك المرأة في قيادة المجتمع، والثانية تحتوي على صور عبد الله أوجلان وتعرض أقواله وفلسفته بما يخدم حزب الاتحاد الديمقراطي”.
وتقسم المدارس إلى ثلاث لغات: الكردية والعربية والسريانية، معتمدةً بذلك على مبدأ التميز العرقي، حيث يدرس الكردي في المدارس الكردية والعربي في المدارس العربية والسرياني في المدارس السريانية، واعتبر الخليفة أن هذه العملية ستؤثر بشكل رئيسي على مستقبل الطلبة، لأنهم سيكبرون ويجهل بعضهم الآخر.
وأكد عبد العزيز الخليفة خلال حديثه مع “نون بوست” أنه يتم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى المدارس التابعة للإدارة الذاتية، ويمنعونهم من إرسالهم إلى مدارس النظام، ويدرس نحو 25 ألف معلم في الحسكة غالبيتهم من الشباب والبنات خضعوا لدورات تأهيلية غير مجدية لمدة أسبوعين فقط.
وتقتصر المدارس التابعة للنظام في المربع الأمني في مدينتي الحسكة والقامشلي، إلا أنها تشهد ازدحامًا كبيرًا نتيجة إقبال الطلاب على الدراسة في المدارس التابعة لحكومة النظام نظرًا لحصولها على اعتراف يخولهم دخول الجامعات السورية وحتى الخارجية، ولجأ الطلبة السوريون في الحسكة إلى دراسة الشهادة الثانوية بشكل حر، للتسرب من مدارس الإدارة الذاتية.
الإدارة الذاتية تفصل المدارس بشكل عنصري عرقي
وأشار: “هناك طامة كبرى خلال العام القادم لأن الإدارة الذاتية ستصدر منهاج جديد للبكالوريا، وفي ذات الوقت لا يوجد أي اعتراف أو تعديل للشهادات، وتوجد جامعتان تتبعان للإدارة الذاتية في القامشلي وكوباني وفي الوقت ذاته لا تحظيان بأي اعتراف”.
وتحدث “نون بوست” مع الناشط عبد اللطيف من محافظة الرقة حيث قال: “أجرت الإدارة الذاتية تعديلات على المناهج في محافظة الرقة، وأضافت مادتي علوم المرأة والمجتمع والحياة”، مضيفًا: “اللغة الكردية تدرس في المناطق التي تتميز بغالبية كردية”.
وأشار إلى أن أغلب المدارس في المدن الرئيسية مدمرة وغير صالحة أو مؤهلة لتعليم الأطفال، وفي الوقت ذاته تندر المناهج الدراسية التي تدرسها مدارس النظام، إلا مناهج الإدارة الذاتية التي تحاول تمجيد حزب الاتحاد الديمقراطي، وتعاني الرقة من قلة وضعف الكوادر التدريسية، فغالبية المعلمين من حاملي شهادة الثانوية العامة فقط وغير مؤهلين لتربية الأطفال وتعليمهم.
ويدرس الأهالي من أصحاب الدخل الجيد أبناءهم شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة في معاهد خاصة، ويقدمون امتحاناتهم في مناطق سيطرة النظام، وتعتبر العملية التعليمية والتربوية في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية غير مجدية وذلك لضياع الهوية السورية والتمييز العرقي بين أبناء البلد الواحد.
التعليم في شمال غرب سوريا
شهدت محافظة إدلب وأريافها وأرياف حلب حملةً عسكرية شرسة شنتها قوات النظام والمليشيات الموالية له، إلى جانب القصف العنيف الذي استهدف المراكز والمرافق العامة ومنازل المدنيين، مما ساهم بشكل رئيسي في تراجع الواقع التعليمي في المنطقة وذلك في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية، وتزامنت انطلاقة العام الدراسي في 21 من سبتمبر/أيلول الحاليّ مع توقف الدعم الأوروبي من منظمة كمونكس.
وتحدث “نون بوست” مع مصطفى الحاج علي مدير دائرة الإعلام بتربية إدلب، الذي قال: “الواقع التعليمي مزرٍ جدًا لنزوح نحو 200 ألف طالب من المجمعات الجنوبية”، وأحدثت مديرية التربية والتعليم في إدلب مجمعًا باسم الدانا نظرًا لاستيعاب الطلاب النازحين مع ذويهم في المدارس.
وأضاف: “خرجت 350 مدرسة عن الخدمة من أصل 1190 مدرسة، نتيجة القصف العنيف الذي أدى إلى دمارها”، وتم إبلاغ مديرية التربية في إدلب أن المنحة الأوروبية من منظمة كمونكس توقفت مما يزيد الأمر سوءًا، ويؤثر على العملية التربوية في المنطقة، ويحل بكارثة على القطاع التعليمي إذا لم يتم تدارك الوضع الحاليّ.
نقحت مديرية التربية المناهج التي تدرس في مناطق حكومة النظام من أفكار حزب البعث وأقوال الحاكم، إلا أن هناك نقصًا حادًا في أعداد الكتب المدرسية.
النظام استهدف 350 مدرسة في إدلب خلال الحملة الأخيرة
وقال معاون مدير التربية في محافظة حلب صلاح الدين خلال حديث أجراه معه “نون بوست”: “توقف الدعم عن غالبية المدارس، من منظمتي مناهل وكمونكس، وسنبدأ العام الدراسي بشكل تطوعي وهذا ينذر بكارثة في مديرية التربية والتعليم في حلب، وفي حال انقطعت الرواتب عن المعلمين فإنهم سيبحثون عن فرص عمل أخرى وستبقى المدارس دون معلمين مما سيشكل كارثة بحقهم وسيؤدي إلى تسرب أعداد كبيرة منهم من المدرسة”.
وأضاف: “لا توجد كتب مدرسية كافية، وتلقينا بعض الوعود ليتم طباعة عدد من الكتب المدرسية، إلا أننا لم نحصل على شيء”، ويعتبر الكتاب أحد أعمدة العمل التعليمي التربوي ولا يمكن إجراء أي نشاط مدرسي أو تعليمي دونه.
وتواجه مديرية التربية والتعليم في حلب ازدحامًا كبيرًا في أعداد الطلبة مع نزوح آلاف العوائل من حماة وريف إدلب الجنوبي إلى المنطقة، وبحسب صلاح الدين “25 مدرسة يقيم بها النازحون ولا يمكن إخراجهم منها في ظل الأوضاع المعيشية السيئة، ولذلك لن تكون هذه الصفوف كافية لاستيعاب الطلبة”، وناشد الأستاذ صلاح الدين المنظمات الدولية وخاصة الأمم المتحدة لتوفير حق التعلم لكل الطلبة.
شمال غرب سوريا يواجه كارثة في قطاع التعليم
من جهته اعتبر المتحدث الرسمي باسم منسقي الاستجابة محمد الحلاج في حديثه لـ”نون بوست”، أن “انقطاع الدعم ينذر بكارثة إنسانية على القطاع التعليمي، في إدلب وحلب، وخاصة من ناحية رواتب المعلمين والكلف التشغيلية للمدارس”.
وأضاف: “عندما ترى العائلات أن المدارس غير مستعدة بالشكل المفروض لتلقي التعليم ستمنع أبناءها من الذهاب إلى المدرسة”، ورأى أن هذا الأمر سيشكل خطرًا على عمالة الأطفال والزواج المبكر، الذي سيهدد بشكل رئيسي المجتمع السوري.
وأوضح أن”إعادة الدعم إلى القطاع التعليمي مسألة مهمة، وذلك من خلال ترميم بعض المدارس المتضررة بشكل خفيف، مما سيزيد أعداد المراكز التعليمية في المنطقة، ويمنع تسرب الطلاب عن المدرسة في ظل اكتظاظ المدارس وعدم وجود أماكن تعليمية لاستيعاب الطلاب”.
التعليم في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون
تتصف العملية التربوية والتعليمية في منطقتي معركتي درع الفرات وغصن الزيتون بالمقبولة جدًا نظرًا للأوضاع الكارثية التي حلت بمناطق النظام السوري ومناطق الوحدات الكردية ومحافظة إدلب، واعتبرت متقدمة، نظرًا لتأهيل المدارس وترميمها من الحكومة التركية وطباعة مناهج دراسية وتوفير الخدمات بشكل أفضل”.
التعليم في درع الفرات يتجه نحو الأفضل
إلى ذلك، التقى “نون بوست” مدير التربية والتعليم في منطقة الباب شرقي حلب، فوزي السايح الذي قال: “تسير العملية التربوية إلى الأفضل منذ افتتاح المدارس قبل ثلاثة أعوام، وتشهد تطورات عديدة في ظل الاستقرار الذي حظيت به المنطقة، من بينها افتتاح رياض الأطفال ومراكز التعليم الشعبي لتعليم الشبان الأعمال الحرة والحد من أزمة البطالة”.
وأضاف: “تتوافر كل التجهيزات لإجراء العملية التعليمية المدرسية، ومن ضمنها المناهج الأساسية كاللغة العربية والرياضيات وعلوم الأحياء، إلا أن مادة التربية الإسلامية ومادة الاجتماعيات تقدم نسخ كرتونية للطلبة لطباعتها، وذلك يعود إلى المسألة السياسية في سوريا وتاريخها”، ومن ناحية أخرى أدخلت الحكومة التركية اللغة التركية كلغة أجنبية ثانية إلى جانب الإنجليزية في المنطقة.
وزارة التربية التركية تطبع المواد الرئيسية فقط “اللغة العربية والعلوم والرياضيات”
وأوضح أن” الكادر التعليمي يمتلك الكفاءة العالية العلمية والتربوية نظرًا لتقديم بعض البرامج التدريبية والعملية للمعلمين وبرامج التدريب الذاتي للوصول إلى الأفضل، لكن تواجه مديرية التربية والتعليم العديد من الثغرات والعقبات التي تقف بمواجهة سير العملية التعليمية وتعتبر الكثافة السكانية التي نشأت نتيجة حالات النزوح المتزايدة، وفي هذا الإطار عملت مديرية التربية على زيادة الغرف الصفية والمراكز التعليمية لاستيعاب الطلاب كافة، منعًا من التسرب المدرسي”.
واستطاعت المجالس المحلية التي تشرف على أعمال مديريات التربية والتعليم في مناطق معركتي درع الفرات وغصن الزيتون إنجاز العديد من النشاطات التي تهدف إلى نجاح العملية التربوية، ومن ضمنها افتتاح جامعات في مدن الباب وجرابلس معترف عليها من تركيا، لإعداد أجيال ناشئة على قيم الحرية ومبادئ الثورة السورية.