نوبل للسلام.. المراهقة السويدية الأقرب وأبي أحمد ينافس وترامب يحلم

ساعات قليلة ويكشف النقاب عن أسماء الفائزين بجائزة نوبل للسلام لهذا العام، وسط منافسة قوية بين ما يقرب من 301 اسم ممن رشّحتهم مؤسسات حقوقية ومنظمات إنسانية يتنافسون على الجائزة، تتصدرهم المراهقة السويدية غريتا تونبرغ التي يعتبرها محللون الأقرب للفوز بالجائزة هذا العام.
ومن المقرر أن يتم كشف اسم الفائز بالجائزة المؤلفة من ميدالية ذهبية ودبلوم وتسعة ملايين كورون سويدي (نحو 830 ألف يورو)، على مسرح معهد نوبل في العاصمة النرويجية أوسلو، في تمام الساعة 9 بتوقيت غرينتش من مساء غد الجمعة، وسط حضور كثيف من الشخصيات العامة والخبراء الدوليين.
وقد فاز بالجائزة العام الماضي العراقية الأيزيدية نادية مراد والطبيب دينيس موكويج من جمهورية الكونغو الديمقراطية لجهودهما لإنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحروب والصراعات المسلحة، فيما تسود حالة من الترقب لدى الشارع العربي مع إعلان اسم الفائز، آملين في تكرار هذا الإنجاز للعام الثاني على التوالي بعد ترشيح شخصيتين عربيتين إسلاميتين للفوز بها.
غريتا تونبرغ.. الأوفر حظًا
فتاة لم يتجاوز عمرها الـ16، بات اسمها يتردد كثيرًا في الصحف العالمية، دخلت عالم الدفاع عن البيئة من أوسع أبوابه، ربما يكون ذلك محض صدفة، لكنها باتت رمزًا من رموز نشطاء هذا المجال، لتتصدر لائحة المرشحين الأوفر حظًا للفوز بجائزة نوبل للسلام لهذا العام.
من أم مغنية في الأوبرا وأب ممثل سينمائي، ولدت غريتا تونبرغ في الـ3 من يناير/كانون الثاني العام 2003، في العاصمة السويدية، ستوكهولم، وكأي فتاة عاشت حياتها بصورة طبيعية، رغم ما كانت تعاني منه بحسب الأطباء من مجموعة من الأمراض المستعصية مثل متلازمة أسبرجر واضطراب الوسواس القهري والطفرة الانتقائية، لتحظى الفتاة باهتمام أكبر من والديها.
وبالصدفة وبمساعدة والديها شاركت غريتا في مسابقة للكتابة عن موضوع المناخ، كانت من تنظيم الصحيفة السويدية سفينسكا داغبلاديت، التي اقترحت آنذاك على التلاميذ التعبير عن مخاوفهم من التغيير المناخي الحاليّ، لتربح الجائزة عن جدارة بمساعدة والديها، كان ذلك في مايو 2018.
وبعد 3 أشهر فقط من فوزها بالجائزة قرّرت الفتاة التي لم يتجاوز عمرها 15 عامًا عدم الذهاب إلى مدرستها في ستوكهولم احتجاجًا على عدم التزام بلادها باتفاقية باريس للمناخ التي تهدف إلى خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، واعتصمت أمام أبواب البرلمان السويدي كل يوم جمعة خلال ساعات الدراسة لمدة ثلاثة أشهر، ودعت التلاميذ إلى مناصرتها، لتتحول في وقت قصير إلى حديث الأوساط العالمية.
“بالطبع، إنها نجمة دولية، تواجه انتقادات دونالد ترامب، وسلطت الأضواء أفضل من أي شخص آخر على مسألة التغير المناخي، لكن ما يلعب ضدها هو سنها البالغ 16 عامًا” الخبير في جوائز نوبل المؤرخ آسل سفين
تونبرغ في مقابلة تليفزيونية لها قالت إن حصولها على نوبل “سيؤمن للحراك اعترافًا أكبر وقوة أصلب وشمولية أوسع”، فيما قال مدير المعهد الدولي لأبحاث السلام في العاصمة السويدية دان سميث إن غريتا تونبرغ “مرشحة جدية”، لافتًا إلى أن “ما قامت به خلال السنة الماضية استثنائي، التغير المناخي مشكلة مرتبطة بشكل وثيق بالأمن والسلام”.
لكن يبدو أن تلك الجهود وحدها غير كافية للحصول على الجائزة، بحسب مدير معهد أبحاث السلام، في أوسلو هنريك أوردال الذي عزا ذلك إلى سببين: أولاً أن الرابط بين الاحترار والنزاعات المسلحة غير مثبت بعد، وثانيًا صغر سنها حيث إن الجائزة قد تتحوّل سريعًا إلى عبء عليها.
ويضيف “الطريقة الوحيدة لكي يحصل هذا الأمر ستكون تقاسم الجائزة مع شخصية أخرى مثل ملالا الشابة الباكستانية التي نالت الجائزة في 2014 وهي في سن الـ17 عامًا مناصفة مع الهندي كايلاش ساتيارثي، وهو ناشط في مجال حقوق الأطفال”.
الأمر ذاته ذهب إليه الخبير في جوائز نوبل المؤرخ آسل سفين الذي قال: “بالطبع، إنها نجمة دولية، تواجه انتقادات دونالد ترامب، وسلطت الأضواء أفضل من أي شخص آخر على مسألة التغير المناخي، لكن ما يلعب ضدها هو سنها البالغ 16 عامًا”، مضيفًا “سأكون متفاجئًا جدًا إذا حصل ذلك”.
غريتا تونبرغ المرشحة السويدية الأوفر حظًا للفوز بالجائزة
آبي أحمد.. مهندس المصالحة
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الملقب بـ”مهندس المصالحة” فرض اسمه هو الآخر على قائمة المرشحين للفوز بالجائزة، وذلك للدور الذي بذله في التصالح مع إريتريا، فضلاً عن جهوده لتسوية الأزمة بين المعارضة والمجلس العسكري في السودان التي أسفرت عن توقيع اتفاق سياسي نقل البلاد إلى مرحلة جديدة من الحكم المدني.
المختص في الشؤون الدولية البروفيسور بيتر يرى أن “آبي يعتبر مرشحًا جيدًا لأن ولايته عززت السلام وحدت من السلطوية في البلاد والمنطقة”، موضحًا أن الجهود الكبيرة التي بذلها الرجل في المسار الدبلوماسي والسياسة الخارجية لبلاده كفيلة بتعزيز موقفه وترجيح فرص فوزه بالنسخة الحاليّة للجائزة.
وتعد جهود الرجل لإرساء السلام في المنطقة بوابته الأكبر للترشح للجائزة، ورغم علامات الاستفهام عن أدائه الاقتصادي على المستوى الداخلي تحديدًا، التي تعرض بسببها إلى محاولة للاغتيال نجا منها بصعوبة، فإن سمعته الخارجية باتت في أوجها بعد زيارته التاريخية لإريتريا التي أنهى بها عقدين من العداء.
لم يكن آبي أحمد والناشطة السويدية وحدهما على قائمة الترشيحات، فهناك أسماء أخرى فرضت نفسها على بورصة التكهنات، على رأسها مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين ورئيسها فيليبو غراندي، ومنظمة “إس أو إس المتوسط”، ومنظمات غير حكومية، مثل “مراسلون بلا حدود” ولجنة حماية الصحفيين.
وأشار مكتب “لادبروكس” للمراهنات إلى أسماء أخرى، مثل نجمة كرة القدم الأمريكية ميغان رابينو وحتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب جهوده لتحسين العلاقات مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
So honored to be nominated & shortlisted for the Nobel Peace Prize. https://t.co/rGWGi29Xw9 @ElmanPeaceHRC ?????? pic.twitter.com/V9Hjg45xOS
— Ilwad Elman (@IlwadElman) September 27, 2019
عربيتان على قائمة المرشحين
مع اقتراب موعد إعلان الفائز بالجائزة يترقب العالم العربي والإفريقي النتائج عن كثب وذلك بعد إعلان ترشيح عربيتين مسلمتين ووصولهما إلى القائمة القصيرة، هما الصومالية إيلواد إيلمان والليبية هاجر الشريف، وسط حالة من التفاؤل بشأن تكرار إنجاز العام الماضي حين فازت العراقية نادية مراد بالجائزة.
إيلواد إيلمان.. المرشحة العربية المسلمة الأولى، ناشطة حقوقية صومالية، تبلغ من العمر 29 عامًا، هربت من أتون الحرب الأهلية في بلادها إلى كندا مع والدتها وشقيقاتها، وهي ابنة رجل الأعمال والناشط في مجال حقوق الإنسان إيلمان علي أحمد والناشطة الاجتماعية فرتون أدان.
هاجر الشريف المرشحة العربية الثانية، ولدت في ليبيا، تبلغ من العمر 25 عامًا، وتعد أول ليبية تترشح لجائزة نوبل للسلام، بدأت عملها الإنساني بعد اندلاع الثورة الليبية عام 2011
والدها يقلب بـ”والد السلام الصومالي” وقد عرف بأعماله الإنسانية الساعية لوقف العنف في بلاد، الأمر الذي دفع حياته ثمنه حين تعرض للاغتيال في 1996، لتسير الابنة على درب أبيها، فبعد عودتها للصومال في 2010 شاركت والدتها في تأسيس أول مركز للناجيات من العنف الجنسي، باسم “إيلمان للسلام وحقوق الإنسان”، وطورتا برامج لنزع السلاح من الأطفال الجنود والبالغين المنشقين عن الجماعات المسلحة، وإعادة تأهيلهم من أجل التمكين الاجتماعي والاقتصادي والاندماج.
والآن تعمل مديرةً للبرامج والتطوير في مركز إيلمان للسلام، كما أنها تساعد في إدارة أول برنامج في الصومال لمساعدة ضحايا العنف القائم على نوع الجنس، وتقديم الدعم النفسي والمادي للنساء، مثلت بلادها عام 2011 في حملة “تسلقوا، تحدثوا”، الذي تنظمه الأمم المتحدة في جبل كليمنجارو من أجل إنهاء العنف ضد النساء والفتيات.
تقلدت العديد من الأوسمة والمناصب، أبرزها وسام زمالة البيت الأبيض الرائدة للقيادات الإفريقية الشابة، واختيرت سفيرة للشباب الصومالي، مما وضعها على قائمة أكثر مئة سيدة مؤثرة في إفريقيا.
هاجر الشريف
المرشحة العربية الثانية، ولدت في ليبيا منذ 25 عامًا، وتعد أول ليبية تترشح لجائزة نوبل للسلام. بدأت عملها الإنساني بعد اندلاع الثورة الليبية عام 2011، واختيرت للانضمام إلى منظمة الأمين العام في الأمم المتحدة السابق كوفي عنان، التي تضم عشر قيادات شبابية فقط من حول العالم.
دفعتها جهودها في مجال السلام لأن تتصدر اهتمامات وسائل الإعلام المحلية والدولية، شاركت في تأسيس منظمة “معًا سنبنيها” التي تعمل على بناء أسس السلام في ليبيا التي مزقتها الحرب الأهلية، وكذلك ساهمت بتعزيز المساواة بين الجنسين في المشاركة السياسية.
من أبرز إنجازاتها في هذا المجال مشاركتها في مشروع ضمن منظمتها “معًا سنبنيها” بعنوان “سوبر نسوان”، الذي يستخدم قصصًا هزلية لتشجيع النساء الصغيرات على الوقوف ضد العنف، كذلك هي عضو في منظمة أجورا الابتكار في قضايا النوع الاجتماعي (GIA)، التي أنشأها المكتب الإقليمي للأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية.
المرشحة الليبية هاجر الشريف
ترامب: استحقها عن جدارة
رغم أنه ليس بين الترشيحات المقدمة وفق ما ذكر مقربون، فقد أكد ترمب أنه أحق بالجائزة من غيره، متهمًا لجنة منح الجائزة بافتقادها النزاهة في اختيار الفائزين.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة قال: “يمكن أن أُمنح جائزة نوبل لأمور عدة إن كانوا يعطونها بنزاهة، وهو ما لا يفعلونه”، مثيرًا خلال كلمته قضية منح سلفه الرئيس السابق باراك أوباما الجائزة عام 2009، وهو ما شكل مفاجأة كبيرة حينها وجاء خلافًا لكل التوقعات.
ترامب قال: “منحوها لأوباما مباشرة بعد وصوله إلى الرئاسة، وهو لم يكن لديه أدنى فكرة عن سبب حصوله عليها. أتعلمون؟ كان هذا الأمر الوحيد الذي وافقته الرأي فيه”، جاء ذلك خلال لقاء ثنائي عقده مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقد مُنح أوباما جائزة نوبل للسلام تقديرًا لـ”جهوده الاستثنائية من أجل تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب”، بحسب ما أعلنت حينها لجنة نوبل في النرويج، رغم أنه لم يكن قد أكمل عامه الأول في البيت الأبيض.