ترجمة وتحرير: نون بوست
كثيرًا ما يعتقد العديد من الأشخاص أن الحزم يمثّل سمة قياديّة ضرورية، فما هي الصفات التي يقدّرها الناس في قادتهم؟
وفقا لبعض الأبحاث، يعدّ الحزم السمة الأساسية التي يقدّرها الناس في قادتهم. في هذا السياق، كشفت دراسة أجرتها شركة “كيتشوم” للخدمات الاستشارية العالمية في مجال الاتصالات أن الحزم كان أحد أهم الصفات الثلاث التي تساعد القادة على اكتساب مصداقيتهم.
على الرغم من أهميّة اتّخاذ القادة الخيارات الصائبة والظهور في كثير من الأحيان في صورة الدبلوماسيين، إلا أنهم كثيرا ما يفشلون في أن يكونوا حازمين
في الوقت ذاته، حددت نتائج دراسة أخرى أجرتها شركة “جي إيتش سمارت” للاستشارات العالمية، والتي شملت 17 ألف مديرا تنفيذيا على مدار 10 سنوات، أن اتخاذ القرارات بسرعة وعن قناعة يعد أحد السلوكيات التي تميز المدراء التنفيذيين الأكثر نجاحا عن نظرائهم الأقل موهبة.
على الرغم من أهميّة اتّخاذ القادة الخيارات الصائبة والظهور في كثير من الأحيان في صورة الدبلوماسيين، إلا أنهم كثيرا ما يفشلون في أن يكونوا حازمين. عوضا عن ذلك، يمضي القادة وقتًا طويلاً في مناقشة خياراتهم، ولكن، لسوء حظهم، يمكن لهذا السلوك غير الحازم أن يكون ضارًا.
كيف يتخذ الدماغ القرارات؟
يوجد في الدماغ نظامان عامان لاتخاذ القرار، يعدّ النظام الأول أبطأ ومدروس أكثر، في حين أن النظام الثاني أسرع ويعتمد على الغرائز بشكل أكبر. في واقع الأمر، هناك تركيبة معقّدة موجودة في عقلك منذ فترة طويلة، وهي التي تساهم في دعم النظام الأسرع. في مجال أكثر حداثة، فإن الجزء السطحي من الدماغ الواقع خلف جباهنا، والمعروف باسم القشرة أمام الجبهية، يقود النظام الأبطأ نحو اتخاذ القرارات. وبشكل عام، يتفاعل هذان النظامان بتوافق لضمان اتخاذنا أفضل الخيارات الممكنة.
عندما تكون غير حازم، فإنك غالبا ما تكون معتمدا على النظام البطيء والمدروس بدل “الوثوق بحدسك”. في العديد من الحالات، فإنك تميل إلى أن تكون غير حازم خوفا من اتخاذ قرار قد تندم عليه. وبعبارة أخرى، يكافح الناس من أجل اتخاذ قرار ما، لأنهم غالبا ما يكونون قلقين بشأن اتّخاذ خيار قد تكون عواقبه وخيمة.
في الوقت الذي تعتبر فيه الخيارات المحددة مهمة، فإن الطريقة التي نتخذ بها هذه القرارات شديدة الأهمية هي الأخرى
لسوء الحظ، يؤثر القلق المفرط بشأن جودة قراراتنا سلبا على ثقتنا بأنفسنا، مما يؤدي إلى زيادة ارتكابنا للأخطاء. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن نمرّ بحالة من عدم اليقين عند التفكير في خيار ما، مما قد يجعلنا نشعر بأننا خارجون عن نطاق السيطرة وحتى متشائمين.
ما الذي يكشفه حزمك عن شخصيتك؟
يساعد الحزم على بناء المصداقية بسبب ما يكشفه عن صاحب القرار. في الوقت الذي تعتبر فيه الخيارات المحددة مهمة، فإن الطريقة التي نتخذ بها هذه القرارات شديدة الأهمية هي الأخرى، حيث توفر معلومات عما نعرفه ونشعر به. وحين تتصرّف بشكل حازم، فإنك تُظهر للناس بذلك أنك:
شخص موثوق به
يميل بعض الناس إلى أن يكونوا أكثر حزما من غيرهم، ويرتبط احتمال كونهم حازمين بخصائص محددة، حيث توصل الباحثون إلى أن السمات الشخصية، مثل الاستقرار العاطفي، ترتبط بالحزم. في المقابل، يميل الأشخاص المعرضون أكثر للخداع إلى أن يكونوا أكثر ترددا. نظرا لطبيعتنا البشريّة، نحن نميل إلى ربط الحزم بالكفاءة، لذلك عندما يتصرف الناس من حولنا بحزم، فمن المرجح أن نعتبرهم جديرون بالثقة ويمكن الاعتماد عليهم.
صاحب خبرة
تكمن الطريقة الوحيدة لمعرفة القرار الصحيح بشكل بديهي في امتلاك المعرفة المناسبة. إلى جانب ذلك، فإن بعض المعلومات تعدّ مهمة جدا لضمان بقائنا، حيث تُضمَّن القرارات المتطابقة في البيولوجيا الخاصة بنا. على سبيل المثال، نحن لا نمضي وقتًا في تحليل إيجابيات وسلبيات ردود فعلنا المحتملة، كأن نرفع أيدينا عن الموقد الساخن بسرعة ونشمئز من الروائح الفاسدة في أجزاء من الثانية. بدلا من ذلك، نحن ندرك كيفية التفاعل لأن أجسامنا مبرمجة بيولوجيا لمعرفة أن بعض المحفزات خطيرة، ويجب التصرف وفقا لذلك.
إن امتلاكك للمعرفة والخبرة المناسبة يساعد دماغك على معالجة المعلومات واتخاذ القرارات بشكل أسرع. بالتالي، عندما يدرك الناس أنك تتخذ قراراتك بسرعة، فمن المرجح أن يفترضوا أنك كفء ومطلّع بشكل جيد على الموضوع قيد البحث
بشكل عام، نحن نعمل باستمرار على تطوير غرائز جديدة، وذلك عبر مرورنا بتجارب مختلفة، لتبدأ بعد ذلك هذه الغرائز الجديدة المكتسبة في الظهور في شكل معلومات نفكر فيها في الأجزاء الأكثر عقلانية من أدمغتنا. ومع استخدامنا لهذه المعلومات بشكل متزايد، فإنها تنتقل إلى أجزاء من الدماغ تدعم سبل اتخاذ القرارات بسرعة أكبر.
في واقع الأمر، أنت في حاجة إلى تلقي الكثير من المعلومات حتى تتمكّن من بلوغ جزء الدماغ الذي سينشرها بسرعة. بعبارة أخرى، فإن امتلاكك للمعرفة والخبرة المناسبة يساعد دماغك على معالجة المعلومات واتخاذ القرارات بشكل أسرع. بالتالي، عندما يدرك الناس أنك تتخذ قراراتك بسرعة، فمن المرجح أن يفترضوا أنك كفء ومطلّع بشكل جيد على الموضوع قيد البحث.
نصائح لتعزيز حزمك في اتخاذ القرارات
كيف يمكننا أن نجعل أنفسنا أكثر حزما؟ إليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك
1- جمع بعض المعلومات
في بعض الأحيان، نفتقر إلى غريزة تحدد لنا كيفية اتخاذ قرار في موقف معيّن، وفي مثل هذا الموقف، هناك احتمالات أن العقل لا يملك معلومات كافية لمساعدتك على اتخاذ القرار الصائب. من الضروري معرفة أنه في مرحلة ما، لا يؤدي المزيد من المعلومات إلا إلى نتائج متناقضة. لكنك تحتاج في الواقع إلى بعض المعلومات حتى تساعدك في اتخاذ القرارات.
علاوة على ذلك، إذا شعرت بالملل، فكّر فيما تريد إنجازه واختر نقطة مرجعية بيانية واحدة يمكن أن تعزز فهمك للنتائج المحتملة. وبمجرد قيامك بجمع القليل من المعلومات، فإنك ستعزز غريزة اتخاذ القرار الصائب لديك.
2- الاعتراف بأن الفشل في اتخاذ قرار هو قرار في حد ذاته
حين نفشل في اتخاذ قرار ما، نظل في حالة جمود ولا نبحث عن الحصول على أي معلومات جديدة. ومع ذلك، بمجرّد اتخاذك قرارا ما، يمكنك المضي قدما وجمع البيانات المرتبطة بهذا الاختيار. من جهة أخرى، حتى في الحالات التي يتضح فيها أنه كان بإمكانك اتخاذ قرار أفضل، فإنه سيكون لديك المزيد من البيانات لتضمينها في خياراتك المستقبلية.
3- احصل على قسط كاف من النوم
أظهرت الأبحاث أن عدم الحصول على مقدار كاف من النوم يدفع الناس نحو المكافحة من أجل تكامل البيانات. وتجدر الإشارة، إلى أنه دون هذه العملية، يصبح اتخاذ القرارات السليمة أمرا صعبا، وذلك نظرا لأن النوم يساعد على تعزيز صحة وفعالية الروابط في الدماغ بالإضافة إلى تسهيل التواصل.
في المقابل، عند حصولك على قسط كاف من النوم، فإنك بذلك تسهّل على أجزاء الدماغ، التي تدعم التفكير البطيء والأخرى التي تدعم التفكير السريع، التفاعل ومشاركة المعلومات وتحسين عملية صنع القرار. في نهاية المطاف، فإن الحزم لا يمكنه أن يجعلنا سعداء وسليمين وذوي كفاءة فحسب، وإنما يمكننا من أن نكون حاسمين في قراراتنا. بالإضافة إلى ذلك، تتمثل الطريقة الوحيدة للاستفادة من الحزم في التحلي بالمزيد من الحزم، من خلال تعزيز ثقتك في قدراتك على اتخاذ القرارات.
المصدر: فاست كومباني