ترجمة وتحرير: نون بوست
تعد القمم الست التي أقيمت هذه الأيام في نيويورك بمثابة تحدٍ للأهداف الموضوعة منذ سنة 2000 والتي تم تمديدها في سنة 2015 حتى نهاية العقد المقبل. وقد شملت هذه القمم قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ، وقمة الأمم المتحدة للمناخ المخصصة للشباب، وقمة التغطية الصحية الشاملة، إلى جانب قمة أهداف التنمية المستدامة، وخطة التنمية المستدامة لسنة 2030، وقمة دعم الدول الجزرية الصغيرة، التي تعتبر من بين أضعف الدول على هذا الكوكب.
إذا كان من الصعب أن تحقق الجلسات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي جمعت حوالي 193 قائدا من العديد من الدول، نجاحات ملموسة، إلى جانب جعلها تتزامن مع ست مؤتمرات خاصة في ظل الكثير من التحديات الشاملة التي تشهدها عدة قطاعات والتي لا يزال المجتمع الدولي بعيدا عن التوصل إلى الإجماع الضروري لحلها، فهي تعد أيضا رهانا محفوفا بالمخاطر.
في عرضه لجدول الأعمال، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن “التحدي الرئيسي للقادة والمؤسسات على هذا الكوكب هو أن نظهر للناس أننا نهتم ونتحرك من أجل ما يثير قلقهم في الشارع. نحن نخسر المعركة شيئا فشيئا، لكننا بصدد الاستفاقة. أنا لا أنوي حكم العالم، بل هدفي الرئيسي هو إثارة الهمم بأكبر قدر ممكن”.
قامت أهم 350 منظمة غير حكومية في العالم، بما في ذلك، منظمة الموارد العالمية وأوكسفام، بتقييم ما وقع تحقيقه منذ سنة 2015، حيث كانت النتائج مخيبة للآمال
بالنسبة لغوتيريس، إن التزام حوالي 77 دولة بتحقيق الحياد بشأن انبعاثات الكربون بحلول سنة 2050، إلى جانب ما يقارب 130 بنكا مع أكثر من ملياري يورو من الأصول، ومئات الشركات متعددة الجنسيات برأس مال يصل إلى أكثر من ملياري دولار، والمسؤولين عن الطيران المدني الدولي (التي تنبعث منها حوالي 2.5 بالمئة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون)، بدعم أهداف اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجات الحرارة خلال هذا القرن إلى ما بين 1.5 و2 درجة مقارنة بمستويات فترة ما قبل العصر الصناعي، يعد تقدما كبيرا.
في هذا الإطار، قامت أهم 350 منظمة غير حكومية في العالم، بما في ذلك، منظمة الموارد العالمية وأوكسفام، بتقييم ما وقع تحقيقه منذ سنة 2015، حيث كانت النتائج مخيبة للآمال. في هذا السياق، يقول رئيس معهد الموارد العالمية أندرو ستير، إن “معظم الاقتصادات الكبرى لم تكن في المستوى”. ومن جهتها، أثبتت أحدث التقارير العلمية من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية مدى صحة ذلك.
إن مضاعفة الخطابات خلال أسبوع واحد والمزج بين التهديدات الهيكلية والتحديات الأكثر إلحاحا في عالم رهين التوترات المدمرة بين الصين والولايات المتحدة وكيفية رد الولايات المتحدة وحلفائها على الهجمات الأخيرة ضد المصافي النفطية في السعودية، وفي ظل الحصار غير الفعال حتى يومنا هذا المفروض على الدكتاتورية الفنزويلية، فضلا عن تجدد التوترات بين الهند وباكستان بسبب كشمير، إلى جانب تكثيف الهجمات في أفغانستان في ظل الانتخابات الرئاسية الجديدة، وأوروبا المتعثرة بسبب البريكسيت، تشير إلى أنها لا تبدو الصيغة الأكثر فعالية للتوصل إلى اتفاقات.
إذا كان المقصود من الأمر هو التوضيح للرئيس دونالد ترامب أن تعددية الأطراف لا تزال ضرورية أكثر من أي وقت مضى وأنه يمكن ويجب التقدم دون قيادة أمريكية، فإن “مهرجان” القمم هذا لا يعد عديم الفائدة تماما، على الرغم من عدم حضور العديد من المسؤولين والقادة الدوليين.
طالبت أفريقيا، دون أي نتيجة، أن تكون الالتزامات ملزمة ونددت بالمسافات التي لا تزال أمامها لتحقيق ميزانية الصندوق السنوي الذي يقدر بحوالي 100 مليار دولار سنويا بحلول سنة 2021 المخصص لتمويل جهود البلدان الأقل نموا
من جانبها، لم تشارك البرازيل في هذه القمم شأنها شأن العديد من الدول المحاذية لغابات الأمازون، ولا حتى الولايات المتحدة ثاني أكبر بلد للانبعاثات الملوثة في العالم، في قمة المناخ. علاوة على ذلك، لم تتعهد الصين ولا حتى الهند، أكبر منتجي ومستهلكي الفحم الذي يمثل مصدر الطاقة الأكثر تلويثا للبيئة، بالالتزامات الجديدة الواردة في مدونة القمم، على الرغم من أنهما ضاعفا من قدرتهما على إنتاج الطاقة المتجددة. ومن جهتها، صادقت روسيا أخيرا، وهي إحدى الدول العشر الأكثر تلوثا، على اتفاقيات باريس يوم الإثنين في الوقت الذي لم يتبق سوى سنة واحدة لتحديث الاتفاقية.
طالبت أفريقيا، دون أي نتيجة، أن تكون الالتزامات ملزمة ونددت بالمسافات التي لا تزال أمامها لتحقيق ميزانية الصندوق السنوي الذي يقدر بحوالي 100 مليار دولار سنويا بحلول سنة 2021 المخصص لتمويل جهود البلدان الأقل نموا. وطالما أنه بإمكان كل دولة تحديد أهدافها كما تشاء والسنة المرجعية، فإن أي مقارنة ستكون معقدة.
في الأثناء، تمكنت دولتان فقط من تحقيق حياد الكربون وهما كل من بوتان وسورينام، كما التزمت أربع دول أخرى (النرويج، السويد، المملكة المتحدة وفرنسا) بموجب القانون، بالقيام بذلك بين سنتي 2030 و2050، بينما بدأت 14 دولة أخرى مع الاتحاد الأوروبي في العمليات التشريعية اللازمة لهذا. وتجدر الإشارة إلى أن اهتمام الرئيس دونالد ترامب الواضح بالمنظمة العالمية وما يدور فيها قد ظل واضحا مرة أخرى يوم الإثنين بغيابه عن قمة المناخ.
غادر حوالي 50 من بين 300 مسؤول وفني مكتب الأمم المتحدة منذ أن تولى وكيل الوزارة كيفن مولي منصبه في سنة 2018، بسبب الخلاف بشأن مسألة تخفيضاته في مساهمة الولايات المتحدة في برامج الأمم المتحدة ومبادراته لمكافحة تحديد النسل ومساعدة اللاجئين.
على خلفية ذلك، يعترف مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية أنه مع وجود سفيرة جديدة للأمم المتحدة، كيلي كرافت، التي عينت مؤخرا ومكتب المنظمات الدولية التابع لوزارة شؤون الموظفين المتدنية ومع الروح المعنوية التي يرثى لها، فقدت الولايات المتحدة نفوذها وقدرتها على كبح جماح النفوذ المتزايد لكل من الصين وروسيا وغيرها من القوى في قصر الكريستال ووكالاتها الرئيسية.
بالإضافة إلى ذلك، غادر حوالي 50 من بين 300 مسؤول وفني مكتب الأمم المتحدة منذ أن تولى وكيل الوزارة كيفن مولي منصبه في سنة 2018، بسبب الخلاف بشأن مسألة تخفيضاته في مساهمة الولايات المتحدة في برامج الأمم المتحدة ومبادراته لمكافحة تحديد النسل ومساعدة اللاجئين.
كيف يمكن أن نتفاجأ إذن بأن الصين قد فازت في حزيران/ يونيو في معركة الولايات المتحدة الدبلوماسية لقيادة منظمة الأغذية والزراعة والحبوب مع انتخاب نائب وزير الزراعة والشؤون الريفية الصيني تشو دونغ يو نائبًا في منصب مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، بأغلبية 191 صوت مقابل 108 أصوات في أول تصويت؟ إن محاولات ترامب لمنعه باتهام الصين بوضع المنظمات التي تديرها بالفعل في خدمة سياستها الخارجية لم تكن مجدية، بما في ذلك الإنتربول والاتحاد الدولي للاتصالات ومنظمة الطيران المدني الدولي.
المصدر: الموندو