ترجمة وتحرير: نون بوست
عارضت منظمات حقوقية مختلفة إقامة كأس السوبر الإسباني في السعودية بسبب انتهاكها المنهجي لحقوق الإنسان وحقوق المرأة. وقد دعت العديد من الأطراف إلى ضرورة الحظر والمقاطعة. في الأثناء، يرى آخرون مثل منظمة العفو الدولية أن الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم ينبغي أن يحث المملكة على تفعيل التزامات ملموسة في مجال حقوق الإنسان.
لا تزخر المملكة العربية السعودية بتاريخ عريق في مجال كرة القدم ذلك أن صيت الفرق السعودية شبه معدوم على المستوى الدولي، ومن المحتمل أن جميع أسماء لاعبي دوري المحترفين السعودي غير معروفة بالنسبة لغير السعوديين. ومع ذلك، أصبحت السعودية، البلد المعروف في جميع أنحاء العالم بثروة زعمائها الفاحشة وانتهاكها المنتظم لحقوق الإنسان، ممثّلا أساسيا في كرة القدم الدولية. وقد ربطت العديد من الأصوات هذه المبادرة بمحاولة النظام السعودي تلميع صورته من خلال التواطؤ مع الأندية والاتحادات في بعض البلدان التي حققت صيتا واسعا في هذه الرياضة.
ردت الناطقة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل سيلا على سؤال حول هذا الموضوع بعد اجتماع مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي، قائلة: “نحن ندافع عن المساواة بين النساء والرجال والمساواة بين الجنسين، ونحن نحمل هذا المبدأ في برنامجنا”.
حدثت الفضيحة الأخيرة في إسبانيا، حيث أثارت نية الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم إقامة كأس السوبر الإسباني في السعودية خلال شهر كانون الثاني/ يناير من هذه السنة موجة واسعة من الانتقادات والمخاوف انطلقت من المنظمات النسائية والجمعيات المهنية وصولا إلى الحكومة الانتقالية.
من جهتها، ردت الناطقة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل سيلا على سؤال حول هذا الموضوع بعد اجتماع مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي، قائلة: “نحن ندافع عن المساواة بين النساء والرجال والمساواة بين الجنسين، ونحن نحمل هذا المبدأ في برنامجنا”. ولكن لم توضّح سيلا ما إذا كانت السلطة التنفيذية قادرة على اتخاذ هذا القرار.
على الرغم من أن الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم قد أكّد أن قرار إقامة كأس السوبر الإسباني في السعودية ليس نهائيا وأن هناك خيارات أخرى مطروحة على طاولة المفاوضات، إلا أن الجميع يعتقدون أن السعودية تعد الخيار المفضّل لديهم خاصة بعد تسريب قيمة الميزانية التي رصدتها السعودية للاتفاقية. وسيتم توزيع مبلغ قيمته 30 مليون يورو بين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والأندية الإسبانية الأربعة برشلونة، ريال مدريد، أتلتيكو مدريد وفالنسيا.
تعتبر قائمة انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية واسعة النطاق، ولعل إقامة مثل هذا الحدث الرياضي المهم في بلد يحظر حقوق المرأة بما في ذلك حضور المباريات، يعد من أكثر القضايا إثارة للجدل. وعلى الرغم من أن القوانين سمحت بتواجد المرأة في ملاعب كرة القدم لبضعة أشهر، إلا أنها لا تستطيع الذهاب إلى الملعب دون أن يصطحبها محرم كما ينبغي أن تجلس في مكان بعيد عن أنظار الرجال.
أدانت منظمة العفو الدولية سجن السلطات السعودية العديد من ناشطات حقوق الإنسان وحقوق المرأة في حملات الاعتقال الواسعة التي نُفذت سنة 2018 ولا يزال عدد كبير منهن في السجن دون أن تُوجه لهن تهم واضحة
تعتبر الوصاية الذكورية على المرأة في السعودية شبه كاملة. وقد سمحت السلطات السعودية للمرأة بقيادة السيارة بعد احتجاجات واسعة للنساء على مدار السنة الماضية. ولكن المرأة السعودية لا تزال غير قادرة على مزاولة الدراسة أو العمل أو السفر خارج السعودية إذا لم يكن ذلك بموجب تصريح من قبل رجل الأسرة، من بين أمور أخرى. باختصار، لا يحق للمرأة السعودية تسيير مجالات حياتها دون موافقة محرم.
علاوة على ذلك، أدانت منظمة العفو الدولية سجن السلطات السعودية العديد من ناشطات حقوق الإنسان وحقوق المرأة في حملات الاعتقال الواسعة التي نُفذت سنة 2018 ولا يزال عدد كبير منهن في السجن دون أن تُوجه لهن تهم واضحة، بينما حُكم على آخريات بالسجن لسنوات. وقد أكّدت المعتقلات بأنهن تعرضن للاغتصاب والاعتداء الجنسي خلال فترة الاعتقال.
شنّت الحكومة السعودية حملات واسعة على حرية التعبير تسببت في إنهاء حياة الكثير من الصحافيين والنشطاء، أشهرهم الصحفي جمال خاشقجي الذي قُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول منذ سنة ولم تحسم قضيته أو تُحل إلى اليوم.
دعوة إلى الحظر والمقاطعة
دعت جمعية النساء في الألعاب الرياضية الاحترافية بشكل صارم إلى عدم إقامة كأس السوبر الإسباني في السعودية تحت أي ظرف من الظروف. تعليقا على هذه المسألة، أفادت مار ماس، رئيسة جمعية النساء في الألعاب الرياضية الاحترافية: بأن “ما نقوم به هو تبييض السعودية في دفتر الشيكات”. وتابعت ماس “من العار أن لا يفكر اتحاد كرة القدم في مسألة حقوق الإنسان أو حقوق المرأة”.
سلّطت رئيسة اتحاد النساء التقدميات ولاندا بستيرو الضوء على التناقض الكبير في الجمع بين الرياضة وانتهاك حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وتحديداً بالنسبة لبلد مثل إسبانيا
كما صرّحت ماس بكل تأسّف “ما يفعله الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم يتمثّل في إدامة التمييز بدلاً من العمل من أجل تعزيز مبدأ المساواة”. وأضافت ماس “سيكون من الممتع والرائع أن يتم الاتفاق على إقامة كأس السوبر الإسباني في السعودية وأن تصطحب إسبانيا معها حَكَمة حتى تدير المباريات وثلاثة مدرّبات وممثلة الفريق التقني”.
من جهتها، سلّطت رئيسة اتحاد النساء التقدميات ولاندا بستيرو الضوء على التناقض الكبير في الجمع بين الرياضة وانتهاك حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وتحديداً بالنسبة لبلد مثل إسبانيا جعل المساواة واحدة من السمات المميزة لهويته.
في تصريح لها لصحيفة “بوبليكو”، قالت بستيرو إنه “لا يبدو من المناسب أن تجري هذه المباريات في بلد عُرف بمدى تقييده لحقوق المرأة في العالم، خاصة أن إسبانيا من بين البلدان الرائدة على المستوى العالمي في الكفاح من أجل تحقيق تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة”. وتشاطر لاعبة كرة القدم الأوروغواي بيلار برياريو رأي بسيترو. وتقيم برياريو في إسبانيا منذ حوالي سنة، حيث تلعب في نادي مربلة الإسباني ضمن صفوف الهواة وبصدد البحث عن مكان في دوري الدرجة الأولى.
حيال هذا الشأن، أكدت برياريو قائلة: “هذا هو الوقت المناسب. في سياق النضال من أجل حقوق المرأة بشكل عام وأيضا في مجال الرياضة، لا أعتقد أنه يتعين علينا الذهاب للعب الكأس في بلد مثل المملكة العربية السعودية، حيث لا يتم احترام النساء. إنه على عكس ما يقال فعلا”. تعتقد لاعبة كرة القدم أن “الوقت قد حان للاعبين الذين يساندون المساواة وحقوق الإنسان في الرياضة ليقولوا ويصروا على عدم الذهاب إلى اللعب هناك” رغم اعترافها بأن المسألة معقدة.
يشعر الرياضيون والمنظمات النسوية أن هذه البطولات لا ينبغي أن تقام في البلدان التي لا تحترم حقوق الإنسان
في سياق متصل، أشارت رئيسة جمعية النساء في الألعاب الرياضية الاحترافية مار ماس إلى أنه “سيكون أمرا رائعا أن يتحلى اللاعبون بالجرأة للتحدث عن ماهية حقوق الإنسان وليس النظر فقط إلى النقائص الموجودة في عقدهم. آمل أن نرى ذلك. كما يجب أيضا إشراك الرجال، لأن المرأة في الرياضة لا تزال بعيدة عن الركب ولا يمكننا الاستمرار في القتال لوحدنا. نحن بحاجة إلى مزيد المشاركة”.
يشعر الرياضيون والمنظمات النسوية أن هذه البطولات لا ينبغي أن تقام في البلدان التي لا تحترم حقوق الإنسان. هذا هو السبب الذي دفع العديد من المنظمات إلى الدعوة إلى المقاطعة. “نحن نتفهّم أن حقوق الإنسان لا تقدر بثمن ومهما كانت قيمة الأموال التي تدفعها، يجب أن تكون القيم والمبادئ فوق كل شيء. إذا لم نتمكن من المقاطعة فإن ذلك لأنهم يتمتعون بالأهلية القانونية للقيام بذلك، أعتقد أنه يتعين علينا مقاطعة ذلك”.
في المقابل، اتخذت منظمة العفو الدولية موقفا مغايرا بعض الشيء حيث ترى هذه المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان أنه لا ينبغي اللجوء إلى الحظر والمقاطعة. من جانبه، أفاد المتحدث باسم منظمة العفو الدولية كارلوس دي لاس هيراس بأن “كل ما نطلبه أن جميع الحكومات أو المنظمات التي تربطها علاقات مؤسسية مع المملكة العربية السعودية، وهنا نتحدث عن الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم، ينبغي أن تضع قضايا حقوق الإنسان على جدول أعمال التفاوض وأن يستغلوا تلك الفرصة للتعامل مع قضايا السلطات السعودية المتعلقة بحقوق الإنسان”. ولكن المنظمة ترى أنه من غير المقبول وما تخشاه هو “أن هناك مؤسسات أو دول تحافظ على علاقات ثنائية مع المملكة العربية السعودية دون التطرق بتانا إلى مسألة حقوق الإنسان”.
بالإضافة إلى ذلك، أشار دي لاس هيراس إلى أن “الجمعية تقدمت بطلب إلى الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم بضرورة العمل على أن تتخلى السعودية عن نظام الوصاية المسلّط على المرأة”. وتابع دي لاس هيراس “يعد هذا المطلب محددا وواضحا وتستطيع أي مؤسسة إرساله إلى السلطات السعودية. يمكن للمرأة السعودية العمل بأجر وأن تكون قادرة على الدراسة دون إذن من الرجل الوصي عليها في حياتها، سيكون تدبيرا ملموسا”.
ردا على سؤال حول ما سيحدث في حالة عدم قدرة الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم على التفاوض بشأن الحقوق أو إذا لم تتبنّى السلطات السعودية هذه الحقوق، اعترف دي لاس هيراس بأنه “في حال لم تلتزم السعودية بتفعيل حقوق المرأة فسوف يتعين علينا النظر في بدائل مختلفة. هناك أشياء لا يمكن المساومة عليها مقابل المال. من الواضح أن الاتحاد يمكن أن يحقق فائدة اقتصادية مهمة، لكننا نعتقد أن هناك قضايا أكثر أهمية من الفائدة الاقتصادية”.
المصدر: بوبليكو