أحد الفلسطينيين على فيسبوك يتساءل “ما الذي حصل عليه عباس ليستمر في استفزاز حماس بهذا الشكل؟ ما الثمن مقابل إنهاء المصالحة مع حماس؟” .. لغير المتابعين، يبدو التساؤل غير منطقيًا إذ أنه لم يمض على بدء سريان اتفاق المصالحة سوى أسبوعين، لكن التسارع الشديد في الأحداث يمكن أن يفسر هذا التساؤل.
استفزازات رئيس السلطة الفلسطينية بدأت بتكريم للباحث المصري، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية “محمد حمزة” المعروف بسمير غطاس، ومنحه وسامًا، وهو الذي تعتبره حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المتهم الرئيسي بتحريض وسائل إعلام مصرية على قطاع غزة، لاسيما منذ الإطاحة بالرئيس السابق، محمد مرسي في 3 يوليو الماضي.
وقال المتحدث باسم الحركة “سامي أبو زهري” في تصريح مقتضب مساء السبت، إن “حماس” ترفض منح الرئيس الفلسطيني لسمير غطاس وسامًا تقديريًا، وتابع: “من غير المقبول مكافأة شخص يعتبر أحد المحرضين على الشعب والمقاومة الفلسطينية”.
الإسرائيليون غير سعداء على الإطلاق، ومن المنطقي أن يستميلوا رفيق طاولة المفاوضات محمود عباس كذلك، “موشيه يعالون” وزير الدفاع الإسرائيلي وصف اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، بأنه تضليل ولن يستمر، لأن فرصة المصالحة الحقيقية تساوي صفرًا؛ لذلك نحن نعارض التأكيد على التضليل.
وقبل يومين، أوردت مصادر صحفية عربية أخبارًا عن حملة دولية تقودها إسرائيل للضغط على الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” للتخلي عن خيار مصالحته مع حماس.
وكشفت صحيفة هآرتس عن أن وزارة الخارجية الإسرائيلية قد أصدرت تعليماتها في الخامس من يونيو الجاري – أي بعد يومين من الإعلان عن حكومة التوافق – لكافة السفارات والقنصليات الإسرائيلية في العالم للقيام بنشاطات دبلوماسية في أعقاب اعتراف عدد من الدول لاسيما الغربية منها بالحكومة الفلسطينية الجديدة.
وطلبت الخارجية الإسرائيلية من الدبلوماسيين الإسرائيليين أن يؤكدوا أثناء محادثاتهم مع وزارات الخارجية في الدول التي يعملون بها أن العبء ملقى على عباس، والذي يجب عليه أن يثبت للعالم تبنيه لشروط الرباعية ونبذ العنف واقعًا ملموسًا على أرض الواقع، ولكن الحكومات الغربية ومن بينها الولايات المتحدة تعهدت بالعمل مع إدارة عباس الجديدة.
وفي تصريح له أمس، قال “موسى أبو مرزوق” الرجل الثاني في حماس خلال مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الأمريكية آسوشيتد برس: “إن جهود المصالحة بين حماس والرئيس أبو مازن ستستمر على الرغم من توتر العلاقة بين الطرفين”.
من جهته اتهم القيادي في حماس “حسن يوسف” الثلاثاء حركة فتح بتعريض اتفاق المصالحة للخطر، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من تشكيل حكومة توافق لإنهاء الانقسام بين الجانبين.
وقال يوسف للصحفيين في مدينة رام الله بالضفة الغربية إن الهوة اتسعت بين حماس وفتح وأجهزة الأمن منذ توقيع اتفاق حكومة التوافق الفلسطينية.
وأردف قائلاً “إن هذه ليست وحدة، وإنهم يحاولون دفع حماس لأن تقول إنها لا تريد المصالحة”.
وقال إن حماس تريد المصالحة، واتهم رجال “شرطة عباس” بمصادرة رايات حماس واعتقال أنصار لها.
وظهرت المشكلات بين الجانبين بعد أيام فقط من تولي الحكومة الجديدة السلطة عندما اخفقت في دفع رواتب نحو 40 ألف موظف حكومي وظفتهم حماس في غزة قائلة إنه يتعين التدقيق في وضع هؤلاء الموظفين قبل حصولهم على رواتبهم.
وأمرت الشرطة التابعة لحماس في قطاع غزة بإغلاق كل البنوك في القطاع إلى حين حل هذه المشكلة موجهة ضربة جديدة لاقتصاد متعثر بالفعل.
كما اتهم نادي الأسير الفلسطيني حركة حماس بالاعتداء على رئيس النادي في الخليل “أمجد النجار”، وقالت المؤسسة الأمنية الفلسطينية إن “اعتداءات عناصر حماس على أفراد الشرطة في رام الله وطولكرم دليل واضح على أنها تسعى إلى تفجير الوضع، وتصدير أزماتها للسلطة والشعب الفلسطيني، موظفة معاناة الأسرى في سجون الاحتلال لذلك”.
حماس تنفي تلك الاتهامات بشكل مستمر، وفي تصريح له قال رئيس المجلس التشريعي “عزيز دويك” إن أجهزة الأمن في رام الله والبيرة اعتدت على أعضاء في التشريعي وعلى زوجات الأسرى والمشاركين في الوقفات التضامنية.
الإعلام المصري الذي يستمر في التحريض على حماس بسبب ارتباطها بالإخوان المسلمين، استمر في عرض وجهة نظر حركة فتح بشكل مستمر، فقد صرح المتحدث باسم حركة فتح “أحمد عساف” لوكالة الأنباء المصرية الرسمية (أنباء الشرق الأوسط) أن حركة حماس تحاول تصدير أزمتها السياسية والمالية للسلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية وحكومة الوفاق الوطنى، موضحًا أن حماس هى من أوصلت نفسها إلى هذه الأزمة بسبب مراهناتها السياسية الخاطئة وارتباطها بأجندات وقوى خارجية، وخاصة تنظيم الإخوان الدولي وهي وحدها من يتحمل مسئولية تبعات أعمالها.
وتتهم أطراف داخل فلسطين وخارجها عناصر سابقين في حركة فتح بتوتير الأجواء، وتطال الاتهامات “محمد دحلان” القيادي السابق في فتح، والمقرب من القيادة الإماراتية المعنية بانهيار اتفاق المصالحة مع حماس، وبإنهاء تجربة الحركات الإسلامية في الفضاء السياسي العربي.