ترجمة وتحرير: نون بوست
مع اقتراب نهاية موسم السباحة وأشعة الشمس والأيام الطويلة وقدوم الخريف، يشعر بعض الناس بالقلق. وفي هذا الصدد، صرّحت الدكتورة كلير موريسون، وهي المستشارة الطبية في ماد إكسبريس، لصحيفة “هيلث لاين” قائلة: “يتمثّل قلق الخريف في ميل الناس إلى الشعور بالقلق وتدهور الحالة المزاجية خلال أشهر الخريف”.
وأضافت موريسون أنه “على عكس النوع الآخر من القلق، غالبًا ما لا يكون هناك أي محفّز خارجي واضح، ويميل هذا الشعور للتكرّر سنويًا”. فضلا عن ذلك، أوضحت موريسون أن العديد من الناس لا يدركون أن القلق شائع في فصل الخريف، ومن الممكن أن لا يتعرّفوا عليه. وأوردت موريسون أنه “إذا تكرّر هذا الشعور كل سنة، فسيصبح هذا النمط أكثر وضوحا، وبالتالي، يتمكّن المرء من اتّخاذ الخطوات المناسبة لتجنّبه”. وذكرت موريسون بعض أعراض قلق الخريف على غرار:
● تدهور المزاج والإصابة بالاكتئاب
● القلق والخوف المفرط
● الانفعال
● الخمول والنعاس والتعب
● فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية
أوضحت موريسون أن “أحد الأسباب يتمثّل في انخفاض أشعة الشمس مما يؤدي إلى انخفاض مستويات السيروتونين، وهو هرمون مهمّ يؤثّر على الحالة المزاجيّة والشهية وأنماط النوم. علاوة على ذلك، هناك ارتفاع في هرمون الميلاتونين الذي يجعلنا نشعر بالنعاس والاكتئاب، كما تسبّب قلّة التعرّض لأشعة الشمس انخفاض نسبة فيتامين د. وفي هذا السياق، أفادت موريسون أن “هذا النقص يرتبط أيضًا بالاكتئاب. وتشمل العوامل الأخرى التغيرات السلوكية، وذلك لأنه مع تدهور الطقس نميل إلى قضاء وقت أقل في الأماكن المفتوحة وممارسة تمارين رياضيّة أقل”.
هل يعد هذا الأمر بمثابة قلق الخريف أم شيء آخر؟
أكّدت الدكتورة والطبيبة النفسيّة المرخّصة في نيويورك، باتريشيا ثورنتون، على أن التغييرات الموسميّة تخلّف تغيرات مزاجيّة وقلقا. ومع ذلك، أشارت ثورنتون إلى إن قلق الخريف ليست حالة معترفا بها. وتابعت ثورنتون حديثها قائلة: “أننا عادة ما نتحدّث عن الاضطراب العاطفي الموسمي، حيث تصبح الأيام أقصر والليالي أطول ويزداد الطقس برودة، ويتزايد القلق من العودة إلى المدرسة والعمل تحت الضغط لتحقيق النجاح الأكاديمي والنجاح الاجتماعي. في الواقع، قد يكون قلق الخريف بمثابة القلق الاستباقي الذي يسبق الاضطراب العاطفي الموسمي”.
الوسواس القهري والقلق يمكن أن يتفاقما عندما لا يجد الشخص ما يكفي من المهام لتأديتها
فضلا عن ذلك، يمكن للمراحل الانتقاليّة أن تسبب الشعور بالقلق أيضًا. وفي هذا الشأن، أفادت ثورنتون أن “الناس الذين يعانون بسبب الفترات الانتقاليّة أو أي نوع من التغييرات في حياتهم، مثل تغيير في الجدول الزمني بسبب العودة إلى المدرسة، من شأنه أن يشعرهم بالقلق لأنهم مضطرون للاستيقاظ في وقت مبكر والنوم لساعات أقل. ويمكن لهذا الوضع أن يزيد من شعورهم بالقلق، خاصة إذا كان قلقهم ناجما عن قلة النوم”.
في المقابل، أشارت ثورنتون إلى أن العديد من مرضاها الذين يعانون من اضطرابات الوسواس القهري والقلق يشعرون بتحسن عندما يعودون إلى المدرسة أو العمل ويعيشون وفقا لروتين محدّد. وأوضحت ثورنتون أن “السبب يعود لأن الوسواس القهري والقلق يمكن أن يتفاقما عندما لا يجد الشخص ما يكفي من المهام لتأديتها. وبعد تمضية فصل الصيف في خمول، يصبح الشخص متشوّقا للعودة إلى المدرسة لأنه سيحظى حينها بشيء يستطيع التركيز عليه، مما يساعده على تهدئة أفكاره وقلقه”.
علاوة على ذلك، هناك تفسير آخر للمشاعر السلبية خلال فصل الخريف، والذي تطلق عليه ثورنتون اسم “رد الفعل المرتبط بالذكرى السنوية”. فعلى سبيل المثال، عندما تبدأ الأشهر الأكثر برودة ويقلّ التعرّض لأشعة الشمس، نتذكر حينها أن فصل الشتاء سيكون أصعب.
من جهة أخرى، قالت ثورنتون: “تحدث هذه الظاهرة عادة خلال فترة احتفالات الذكرى السنوية الخاصّة ببعض الأحداث، التي تكون في بعض الأحيان مؤلمة، مثل الموت أو التعرّض للاعتداء. ومن الممكن أن تكون هذه الأحداث بمثابة ذكرى لشعور اختبرته سابقا خلال فترة الذكرى السنوية، كما يمكن أن تكون غير مدرك لسبب شعورك بالقلق أو الاكتئاب. علاوة على ذلك، هناك أيضا إدراك جسدي وإدراك لا واعٍ يجعلنا نفكّر أنه نظرا لصعوبة هذه الفترة من السنة عمومًا، سنواجه مرة أخرى على الأغلب وقتًا عصيبًا”.
بالإضافة إلى ذلك، تثير نهاية فصل الصيف مشاعر الأسف لدينا، وذلك لعدم قيامنا بكل ما خططنا لإنجازه وتجربته خلال عطلة الصيف. وفي هذا الإطار، وضحت ثورنتون قائلة: “حتى وإن قضيت وقتا ممتعا خلال عطلة الصيف، سيكون الأمر محبطا بمجرّد إنهائها”. وبعبارة أخرى، تعتبر العطلات التي توشك على الانتهاء مصدرا للتوتر. من جهة أخرى، قالت ثورنتون: “تكون الإجازات عادة مزدحمة بالناس. ففي حال كنت لا تعلم كيف ستتعامل مع موسم العطل، فستعيش الكثير من التوتر، خاصة إذا ما كنت تعتقد أنه سينبغي عليك أن تكون مبتهجا لمجرّد أنه احتفال”.
ما الذي يمكنك فعله؟
بغض النظر عن الأسباب التي قد تخلق مشاعر القلق لديك خلال موسم الخريف، تقدم كل من موريسون وثورنتون ستة نصائح من شأنها أن تساعدك على توفير الراحة:
1- تمتّع أكثر بأشعة الشمس
ابدأ بقضاء المزيد من الوقت في الهواء الطلق للاستفادة إلى أقصى حد من أشعة الشمس. وفي هذا السياق، تقترح موريسون الاستيقاظ باكرا للاستفادة من أشعة الشمس. وتابعت موريسون حديثها قائلة: “إذا لزم الأمر، اخلد إلى الفراش في وقت مبكّر، حتى تتمكن من مكافحة التعب والنعاس أثناء النهار”.
أبرزت ثورنتون قائلة: “حتى أن قوة إضاءة بعض هذه الصناديق يزيد تدريجيا عندما تبدأ في الاستيقاظ. لذلك، ستبدو وكأنها تحاكي شروق الشمس، حتى وإن كان الظلام دامسا في الخارج”.
ونظرا لأن الصباح الباكر عادة ما يكون مظلما، تقترح موريسون اصطحاب مصباح إضاءة. وأوردت موريسون قائلة: “يمكن استخدام المصباح لمدة ثلاثين دقيقة أو أكثر في اليوم، وذلك من أجل تعريض العينين لمصدر إضافي من الضوء”.
في الحقيقة، تدعم ثورنتون هذه الفكرة، خاصة في ظل وجود مجموعة متنوعة من صناديق العلاج بالضوء. وفي الإطار، أبرزت ثورنتون قائلة: “حتى أن قوة إضاءة بعض هذه الصناديق يزيد تدريجيا عندما تبدأ في الاستيقاظ. لذلك، ستبدو وكأنها تحاكي شروق الشمس، حتى وإن كان الظلام دامسا في الخارج”.
2- مارس التمارين الرياضية بشكل يومي
تقترح موريسون ممارسة الرياضة يوميا لمدة لا تقل عن 30 دقيقة. وفي هذا الصدد، أوردت أنه “بمجرّد انتهاء فصل الصيف وطقسه الحار، يكون الخريف فرصة رائعة للاستمتاع في الهواء الطلق، لذلك يمكنك الإستفادة منه إلى أقصى حد من خلال المشي لمسافات طويلة أو ركوب الدراجات، أو البدء في ممارسة رياضة جديدة أو الإنضمام إلى نادي رياضي”.
تدعم ثورنتون هذا الرأي، مشيرة إلى أنها تدعو جميع عملائها إلى ممارسة الرياضة، وقد قالت معللة: “يعدّ التمرين الحل، في جميع المجالات، فيما يتعلق باضطرابات الصحة العقلية، حيث تظهر كل دراسة أن الحالة المزاجية تتحسن بمجرّد ممارسة الرياضة”.
3- تغيير النظام الغذائي الخاص بك
وفقا لما تقوله موريسون، يعتبر فصل الخريف فرصة رائعة للتفكير في غذائنا. وتشاطرها ثورنتون وجهة النظر هذه، قائلة إن فصل الخريف يعد وقتًا رائعًا لإعداد الحساء الموسمي المفضل لديك، والوجبات الدافئة التي لم تأكلها طيلة فصل الصيف.
4- ابدأ في القيام بشيء جديد
نظرا لأن الخريف يعد موعد البدايات الجديدة المنعشة، وانطلاق فترة وفصل جديدين، تدعو موريسون إلى اعتباره فرصة للتخلص من الفوضى، وترتيب المنزل، والحديقة، وإعادة التنظيم. وأضافت أنه يجب أن نفكر في ممارسة هواية أو تلقي دروس مسائية أو نشاطات لطالما رغبنا في القيام بها.
5- تغيير نظرتك
دعت ثورنتون إلى محاولة تغيير نظرتنا لفصل الخريف، وعدم ربطه بالتجارب السلبية. وقالت ثورنتون :”يركز البشر بشدّة على الخسارة، وفي هذه الحالة، تشمل هذه الخسارة ضوء الشمس وإمكانية قضاء الوقت خارجا، لهذا، فكّر فيما يمكنك فعله داخل المنزل”.
وأضافت ثورنتون قائلة: “بدلا من التفكير في أن الجو بارد وأنك ستظل عالقًا في الداخل، حاول التفكير في أن البقاء في الداخل سيبقيك دافئا”. وعموما، يمكنك القيام بذلك من خلال تغيير ديكور المنزل، وإضافة بطانية مريحة ودافئة، أو وسائد ذات ألوان خريفية. بالإضافة إلى ذلك، أوردت ثورنتون قائلة: “يمكنك أن تبدأ في التفكير بطريقة مختلفة بما تعتبره بمثابة خسارة بالنسبة لك”.
6- ابحث عن مساعدة المختصين
خلصت الأبحاث إلى أنه يمكن الاعتماد على العلاج السلوكي المعرفي لعلاج القلق والاضطراب العاطفي الموسمي بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما توصف مضادات الإكتئاب، مثل مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية، للمُصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي.
في هذا السياق، قالت ثورنتون: “يتعلق الاضطراب العاطفي الموسمي بالاكتئاب. ومع ذلك، يميل هذا الاضطراب إلى الظهور في فصل الخريف بسبب الشعور بالقلق الاستباقي، فضلا عن كون الأيام أصبحت أقصر”. وأضافت ثورنتون قائلة: “إذا كنت تشعر بالإرهاق، ينبغي عليك زيارة طبيبك، ولا تنتظر حتى تسوء الأمور أكثر”. وبعبارة أخرى، إذا بدأت تشعر بالقلق والاكتئاب، فينبغي عليك اتخاذ إجراء سريع لتحسين حالتك المزاجية”.
المصدر: هيلث لاين