عرفه الشارع المصري منذ سنوات بعيدة كونه زوج الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، ثم ومن دون مقدمات صعد رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة بسرعة الصاروخ ليصبح في غضون سنوات قليلة واحدًا من أهم رجال الأعمال المصريين، بدأ نشاطه الاقتصادي في تجارة حديد التسليح، إذ كان يملك 7% من سوق الحديد المصري قبل اندلاع ثورة 25 يناير ثم وبعد انقلاب 3 يوليو 2013 كون أبو هشيمة إمبراطورية إعلامية ضخمة سخرها فقط للدفاع عن نظام عبد الفتاح السيسي، فما قصة صعود أبو هشيمة؟ وما دوره في توطيد أركان حكم السيسي؟
أحمد أبو هشيمة: قصة صعود يكتنفها الغموض
كانت بدايات رجل الأعمال أبو هشيمة غامضة، إذ كان يعمل عام 1996 لدى عبد الوهاب قوطة رجل الأعمال البورسعيدي وأحد كبار ملاك مصانع الحديد في مصر الذي كان من أكبر التجار المنافسين لأحمد عز في ذلك الوقت، وبعد فترة من العمل مع قوطة ثارت بينهما العديد من الخلافات حتى وصلت للمحاكم، حينها بدأ نجم عائلة قوطة في الهبوط فجأة ودون مقدمات وبدأت البنوك بمطاردة عائلة قوطة في نفس الوقت الذي بدأ فيه نجم أبو هشيمة يلمع بشدة في سماء المال والأعمال، لكن المفارقة أن أبو هشيمة وهو ابن لواء شرطة سابق اشترى مصنع قوطة عام 2016 بمبلغ 200 مليون جنيه ليصبح أبو هشيمة مالكًا للمصنع الذي دخله عاملًا صغيرًا قبل 20 عامًا.
بعد اندلاع ثورة 25 يناير وفي أثناء فترة الحكم العسكري تقرب أبو هشيمة من السلطة بحجة تقديم مساعدات لمصر وبدأ اسمه يسطع في عالم السياسة حتى أضحى من ضمن رجال الأعمال الكبار الذين وقفوا بجوار مصر بعد الثورة
ذاع صيت أبو هشيمة في تجارة الحديد المصري وأصبح ضمن أبرز 8 شخصيات مصرية، هذا بالإضافة إلى اختياره ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرًا في العالم العربي وفق تقرير نشرته مؤسسة Arabian Business.
أبو هشيمة: رجل كل العصور بلا منازع
بعد اندلاع ثورة 25 يناير وفي أثناء فترة الحكم العسكري تقرب أبو هشيمة من السلطة بحجة تقديم مساعدات لمصر وبدأ اسمه يسطع في عالم السياسة حتى أضحى من ضمن رجال الأعمال الكبار الذين وقفوا بجوار مصر بعد الثورة، وخلال حقبة حكم الإخوان المسلمين برز وجهه ضمن المرافقين للدكتور محمد مرسي في جولاته الخارجية لا سيما زيارته إلى الصين، وحينها وصف أبو هشيمة قرارات مرسي الاقتصادية بالعقلانية وتدل على أن الرئيس حكيم على المستوى السياسي والاقتصادي.
كما أنه كان عضوًا بارزًا في جمعية رجال الأعمال “ابدأ” التي أسسها رجل الأعمال المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين حسن مالك، هذا إلى جانب أنه كان عضوًا ضمن لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها وزارة المالية في فبراير 2013 وذلك من أجل فحص الملف الضريبي لآل ساويرس، وبعد سقوط حكم الإخوان كان من المتوقع للغاية أن يهوي نجم أبو هشيمة ولكن ما حدث هو العكس تمامًا.
أبو هشيمة بعد انقلاب 3 يوليو: ورقة السيسي الرابحة للاستحواذ على الإعلام
فور وقوع انقلاب 3 يوليو تبرأ أبو هشيمة من الإخوان المسلمين كما تبرع بأموال طائلة لنظام السيسي التي شملت حينها حملات ترويجية للسيسي من خلال استئجار صفحات خاصة بالصحف الأمريكية هذا بالإضافة إلى شرائه لصفحتين بجريدة التايمز البريطانية من أجل ترسيخ أركان حكم السيسي خارجيًا وهو ما قاله أبو هشيمة في تصريحاته متحدثًا عن 30 يونيو حيث ذكر أنه وقف بالمرصاد للإخوان لمنعهم من تشويه صورة 30 يونيو واشترى عدة صفحات أجنبية لفضح نظام الإخوان وتوضيح حقيقة ما حدث في مصر.
في يوليو 2016 سيطر أبو هشيمة على 51% من شركة “بريزنتيشن سبورت” التي كانت تبث مباريات الدوري المصري لكرة القدم، وفي نفس الشهر استحوذ على موقع “دوت مصر” من شركة “بلاك أند وايت” التي كانت يملكها مسبقًا ضابط المخابرات ياسر سليم
وخلال الأربع سنوات التالية للانقلاب استحوذ أبو هشيمة على الكثير من وسائل الإعلام المصرية ليضمها إلى مؤسسته الإعلامية الضخمة “إعلام المصريين” التي سخرها خصيصًا لتوطيد حكم السيسي، ففي عام 2014 استحوذ على نصف أسهم جريدة اليوم السابع التي كانت مملوكة لممدوح إسماعيل مالك عبارة “السلام 98” الهارب خارج مصر كونه متهمًا بقضية غرق العبارة، وفي مايو 2016 اشترى جريدة “صوت الأمة” الأسبوعية، وفي نفس الشهر استحوذ على مجموعة قنوات “أون تي في” التي كانت مملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس ليعود بعدها من جديد بصفقة شراء قناة النهار.
السيسي مع رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة
وفي يوليو 2016 سيطر أبو هشيمة على 51% من شركة “بريزنتيشن سبورت” التي كانت تبث مباريات الدوري المصري لكرة القدم، وفي نفس الشهر استحوذ على موقع “دوت مصر” من شركة “بلاك أند وايت” التي كانت يملكها مسبقًا ضابط المخابرات ياسر سليم، هذا بالإضافة إلى سيطرته على مواقع “انفراد” و”عين المشاهير” و”برلماني” إضافة إلى موقع “إيجيبت توداي” الناطق باللغة الإنجليزية، و50% من شركة مصر للسينما وشركة سينرجي للإعلان وشركة سينرجي للإنتاج وشركة هاشتاج المتخصصة في السوشيال ميديا.
أحمد أبو هشيمة: كومبارس المخابرات العامة
في حواره لجريدة “المصري اليوم” فتح رجل الأعمال المصري أحمد بهجت النار على أبو هشيمة حيث قال: “أبو هشيمة مابيفهمش في الإعلام ويؤدي دوره وسياسة السيسي الإعلامية كارثة” وأضاف بهجت “أحمد أبو هشيمة لا بيشترى ولا حاجة، هو واجهة فقط، فهو لا يفهم في الإعلام، لكنه يؤدي دوره بشكل جيد”.
نجح نظام السيسي عبر إمبراطورية أبو هشيمة في بسط سيطرته على الرسائل الموجهة للمواطن المصري من خلال الإعلام وعبر هذه السيطرة استطاع النظام أن يفرض على الشارع المصري الاستماع إلى صوت واحد فقط
والحقيقة أن هذا لم يكن رأي بهجت وحده، إذ يرى مراقبون إعلاميون أن أحمد أبو هشيمة هو ذراع المخابرات العامة للاستحواذ على الإعلام وهي التي تحركه من خلف الستار لتنافس الذارع الإعلامية الأخرى المملوكة للجيش والمتمثلة في شبكة “dmc” وبهذا تحقق حلم السيسي في الحصول على إعلام يصطف خلفه بكل قوة، حيث ذكر السيسي في أحد لقاءاته أنه لا يمتلك جهازًا إعلاميًا مثل الذي كان يملكه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قائلًا “يابخت عبد الناصر بإعلامه”.
ومن هنا يتضح أن أبو هشيمة ساعد ماليًا من خلال إمبراطوريته الضخمة في تحسين صورة السيسي، إذ يتعرض المشاهد المصري يوميًا لنحو 16 ساعة من برامج التوك شو وهو ما يعادل 480 ساعة بث شهريًا تُغطي جميعها وقتها الذورة من الساعة السادسة مساءً وحتى الواحدة بعد منتصف الليل ويخصص مقدمو هذه البرامج أغلب ساعات الظهور للحديث عن السيسي كما يتنافسون على تكرار الجمل التي ترد على لسانه كل خطاب.
لقد نجح نظام السيسي عبر إمبراطورية أبو هشيمة في بسط سيطرته على الرسائل الموجهة للمواطن المصري من خلال الإعلام وعبر هذه السيطرة استطاع النظام أن يفرض على الشارع المصري الاستماع إلى صوت واحد فقط وحتى في واحدة من أصعب التحديات التي واجهت نظام السيسي وهي التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية في منتصف أبريل 2014 حذر السيسي حينها من عدم وقوف الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في صفه واستمر الرئيس في تحذيره مؤكدًا أنه قادر على إرسال كتيبتين يمكنهما السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
نظام السيسي يطيح بأبو هشيمة
فجأة ودون مقدمات أو تسريبات أو شائعات ظهر في يناير 2018 خبر صفقة إعلامية مفاجأة تظهر خبر استحواذ شركة “إيجل كابيتال” على حصة أبو هشيمة الكاملة في إمبراطوريته العملاقة “إعلام المصريين” علمًا بأن الشركة المالكة جديدة تمامًا ولم يمر على إنشائها إلا عام واحد وتترأسها وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد والحال أن خورشيد هي زوجة محافظ البنك المركزي طارق عامر.
وقالت مصادر مقربة من أبو هشيمة إنه فوجئ بتداول مجموعة من المستندات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تزعم بوجود علاقة بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، ورجحت المصادر أن نظام السيسي دفع بتلك الخطوة تمهيدًا لإسناد الإدارة المباشرة لوسائل الإعلام التي كانت تحت إشرافه لشركة إيجل كابيتال التي يساهم فيها بشكل رئيسي جهاز المخابرات العامة وأضافت المصادر أن أبو هشيمة أصبح في الآونة الأخيرة طموحًا أكثر من اللازم لدرجة صورت له أنه أكثر أهمية من الأجهزة التي تقف خلفه.