ترجمة حفصة جودة
بغض النظر عن هويتك أو وظيفتك، أنت بحاجة لأن تكون قادرًا على التفاوض حتى لو كنت تعمل في وظيفة لا يبدو أنها تحتاج إلى التفاوض، فغالبًا سوف تحتاج للتفاوض مع مديرك للحصول على زيادة في الراتب أو التفاوض مع زملائك لإنجاز العمل، هذا يعني أنك إذا لم تكن قادرًا على التفاوض بشكل جيد فسوف تقع في المشاكل.
يعد التفاوض مهارة اجتماعية مهمة، ستحتاج إليها عند محاولة اتخاذ قرار مع زوجك أو عند التواصل مع أطفالك، كما أنها مهارة مهمة لإدارة الصراعات، فوجود الناس في حياتك يجعلك بحاجة لتلك المهارة، وفي أي موقف بإمكانك أن تحقق الفوز لجميع الأطراف عند استخدام إستراتيجية التفاوض المناسبة.
فالتفاوض جزء من التفاعلات البشرية، ولأنه ليس بإمكانك تجنب البشر، فمن الأفضل أن تتعلم كيف تتعامل معهم بشكل جيد، اختر من تلك الإستراتيجيات ما يناسب حياتك المهنية والشخصية.
اعرف أولوياتك وشروطك الخاصة
في كتاب “فن الحرب” يقول صن تزو إن معرفة نفسك هي نصف المعركة، إذا لم تكن تعلم أين تقف فكيف يمكنك الفوز؟ ينطبق ذلك على التفاوض أيضًا، قبل أن تدخل أي مفاوضة يجب أن تعلم أهدافك وأولوياتك وحدودك.
ولكي تفهم تمامًا ما الذي تحتاجه من موقف ما، اسأل نفسك هذه الأسئلة قبل التفاوض: ما النتائج المرجوة من تلك المفاوضة؟ ما أهم النتائج بالنسبة لي؟ ما النتائج التي أتقبل عدم حصولي عليها؟ وما الذي يمكنني التخلي عنه؟
بمجرد حصولك على الإجابات فسوف تصبح قادرًا على الدخول في تفاوض بحدود وأهداف واضحة، وسيمنع ذلك إضاعة وقتك.
اتخذ الخطوة الأولى
تعدّ الخطوة الأولى ميزة مهمة في عالم الأعمال والمفاوضات، فعندما تتحرك أولًا وتقدم العرض الأول فإنك تحدد أسلوب بقية المفاوضة، ومع ذلك يتجنب بعض الناس اتخاذ الخطوة الأولى، فهم يقولون إنهم لا يودّون كشف نواياهم وخططهم مبكرًا، ومن ناحية أخرى يشعرون بالقلق من رفض عرضهم.
لكن الوضع في العادة لا يكون كذلك، بسبب التأثير النفسي لنقطة الارتكاز، فهي عملية تحيّز غير واعية يعتمد فيها الناس بشكل كبير على المعلومات الأولية لتحديد مستقبل التفاوض والعروض، هذا يعني أنه عند تقديمك العرض الأول فإن الطرف الآخر سيستخدم العرض لتحديد العروض المستقبلية، لذا إذا تمكنت من تحديد نقطة التفاوض فسوف تكون قادرًا على جذب المفاوضات لصالحك.
لا تولي كثيرًا من الاهتمام لنقاط الارتكاز
إداركك لتأثير نقطة الارتكاز يجعلك قادرًا على اتخاذ قرار واعٍ بتجاهله، إذا لم تكن قادرًا على تقديم العرض الأول كن مدركًا لأن عرضهم الأول سيكون نقطة الارتكاز في عملية اتخاذ القرار، ثم اختر أن تتجاهله.
فعلى سبيل المثال، لنقل إنك تتفاوض على شراء قطعة عقار، سيعرض عليك البائع مليون دولار كسعر البيع، عندها ستشعر بأنك بحاجة لتقديم عرض مضاد بناءً على نقطة الارتكاز التي تعد هنا “المليون دولار”، لذا قاوم هذه الرغبة وقدم عرضك بناءً على تقييمك الخاص لقيمة العقار.
واجه دائمًا، لكن لا تواجه بطريقة منحطة
عادة ما يكون العرض الأول سيئًا، فهو أشبه باختبار قدرتك على التفاوض وثقتك أكثر من كونه عرضًا حقيقيًا، والخطأ الشائع الذي يقع فيه الجميع هو تقديم عرض مضاد مبالغ فيه، لذا قدم عرضك كأنه العرض الأول وليس رد فعل للعرض المطروح، هذا يعني أنك غير منزعج أو أنك تقدم عرضك بدافع الغضب، عملية اتخاذ القرار في هذا النوع من العروض تكون صادقة وأكثر انفتاحًا لتحقيق منفعة مشتركة.
هل تعلم أنه يتوجب عليك تقديم عرض مضاد حتى في حالة تقديم خصمك لعرض مناسب من البداية؟ قد يبدو ذلك جشعًا لكنه ليس كذلك، فقبولك بالعرض من المرة الأولى لأنه يحقق أهدافك سيجعل خصمك يشعر بالندم، سوف يدرك أنه فاوض بشكل سيء وسيسعى لتحقيق نتائج أفضل لنفسه، لذا حتى لو كان العرض الأول مناسب اطلب تنازلات، وبذلك تحقق نتائج أفضل ويشعر خصمك بالرضا، وينتهي الموقف بفوز الطرفين.
افصل المكاسب واجمع الخسائر
هذه الطريقة واحدة من أهم إستراتيجيات التفاوض التي يستخدمها المحترفون طوال الوقت، فهذه الطريقة تجعل عرضك أكثر جاذبية، فصل المكاسب يعني أن تعرض كل فائدة بشكل منفصل، الغرض من ذلك أن الناس تفضل الحصول على مميزات باستمرار بدلاً من الحصول عليها جميعًا مرة واحدة.
لكي تفهم الفكرة تخيل سيناريو أنك وجدت 100 دولار على الأرض، ثم تخيل سيناريو ثاني أنك وجدت 50 دولارًا على الأرض وبعد نصف ساعة وجدت 50 دولارًا أخرى، أي الموقفين سيجعلك أكثر سعادة؟ إذا فكرت مليًا ستجد أنك تفضل السيناريو الثاني، هذا ما ستفعله في المفاوضات أيضًا.
إليك طريقة القيام بذلك، في العبارة التالية: “سوف ينتهي المشروع قبل الوقت المحدد بميزانية أقل”، يمكنك فصل المكاسب في عبارات منفصلة كالآتي: هذا المشروع سينتهي وفقًا لكل المتطلبات المذكورة بميزانية أقل 10% من الميزانية المحددة، سوف ينتهي المشروع قبل أسبوعين من الوقت المحدد.
من خلال عرض المكاسب في جمل منفصلة سوف تبدو الفوائد أكثر جاذبية، أما الخسائر فيجب أن تجمعها معًا، فهذه الخسائر هي تلك النقاط التي سيتخلى عنها الخصم لذا من الأفضل أن تقدمهم في مجموعة واحدة وليس بشكل منفصل.
شارك معلوماتك
هذه الطريقة من أكثر الإستراتيجيات المثيرة للدهشة، ففي المفاوضات تعد المعلومات نقطة قوة، وإذا كنت تمتلك معلومات أكثر من خصمك فإن احتمالية الفوز تكون لصالحك، هذا يعني أنك في معظم المفاوضات العدائية تحتاج لأن تتميز على خصمك.
لكن هذه الطريقة ليست فعالة في المفاوضات اليومية، فهذه الطريقة غير المرنة ستزعزع الثقة وربما تتسبب في نتائج سيئة للجميع، يمكنها أيضًا أن تدمر العلاقات بشكل لا يمكن إصلاحه، لذا قم بتقديم ومشاركة المعلومات في تلك المفاوضات الودية، ولا يجب بالضرورة أن ترتبط المعلومات بالمفاوضة نفسها، بل يمكنك أن تقدم للخصم معلومات عن حياتك الشخصية، وبذلك تمنحهم فرصة لمشاركتك معلومات أيضًا، سيعمل ذلك على زيادة الثقة بين الطرفين وتحقيق نتائج إيجابية.
لا تشمت أبدًا
هذه هي النقطة الأخيرة لكن ذلك لا يعني أنها أقل أهمية، فالمنتصر الصالح لا يبتهج بنصره أمام خصمه، وهذه القاعدة يجب أن تتخذها منهجًا في كل حياتك، فالشماتة ستضمن أن تترك خصمك بمرارة في فمه، لذا عندما تحتاج للتعامل معه مرة أخرى سيسعى للانتقام منك، لذا لا تضحي بمستقبلك في سبيل إرضاء “الأنا”، وكن متواضعًا في النصر.
ما نستفيده من ذلك أن التفاوض مهارة ضرورية في العمل والحياة، دون مهارات التفاوض ستضع نفسك في مواقف سيئة عند النزاع مع الأصدقاء أو شراء منزل جديد، لذا يجب أن تتعلم وتمارس بعض أساليب التفاوض، اختر واحدة من تلك الإستراتيجيات وجربها في المفاوضة القادمة وسوف تندهش من اختلاف النتائج.
المصدر: إنتربنيور