بعد سنوات من التأخير في أعمال البناء وتجاوز الميزانية، انطلقت نهائيات كأس العالم 2014 لكرة القدم في البرازيل أمس – الخميس – تحت سحابة من السخط بين البرازيليين حتى مع توافد المشجعين الأجانب من أجل البطولة.
تشهد البرازيل، التي يتجاوز عدد الفقراء فيها 16.2 مليون شخص، حالة غضب شديدة؛ بسبب إنفاق الحكومة البرازيلية أكثر من 11 مليار دولار لاستضافة كأس العالم، وقيامها بتهجير أسر كاملة من منازلها الموجودة حول الملاعب، إضافة إلى هدم منازل أخرى لمواطنين فقراء من أجل إقامة ملاعب جديدة.
وبحلول منتصف الشهر المقبل، ستكون البرازيل قد أنفقت أكثر من 12 مليار دولار على المونديال.
في أحد شوارع البرازيل المؤدية إلى ملعب كورينثيانز أرينا، حيث أُقيم حفل الافتتاح المتواضع بحسب كثيرين، كان المشجعون يلقون بزجاجات المياه الفارغة في صندوق قمامة، دون أن يلمحوا أن هناك من يبحث عن طعامه في داخله، حيث جلست سيدة فقيرة، تبحث من بين مخلفات المشجعين عن شيء صالح للأكل.
كأس العالم pic.twitter.com/1Pj9v6aUMR
— Mona Seif (@Monasosh) June 13, 2014
وقبل ساعات فقط من انطلاق المباراة الافتتاحية اندلعت اشتباكات بين قوات الشرطة ومتظاهرين.
وزاد من حدة الاحتجاجات ما تمارسه الشرطة من أساليب قمع ضد المتظاهرين، حيث استخدمت الشرطة البرازيلية، قنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق مجموعة من المتظاهرين في ساو باولو قبل ساعات من المباراة الأولى بين البرازيل وكرواتيا، كما أشعل محتجون النار في نسخة مقلدة من كأس العالم لكرة القدم ارتفاعها 6 أمتار، على بعد عدة أميال من معسكر يقيم به المنتخب البرازيلي.
https://www.youtube.com/watch?v=Dr8LPxzPbnE
وكان المحتجون يحاولون قطع طريق يؤدي إلى استاد كورنثيانز أرينا الذي سيستضيف مباراة الافتتاح بين منتخب البرازيل صاحب الضيافة ونظيره الكرواتي وهو استاد شُيد حديثًا في ساو باولو وتجسد تكلفته والتأخر في تسليمه الاستعدادات المتعثرة لكأس العالم.
تظاهرات أخرى شهدتها مدن ريو دي جانيرو وناتال في شمال شرق البلاد، حيث نزل العشرات إلى الشوارع للتعبير عن احتجاجهم على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. هذه المظاهرات ما هي إلا امتداد لتظاهرات صيف العام الماضي احتجاجًا على صرف أحد عشر مليار دولار في التنظيم العشوائي لكأس العالم، وعلى هذا الأساس لا تزال السلطات متخوفة من حدوث اضطرابات بسبب عناصر متطرفة، وعلى هذا الأساس حذرت رئيسة البرازيل “ديلما روسيف” من أنّ السلطات لن تسكت عن أي تجاوزات خلال المونديال، مشيرة إلى أنّ الحكومة لن تسكت إزاء أيّ شخص يرتكب أعمالاً تخريبية أو يحاول منع الغالبية من ممارسة حقها بالاستمتاع بكأس العالم.
لكن قائمة المشاكل المحتملة طويلة، ففي الواقع ربما يثبت في النهاية أن استضافة كأس عالم ناجحة أصعب على البرازيل من الفوز بها.
ويبدو الخطر الرئيسي بالنسبة للجماهير والحكومة هو احتجاجات الشوارع العنيفة.
وهناك خطط لاحتجاجات واضرابات عمالية في 12 مدينة ستستضيف البطولة بينها الإبطاء في العمل عن طريق بعض عمال المطار في ريو دي جانيرو رغم أن التهديد بإضراب طويل في مترو الأنفاق في ساو باولو تراجع.
وأبدى مسئولون في أحاديث خاصة تخوفهم من أن تؤدي الاحتجاجات ومشاكل المرور لفشل الجماهير في الوصول لاستاد كورنثيانز أرينا لحضور مباراة الافتتاح.
وأمرت الحكومة بعطلة جزئية يوم الخميس في محاولة لتخفيف الازدحام، لكن قائمة طويلة من الشخصيات المهمة بينهم عشرة زعماء دول ومسئولون كبار في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) تعني أن المرور سيظل يمثل مشكلة.
وأكدت تقارير صحافية برازيلية اليوم، بأن الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، فضلت عدم إلقاء كلمة في افتتاح المونديال أمس تجنبًا لحدوث أية مناوشات أو سماعها صافرات استهجان في المدرجات على خلفية سوء تنظيم البطولة والمظاهرات التي تضرب البلاد في الفترة الماضية.
وبالفعل، ومن دون إلقائها كلمة هاجمت مجموعة من الجماهير الرئيسة البرازيلية، ورددت هتافات وشتائم بذيئة ضدها قبل بداية المباراة الافتتاحية بين البرازيل وكرواتيا.
وتزامنًا مع المونديال نشرت السلطات البرازيلية أكثر من مائة وسبعة وخمسين ألف شرطي وعسكري من أجل ضمان أمن اللاعبين والسلطات والمتفرجين وتحسبًا لتصعيد المتظاهرين لحركتهم الاحتجاجية.