“لسنا مندسين”، عبارة يرددها المتظاهرون العراقيون وهم في طريقهم إلى أيقونة الاحتجاجات الشعبية في العراق “ساحة التحرير” والتي تقع في وسط العاصمة بغداد، في ردهم على الاتهامات التي توجهها السلطات العراقية للمحتجين الذين أكدوا الاستمرار في حراكهم، ضاربين عرض الحائط بوعود رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وماضين حتى إسقاط الحكومة.
سقف المطالب يرتفع
الاحتجاجات التي بدأت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر عبر دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد الفساد والبطالة وانهيار الخدمات العامة والنقص في التيار الكهربائي ومياه الشرب، ارتفع سقف مطالبها مع تواصل عمليات قمعها، إذ يطالب المحتجون اليوم بإسقاط الحكومة.
ومع تواصل تشديد الإجراءات الأمنية وقطع خدمات التواصل يصعب الحديث عن حصيلة دقيقة لعدد الضحايا خصوصاً مع التسارع الكبير في الأحداث، لكنها تقدر بعشرات القتلى ومئات الجرحى بحسب منظمات حقوقية.
لغز “القناصين المجهولين“
واتهمت السلطات العراقية “قناصة مجهولين” بإطلاق النار على المتظاهرين وعناصر الأمن في بغداد، في حين رفضت اتهامات باستخدام القوة المفرطة وجهتها منظمات حقوقية.
وكشفت العمليات المشتركة في بيان لها عن “استشهاد اثنين من عناصر القوات الأمنية ومواطنين اثنين” في وسط بغداد “بنيران القناصين“.
وتتحدث السلطات عن “مندسين” يقومون بالتسلل إلى التظاهرات والتسبب في وقوع قتلى بينما تؤكد الجهات الصحية أن غالبية الضحايا هم من المتظاهرين الذين أصيبوا بالرصاص الحي لكنها لم تحدد مصدر الطلقات.
شرارة الاحتجاجات تتوقد
ووصلت شرارة الاحتجاجات في العراق إلى المحافظات الجنوبية إذ شملت محافظات النجف وميسان وذي قار وواسط والديوانية وبابل والبصرة، لكنّ الهدوء يطغى في شمال بغداد وغربها، بسبب سلطة الفصائل المسلحة عليها.
استقالة الحكومة.. خيار صدري
ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة العراقية إلى الاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف الأمم المتحدة، وسط تصاعد وتيرة التظاهرات المطلبية.
وقال الصدر في بيان “احقنوا الدم العراقي الشريف باستقالة الحكومة” وإجراء “انتخابات مبكرة بإشراف أممي، فما يحدث لا يمكن السكوت عليه”. ويدعم الصدر كتلة “سائرون” التي تصدرت الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2018 بحصولها على 54 مقعداً من أصل 329.
المرجعية تحذر قبل فوات الأوان
ممثل المرجعية الدينية في النجف أحمد الصافي دعا “الحكومة إلى تغيير نهجها في التعامل مع مشكلات البلد” وعليها “تدارك الأمور قبل فوات الأوان“.
أضاف الصافي خلال خطبة الجمعة “أنّه يتوجب على الحكومة “تحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل والابتعاد عن المحسوبيات في الوظائف العامة واستكمال ملفات المتهمين بالتلاعب بالأموال العامة وسوقهم إلى العدالة”.
الأمم المتحدة تدخل على الخط
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القوات العراقية إلى التحلي بضبط النفس واحترام حرية التعبير خلال التظاهرات التي تشهدها عدة مدن في البلاد، بينما حثت المنظمة الدولية السلطات في العراق على التصرف بأقصى درجات ضبط النفس” والتعامل مع أي عمل عنف ضمن احترام حقوق الإنسان.
العفو الدولية تطالب بتحقيق مستقل
وطالبت منظمة “العفو” الدولية، السلطات العراقية بإجراء تحقق “حيادي ومستقل” في حوادث قتل متظاهرين على يد الأمن.
وقالت المنظمة في بيان لها “من المهم أن تضمن السلطات إجراء تحقيق مستقل وحيادي بالكامل في استخدام قوات الأمن للقوة التي لا داعي لها أو المفرطة؛ مما أدى إلى الوفاة المأساوية للعديد من المحتجين، وإصابة عشرات آخرين بجروح“.
وقالت المنظمة “يجب على الدولة العراقية أن تلتزم بمحاسبة المسؤولين” عن قتل المتظاهرين، “ويجب ألا تكون هذه حالة أخرى من الحالات التي تعلن فيها الحكومة عن إجراء تحقيق أو تشكيل لجنة تحقيق، لا تسفران عن أي نتائج”.
الاحتجاجات تتصدر الصحف
ولاقت الاحتجاجات في العراق ردود فعل وتغطية إعلامية كبيرة وحملات تضامنية في عواصم عالمية، وفي هذا الإطار سلطت صحف عالمية ومنها “آي” البريطانية الضوء على ملف التظاهرات في بغداد وقالت إن البلاد “على شفا انتفاضة شعبية حاشدة، بعد مواجهتها بشراسة من قبل السلطات، هزت بغداد، وامتدت إلى المحافظات الجنوبية”.
فهل سيتمكن المتنفذون في العراق القابضون على السلطتين السياسية والأمنية من إخماد هذه التظاهرات ووأدها، أم سيمضي المتظاهرون إلى هدفهم المنشود ألا وهو إزاحة الفاسدين ووضع البلاد على سكة الإصلاح؟