لطالما تناولت رئيسة مجلس النواب الأمريكي الزعيمة الديمقراطية نانسي بيلوسي، مسألة محاكمة الرئيس دونالد ترامب بحذر شديد، بحجة أن الديمقراطيين يفتقرون للدعم الشعبي الكافي الذي تحتاجه هذه العملية، وللمخاطر الجمة التي قد تترتب على المضي فيها، مثل تثبيت شعبية ترامب بين ناخبيه وإفقاد الديمقراطيين مزيد من المصداقية، خاصة بعد تقرير المحقق الخاص بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية روبرت مولر الذي تبين أنه لم يُدِن الرئيس بعد أن دعمه الديمقراطيون حتى النهاية.
كسرت بيلوسي هذه القاعدة بإعلانها فتح الديمقراطيين تحقيقًا بشأن إساءة ترامب استخدام سلطته بالضغط على رئيس أوكرانيا لفتح تحقيق فساد بحق ابن منافسه الرئيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة جو بايدن، مقابل المساعدات الأمريكية لكييف، وهي قضية يبدو أنها على قدر كبير من الجدية لدرجة أنها أقنعت بيلوسي بالمضي قدمًا في المسألة، رغم سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ الذي يشترط لعزل الرئيس تصويت ثلثيه بأن الرئيس “مذنب” في آخر مراحل المحاكمة.
تزامن بدء التحقيق والإجازة
مع اقتراب موعد إجازة المشرعين التي تبدأ في 30 من سبتمبر الحاليّ وتستمر مدة أسبوعين، أرسلت 15 منظمة سياسية تقدمية (Progressive) مثل منظمة (Stand Up America) و(By the People) رسالة مشتركة إلى رئيسة مجلس النواب بيلوسي ورئيس اللجنة القضائية تشيري نادلر، قالت فيها إن ذهاب أعضاء الكونغرس إلى الإجازة في بداية شهر أكتوبر أمر غير مسؤول، خاصة مع قيام الرئيس الأمريكي بأعمال “يستحق المحاكمة عليها ومواصلته خيانة القسم الذي أدلى به عند توليه الرئاسة”، وبالفعل سيبقى عدد من أعضاء الكونغرس في واشنطن لمتابعة العمل على ملف محاكمة الرئيس.
رأت زعيمة الديمقراطيين أن من الحكمة عدم الاستعجال في دفع قرار المحاكمة للتصويت، والأفضل بناء قضية متكاملة الأركان ضد ترامب تتضمن حقائق ودلائل واضحة
لكن رئيس الأغلبية الديمقراطية في الكونغرس ستيني هوير رأى أن من واجب المشرعين الديمقراطيين العودة إلى ولاياتهم “لشرح مسألة محاكمة الرئيس لناخبيهم”، هذا الأمر على قدر كبير من الأهمية للديمقراطيين فقد وجد استطلاع أجري بين 20 و22 من سبتمبر أن 36% من الأمريكيين فقط يدعمون محاكمة الرئيس في حين يرفضها 49%، إلا أن استطلاعًا آخر أجري بعد إعلان الديمقراطيين عزمهم المضي في محاكمة الرئيس أظهر تساوي نسبتي الموافقة على المحاكمة ورفضها عند 43%، وكشف استطلاع ثالث أن 49% من المستطلعة آراءهم أيدوا المحاكمة في حين رفضها 46%، مما يدل على أهمية حديث السياسيين الديمقراطيين للرأي العام في هذه الفترة إذا أرادوا زيادة فرص نجاحهم في مسعى محاكمة ترامب.
لجنة الاستخبارات تقود العملية
رأت زعيمة الديمقراطيين أن من الحكمة عدم الاستعجال في دفع قرار المحاكمة للتصويت، والأفضل بناء قضية متكاملة الأركان ضد ترامب تتضمن حقائق ودلائل واضحة، وقد تولت لجنة الاستخبارات تقصي هذه الحقائق وتمحيصها، وطلبت إلى جانب لجنة الشؤون الخارجية معلومات من الإدارة الأمريكية بشأن اتصالات الرئيس مع نظيره الأوكراني، وبالفعل سلم البيت الأبيض تسجيلاً مكتوبًا للمكالمات لكنه كان محررًا، الأمر الذي لم يقنع الديمقراطيين الذين أرادوا أكثر من ذلك.
في حال أنهى الديمقراطيون التحقيق وعثروا على نتائج مرضية لهم عندها يأتي دور لجنة الشؤون القضائية في مجلس النواب التي أعرب عضوها الديمقراطي جيمي راسكين عن رضاه بالعمل الذي تؤديه لجنة الاستخبارات في الوقت الحاليّ الذي تكتفي فيه اللجنة القضائية بالمتابعة
أحد الفواعل الرئيسيين في القضية هو موظف في البيت الأبيض غامض الهوية، سرب منذ العام الماضي معلومات عن استغلال الرئيس ترامب سلطته للضغط على دولة أخرى، وكشف منذ أسابيع أن هذه الدولة هي أوكرانيا، والآن ترغب لجنة الاستخبارات في الكونغرس لقاء هذا الموظف والاستماع مباشرة إلى المعلومات التي يملكها عن هذه الاتصالات والكلمات التي استخدمها ترامب خلالها، كما ترغب اللجنة بلقاء مسؤولين حاليّين وسابقين في الإدارة الأمريكية قد يكونون مطلعين على المسألة مثل مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون والنائبة الرئيسية السابقة لمدير المخابرات الوطنية سو غوردن.
وفي حال أنهى الديمقراطيون التحقيق وعثروا على نتائج مرضية لهم عندها يأتي دور لجنة الشؤون القضائية في مجلس النواب التي أعرب عضوها الديمقراطي جيمي راسكين عن رضاه بالعمل الذي تؤديه لجنة الاستخبارات في الوقت الحاليّ الذي تكتفي فيه اللجنة القضائية بالمتابعة.